عشرات القتلى والجرحى في هجوم لمتشددين على فندق بعاصمة بوركينا فاسو

جماعة «المرابطون» تتبنى الاعتداء.. وأميركا تدين قتل الأبرياء

قوات التدخل السريع تقف أمام الفندق الذي تعرض للاعتداء مساء أول من أمس في واغادوغو والذي خلف عشرات القتلى (رويترز)
قوات التدخل السريع تقف أمام الفندق الذي تعرض للاعتداء مساء أول من أمس في واغادوغو والذي خلف عشرات القتلى (رويترز)
TT

عشرات القتلى والجرحى في هجوم لمتشددين على فندق بعاصمة بوركينا فاسو

قوات التدخل السريع تقف أمام الفندق الذي تعرض للاعتداء مساء أول من أمس في واغادوغو والذي خلف عشرات القتلى (رويترز)
قوات التدخل السريع تقف أمام الفندق الذي تعرض للاعتداء مساء أول من أمس في واغادوغو والذي خلف عشرات القتلى (رويترز)

تمكنت قوات الأمن في بوركينا فاسو أمس من استعادة فندق في العاصمة واغادوغو، بعدما سيطر عليه في وقت سابق مقاتلون من تنظيم القاعدة، مما أسفر عن مقتل نحو 26 شخصا، ينتمون لـ18 دولة على الأقل، في تصعيد جديد من جانب المتشددين في غرب أفريقيا.
وقبل وقوع الهجوم الذي بدأ مساء يوم الجمعة كانت بوركينا فاسو، حليف الغرب في حربه ضد الجماعات المتشددة، بمنأى عن هذا النوع من الهجمات التي تعرضت لها جيرانها سابقا. إلا أن هجوم واغادوغو، الذي أعلن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي مسؤوليته عنه، جاء ليعلن على ما يبدو خطة لتوسيع نطاق عمليات المتشددين، الذين يقيمون باستمرار تحالفات جديدة، ويعززون أنشطتهم بالتناغم مع نمو تنظيم داعش في الشرق الأوسط.
وحول هذا الهجوم غير المسبوق، قال رئيس بوركينا فاسو روتش مارك كابوري: «إن الموقف الذي نمر به منذ أمس (الجمعة) في بوركينا فاسو غير مسبوق.. هذه أفعال خسيسة وجبانة راح ضحيتها أناس أبرياء»، وتابع، موجها كلامه للأمة: «ندعو شعب بوركينا للتحلي باليقظة والشجاعة، وعلينا أن ندرج الأعمال الإرهابية كجزء لا يتجزأ من كفاحنا اليومي».
وأوضح كابوري أن 23 شخصا، على الأقل، من 18 دولة قتلوا في الهجوم على فندق «سبلينديد»، وعلى ناد مجاور للقمار يتردد عليه غربيون وجنود فرنسيون. لكن السلطات لم تقدم المزيد من التفاصيل بشأن الضحايا.
ووصف جابريل مولر، موظف المساعدات النمساوي المقيم في فندق مجاور، المشاهد الأولى للهجوم بأنها كانت عبارة عن «حمام دم كامل»، وقال في رسائل نصية لصحيفة نمساوية: «يسود إحساس ضعيف بالأمن. وكنا نستطيع أن نرى قناصة من فرنسا والولايات المتحدة».
من جهته، قال السفير الفرنسي في بوركينافاسو تعليقًا قصيرًا على «تويتر» إن 27 شخصا قتلوا، وتم تحرير نحو 150 رهينة خلال العملية التي شاركت فيها قوات فرنسية وأميركية. فيما قالت السلطات في بوركينا فاسو إن 33 شخصا أصيبوا، بينما قتل أربعة مهاجمين بينهم «عربي واثنان من الأفارقة». وفي غضون ذلك، قالت وزارة الأمن إن طبيبا نمساويا وزوجته اختطفا خلال الليل في شمال البلاد قرب الحدود مع مالي، داخل منطقة بارابولي، لكن لم يتضح على الفور إن كان الحادث مرتبطا بالهجوم على الفندق.
وبدأ هجوم المتشددين على الفندق في الثامنة والنصف من مساء أول من أمس عندما كانت المنطقة تعج بالمارة، حيث أضرم المهاجمون النار في سيارات، وأطلقوا النار قبل الهجوم لإجبار الناس على العودة من المبنى قبل اقتحامه واحتجاز الرهائن. وقال طبيب عالج بعض المصابين في الهجوم إنهم أبلغوه أن المهاجمين استهدفوا الغربيين على ما يبدو.
وقامت قوات الأمن في بوركينا فاسو، بمساعدة عسكريين من فرنسا والولايات المتحدة، بهجوم منسق لاستعادة فندق «سبلينديد» في الساعات الأولى من صباح أمس. وذكر شاهد عيان أن الاشتباكات انتهت بعد فترة من تبادل متواصل لإطلاق النار وانفجارات، ركزت فيما يبدو على مطعم «كابتشينو المجاور» في ساعة مبكرة من صباح أمس. فيما قال مسؤولون إن إطلاق النار استمر بشكل متقطع طوال الصباح، وإن آخر مهاجم قتل في فندق «يبي» المجاور.
وتبنى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي الاعتداء، الذي نسبه إلى كتيبة «المرابطون» بزعامة مختار بلمختار، بحسب موقع «سايت» الأميركي المتخصص في متابعة المواقع الإسلامية.
وكانت جماعة المرابطون تبنت هجوما سابقا، استهدف في 7 من مارس (آذار) 2015 فندقا في باماكو، وكان أول هجوم يستهدف غربيين في العاصمة، وأسفر عن خمسة قتلى هم ثلاثة ماليين وفرنسي وبلجيكي.
من جهتها، دانت الولايات المتحدة بقوة أمس الاعتداء، الذي خلف 26 قتيلا، إذ قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي إن «الولايات المتحدة تدين بشدة هجوم واغادوغو»، مقدما «التعازي إلى عائلات ضحايا هذا الهجوم»، موضحًا أن الولايات المتحدة تدين قتل الأبرياء «وتبذل كل جهودها للتأكد من سلامة المواطنين الأميركيين في المدينة».
كما أدانت الجزائر بشدة الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت مدينة واغادوغو، مخلفة عشرات القتلى والجرحى، حيث قالت الخارجية الجزائرية، في بيان لها، إن الجزائر تدين بشدة الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت بعض الأماكن في العاصمة بوركينافاسو واغادوغو، معربة عن تضامنها مع عائلات الضحايا وكذا الحكومة والشعب البوركيني.
وجددت الجزائر التأكيد على قناعتها بأن الإرهاب يشكل تهديدا شاملا وحقيقيا للسلم والأمن الدوليين، وأن التجنيد الجماعي للمجتمع الدولي وتوحيد كل جهوده وحده الكفيل بمواجهته.



أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)

ندّدت تشاد والسنغال بشدّة بتصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين واتّهم فيها دول الساحل بأنها «لم تشكر» بلاده على الدعم الذي قدّمته للقارة في مكافحة التمرد الإرهابي.

وقال ماكرون الإثنين إنّ بلاده كانت «محقّة» في تدخّلها عسكريا في منطقة الساحل «ضدّ الإرهاب منذ عام 2013»، لكنّ القادة الأفارقة «نسوا أن يقولوا شكرا» لفرنسا على هذا الدعم. وأضاف أنّه لولا هذا التدخّل العسكري الفرنسي «لما كان لأيّ من» هؤلاء القادة الأفارقة أن يحكم اليوم دولة ذات سيادة. وأدلى ماكرون بكلامه هذا خلال الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم. وأضاف الرئيس الفرنسي بنبرة ملؤها السخرية «لا يهمّ، سيأتي هذا (الشكر) مع الوقت».

وأثارت هذه التصريحات استنكارا شديدا في كلّ من نجامينا ودكار. وفي بيان أصدره وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله أعربت نجامينا عن «قلقها العميق عقب تصريحات (...) ماكرون التي تعكس موقف ازدراء تجاه أفريقيا والأفارقة». وفي بيانه الذي تلاه التلفزيون الرسمي أكّد الوزير التشادي أنّه «ليست لديه أيّ مشكلة مع فرنسا»، لكن بالمقابل «يجب على القادة الفرنسيين أن يتعلموا احترام الشعب الأفريقي».

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، ألغت تشاد الاتفاقيات العسكرية التي كانت تربطها بالقوة الاستعمارية السابقة. وشدّد الوزير التشادي على أنّ «الشعب التشادي يتطلّع إلى السيادة الكاملة والاستقلال الحقيقي وبناء دولة قوية ومستقلة».

بدوره، ندّد بتصريح ماكرون رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو، مؤكّدا في بيان أنّه لولا مساهمة الجنود الأفارقة في الحرب العالمية الثانية في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي «لربّما كانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية».

وفي كلمته أمام السفراء الفرنسيين في العالم قال ماكرون إنّ قرار سحب القوات الفرنسية من أفريقيا اتّخذته باريس بالتشاور والتنسيق مع هذه الدول. وقال الرئيس الفرنسي «لقد اقترحنا على رؤساء دول أفريقية إعادة تنظيم وجودنا، وبما أنّنا مهذّبون للغاية، فقد تركنا لهم أسبقية الإعلان» عن هذه الانسحابات. واضطرت فرنسا رغما عنها لسحب قواتها من دول أفريقية عديدة في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة لسونكو الذي أعلنت بلاده في الأسابيع الأخيرة إنهاء أيّ وجود عسكري فرنسي على أراضيها خلال العام الجاري فإنّ ما أدلى به ماكرون «خاطئ بالكامل» إذ «لم يتمّ إجراء أيّ نقاش أو مفاوضات حتى الآن، والقرار الذي اتّخذته السنغال نابع من إرادتها الوحيدة، كدولة حرة ومستقلة وذات سيادة».

كما هاجم رئيس الوزراء السنغالي الرئيس الفرنسي بسبب تهمة «الجحود» التي وجّهها سيّد الإليزيه لقادة هذه الدول الأفريقية. وقال سونكو إنّ «فرنسا لا تمتلك لا القدرة ولا الشرعية لضمان أمن أفريقيا وسيادتها. بل على العكس من ذلك، فقد ساهمت في كثير من الأحيان في زعزعة استقرار بعض الدول الأفريقية مثل ليبيا، ممّا أدّى إلى عواقب وخيمة لوحظت على استقرار وأمن منطقة الساحل».

بدوره، شدّد وزير الخارجية التشادي على «الدور الحاسم» لأفريقيا وتشاد في تحرير فرنسا خلال الحربين العالميتين وهو دور «لم تعترف به فرنسا أبدا»، فضلا عن «التضحيات التي قدّمها الجنود الأفارقة». وأضاف كلام الله «خلال 60 عاما من الوجود الفرنسي (...) كانت مساهمة فرنسا في كثير من الأحيان مقتصرة على مصالحها الاستراتيجية الخاصة، من دون أيّ تأثير حقيقي دائم على تنمية الشعب التشادي».