استنفار داخل الجيش الجزائري بسبب تزايد نشاط التنظيمات المتطرفة

التحقيق مع 20 فتاة بشبهة التحضير للالتحاق بـ«داعش» في ليبيا

فرقة من الجيش الجزائري أثناء عمليات البحث عن الارهابيين جنوب تيزي وزو (غيتي)
فرقة من الجيش الجزائري أثناء عمليات البحث عن الارهابيين جنوب تيزي وزو (غيتي)
TT

استنفار داخل الجيش الجزائري بسبب تزايد نشاط التنظيمات المتطرفة

فرقة من الجيش الجزائري أثناء عمليات البحث عن الارهابيين جنوب تيزي وزو (غيتي)
فرقة من الجيش الجزائري أثناء عمليات البحث عن الارهابيين جنوب تيزي وزو (غيتي)

يواجه الجيش الجزائري نشاطا مكثفا للتنظيمات المتطرفة ومهربي السلاح على تخوم الحدود المشتركة مع النيجر وليبيا، التي يفوق طولها 1400 كلم.
وتفيد تحقيقات أجهزة الأمن أن تنظيم داعش في ليبيا أجرى اتصالات مع أفراد من عائلات إرهابيين بالجزائر، قتلهم الجيش بهدف ضمهم إلى صفوفه. كما أخضع القضاء 20 فتاة للتحقيق بعد اعتقالهن بشبهة الإعداد للانضمام إلى المتطرفين في ليبيا.
وأعلنت وزارة الدفاع عن حجز ترسانة من السلاح الحربي في برج باجي مختار، في أقصى جنوب البلاد على مقربة من الحدود مع مالي، البلد الأفريقي الفقير الذي يعاني من «استفزازات» مجموعات إرهابية نشطة بمنطقة الساحل الأفريقي. وأفادت الوزارة بأن «دورية استطلاعية للجيش تمكنت مساء الثلاثاء الماضي من إجهاض محاولة إدخال كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة ببرج باجي مختار، تتمثل في مسدس رشاس من نوع كلاشنكوف، وخمس بنادق نصف آلية، وقاذف صاروخي، وماسورة رشاش عيار 12.7 ملم، بالإضافة إلى 1096 طلقة من عيارات مختلفة وأربعة مخازن ذخيرة».
وغير بعيد عن باجي مختار، اعتقل الجيش 41 مهرب سلاح، وحجز سيارة رباعية الدفع ودراجة نارية، و17 جهاز كشف عن المعادن، ومطرقتي ضغط ومولدين كهربائيين و19.5 طن مواد غذائي مختلفة، ومبالغ مالية بالدينار الجزائري وبالعملة الأوروبية الموحدة.
وبمنطقة عين قزام بالقرب من الحدود مع النيجر، أعلنت وزارة الدفاع عن اعتقال 38 مهربا من جنسيات أفريقيا مختلفة. وجرت العملية في إطار «محاربة التهريب والجريمة المنظمة»، بحسب الوزارة، التي قالت إن بعض المعتقلين كانوا يتنقلون بواسطة 3 مركبات رباعية الدفع، ومعهم 28 جهاز كشف عن المعادن.
ولم تذكر وزارة الدفاع التنظيم أو التنظيمات المسلحة، إن وجدت، التي يحتمل أن ينتمي إليها هؤلاء المهربون، علما بأن أربع مجموعات إرهابية تسيطر على المشهد الأمني بالمنطقة حاليا، هي «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» و«المرابطون» و«أنصار الدين» و«داعش».
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي اكتشفت قوات الدرك مخبأ للسلاح بشقة في وسط العاصمة، وقالت السلطات وقتها إنها عثرت بداخله على 16 سلاحا حربيا، مصدره ليبيا. وقد أفادت التحريات بخصوص هذه القضية أن مهربين جزائريين أدخلا شحنة السلاح من ليبيا، بالتعاون مع متطرفين على صلة بـ«داعش».
ويبين النشاط اللافت للجيش بالحدود الجنوبية، مدى تخوف المسؤولين الجزائريين مما يجري في مالي والنيجر وليبيا، حيث تعرف تجارة السلاح رواجا، ويتم تسريبها عبر حدود الدول المجاورة وبخاصة الجزائر. وأقامت قيادات أركان جيوش الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا آلية عسكرية مشتركة في 2010، وعهد إليها إطلاق عمليات استباقية ضد الإرهابيين والمهربين. غير أنه لم يثب لها أي وجود في الميدان، بدليل أن جماعة «المرابطون» بقيادة المتشدد الجزائري مختار بلمختار، تمكنت بسهولة من تنفيذ اعتداء على أشهر فندق بالعاصمة المالية باماكو في 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقتل رعايا أجانب مقيمين به.
وفي موضوع ذي صلة، فكك فرع محاربة الإرهاب بجهاز الاستخبارات خلية متخصصة في تجنيد فتيات لفائدة «داعش» إلى ليبيا. وقال محام، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن قاضي التحقيق بمحكمة بودواو (50 كلم شرق العاصمة)، استمع الأربعاء الماضي إلى 20 فتاة تتراوح أعمارهن بين 17 و30 سنة، اعتقلهن الأمن بنفس المنطقة لضلوعهن في أنشطة إرهابية. كما أفاد المحامي، نقلا عن ملف التحقيق الخاص بالقضية، أن الفتيات كن على اتصال بمتشددين من «داعش» في ليبيا بهدف الالتحاق به، وذلك بغرض الزواج بهن.
وأضاف المحامي بأن غالبية الفتيات، يتحدرن من أسر التحق أفراد منها بجماعات متطرفة بالجزائر وسوريا والعراق، وأن أغلبهم قتل. وكانت قوات الأمن قد أعلنت الأسبوع الماضي عن اختفاء ثلاث فتيات من شرق العاصمة. وقالت بأنهن سافرن إلى ليبيا عبر تونس، وأنهن يوجدن حاليا في معاقل «داعش» بسرت في ليبيا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.