هل يواجه «تويتر» خطر التقنين بعد دعوى رفعتها ضحية لـ«داعش»

هل يواجه «تويتر» خطر التقنين بعد دعوى رفعتها ضحية لـ«داعش»
TT

هل يواجه «تويتر» خطر التقنين بعد دعوى رفعتها ضحية لـ«داعش»

هل يواجه «تويتر» خطر التقنين بعد دعوى رفعتها ضحية لـ«داعش»

قالت الكاتبة أليسون فرانكل ان مواقع التواصل الاجتماعي قد تواجه عواقب هائلة في حال إذا نجحت قضية رفعتها أرملة متعاقد مع الحكومة الأميركية قتله تنظيم"داعش" بالرصاص، حيث قالت اذا كسبت أرملة متعاقد مع الحكومة الاميركية قتل برصاص تنظيم "داعش" المتطرف في العاصمة الاردنية عمان في 2015 دعوى رفعتها في الآونة الاخيرة على تويتر بموجب قانون مكافحة الارهاب.. فان ذلك قد يترتب عليه عواقب هائلة بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي. مذكرة بما قاله زميل لها جون ستمبل يوم الخميس الماضي انه من المعروف جيدا أن جماعات متطرفة تستخدم الانترنت في تجنيد عناصر جديدة والتخطيط لهجمات. والمسؤولية إزاء ضحايا هذه الهجمات- والاضرار المضاعفة التي يشملها قانون مكافحة الارهاب- قد تعني تعرض المواقع التي يتردد عليها المتطرفون لمخاطر كبرى ولضرر بالسمعة.
لكن يتعين أولا على المدعية تامارا فيلدز أن تكسب تأييدا قضائيا لفرضية أن تويتر وفرت دعما ماديا لـ"داعش" من خلال السماح للتنظيم بأن يستخدم الموقع في التشجيع لهجمات محدودة النطاق مثل ذلك الذي أودى بحياة زوجها لويد كارل فيلدز.
كان كارل فيلدز المتعاقد مع داين كورب انترناشونال قد ذهب الى الاردن الخريف الماضي للمساعدة في تدريب ضباط أمن من الاردن والعراق والاراضي الفلسطينية. وكان -وفقا للشكوى- واحدا من عدة أفراد أطلق عليهم متدرب النار في التاسع من نوفمبر تشرين الثاني في هجوم أعلن "داعش" مسؤوليته عنه.
ورغم أن ضحايا الارهاب بالولايات المتحدة نجحوا في السنوات الاخيرة في تحميل مؤسسات مالية وجمعيات خيرية مزعومة المسؤولية بموجب قانون مكافحة الارهاب فان هذه القضية تبدو الاولى التي تسعى الى أن تلقي باللائمة في توفير دعم لجماعة ارهابية الى أحد مواقع التواصل الاجتماعي بموجب قانون مكافحة الارهاب؛ وذلك وفقا لما ذكره جوشوا أريسون مستشار فيلدز القانوني والمحامي بشركة بيرسر اند فيشر.
وتحميل تويتر المسؤولية سيكون "تحديا حقيقيا"، حسبما يقول جيمي جرول أستاذ القانون والمسؤول السابق بالخزانة الاميركية ووزارة العدل والمتخصص في قانون تمويل الارهاب. الذي قال في مقابلة يوم أمس "تثير الدعوى عددا من الموضوعات المفتوحة غير المحسومة. وسيتعين على فيلدز أن تبين أن موقع تويتر كان يعلم أن داعش يسيء استخدامه ولم يفعل ما يكفي لوقف نشاط الجماعة. وحتى وان تمكنت من اجتياز تلك العقبة فسيكون عليها أن تبين أن موت زوجها حدث بسبب سلوك تويتر"، حسب قوله.
من جانبها تقول أليسون ان المعيار الدقيق الذي تتطلبه هذه العلاقة السببية أمر يكتنفه قدر كبير من الغموض "كما سبق وأن قلت فيما يتصل بالقضية التي رفعها الضحايا على البنك العربي بموجب قانون مكافحة الارهاب وكسبوها. بعد أن فاز حوالى 500 من ضحايا هجمات حماس في 2014 بحكم هيئة محلفين يحمل البنك المسؤولية.. تمت تسوية القضية في أغسطس (آب) مقابل مبلغ لم يكشف عنه". ثم تتساءل هل يتعين على أصحاب الدعاوى المتعلقة بقانون مكافحة الارهاب أن يبينوا أن الهجمات ما كانت لتحدث لولا الدعم المادي الذي قدمه المدعى عليه.. أو أن سلوك المدعى عليه أدى بشكل مباشر الى هجوم للمتطرفين.. أم لا هذا ولا ذاك.
ووفقا لقاضي المحكمة الجزئية الاميركي برايان كوجان يمكن أن تكون المؤسسة المدعى عليها متحملة للمسؤولية بموجب قانون مكافحة الارهاب ان هي كانت على علم بأن سلوكها يمكن أن يفضي الى وفاة أو اصابة ما كانت لتحدث لولا هذا السلوك.
وتحليل كوجان ليس ملزما وبخاصة في المحكمة الاتحادية في سان فرانسيسكو؛ حيث أقيمت الدعوى المتعلقة بتويتر. لكن المحامي جاري أوسن الذي يعتبر على نطاق واسع رائدا في القضايا المتصلة بقانون مكافحة الارهاب ضد مؤسسات مالية والمحامي البارز في قضية البنك العربي، وصف قرار كوجان بأنه "أكثر قرار حاسم كتب عن قانون مكافحة الارهاب".
وقد عمل أريسون محامي فيلدز مع فريق الدفاع في قضية البنك العربي لسنوات طويلة قبل أن ينضم الى شركة "برسور اند فيشر"، وقال انه يطبق في الشكوى المتعلقة بتويتر ما تعلمه من العمل مع الطرف الآخر. حيث قال انه لن يكون من الصعب عقد علاقة سببية تدين تويتر. مضيفا في رسالة بالبريد الالكتروني "لا تستدعي الدعوى بموجب قانون مكافحة الارهاب الا علاقة سببية تقريبية، ما يبين أن أفعال المدعى عليه عامل جوهري في تسلسل الاحداث المؤدية الى اصابات المدعين، وأن المنطق يشير الى أن اصابات المدعين كان يمكن توقعها أو التكهن بها كنتيجة طبيعية لمثل هذه الأفعال". وتابع "المدعون ليسوا مطالبين بإثبات أن أفعال المدعى عليه غير القانونية المزعومة هي السبب الوحيد لإصاباتهم، كما أنهم غير مطالبين باستبعاد كل المسببات الأخرى المحتملة لإصابتهم".
يذكر ان الشكوى تزعم، أنه تم إخطار "تويتر" منذ 2011 بأن "داعش" وجماعات أخرى تستغل الخدمة في نشر الدعاية، ومع هذا رفض الموقع بإصرار مراقبة التغريدات والحسابات. وأعلن البيت الابيض الأسبوع الماضي عن محادثات رفيعة المستوى لدفع خدمات الانترنت الكبرى- بما فيها تويتر- لفعل المزيد للتصدي لرسائل المتطرفين على مواقعها.
من جانبها، تقول تويتر إنها ليست منبرا لجماعات مثل "داعش".
وفي رد على أسئلة من "رويترز" عن القضية الجديدة، قال ممثل لتويتر ان المزاعم "لا سند لها" وان أبدى تعاطفه مع أسرة فيلدز.
وجاء في البيان ان "التهديدات بالعنف والترويج للارهاب لا تستحق مكانا على تويتر. وقواعدنا -مثل قواعد شبكات التواصل الاجتماعي الاخرى- توضح ذلك". وتابع "لدينا فرق في أنحاء العالم تتحرى بدأب تقارير انتهاكات القواعد وتحدد السلوك المخالف وتعمل مع المنظمات التي تتصدى للمحتوى المتطرف على الانترنت وتعمل مع أجهزة انفاذ القانون حين يكون ذلك مناسبا".
من ناحبة أخرى، جاء في وثيقة لمؤسسة بروكنجز بعنوان "احصاء تويتر عن (داعش)" صادرة في مارس (آذار) الماضي، أن تويتر أوقفت آلاف الحسابات المرتبطة بـ"داعش".
وبالاضافة الى الدفع بأنها لم تغض الطرف عن استخدام "داعش" للخدمة ولم تتسبب في موت كارل فيلدز، فان "تويتر" قد تستشهد بالقانون الاميركي لآداب الاتصالات في دفاعها في قضية قانون مكافحة الارهاب؛ فهناك بند في ذلك القانون يحمي الوسطاء على الانترنت الذين يستقبلون أو يعيدون نشر كلام آخرين.
من جهته، قال أريسون مستشار فيلدز القانوني إن الكونغرس قصد بذلك القانون حماية شركات الانترنت من المسؤولية عندما ينشر المستخدمون تعليقات سب وقذف وليس "لإعطاء شركات مثل تويتر سبيلا للافلات من العقاب دون مسؤولية حين توفر على علم منها أدوات اتصال قوية لمنظمات ارهابية معلومة".
وهذا التداخل بين قانون آداب الاتصالات وقانون مكافحة الارهاب واحد من القضايا التي يتعين أن تتابعها شركات التواصل الاجتماعي الاخرى عن كثب أثناء نظر هذه القضية.
فهل ستساهم هذه القضية في حال نجاحها في تقنين شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر"؟



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.