لندن تعزز وحدة مكافحة الإرهاب بعد اعتداءات باريس

سكوتلنديارد تنشر 600 شرطي مسلح إضافي في شوارع العاصمة

لندن تعزز وحدة مكافحة الإرهاب بعد اعتداءات باريس
TT

لندن تعزز وحدة مكافحة الإرهاب بعد اعتداءات باريس

لندن تعزز وحدة مكافحة الإرهاب بعد اعتداءات باريس

أعلنت الشرطة البريطانية أمس أن 600 شرطي مسلح إضافي سينتشرون في شوارع لندن، في إجراء اتخذ بعد الاعتداءات الإرهابية التي ضربت باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وقال قائد شرطة سكوتلانديارد، برنارد لوغان - هوي، في بيان إن «الاعتداءات المأساوية التي وقعت في باريس زادت من الدور الحيوي الذي يمكن أن يضطلع به ضباط مسلحون لمواجهة هذا النوع من الحوادث. وحتى لو أني آمل في ألا يحصل ذلك في شوارعنا، يتعين على شرطة المدينة الاستعداد لذلك أفضل استعداد».
وغداة اعتداءات 13 نوفمبر في باريس، قررت شرطة المدينة زيادة عدد الدوريات المسلحة في شوارع لندن. وقال لوغان - هوي: «قررت اليوم أن تكون هذه الزيادة دائمة». وبذلك سيرتفع إلى 2800 عدد عناصر الشرطة المسلحين في لندن، من أصل 31 ألفا.
لذلك ستبقى غالبية عناصر الشرطة غير مسلحين، مؤكدين بذلك على تقليد يرقى إلى إنشاء «شرطة المدينة»، والذي أسس عام 1829، وفق نموذج «الشرطة بالتراضي» التي تهدف إلى خدمة المواطن أكثر مما تهدف إلى خدمة الدولة.
ومنذ اعتداءات باريس، ازداد انتشار الشرطة في لندن، وخصوصا في بعض النقاط الحساسة مثل المحطات أو الأماكن التي يزورها السياح بأعداد كثيفة. كما سلط حادث الطعن الإرهابي في مترو الأنفاق في لندن، مطلع الشهر الماضي، الضوء على جاهزية قوات الأمن البريطانية لمواجهة اعتداءات إرهابية في العاصمة. وتميز تدخّل رجال الأمن للسيطرة على الإرهابي باستعمالهم صاعقا كهربائيا فقط، إذ إنهم لم يكونوا جزءا من الوحدات الأمنية المسلحة.
وعلى عكس الولايات المتحدة٬ لا يحمل رجال الأمن البريطانيون أسلحة نارية بشكل روتيني٬ ويقتصر ذلك على أربع وحدات محدودة تحظى بتدريب خاص٬ ويتم نشرها وفقا لسيناريوهات معينة. كما تفخر قوات الأمن البريطانية بهذه الخاصية٬ التي تجعلها من بين 5 دول فقط لا تسلح جّل عناصر شرطتها٬ هي آيسلندا ومعظم أنحاء آيرلندا٬ ونيوزيلندا٬ والنرويج٬ بهدف السيطرة على مواقف خطرة مع حقن الدماء.
وتتمثل الوحدة الأولى في «سيارات الاستجابة المسلّحة»٬ أنشئت عام 1991 للاستجابة للاعتداءات المسلحة وتقديم الدعم للشرطة غير المسلّحة٬ كما تقوم بدوريات منتظمة في مناطق تشهد مستويات مرتفعة للعنف المسلح. الوحدة الثانية هي عبارة عن «وحدة استباقية» أقيمت للتعاون مع وحدات أمنية أخرى لمحاربة الجريمة المنظمة والعصابات المسلحة. أما الوحدة الثالثة فتهتم بالدعم التقني للوحدة الاستباقية ووحدة مكافحة الإرهاب٬ التي تشّكل آخر وأهم وحدة.
ويعتبر عناصر هذه الوحدة أكثر الضباط المسلحين كفاءة٬ إذ إنهم قادرون على دعم الوحدات الأخرى والقيام بأدوارهم٬ فضلا عن مكافحة جرائم كبرى والتعامل مع أزمات الرهائن والاعتداءات الإرهابية.
وأكد متحّدث باسم شرطة العاصمة «سكوتلانديارد» لـ«الشرق الأوسط» أن عدد رجال الأمن المسلحين بأسلحة نارية وبـ«مسدسات الصعق الكهربائي» في لندن لا يمثل إلا جزءا صغيرا من إجمالي قوات الأمن، وعادة ما يتم نشرهم في حال اعتداء مسلح٬ وفي بعض دوريات المراقبة. أما في ما يتعلّق بقوات الأمن غير المسلحة٬ فأوضح المتحّدث أن جميع عناصرها ليسوا مدّربين على استعمال الصاعق الكهربائي٬ إلا أن دوريات تشمل 4 ضباط مسلحين بالصاعق تضمن أمن مناطق لندن الـ32 بشكل يومي٬ وذلك منذ إقرار برنامج أمني لهذا الغرض عام 2012.
ويطلق الصاعق صدمات كهربائية تصل إلى 50 ألف فولت٬ ويهدف مستعملوه إلى السيطرة على المعتدي من خلال شّل عضلاته بشكل وقتي. وكان استعمال هذا السلاح موضع انتقادات عدة عند إقرار تسليح بعض أفراد الشرطة المحلية عام ٬2007 حيث قد يؤدي توجيه صعقات متتالية إلى مقتل المتلقي.



كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)
أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)
TT

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)
أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

بوصفها «أفضل طالب» في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة التحدي الذي أطلقه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، وفق تقرير اليوم الجمعة لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

تحصين الحدود

هنا منطقة عازلة بعرض 200 متر تم إنشاؤها عند معبر بولوتشي بييشاتكا الحدودي الذي تم إغلاقه في عام 2023 لأسباب أمنية بين بولندا وبيلاروسيا. خطوط دفاع متتالية تحمي هذه الحدود بين منطقة بودلاسي في شرق بولندا، ومنطقة بريست في بيلاروسيا: خنادق مضادة للدبابات، وحواجز خرسانية، وأسلاك شائكة، وألغام، وسياج معدني بارتفاع 5 أمتار، إلى جانب أنظمة حرارية، وكاميرات وأجهزة كشف المعابر الإلكترونية...

جنود وشرطيون بولنديون يقفون في حالة تأهب على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا بالقرب من كوزنيكا 11 نوفمبر 2021 (رويترز)

بحسب التقرير، تحمي بولندا نفسها من خطر الهجوم المحتمل من جانب روسيا، ولكنها تحمي نفسها أيضاً من الحرب الهجينة الحقيقية التي تفرضها عليها روسيا بالفعل اليوم، التي تستغل عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يتم اجتذابهم من أفريقيا وإرسالهم عبر بيلاروسيا في محاولة لاستغلالهم ليعبروا الحدود نحو بولندا بهدف زعزعة الاستقرار (في الاتحاد الأوروبي). وقد أدى هذا إلى مقتل جندي بولندي يبلغ من العمر 21 عاماً، طعنه مهاجر في يونيو (حزيران) 2024. وحصلت توغلات بطائرات مسيّرة في الأراضي البولندية وأحياناً صواريخ تقع هناك عن طريق الخطأ. ويتذكر الفريق أول ستانيسلاف تشوسنر، نائب رئيس أركان الجيش البولندي، قائلاً: «إنها حدودنا الخارجية، ولكنها أيضاً حدود الاتحاد الأوروبي والجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي. نحن نتعلم من العدوان على جارنا الأوكراني: لو كان هناك المستوى نفسه من التحضير (العسكري)، ربما كان الوضع مختلفاً اليوم».

زيادة الإنفاق الدفاعي

جعلت بولندا من الأمن شعار رئاستها الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، التي بدأت في الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي. وتأمل الولايات المتحدة في حشد شركائها الأوروبيين ليتبعوا مثالها من خلال زيادة إنفاقهم العسكري. فوارسو هي «أفضل طالب» لحلف شمال الأطلسي في هذا المجال، حسب تعبير «لوفيغارو»، مع هدف يبلغ 4.7 في المائة للإنفاق العسكري من ناتجها المحلي الإجمالي هذا العام، مقارنة بأقل من 2 في المائة في المتوسط ​​(بالنسبة للناتو)، أو ميزانية تبلغ 45 مليار يورو، وهي الثانية في أوروبا بعد فرنسا. وارتفعت هذه الميزانية الدفاعية لبولندا بأكثر من 50 في المائة منذ عام 2022. وفي مواجهة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي ذكر مؤخراً عتبة جديدة للإنفاق العسكري لدول «الناتو» تبلغ 5 في المائة من الناتج المحلي (الولايات المتحدة تنفق 3.7 في المائة من ناتجها المحلي على الدفاع)، تقول الحكومة البولندية إنها مستعدة لقبول التحدي.

رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك (يمين) ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتصافحان خلال حفل الترحيب في المستشارية في وارسو 17 يناير 2025 (إ.ب.أ)

وقال رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، إن تصريحات ترمب يجب أن «تؤخذ على محمل الجد»، ودعا شركاءه الأوروبيين إلى أن يكونوا جادين بشأن الإنفاق الدفاعي. وقال توسك، الأربعاء، في مؤتمر صحافي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وارسو: «ليس بإمكان الجميع إنفاق ما تنفقه بولندا، ولكن ينبغي على الجميع أن يتقاربوا نحو هذا الهدف حتى ترانا أميركا حلفاء موثوق بهم». وأضاف أن الحكومات التي لا تزال تحت نسبة 2 في المائة، بما في ذلك إسبانيا وإيطاليا وبلجيكا. ولتسريع الوصول إلى الإنفاق العسكري المطلوب، تخطط وارسو في البداية للتعاون مع مجموعات صغيرة من الحلفاء المقتنعين بأهمية زيادة هذا الإنفاق، ولا سيما دول البلطيق ودول الشمال الأوروبي، فضلاً عن اللاعبين الأوروبيين الرئيسيين في مجال الدفاع: فرنسا والمملكة المتحدة (بريطانيا).

جنود بولنديون وأميركيون يشاركون في تدريب عسكري مشترك بنوفا ديبا في بولندا 8 أبريل 2022 (رويترز)

استقلال دفاعي

وذكر تقرير صادر عن مؤسسة «تشاتام هاوس»، وهو مركز دراسة سياسات مركزه لندن، أن «بولندا سوف تضطر إلى التوفيق بين نهجها الأطلسي التقليدي واستعدادها لزيادة مبادرات الاتحاد الأوروبي لتطوير قدرات وارسو الصناعية». إن الهدف هو تحقيق مستوى حاسم من الاستقلال الذاتي (الدفاعي) إذا أعادت الولايات المتحدة توجيه الجزء الأكبر من قوتها الرادعة نحو آسيا. يقول مصدر حكومي بولندي في هذا الإطار: «نحن نحاول إثارة اندفاعة بين حلفائنا: إذا هاجم بوتين إستونيا بعد أوكرانيا، فهل نحن مستعدون؟ هل لدينا ما يكفي من الذخيرة؟

جنود بولنديون أمام مقر حرس الحدود في ميخالوفو 11 أكتوبر 2021 (رويترز)

الدرع الشرقي

حذّر وزير الدفاع البولندي، فلاديسلاف كوسينياك كاميش، من أن «أوروبا لن تتمكن من الحصول على رادع فعال دون تطوير قدراتها في مجال الأسلحة والذخائر».

وقرب بولندا من الولايات المتحدة، حيث طلبت وارسو 32 طائرة من طراز «إف-35» من شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية و96 طائرة هليكوبتر من طراز «أباتشي» من شركة «بوينغ» الأميركية، قد يتعارض مع رغبة فرنسا في إعطاء الأولوية للمشتريات الأوروبية. وتستثمر وارسو أيضاً 2.3 مليار يورو على مدى أربع سنوات في درعها الشرقي، الذي تم إطلاقه في منتصف عام 2024. يغطي المشروع أكثر من 800 كيلومتر من المناطق الحرجة والمستنقعية على طول الحدود مع روسيا (منطقة كالينينغراد)، وليتوانيا، وبيلاروسيا، وأوكرانيا.