حماس تحسم موقفها وترفض الوقوف في معسكر إيران ضد السعودية

الحركة الفلسطينية لا تريد خسارة دول الخليج.. وتتحاشى الانتقادات الداخلية

عناصر من قوات الأمن التابعة لحركة حماس خلال حفل تخريج دورة تدريبية بغزة في 10 يناير 2016 (رويترز)
عناصر من قوات الأمن التابعة لحركة حماس خلال حفل تخريج دورة تدريبية بغزة في 10 يناير 2016 (رويترز)
TT

حماس تحسم موقفها وترفض الوقوف في معسكر إيران ضد السعودية

عناصر من قوات الأمن التابعة لحركة حماس خلال حفل تخريج دورة تدريبية بغزة في 10 يناير 2016 (رويترز)
عناصر من قوات الأمن التابعة لحركة حماس خلال حفل تخريج دورة تدريبية بغزة في 10 يناير 2016 (رويترز)

حسمت حركة حماس موقفها نهائيًا بشأن العرض الإيراني الأخير عليها، بتطبيع العلاقات، وتقديم دعم مالي، مقابل دعم الحركة للموقف الإيراني في مواجهة السعودية، وقررت رفض العرض من خلال «عدم إبداء الرأي».
وقالت مصادر في حركة حماس لـ«الشرق الأوسط»، إن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، هو الذي رفض العرض الإيراني، ويرفض كذلك التقرب من إيران في ظل هذه الظروف، خشية أن يفسر ذلك على أنه دعم لإيران في أزمتها ضد السعودية أو في ملفات أخرى في سوريا، وغيرها.
وبحسب المصادر، فإن هناك شبه إجماع داخل حماس، في هذا الوقت، بعدم التورط في أي تحالفات مع إيران، حتى لا تخسر الحركة قاعدتها السنية في المنطقة، ولأن تجربتها السابقة مع إيران تثير الكثير من القلق. وقالت المصادر، إن إيران أوقفت في السابق الدعم عن حركة حماس، بسبب الموقف من سوريا، وأوقفت لاحقًا، الدعم عن «الجهاد الإسلامي» بسبب الموقف من الحرب في اليمن، وإن تكرار ذلك ممكن في أي وقت.
وأخذت حماس بالحسبان، إضافة إلى الخوف من خذلان إيران، إمكانية التقارب أكثر مع الدول السنية المؤثرة في المنطقة، ولأنها تقيم الآن في دولة خليجية، ولها مصالح كبيرة مع جهات غير رسمية في الدول الخليجية والسنية، إضافة إلى العلاقة القوية مع تركيا التي تعد أكثر الجهات دعمًا لحماس سياسيًا، وقد وقفت (تركيا) إلى جانب الموقف السني في مواجهة إيران، ناهيك بالانتقادات الكبيرة التي تلقتها الحركة من جماعة الإخوان المسلمين أخيرًا، وهي الجماعة الأم لحماس بسبب مؤشرات تقارب مع إيران وحزب الله.
وقال أحد مسؤولي الحركة، من الضفة الغربية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعادلة معقدة. نحن كحركة تحرر، نتطلع إلى دعم الجميع. لكننا أبدًا لن نكون في أي تحالف ضد الشعوب أو ضد العالم السني». وأخذت حماس قرارها برفض أي دعم علني لإيران، على الرغم من الأزمة المالية الكبيرة التي تمر بها الحركة، والتي وصلت إلى حد فرض خصومات كبيرة على رواتب موظفيها وعناصرها في قطاع غزة. وقد حسمت موقفها على الرغم من وجود خلافات داخلية حول العلاقة مع إيران، إذ كان مسؤولون في غزة يدفعون باتجاه تطبيع كامل للعلاقة مع إيران، مقابل تحفظ كبير من مشعل.
وساهم في اتخاذ قرار حماس، أيضًا، وقوف مصر، الدولة التي تتطلع الحركة إلى إنهاء القطيعة معها، إلى جانب السعودية ضد إيران. وتأمل حماس من دول خليجية، إضافة إلى تركيا، ممارسة ضغط على مصر، لتخفيف بعض الضغط عن غزة، بفتح معبر رفح.
وكانت إيران حاولت، أخيرًا، استقطاب حركة حماس إلى جانب حلفائها المركزيين في المنطقة، كالنظام السوري وحزب الله اللبناني، من أجل دعم مواقفها في مواجهة السعودية.
وقد عقدت لقاءت بين مسؤولين إيرانيين ومسؤولين في حماس، خلال الأسبوعين الأخيرين، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات، تضمن من جهة إيران، الحصول على موقف من حماس، ومن جهة حماس نفسها، استئناف الدعم المادي للحركة بشكل ثابت ودائم. وكانت مصادر قد كشفت لـ«الشرق الأوسط»، عن اجتماع عقد في الرابع من يناير (كانون الثاني) الحالي، بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وممثل حماس في طهران، خالد القدومي، للبحث في علاقات الجانبين. وقد عرض ظريف على القدومي، أن تقوم حماس بإعلان موقف سياسي رسمي ضد السعودية، بعد إعلانها قطع العلاقات كافة مع طهران، مقابل أن تقوم الأخيرة بتلبية مطالب حماس كافة، ومنها الدعم المالي الثابت والدائم.
ووجه ظريف عبر القدومي رسالة إلى رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، يشرح فيها ظروف العلاقة مع السعودية، بعد التدهور الحاصل وما يجري في المنطقة، وتأثيره على القضية الفلسطينية، وضرورة اصطفاف الحركة التي تؤثر في المواقف الفلسطينية الداخلية، إلى جانب إيران باعتبارها الدولة «الوحيدة التي تقف في وجه إسرائيل».
ويعتقد أن تشهد العلاقات بين حماس وإيران تدهورا أكبر بعد رفض العرض الإيراني.
وكانت حماس جزءًا من محور إيران قبل انطلاق الثورة السورية، إذ أيدت بشدة هذه الثورة، في وجه الرئيس السوري بشار الأسد، ما خلف غضبا كبيرا على الأسد وإيران وحزب الله ضد حماس، قبل أن تغادر الحركة دمشق إلى قطر، وتقطع إيران عنها الدعم المالي. وخلال العامين الماضيين، مدت حماس وإيران جسورا للعلاقة من جديد، عبر تدخلات من حزب الله في لبنان، واستأنفت إيران دعما محدودا لحماس، لكن العلاقات لم تنضج كما يجب، خصوصا أن ترتيبات لزيارة مشعل إلى طهران فشلت أكثر من مرة.
ولم تسلم حماس من انتقادات كبيرة من التنظيم الأم، بسبب محاولات استئناف العلاقة مع إيران، وكذلك من عناصرها، وكان هذا أحد الأسباب التي ساعدت حماس على اتخاذ قرارها.
والشهر الماضي فقط، اختبرت حماس رد فعل الإخوان وعناصرها كذلك، على أي تقارب مع إيران، من خلال رسالة تعزية في مقتل سمير القنطار في سوريا في غارة إسرائيلية. وأرسلت قيادة حماس والقسام رسائل تعزية إلى نصر الله، ونعت القنطار ووصفته بأنه «مناضل عربي كبير»، له سجل مشرف ونضالي كبير ضد إسرائيل»، ما أثار جدلا واسعا في صفوف المنتمين للحركة، وكذلك لدى ناشطين بارزين في جماعة الإخوان المسلمين.
ووصف ياسر الزعاترة، وهو محلل سياسي من الإخوان المسلمين، بيان النعي من القسام، بأنه «بالغ في مدح القنطار»، وأنه «موقف سخيف ويستحق الإدانة»، داعيا حماس إلى عدم الإساءة إلى نفسها. وكتب الزعاترة «إلى حماس وكتائب القسام: لا تكونوا عبئا على محبيكم، إيران تشن عدوانا على الأمة، وأي موقف مجامل لها مهما كان يسيء لكم، والأمة غير الأنظمة».
فيما كتب الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، عمر مشوح «ندين إدانة حماس لمقتل القيادي بحزب الله سمير القنطار، لأننا نعتبر هذا القاتل وحزبه والغا بدماء السوريين وشريكا للنظام في إجرامه». وقد انتقل الجدل فورا، إلى صفوف عناصر حماس نفسها، وكتب براء ريان، وهو نجل القيادي في حماس، نزار ريان، الذي اغتيل في حرب 2008 - 2009 في غزة، منتقدا بيان القسام: «تخيلوا لو أن طائرة (إف 16 أميركية) قصفت خليفة (داعش)، تُرى هل ستنعونه وتزفونه (شهيدًا) وتقومون بواجبه! علما بأنه أسير سابق في سجون الاحتلال الأميركي». وأضاف في تغريدة أخرى: «كان كثيرٌ من الأصدقاء يلومون حماس على صمتها في الموضوع السوري بادئ الأمر!، اليوم يتمنون لو أنها تعود إليه».



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».