وكالات التصنيف ما زالت محل مساءلة بعد سنوات على أزمة الرهن العقاري

لعبت دورًا هائلاً في حدوث خسائر بمليارات الدولارات في 2008

إشارة حمراء معبرة أمام مقر وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني (نيويورك تايمز)
إشارة حمراء معبرة أمام مقر وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني (نيويورك تايمز)
TT
20

وكالات التصنيف ما زالت محل مساءلة بعد سنوات على أزمة الرهن العقاري

إشارة حمراء معبرة أمام مقر وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني (نيويورك تايمز)
إشارة حمراء معبرة أمام مقر وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني (نيويورك تايمز)

لا يمكن للأخطاء التي أدت إلى أزمة الرهن العقاري في 2008 أن تتكرر مجددا، أليس كذلك؟
ليس بهذه السرعة، وخاصة لو كنت تتحدث عن وكالات التصنيف الائتماني من أمثال موديز إنفيستورز سيرفيس وستاندرد آند بورز. بعد 8 سنوات على اكتشاف أن هاتين الشركتين كانتا تضعان الأرباح فوق المبادئ عند إعطائها درجات عالية لسندات الديون منخفضة القيمة، فإن بعضا من نفس السياسات الغامضة ما زالت تؤثر على عملياتها. وهذا هو المغزى في أحدث تقرير لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
لعبت وكالات التصنيف الائتماني دورا هائلا في حدوث خسائر بمليارات الدولارات أثناء الأزمة. وكانت رسائل البريد الإلكتروني التي ظهرت في تحقيقات الكونغرس كاشفة على نحو خاص عن المشكلات لدى هذه الشركات. كتب أحد موظفي ستاندرد آند بورز المعروفين يقول: «نحن نصنف كل الصفقات... حتى ولو قامت أبقار بهذه الصفقات فإننا نصنفها».
هناك مشهد مشوق – وكاشف – في فيلم «ذا بيغ شورت»، يشخص الداء بشكل رائع. وهو ما تمثل في رد موظفة ستاندرد آند بورز، التي قدمت شخصيتها الممثلة ميليسا ليو، عند سؤالها عن سبب عدم إصرار وكالة التصنيف على معايير أعلى: «سيلجون فقط إلى موديز».
لكن شأن الكثيرين من أولئك المسؤولين عن الأزمة، أفلتت وكالات التصنيف من المساءلة إلى حد كبير. وتم السماح لهم بمواصلة نهجهم المثير للشكوك، والذي يدفع من خلاله مصدرو الأوراق المالية أموالا للوكالات لتصنيف أوراقهم. وتظل تصنيفاتهم راسخة بشدة في نظامنا المالي: فما زالت متطلبات رأس المال المصرفي مستندة، ضمن أمور أخرى، إلى التصنيفات الممنوحة للأوراق المالية التي تحملها هذه الكيانات.
حاليا هناك 10 من وكالات التصنيف الائتماني المسجلة والتي تعمل في الولايات المتحدة. ويتعين على هيئة الأوراق المالية والبورصات، باعتبارها الرقيب على هذه الكيانات، أن تقوم بعمليات تدقيق لأعمالهم سنويا وإصدار تقرير سنوي بالنتائج.
أحدث هذه التقارير هو ذلك المنشور في 28 ديسمبر (كانون الأول)، والذي لم ينل الاهتمام المطلوب في خضم موسم العطلات. ولكن محتوى التقرير يعد تذكيرا قويا بغياب الإنفاذ الفعال للقواعد، وأن السلوكيات المثيرة للتساؤلات من غير المرجح أن تتغير.
لا يحدد تقرير هيئة الأوراق المالية والبورصات أي الوكالات خالفت القواعد، وهذا أمر يؤسف له. ولكنه يضع الشركات في مجموعتين منفصلتين بناء على حجم الشركة. ومن ثم، فعندما تصف الهيئة مشكلة لدى واحدة من وكالات التصنيف «الأكبر»، فستعرف أنها تعني واحدة من ثلاث – فيتش ريتينغز، أو موديز، أو ستاندرد أند بورز.
بعض المشكلات التي اكتشفتها هيئة الأوراق المالية والبورصات تعد من المشكلات الأساسية على نحو مرعب. على سبيل المثال، هناك اثنتان من الوكالات الكبرى «أخفقتا في الامتثال لسياسات وإجراءات، ومنهجيات أو معايير التصنيف، أو تطبيق النماذج الكمية على النحو الملائم». وحدثت هذه الإخفاقات في عدة مناسبات، بحسب ما يشير التقرير. تبدو الأخطاء شائعة. فبسبب خطأ تدويني، لم تعكس إحدى صفقات التمويل المهيكل التي أبرمتها واحدة من شركات التصنيف الأكبر، البنود الفعلية للصفقة. واستغرق الأمر وقتا لاكتشاف هذا الخطأ وعند ذلك، تضرر تصنيف الصفقة بشكل كبير.
وفي مثال آخر، لاحظ موظف بإحدى وكالات التصنيف الأكبر خطأ في الحسابات المستخدمة في تحديد نوع معين من التصنيفات الجارية، ولكن في المنشورات اللاحقة، لم تفصح الشركة لا عن الخطأ ولا عن تبعاته. كما وصفت نفس الشركة على نحو غير دقيق المنهجية التي استخدمتها لتحديد بعض درجاتها الرسمية، بحسب هيئة الأوراق المالية والبورصات.
ثم بعد ذلك كان المحللون في إحدى وكالات التنصيف الأكبر، هم من علموا بالعيوب في النماذج الخارجية لتحديد التصنيفات. ولكن لم يعمل أحد من الوكالة على تقييم تأثير الأخطاء، أو إبلاغ الآخرين بشأنها، كما تقتضي الإجراءات. كما اكتشفت هيئة الأوراق المالية أمثلة لبيانات فنية أصدرتها هذه الوكالة في منشوراتها التصنيفية، والتي جاءت متناقضة تماما في سجلات التصنيف الداخلية لديها.
بل إن ما يبعث على القلق بشكل أكبر، هو أن السياسات والإجراءات في إحدى وكالات التصنيف الائتماني الأكبر، لم تمنع «الممارسات غير العادلة، أو الجبرية، أو المسيئة، المحظورة كلها»، بحسب ما توصل إليه التقرير. ونتيجة لهذا، قدمت الوكالة تصنيفا طوعيا لأحد مُصدري الأوراق المالية «كان مدفوعا على الأقل باعتبارات الحصة السوقية». ومن شأن ممارسة من هذا النوع أن تسمح لوكالة التنصيف بكسب عمل مع مصدر الأوراق المالية، من خلال منحه تصنيفا أفضل مما سيحصل عليه من وكالة تصنيف منافسة.
كذلك وجدت هيئة الأوراق أنه في نفس الوكالة تم تغيير درجتي تصنيف صادرتين عن لجان التصنيف، بطلب من «موظفي تصنيف كبير». لم يكن هذا مخالفا لسياسات وإجراءات الوكالة التي لم يتم ذكر اسمها فحسب، بل أسفر عن سوء تطبيق لمعايير التنصيف لدى الوكالة، حسبما أفاد التقرير.
قال ميكا هوبتمان، مستشار الخدمات المالية لدى شركة «كونسيومر فيدريشن أوف أميركا»: «هذه الإخفاقات مخيفة جدا، أليس كذلك؟» وأضاف: «المخاوف بشأن المبيعات والتسويق تؤثر على إصدار التصنيفات... هذه بالضبط أوجه القصور نفسها التي تسببت في الأزمة المالية في 2008... وهذا ما كان يفترض أن يعالجه قانون دود - فرانك (لإصلاح الأسواق وحماية المستهلكين)».
وكان الهدف من القواعد المنظمة لعمل وكالات التصنيف بين 2007 و2010 أن تقلل تضارب المصالح في هذه الشركات، وأن تحسن الضوابط الداخلية وأن تخلق معايير جديدة للتدريب والخبرة والكفاءة.
ولكن القواعد تؤتي ثمارها فقط عندما تتم معاقبة الشركات التي تقوم بمخالفتها.
* خدمة «نيويورك تايمز»



رسوم ترمب تُربك السياسات النقدية وتُجبر البنوك المركزية على إعادة التموضع

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT
20

رسوم ترمب تُربك السياسات النقدية وتُجبر البنوك المركزية على إعادة التموضع

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

تسببت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في اضطرابات واسعة بالمشهد الاقتصادي العالمي، وأجبرت البنوك المركزية الكبرى على إعادة النظر في سياساتها النقدية.

وبات صانعو السياسات النقدية خارج الولايات المتحدة يميلون أكثر نحو خفض أسعار الفائدة مقارنة بما كانوا سيفعلونه لولا هذه الإجراءات؛ بينما تجد اليابان نفسها مضطرة لرفع الفائدة بوتيرة أبطأ. أما مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي، فيقف في وضع دقيق ومعقد، وفق «رويترز».

وفيما يلي نظرة على توجهات 10 بنوك مركزية في الأسواق المتقدمة:

1. سويسرا

لن يجتمع البنك الوطني السويسري قبل يونيو (حزيران)، إلا أن التوقعات تشير إلى خفض محتمل للفائدة من 0.25 في المائة إلى الصفر. ورغم تفضيله تجنب العودة إلى الفائدة السلبية، فإن ارتفاع قيمة الفرنك السويسري - العملة الأفضل أداءً في الأسواق المتقدمة منذ إعلان ترمب عن الرسوم في 2 أبريل (نيسان) - يضغط على اقتصاد يعتمد على التصدير، ويهدد بدفع البلاد إلى الانكماش. أما استخدام البنك لتدخلات مباشرة لإضعاف الفرنك فقد يثير غضب إدارة ترمب، التي تعتبر التلاعب بالعملة أحد مبررات فرض الرسوم.

2. كندا

أبقى بنك كندا سعر الفائدة عند 2.75 في المائة يوم الأربعاء، في أول توقف بعد سبعة تخفيضات متتالية، مشيراً إلى الحاجة لمزيد من المعطيات حول تداعيات الرسوم الجمركية.

وقال المحافظ تيف ماكليم: «حالة عدم اليقين تجعل التنبؤات الاقتصادية غير موثوقة». ورغم هذا الحذر، لا تزال الأسواق تراهن على تخفيضين إضافيين خلال 2025.

3. نيوزيلندا

خفض بنك الاحتياطي النيوزيلندي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.5 في المائة الأسبوع الماضي، ليصل إجمالي التخفيضات منذ أغسطس (آب) إلى 200 نقطة أساس. وتبقى نيوزيلندا عرضة لآثار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وتتوقع الأسواق ثلاثة تخفيضات إضافية هذا العام، رغم أن بيانات التضخم الأخيرة جاءت أعلى من المتوقع.

4. السويد

ثبت البنك المركزي السويدي (ريكسبانك) سعر الفائدة عند 2.25 في المائة في مارس (آذار)، بعد خفضها من 4 في المائة، ومن غير المرجح أن يُقدم على مزيد من التخفيضات. ويتفق صانعو السياسات مع الأسواق على أن هذا المستوى مناسب حالياً لدعم الاقتصاد.

5. منطقة اليورو

أقدم البنك المركزي الأوروبي الخميس على سابع خفض لسعر الفائدة خلال عام، مع تلميحات بإمكانية المزيد من التيسير. وقال البنك إن التوترات التجارية تقوّض آفاق النمو، وإن ردود فعل الأسواق تزيد من تشدد الأوضاع المالية. ويبلغ سعر الفائدة الرئيسي الآن 2.25 في المائة، فيما تُسعّر الأسواق احتمال إجراء تخفيضين أو ثلاثة إضافية خلال العام.

6. الولايات المتحدة

يواجه «الاحتياطي الفيدرالي» تحدياً يتمثل في احتمالات تراجع النمو وارتفاع التضخم بسبب الرسوم. وقال جيروم باول الأربعاء إن البنك «يراقب وينتظر»، مع ترجيحات بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في مايو قبل استئناف التخفيضات لاحقاً هذا العام. ويأتي ذلك وسط ضغط سياسي مباشر، إذ صرح ترمب بأن إنهاء عمل باول «لا يمكن أن يأتي بالسرعة الكافية»، مطالباً بتخفيضات فورية.

7. بريطانيا

ترجّح الأسواق بنسبة تفوق 80 في المائة أن يخفض بنك إنجلترا سعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس في مايو (أيار)، مع احتمالية الاستمرار بنفس الوتيرة خلال العام. ورغم نهجه الأكثر تحفظاً مقارنة ببنوك مركزية أخرى بسبب توقعات التضخم، فإن بيانات مارس التي جاءت أضعف من المتوقع قد تفتح الباب أمام التخفيض المنتظر.

8. أستراليا

بدأ بنك الاحتياطي الأسترالي دورة التيسير في فبراير (شباط)، والآن تتوقع الأسواق تخفيضاً إضافياً بواقع 50 نقطة أساس في مايو، مع إجمالي تخفيضات قد تصل إلى 125 نقطة خلال 2025. ويرتبط هذا التوجه بمخاطر الحرب التجارية مع الصين، أكبر شريك تجاري لأستراليا.

9. النرويج

ثبت البنك المركزي النرويجي سعر الفائدة عند 4.5 في المائة، وهو أعلى مستوى في 17 عاماً، بعدما أدى ارتفاع التضخم غير المتوقع إلى تأجيل خطط خفض الفائدة.

لكن الأسواق لا تزال تتوقع خفضاً في يونيو، يليه مزيد من التيسير لاحقاً هذا العام.

10. اليابان

يظل بنك اليابان الأكثر تحفظاً في رفع أسعار الفائدة بين نظرائه في الأسواق المتقدمة، وقد يضطر إلى إعادة التفكير في رفع الفائدة المحدود، والذي بلغ حتى الآن 0.5 في المائة فقط.

وقال المحافظ كازو أويدا إن البنك قد يتدخل إذا أثّرت الرسوم سلباً على الاقتصاد.

وقد يؤدي أي توقف في رفع الفائدة إلى كبح أو عكس ارتفاع الين، مما قد يُثير استياء إدارة ترمب. ويحذر المسؤولون اليابانيون من أن بطء التشديد النقدي قد يُضعف موقفهم في المفاوضات التجارية.