الرئاسة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بموقف واضح من مماطلة المتمردين في تنفيذ القرار الأممي

الرحبي اعتبر زيارة الموفد الدولي إلى المنطقة مخيبة.. والحوثي يقلد ولد الشيخ وساماً

من حفل تكريم ولد الشيخ
من حفل تكريم ولد الشيخ
TT

الرئاسة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بموقف واضح من مماطلة المتمردين في تنفيذ القرار الأممي

من حفل تكريم ولد الشيخ
من حفل تكريم ولد الشيخ

عبّرت الرئاسة اليمنية عن خيبة أملها في عدم توصل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى نتائج إيجابية خلال زيارته لصنعاء ومباحثاته التي أجراها مع المتمردين الحوثيين، بخصوص جملة من القضايا المتعلقة بالتحضير لجولة المشاورات المقبلة وبتنفيذ الاتفاقات السابقة. وقال مختار الرحبي، السكرتير الصحافي في الرئاسة اليمنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نتائج زيارة المبعوث الدولي لليمن إسماعيل ولد الشيخ لم تكن إيجابية بل مخيبة للآمال». وأكد الرحبي أنه كان من المفترض أن يتم الإعلان، خلال زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء، عن «الإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين قدم الحوثيون التزاما للمبعوث في (جنيف2)، بإطلاق سراحهم، لكنهم لم يفعلوا، وكذلك لم يلتزموا بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية الضرورية إلى مدينة تعز المحاصرة من قبلهم».
وأشار الرحبي إلى أن الأوضاع الإنسانية في مدينة تعز باتت صعبة «ونستطيع القول إن تعز دخلت في مرحلة المجاعة والخطر، فقد أعلنت 37 مستشفى الإغلاق، من أصل 40 مستشفى، بسبب انعدام الدواء والأكسجين، وهو ما يجعل من المنظمات الدولية أمام اختبار حقيقي، ويجعل المجتمع الدولي أمام واقع إنساني مرير، ولا بد لهم من موقف صارم إزاء ممارسات الانقلابيين». وقال السكرتير الصحافي بالرئاسة اليمنية إن «الحكومة انتهجت موقفا ثابتا في دعم الأمم المتحدة في إنجاح المسار السياسي عبر تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، لكن من يقف ضد ذلك هم الانقلابيون، حيث يماطلون منذ ثمانية أشهر في التنفيذ»، مشددا على أنه «لا بد على الأمم المتحدة من أن تعلن موقفا واضحا من مماطلة ومراوغة الميليشيات الانقلابية»، مؤكدا أن «الحكومة الشرعية موقفها ثابت، كما أعلن ذلك رئيس الجمهورية أنه ملتزم بمسار سياسي لتنفيذ القرار الدولي، وعلى المجتمع الدولي أن يقف بحزم ضد ممارسات الحوثي وصالح من العملية السياسية، وكذلك من الأعمال والانتهاكات ضد أبناء الشعب اليمني».
وحول مشاركة الحكومة اليمنية في جولة المشاورات المقبلة، التي أعلنت الأمم المتحدة أنها سوف تعقد أواخر الشهر الحالي، قال مختار الرحبي إن المشاركة في الجولة المقبلة «ترتبط بمدى التزام الميليشيات الحوثية الانقلابية بما تم الاتفاق عليه سابقا، وأعتقد أن أي جولات قادمة من دون تنفيذ التزامات سابقة واستحقاقات، فإنها ستكون مثل سابقتها، ويتوجب على الأمم المتحدة أن تكون حازمة في الجولة المقبلة لتكون جولة نهائية ملزمة للانقلابيين بتنفيذ القرار الدولي».
إلى ذلك، أعرب عدد من الأوساط اليمنية عن حالة من الاستياء التي عكستها مواقع التواصل الاجتماعي من قبول المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لتكريم من قبل رئيس ما تسمى اللجنة الثورية العليا، محمد علي الحوثي، وهو تكريم عبارة عن وسام قلد به ولد الشيخ، دون الإفصاح عن الأسباب.
غير أن المصادر الرسمية تحفظت على التعليق على الخبر، حيث عد المراقبون قبول وسيط أممي تكريما من الطرف الانقلابي على الشرعية، بأنه سابقة في تاريخ العمل الدبلوماسي والأممي، ومس بدور الأمم المتحدة الذي يفترض به أن يكون محايدا، بحسب طروحات الأوساط اليمنية، التي كانت أعربت عن حالة من الاستياء، أيضًا، جراء قبول المبعوث الأممي لقاء محمد الحوثي داخل القصر الجمهوري وتعامُل الحوثيين معه بروتوكوليًا، أثناء اللقاء، كرئيس جمهورية ومبعوث أممي.
في السياق ذاته، قال مصدر في الحكومة اليمنية، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أمس، إن «قرار الحكومة الشرعية واضح ومدعوم من قبل المجتمع الدولي، وهو أن الحكومة الشرعية لن تخطو خطوة واحدة في أي مفاوضات مع الانقلابيين، حتى يتم الإفراج عن جميع المعتقلين وعلى رأسهم وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، واللواء ناصر منصور، والعميد فيصل رجب، والأستاذ محمد قحطان، وجميع المعتقلين، وفتك الحصار عن مدينة تعز الصامدة البطلة وإدخال المساعدات الإنسانية للسكان».
وأنهى المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، زيارة إلى صنعاء، دون الإعلان عن التوصل إلى اتفاق مع المتمردين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بمشاركتهم في الجولة المقبلة من المشاورات، وبحسب المعلومات المتاحة، فإن الحوثيين يرفضون المشاركة وتنفيذ خطوات «بناء الثقة» حتى يتم وقف الغارات الجوية التي تنفذها طائرات التحالف على مواقعهم في العاصمة صنعاء وباقي المحافظات اليمنية، وتتمثل خطوات بناء الثقة في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ورفع الحصار المفروض على مدينة تعز، منذ بضعة أشهر، وفي حين كان مقررا أن تعقد، اليوم، الجولة الثالثة من المشاورات أو المباحثات بين الحكومة الشرعية والمتمردين، فقد أعلنت الأمم المتحدة عن إرجاء انعقادها، وشددت على أن تعقد قبل نهاية الشهر الحالي.
وحسب ما أعلن عن جدول زيارته إلى المنطقة، فإن مدينة عدن هي المحطة التالية لولد الشيخ في إطار مباحثاته ومساعيه لجمع الأطراف اليمنية، مرة أخرى، إلى مائدة مباحثات ثالثة، بعد عقد الجولة الماضية في إحدى ضواحي مدينة جنيف السويسرية، إلا أن العملية السياسية، بحسب المراقبين، تواجه مخاطر التعثر الكامل، جراء تعنت وتصلب مواقف المتمردين الحوثيين في تطبيق القرار الأممي «2216»، والبدء في خطوات بناء الثقة، واستخدام المعتقلين والحالة الإنسانية الصعبة لسكان تعز، ورقة للمساومة السياسية. ومع حالة الغموض التي تسود النتائج التي توصل إليها المبعوث الأممي إلى اليمن وزياراته إلى أبوظبي والرياض وصنعاء، فإن العمليات العسكرية متواصلة في معظم جبهات القتال.



إخضاع منتسبي الكشّافة في مدارس صنعاء للتعبئة العسكرية

فرق الكشافة في صنعاء ترفع شعارات تمجد زعيم الجماعة الحوثية (إكس)
فرق الكشافة في صنعاء ترفع شعارات تمجد زعيم الجماعة الحوثية (إكس)
TT

إخضاع منتسبي الكشّافة في مدارس صنعاء للتعبئة العسكرية

فرق الكشافة في صنعاء ترفع شعارات تمجد زعيم الجماعة الحوثية (إكس)
فرق الكشافة في صنعاء ترفع شعارات تمجد زعيم الجماعة الحوثية (إكس)

​بدأت الجماعة الحوثية في صنعاء، منذ نحو أسبوع، إخضاع منتسبي الكشّافة المدرسية للتعبئة الفكرية والعسكرية، وذلك ضمن حملة استقطاب وتجنيد جديدة تستهدف المراهقين في المدارس، تحت لافتة إقامة ما تسميه الجماعة بـ«ورش تأهيلية».

ووفق مصادر تربوية في صنعاء، أجبرت الجماعة، عبر ما تُسمى مكاتب التعليم والشباب والرياضة، أزيد من 250 عنصراً من الكشافة من طُلاب مدارس حكومية بمديريتي معين وبني الحارث بالعاصمة المختطفة صنعاء، ومدارس في مديريتي بني حشيش وبني مطر بريف العاصمة، على تلقي التعبئة وتدريبات عسكرية مفتوحة، تحت مسمى «طوفان الأقصى».

الحوثيون يخضعون أشبال الكشافة في ضواحي صنعاء للتعبئة (إعلام حوثي)

ويتزامن هذا الاستهداف مع ما تواجهه الكشافة اليمنية، خصوصاً بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية، من مشاكل وتحديات كبيرة، يرافقها إهمال متعمد أدى إلى تراجع العمل الكشفي عن أداء مهامه وأنشطته في خدمة المجتمع.

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن عبد المحسن الشريف، المُعين مديراً لمكتب الشباب والرياضة في صنعاء، قوله: «إن البرنامج الاستهدافي لقادة وأشبال الكشافة يأتي ضمن ما سمّاها المرحلة الأولى من إعادة (تشكيل وتأهيل) الفرق الكشفية».

وفي حين تستهدف المرحلة الثانية أكثر من ألف طالب كشفي في عدد من المدارس، أوضح القيادي الحوثي أن ذلك يأتي تنفيذاً لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، تحضّ على إطلاق دورات تعبئة لقادة وأشبال الكشافة المدرسية.

تدمير منظم

تحدث مصدر مسؤول في جمعية الكشافة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»، عن جملة من التحديات والصعوبات والعراقيل، تواجه العمل الكشفي ناتجة عن الانقلاب والحرب المستمرة، وما أعقب ذلك من أعمال فساد وتدمير حوثي منظم ضد القطاع الكشفي ومنتسبيه.

وحمّل المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، الجماعة الانقلابية مسؤولية العبث والتدمير ضد الكشافة، من خلال مصادرة الموازنة التشغيلية التي كانت معتمدة بعهد حكومات سابقة للحركة الكشفية، متهماً الجماعة بالسعي إلى تحويل ذلك القطاع الشبابي المهم إلى ملكية خاصة تخدم مشروعاتها التدميرية.

واشتكى طلاب في مجموعات كشفية بصنعاء، شاركوا ببرامج تعبئة حوثية، لـ«الشرق الأوسط»، من إلزام الحوثيين لهم بالمشاركة في دورات عسكرية مفتوحة، وتلقي دروس مكثفة تروّج للأفكار «الخمينية»، وتمجد زعيم الجماعة، وتؤكد أحقيته في حكم اليمنيين.

جانب من محاضرة تعبوية يلقيها قيادي حوثي على منتسبي الكشافة في صنعاء (إكس)

ويؤكد «لؤي» وهو قائد فرقة كشفية لـ«الشرق الأوسط»، إرغامه وعدد من زملائه قبل نحو أسبوع على الحضور إلى بدروم تحت الأرض في ضواحي صنعاء، وهو مكان خصصته الجماعة للاستماع إلى محاضرات يُلقيها عليهم معممون حوثيون.

وركّزت الجماعة في برامجها على الجانب الطائفي دون غيره من الجوانب الأخرى المتعلقة بالتحديات التي تواجه العمل الكشفي.

وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة الحوثية فِرق الكشافة بالتلقين، فقد سبق أن أخضعت قبل أشهر ما يزيد على 80 طالباً كشفياً في صنعاء لدورات قتالية، بزعم إكسابهم ما تسميه الجماعة «مهارات جهادية».

ولا يقتصر الأمر على الإخضاع للتطييف فحسب، بل تُجبِر الجماعة منتسبي الكشافة في عدد من المدارس الحكومية على تنفيذ زيارات جماعية إلى مقابر قتلاها، وتنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات تجوب الشوارع، وتهتف بشعاراتها ذات البُعدين الطائفي والسياسي.

وكانت مفوضية الكشافة اليمنية قد أدانت سابقاً قيام الجماعة الحوثية بتجنيد الأطفال بمناطق سيطرتها تحت مسمى «الكشافة المدرسية».

ودعا مفوض عام الكشافة، مشعل الداعري، الكشافة العالمية والمنظمة الكشفية العربية إلى إدانة الممارسات الحوثية، والضغط على الجماعة لوقف تجنيد الطلاب والأطفال الذين يجري استقطابهم للتجنيد والتدريب من المدارس.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلزم قادة وأشبال الكشافة في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها على إلصاق شعار «الصرخة الخمينية» في زيهم الكشفي.