عباءات بتوقيع «دولتشي آند غابانا» تثير جدلاً عالميًا

المصممون العرب غاضبون لافتقادها أي جديد يستحق الحفاوة بها

ستطرح التشكيلة في الشرق الأوسط وفي محلات ميلانو وميونيخ ولندن وباريس -  لمسات «دولتشي آند غابانا» واضحة من خلال الورود والإكسسوارات بسعر 20.000 ريال والحجاب بـ 1.850 ريالا  -  عباءة باللونين الأسود  والأبيض مزينة بالدانتيل بسعر 15.750 ريالا والحجاب بـ 2.700 ريال  -  عباءة باللونين الأسود والبيج تغلب عليها البساطة بسعر 10.500 ريال والحجاب بـ 1.850 ريالا
ستطرح التشكيلة في الشرق الأوسط وفي محلات ميلانو وميونيخ ولندن وباريس - لمسات «دولتشي آند غابانا» واضحة من خلال الورود والإكسسوارات بسعر 20.000 ريال والحجاب بـ 1.850 ريالا - عباءة باللونين الأسود والأبيض مزينة بالدانتيل بسعر 15.750 ريالا والحجاب بـ 2.700 ريال - عباءة باللونين الأسود والبيج تغلب عليها البساطة بسعر 10.500 ريال والحجاب بـ 1.850 ريالا
TT

عباءات بتوقيع «دولتشي آند غابانا» تثير جدلاً عالميًا

ستطرح التشكيلة في الشرق الأوسط وفي محلات ميلانو وميونيخ ولندن وباريس -  لمسات «دولتشي آند غابانا» واضحة من خلال الورود والإكسسوارات بسعر 20.000 ريال والحجاب بـ 1.850 ريالا  -  عباءة باللونين الأسود  والأبيض مزينة بالدانتيل بسعر 15.750 ريالا والحجاب بـ 2.700 ريال  -  عباءة باللونين الأسود والبيج تغلب عليها البساطة بسعر 10.500 ريال والحجاب بـ 1.850 ريالا
ستطرح التشكيلة في الشرق الأوسط وفي محلات ميلانو وميونيخ ولندن وباريس - لمسات «دولتشي آند غابانا» واضحة من خلال الورود والإكسسوارات بسعر 20.000 ريال والحجاب بـ 1.850 ريالا - عباءة باللونين الأسود والأبيض مزينة بالدانتيل بسعر 15.750 ريالا والحجاب بـ 2.700 ريال - عباءة باللونين الأسود والبيج تغلب عليها البساطة بسعر 10.500 ريال والحجاب بـ 1.850 ريالا

أثارت تشكيلة العباءات الراقية التي طرحها الثنائي الٍإيطالي ستيفانو غابانا ودومينيكو دولشتي للمرأة الخليجية مؤخرا، جدلا كبيرا في المنطقة العربية كما في الغرب، وحتى قبل أن تُطرح في الأسواق. ويقول الخبراء بأنك سواء أعجبت بها أم لا فإن المؤكد أنها ستحقق للدار الإيطالية أرباحا طائلة، وهذا هو عز الطلب والفكرة الرئيسية منها على ما يبدو.
فحسب دراسة نشرتها مجلة «فورتشيون» في شهر يوليو (تموز) الماضي، صرفت المرأة المسلمة في عام 2013 نحو 266 مليار دولار أميركي على أزيائها وأحذيتها، وهو رقم يتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2019، وفي تقرير آخر نشرته «فوربس» جاء بأن سوق المنتجات المرفهة في منطقة الشرق الأوسط حقق 8.7 مليار دولار أميركي في عام 2015، أي بزيادة 6.8 مليار دولار عن عام 2014. ويجمع الكل على أن حقائب اليد والأحذية والنظارات الشمسية، تشكل أكبر المبيعات إلى جانب مستحضرات التجميل التي قدرت بـ54 مليار دولار أميركي في عام 2014، ويتوقع أن تصل إلى 80 مليار دولار أميركي بحلول 2020، لأنها الأكثر استعمالا في البيئة الخليجية، فيما كانت العباءات صناعة محلية.
لهذا كان طبيعيا أن لا تتوقف مواقع الإنترنت ووسائل الإعلام وخبراء الاقتصاد عن التحليل والتمحيص، منذ أن نشرت صور العباءات والإكسسوارات التي خص بها دولتشي وغابانا زبونة المنطقة. الإعلام الغربي معجب بها وبفكرتها، من منطلق أنها جريئة وتسلط الأضواء على الثقافة الإسلامية بشكل إيجابي، بينما انقسمت الآراء في المنطقة العربية بين مدافع عنها، من باب الولاء للموضة العالمية والإعجاب بأسلوب المصممين الذي جاء واضحا فيها، وبين رافض من منطلق أنها لم تحمل جديدا يُذكر وبأن مصممين عربا يطرحونها بتصاميم أجمل وأسعار أرخص، بالإضافة إلى إيمانهم بأن الفكرة منها ليست احتضان الثقافة العربية والاحتفال بها بقدر ما هي استغلال ما تمثله وتعد به من أرباح. وفي كل الحالات فإن الضجة في صالح المصممين لأنها تروج للمجموعة بشكل جديد وجيد.
تقول مريم الشيباني، وهي مصممة إماراتية: «هذه المجموعة تؤكد أننا نجحنا في فرض ثقافتنا العربية والخليجية على الغرب، واعترف بأن خطوة دولتشي وغابانا ذكية، لأنني كمصممة، أعرف أن الأذواق تختلف وإرضاء الجميع مستحيل، لهذا تحتاج العملية إلى دراسة طويلة وجهد كبير لكي تحقق النجاح، وبالتالي فإني متأكدة أن التحدي أمامهما كان كبيرا، لا سيما أن العباءة زي مهم في المنطقة، وتحمل الكثير من المعاني الثقافية والحضارية، ما يجعلها لا تتحمل أي خطأ».
ورغم أن مريم تقول إنها سعيدة بوصول العباءة إلى العالمية، فإنها توافق الكثيرات ممن لم يرين في المجموعة أي جديد ومبتكر يستحق كل هذه الضجة والتهليل، بقولها: «من ناحية التصميم، لا أرى أن المصممين قدما جديدا يُذكر، وكل ما قاما به أنهما كررا وقلدا ما هو موجود في السوق المحلي، باستثناء أنهما زادا من احتشامها أكثر من المصممين الخليجيين».
المصمم المغربي الأصل، سعيد محروف كان له رأي مشابه تقريبا حيث قال بأن المجموعة لم تكن لتثير أي انتباه لو أنها كانت لأي مصمم عربي. وأعاد الضجة التي أثيرت حولها إلى اسم «دولتشي أند غابانا» فقط. يقول: «كان من البديهي أن تلفت المجموعة الأنظار، لأن (دولتشي آند غابانا) بيت أزياء أوروبي معروف، ويتعامل مع قطعة عربية ترتبط ارتباطا وثيقا بالتقاليد.. فهذا وحده يكفي ليحدث ضجة». وأضاف: «ما من شك أنها ضربة معلم من الناحية الإعلانية والتجارية، لأنها ستبيع بسرعة لتحقق للدار الكثير من الأرباح، لكن لا بد أن أنوه بأن المصممين العرب يبدعون في هذه القطعة ويطورونها منذ سنوات، ومنطقة الخليج تحتضن حاليا شبابا قادرين على الإبداع فيها أكثر».
ولمح المصمم الذي يتنقل بين المغرب وبين أمستردام ودبي إلى أن صناع الموضة العالمية اكتشفوا منذ فترة «حب نساء منطقة الشرق الأوسط للأزياء والإكسسوارات وأناقتهن التي لا تقبل إلا بالتميز واستغلوا هذه النقطة لصالحهم»، وهو محق في ذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار الدارسات التي تؤكد أن الزبائن العرب أكثر من يحرك سوق المنتجات المترفة عالمية، سواء تعلق الأمر بالأزياء أو الأكسسوارات والمجوهرات أو العطور ومستحضرات التجميل.
رد فعل المصمم السعودي قاسم القاسم كان أكثر حدة، لأنه رأى أن الهدف منها هو الربح أولا وأخيرا، «فالدار الإيطالية لا تمتلك الخلفية الصحيحة ولا تعرف ذوق المرأة الخليجية ومتطلباتها بشكل كبير». يتابع: «أنا ضد تدخل أي دار أزياء عالمية في التصاميم الخليجية، لأننا كمصممين خليجيين لا نفتقد للإبداع، وفيها تحديدا. ثم لا بد من الإشارة هنا إلى أن طريقة التصوير والاعتماد على الإكسسوارات الفخمة وألوانها وزخرفاتها، خصوصا الحقائب، والطريقة التي أبرزت بها كان لها دور كبير في إضفاء عنصر الإبهار على الصورة ككل».
ومع ذلك لم ينكر قاسم القاسم أن بعض النساء سيقبلن على شرائها، لكن «أغلبهن ممن لهن قدرات مادية ويعشقن الماركات العالمية، إلى جانب شريحة أخرى ليست لها ثقة في ذوقها وتشعر بأن كل ما هو عالمي وغال مضمون، وهو ما سيشجع، ماركات عالمية أخرى أن تطرح عباءات خليجية» حسب قوله.
تجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يدخل فيها مصمم أجنبي المنطقة من خلال قطع تحترم ثقافتها وتعكس بيئتها، فقد طرحت كل من مونيك لويلير و«أوسكار دي لارونتا» و«تومي هيلفيغر» أزياء محتشمة بمناسبة رمضان، الشهر الذي بات صناع الموضة يعرفون أن المرأة العربية تصرف فيه مبالغ كبيرة استعدادا له واحتفالا بعيده.
لكن ما يجعل مجموعة «دولتشي آند غابانا» تختلف وتحصل على كل هذه الضجة الإعلامية، هو تجسيدها الجانب الثقافي الإسلامي بأسلوب صريح، إلى حد المبالغة، حسب رأي البعض، بدءا من طريقة وضع ولف الإيشارب حول الرأس إلى خطوط العباءة الواسعة والطويلة. أما من الناحية الفنية والتصميم، فاكتفيا بإضافة لمساتهما الخاصة على تفاصيلها مثل التطريز والورود والدانتيل وما شابه. ويبدو من التعليقات أن احترامهما لأساسياتها وعدم المساس بها لم يشفع لهما لدى المشككين في نواياهما. فهؤلاء يشيرون إلى أن العملية تجارية محضة، بعد أن باتت الأسواق العالمية، من الولايات المتحدة الأميركية إلى أوروبا، تعتمد على الزبون الخليجي، إلى حد أنها تحفظ عن ظهر قلب، مواعيد زياراته ومناسباته. علاوة على هذا، فإن الكثير من أهم بيوت الأزياء، إن لم نقل معظمها، افتتحت محلات رئيسية في عواصم كثيرة بالخليج، نذكر منها «سنتريا مول» بالرياض، الذي أصبح منطقة جذب يشهد افتتاحات جديدة بشكل منتظم، من قبل بيوت الأزياء أو المجوهرات الرفيعة، بعد أن كان الاهتمام منصبا في السنوات الماضية على الصين.
فالمتعارف عليه أن الموضة تتقفى المال أينما كان، بغض النظر عن الآراء الشخصية والتوجهات الدينية والسياسية والثقافية للأسواق، بدليل أن الشرق الأوسط ليست المنطقة الوحيدة التي توجهوا إليها بكل قواهم، فقد كانت لهم جولات وصولات في أسواق الصين واليابان والبرازيل كذلك، ولا ننسى أن دار «هيرميس» قدمت مجموعة من أزياء الساري الهندي منذ بضعة مواسم فقط.
لهذا فإن توجه «دولتشي آند غابانا» إلى نساء الشرق الأوسط بهذا الشكل الصريح والمباشر لا ينعكس سلبا على الدار، بل العكس، يُحسب لهما، لأنهما فكرا فيه قبل غيرهما، كما يمنح القطعة بعدا عالميا، ويغذي رغبة المرأة الخليجية في أن تحمل عباءتها توقيعا عالميا. ثم إن الملاحظ في الآونة الأخيرة أن العباءة تلهب الخيال والفضول في الغرب. في البداية لم تكن النظرة إليها إيجابية على أساس أنها أداة من أدوات استعباد المرأة تمثلها كتابعة للرجل، لكنهم سرعان ما بدأوا ينتبهون إلى جمالياتها بفضل شابات يفتخرن بارتدائها في العواصم الأوروبية مع بنطلونات جينز ضيقة وأحذية لوبوتان تظهر من تحتها لتؤكد سحر غموضها وإتقان المرأة العربية لفنون الأناقة مع احترامهن لثقافتهن. وبالتدريج تقبلت العين العباءات السوداء ثم استحلتها، وهذا ما يجعل المعجبين بها ينتقدون عباءات «دولتشي آند غابانا»، فهي باعتقادهم لم تلهب خيالهما بدرجة كافية، وبالتالي لم يبدعا فيها بأسلوب جديد ومبتكر لم يفكر فيه أبناء المنطقة من قبلهما. ما يزيد من حدة النقاش أنها ستطرح بأسعار باهظة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن فستانا طويلا من تشكيلتهما لربيع وصيف 2016 يقدر بـ7.070.00 دولار أميركي، بينما وشاح منقوش بـ484 دولارا.



الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.