«الرياض» تتحول إلى عاصمة موضة ومركز جذب للشركات العالمية

بيوت الأزياء والجواهر تتسابق لافتتاح محلات ضخمة وفاخرة فيها

المتسوق السعودي لا يقبل إلا بالمتميز وهذا ما يجعل بيوت الأزياء تتوجه له بشكل مكثف مؤخرا، وفي عقر داره  -  جانب من محل «ديور» للعطور ومنتجات التجميل في «حياة مول» بالرياض الذي افتتح قبل بضعة أسابيع
المتسوق السعودي لا يقبل إلا بالمتميز وهذا ما يجعل بيوت الأزياء تتوجه له بشكل مكثف مؤخرا، وفي عقر داره - جانب من محل «ديور» للعطور ومنتجات التجميل في «حياة مول» بالرياض الذي افتتح قبل بضعة أسابيع
TT

«الرياض» تتحول إلى عاصمة موضة ومركز جذب للشركات العالمية

المتسوق السعودي لا يقبل إلا بالمتميز وهذا ما يجعل بيوت الأزياء تتوجه له بشكل مكثف مؤخرا، وفي عقر داره  -  جانب من محل «ديور» للعطور ومنتجات التجميل في «حياة مول» بالرياض الذي افتتح قبل بضعة أسابيع
المتسوق السعودي لا يقبل إلا بالمتميز وهذا ما يجعل بيوت الأزياء تتوجه له بشكل مكثف مؤخرا، وفي عقر داره - جانب من محل «ديور» للعطور ومنتجات التجميل في «حياة مول» بالرياض الذي افتتح قبل بضعة أسابيع

«السوق السعودية أصبحت وجهة مهمة للماركات العالمية، بعد أن أثبت المواطن السعودي أنه زبون يتمتع بذوق رفيع، ويتوق لمنتجات ذات جودة عالية بغض النظر عن سعرها»، بهذا استهل جميل عبد الرحمن القنيبط، الوكيل الحصري لعدد من الماركات العالمية، مثل «إيتام» و«كاش كاش» وغيرها حديثه. وهو رأي يوافقه عليه كثير من الوكلاء السعوديين بقولهم إن «الرياض من عواصم العالم المهمة فيما يخص الموضة».
وأكد القنيبط أن ما يشاع بأن البضائع التي تصل السوق السعودية قديمة، مثلا، ليس صحيحا، لأن المستهلك السعودي ليس بسيطا إلى هذا الحد، بل يتابع الجديد في الموضة، وبالتالي يتوقع أن يعامل باحترام وتقدير. وبالنظر إلى ما يجري في العاصمة الرياض، فإن عبد الرحمن القنيبط على حق، فكثير من بيوت العالمية من «لويس فويتون» إلى «شانيل» و«ديور» تتسابق أن يكون لها وجود فيها من خلال محلات مستقلة تتوفر على كل عناصر الجذب والإغراء، بدءا من الخدمات المتطورة إلى المنتجات الحصرية والفريدة. فالسعودي مُقدر عالميا كزبون يعرف ما يريد ولا يتردد في شراء ما يعجبه طالما يتميز بالجودة. «ديور» مثلا افتتحت محلها الثاني للأزياء والإكسسوارات في «سنتريا مول» منذ بضعة أشهر، أتبعته مؤخرا بمحل للعطور ومستحضرات التجميل في «الحياة مول»، ليكون بيتها للعطور ومنتجات التجميل التي لا تتوفر سوى في باريس. ليس هذا فقط، فهي تنوي أن تقدم خدمات حصرية أيضا منها غرف استشارات خاصة يقدمها خبراء عطور وأخصائيون في العناية بالبشرة. وكان من الطبيعي أن يأتي المحل ضخما وفخما حتى يعكس أهمية هذه السوق بالنسبة للدار الفرنسية. فهو يمتد على مساحة تبلغ 90 مترا مكعبا بديكور فخم تزينه رسومات مطلية بالورنيش الأسود وظلال إضاءة من النيون ومرايا ضخمة حتى يكون «أهلا للزبون السعودي» حسب قول الدار. وهذا يعني أن كل ما يمكن أن يتوق إليه الزبون السعودي من المنتجات المتوفرة في باريس، سيجده هنا، بدءا من عطورها الشهيرة مثل «ميس ديور» و«جادور» إلى مجموعاتها الخاصة جدا «كوليسيون بريفيه كريستيان ديور» التي ابتكرها عطارها فرنسوا ديماشي ولا تتوفر في كل العواصم والمحلات.
«لويس فويتون» بدورها افتتحت محلها الثاني في «سنتريا مول» مؤكدة بأن «الرياض أصبحت وجهة مهمة للتسوق الراقي». يضم المحل كل ما يخطر على البال من أزياء وإكسسوارات تعكس حرفية الدار وإرثها العريق، فضلا عن منتجات حصرية للمنطقة. مثلا، وفي مناسبة الافتتاح، قدمت حذاء «أي لاين» Eyeline وهو مصنوع من جلد البايثون الذهبي، ومكتوب عليه من داخل كلمة «رياض» للمرأة السعودية.
كل هذا يشير إلى أن تسابق بيوت الأزياء، من «هاكيت» إلى «دانهيل» التي ستفتتح أول محل لها في الشهر المقبل، و«شانيل» و«لويس فويتون» و«ديور» و«بيربري»، على أن يكون لهم حضور في المنطقة، له ما يبرره، مع أن عبد الرحمن القنيبط يؤكد بأن جاذبية السوق لا تعود لقدراتها الشرائية فحسب بل أيضا لذوق أهلها وتذوقهم لكل ما هو متميز وفريد.
من جهته، يرى أنس الملّا، المدير التسويقي لمجموعة الحكير، وهي مجموعة تدير كثيرا من الأسماء العالمية مثل «زارا» «غاب»، «ألدو» وغيرها، أن الذوق السعودي لا يختلف كثيرا عن الذوق العالمي، مضيفا أن هذه الافتتاحات لا تخدم بيوت الأزياء العالمية فقط، بل تغطي حاجة السوق ومتطلباتها للجديد. «فحجم الطلب في السوق السعودية في زيادة مستمرة، وبالتالي فإن توسع المجمعات التجارية له تأثير إيجابي جدا» حسب قوله. تجدر الإشارة إلى أنه توسع بدأ منذ سنوات، وإن شهد أوجه في العام مؤخرا، ففي عام 2005، دخلت «شانيل» سنتريا مول من خلال محل تعرض فيه جواهرها الراقية عززته بمحلات أخرى مع الوقت. ويعلق بنجامين كومار مديرها في قسم الجواهر بأن منطقة الشرق الأوسط كانت دائما سوقا مهمة بالنسبة لـ«شانيل»، فحتى في ذروة الأزمة الاقتصادية العالمية، لم تغير الدار استراتيجياتها بمحاولة التقتير وتقليص عملياتها مثلا، بل العكس وطدت هذه العلاقة واستمرت في التوسع وافتتاح محلات أخرى، لأن الاستثمار بالنسبة لها يجب أن يكون من جهتين.



هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
TT

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

صناع الموضة وعلى غير عادتهم صامتون بعد فوز دونالد ترمب الساحق. السبب أنهم خائفون من إدلاء آراء صادمة قد تُكلفهم الكثير بالنظر إلى أن الناخب الأميركي هذه المرة كان من كل المستويات والطبقات والأعراق والأعمار. وهنا يُطرح السؤال عما ستكون عليه علاقتهم بميلانيا ترمب، بعد أن عبَّر العديد منهم رفضهم التعامل معها بأي شكل من الأشكال بعد فوز ترمب في عام 2016.

بدت ميلانيا هذه المرة أكثر ثقة وقوة (دي بي آي)

المؤشرات الحالية تقول بأنه من مصلحتهم إعادة النظرة في علاقتهم الرافضة لها. فميلانيا عام 2024 ليست ميلانيا عام 2016. هي الآن أكثر ثقة ورغبة في القيام بدورها كسيدة البيت الأبيض. وهذا يعني أنها تنوي الحصول على كل حقوقها، بما في ذلك غلافها الخاص أسوة بمن سبقنها من سيدات البيت الأبيض.

تجاهُلها في الدورة السابقة كان لافتاً، وفيه بعض التحامل عليها. فصناع الموضة بقيادة عرابة الموضة، أنا وينتور، ورئيسة مجلات «فوغ» على مستوى العالم، كانوا موالين للحزب الديمقراطي ودعموه بكل قواهم وإمكانياتهم. جمعت وينتور التبرعات لحملات كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون ثم كامالا هاريس، ولم تُخف رفضها لما يمثله دونالد ترمب من سياسات شعبوية. شاركها الرأي معظم المصممين الأميركيين، الذين لم يتأخروا عن التعبير عن آرائهم عبر تغريدات أو منشورات أو رسائل مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي. كانت ميلانيا هي الضحية التي دفعت الثمن، وذلك بعدم حصولها على حقها في تصدر غلاف مجلة «فوغ» كما جرت العادة مع من سبقنها. ميشيل أوباما مثلاً ظهرت في ثلاثة إصدارات.

أسلوبها لا يتغير... تختار دائماً ما يثير الانتباه وأناقة من الرأس إلى أخمص القدمين

لم ترد ميلانيا حينها، ربما لأنها لم تكن متحمسة كثيراً للعب دورها كسيدة البيت الأبيض وكانت لها أولويات أخرى. تركت هذا الدور لابنة ترمب، إيفانكا، مُبررة الأمر بأنها تريد التفرغ وقضاء معظم أوقاتها مع ابنها الوحيد، بارون، الذي كان صغيراً ويدرس في نيويورك. لكن الصورة التي تداولتها التلفزيونات والصحف بعد إعلان فوز ترمب الأخير، كانت مختلفة تماماً عن مثيلتها في عام 2016. ظهرت فيها ميلانيا أكثر ثقة واستعداداً للقيام بدورها. والأهم من هذا فرض قوتها.

طبعاً إذا تُرك الأمر لأنا وينتور، فإن حصولها على غلاف خاص بها مستبعد، إلا أن الأمر قد يتعدى قوة تأثير أقوى امرأة في عالم الموضة حالياً. فهي هنا تواجه عدداً لا يستهان به من القراء الذين انتخبوا ترمب بدليل النتائج التي أثبتت أنه يتمتع بقاعدة واسعة من كل الطبقات والمستويات.

في كل زياراتها السابقة مع زوجها كانت تظهر في قمة الأناقة رغم رفض الموضة لها

ميلانيا أيضاً لعبت دورها جيداً، وقامت بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة. عكست صورة جديدة تظهر فيها كشخصية مستقلة عن زوجها وسياساته، لا سيما بعد تصريحاتها خلال الحملة الانتخابية بأنها تدعم حق المرأة في الإجهاض، مؤكدة أن هذا قرار يخصها وحدها، ولا يجب أن يخضع لأي تدخل خارجي، وهو ما يتناقض مع موقف زوجها بشأن هذه القضية التي تُعد رئيسية في الانتخابات الأميركية. كتبت أيضاً أنها ملتزمة «باستخدام المنصة ودورها كسيدة أولى من أجل الخير».

أسلوبها لا يروق لكل المصممين لكلاسيكيته واستعراضه للثراء لكنه يعكس شخصيتها (أ.ف.ب)

كانت رسائلها واضحة. أعلنت فيها للعالم أنها ذات كيان مستقل، وأن لها آراء سياسية خاصة قد لا تتوافق بالضرورة مع آراء زوجها، وهو ما سبق وعبرت عنه في مكالمة شخصية مع صديقة تم تسريبها سابقاً بأنها ترفض سياسة زوجها في فصل أطفال المهاجرين عن عائلاتهم، وأنها أصيبت بالصدمة عندما علمت بها. وبالفعل تم التراجع عن هذا القرار في يونيو (حزيران) 2018 بعد عاصفة من الجدل.

وحتى إذا لم تُقنع هذه التصريحات أنا وينتور وصناع الموضة، فهي تمنح المصممين نوعاً من الشرعية للتراجع عن تعهداتهم السابقة بعدم التعامل معها. بالنسبة للموالين لدونالد ترمب والحزب الجمهوري، فإن الظلم الذي لحق بميلانيا ترمب بعدم احتفال صناع الموضة بها، لا يغتفر. فهي لا تفتقد لمواصفات سيدة البيت الأبيض، كونها عارضة أزياء سابقة وتتمتع بالجمال وأيضاً بذوق رفيع. ربما لا يعجب ذوقها الكل لميله إلى العلامات الكبيرة والغالية، إلا أنه يعكس شخصية كلاسيكية ومتحفظة.

وحتى إذا لم تنجح أنا وينتور في إقناع المصممين وبيوت الأزياء العالمية، وتبقى على إصرارها عدم منحها غلافها المستحق في مجلة «فوغ»، فإن صوت الناخب المرتفع يصعب تجاهله، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. وهذا ما يعود بنا إلى طرح السؤال ما إذا كان من مصلحة صناع الموضة الأميركيين محاباة ميلانيا وجذبها لصفهم. فقوتها هذه المرة واضحة وبالتالي سيكون لها هي الأخرى صوت مسموع في تغيير بعض السياسات، أو على الأقل التخفيف من صرامتها.

إيجابيات وسلبيات

لكن ليس كل صناع الموضة متخوفين أو قلقين من دورة ثانية لترمب. هناك من يغمره التفاؤل بعد سنوات من الركود الاقتصادي الذي أثر بشكل مباشر على قطاع الموضة. فعندما يقوى الاقتصاد الأميركي فإن نتائجه ستشمل كل القطاعات. ربما تتعلق المخاوف أكثر بالتأشيرات وزيادة الضرائب على الواردات من الصين تحديداً. فهذه أكبر مورد للملابس والأنسجة، وكان صناع الموضة في الولايات المتحدة يعتمدون عليها بشكل كبير، وهذا ما جعل البعض يستبق الأمور ويبدأ في تغيير سلاسل الإنتاج، مثل شركة «بوما» التي أعلنت أنها مستعدة لتغيير مورديها لتفادي أي عوائق مستقبلية. الحل الثاني سيكون رفع الأسعار وهو ما يمكن أن يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين بنحو 50 مليار دولار أو أكثر في العام. فتهديدات ترمب برفع التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 60 في المائة لا بد أن تؤثر على المستهلك العادي، رغم نيات وقناعات ترمب بأن تحجيم دور الصين سيمنح الفرص للصناعة الأميركية المحلية. المشكلة أنه ليس كل المصممين الذين يتعاملون مع الموردين والمصانع في الصين منذ سنوات لهم الإمكانيات للبدء من الصفر.