فضل شاكر.. من «أمير الرومانسية» إلى «مطلوب للإعدام»

مسيرة الفنان اللبناني الشهير صاحب الصوت العذب.. انقلبت خلال سنتين رأسا على عقب

فضل شاكر.. من «أمير الرومانسية» إلى «مطلوب للإعدام»
TT

فضل شاكر.. من «أمير الرومانسية» إلى «مطلوب للإعدام»

فضل شاكر.. من «أمير الرومانسية» إلى «مطلوب للإعدام»

من «أمير الرومانسية» إلى «مطرب متطرف مطلوب للإعدام».. هكذا يمكن اختصار مسيرة الفنان اللبناني صاحب الصوت الراقي والعذب فضل شاكر.
هذا التحول الجذري في حياته جعله يترك بصمة صادمة لدى جمهوره ومحبيه في لبنان والعالم العربي، فهو الذي يجمع عارفوه على أنه كان بعيدا كل البعد عن العنف والتعصب الديني، تحول خلال سنتين إلى متطرف لا يفارق الشيخ السلفي أحمد الأسير الداعي إلى «نصرة أهل السنة»، رافعا لواء الدفاع عن الثورة السورية.
شيئا فشيئا، بدأت مواقف شاكر تتصاعد مذهبيا وسياسيا على طريق الأسير، لتصل إلى التصويب المباشر على حزب الله اللبناني وأمينه العام حسن نصر الله الذي يدعم النظام السوري. أما الصدمة الكبرى فكانت في يونيو (حزيران) الماضي، إثر المعارك التي شهدتها صيدا (في جنوب لبنان) بين عناصر الأسير والجيش اللبناني، والتي انتهت بفرار كل من الأسير وشاكر إلى جهة مجهولة، وتحولهما إلى مطلوبين للعدالة، إلى أن أصدر الأسبوع الماضي، قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، قراره الاتهامي بملف حوادث عبرا طالبا الإعدام لهما ولـ55 آخرين. وفي رد منه على هذا القرار، علق شاكر، المتواري عن الأنظار، عبر موقع «تويتر» قائلا: «هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. هذا افتراء وظلم ما بعده ظلم، لم أقاتل ولم أقتل أحدا يوما ما». وفيما ترجح بعض المعلومات هروب كل من الأسير وشاكر إلى مخيم عين الحلوة الفلسطيني في صيدا، بات مؤكدا مقتل شقيق شاكر، عبد الرحمن، الذي كان يشغل منصب المسؤول العسكري لدى الأسير، الذي كان له الدور الأبرز في التبدل الذي طرأ على حياة أخيه.
ومنذ أحداث صيدا، لا يزال ظهور شاكر مقتصرا على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما «تويتر». وقد أطلق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنشودة بمناسبة «عيد الميلاد»، وأصدر بعدها بيانا، معلنا فيه عدم صلته بالحسابات التي تحمل اسمه، باستثناء واحد، لا سيما أن المزيفة منها تظهره في صورة المحرض على القتل والتفجيرات ومحاربة الجيش اللبناني. وقال شاكر إن إطلاقه الأنشودة جاء لتوضيح ما يحمله الدين الإسلامي من احترام للدين المسيحي. وختم بيانه: «أنا لست إرهابيا أو تكفيريا.. أنا لبناني مسلم، وحقي أن أعيش فيه بكرامتي، رافضا الظلم من أحد أو على أحد».
هذا التحول الذي طرأ على حياة شاكر، والذي وإن لاقى ردود فعل سلبية من عدد كبير من عارفيه وأصدقائه في الوسط الفني والشعبي في لبنان والدول العربية، لا يزال يشكل صدمة بالنسبة لبعض من عمل معه.. «منذ بدايته الفنية عرف شاكر برقته وكرمه ومحبته لأصدقائه من مختلف الطوائف. لم تكن يظهر عليه أي إشارات أو سلوك يعكس تعصبه أو تطرفه»، بهذه الكلمات يصفه ناصر الأسعد، قائد أوركسترا شاكر السابق، الذي رافقه منذ عام 1995 حتى عام 2010. فيما يعد الموزع الموسيقي بلال الزين صورة شاكر التي أظهرته مجرما أنها لا تمت إلى حقيقة هذا الفنان بصلة، مؤكدا «لا يمكنه أن يقتل صرصورا».
ويقول الأسعد لـ«الشرق الأوسط»: «فضل من أكرم وأطيب الأشخاص الذين عرفتهم في حياتي، لكنني أعتقد أنه ضحية الوضع السياسي والطائفي المتردي في لبنان. كان محبا وصادقا وصدوقا مع كل من حوله. معظم أصدقائه المقربين منه كانوا مسيحيين، ومدير أعماله كان كذلك. رغم أنه إنسان مؤمن، فإنه لم يكن يتعامل بطائفية أو تعصب مع أحد»، مضيفا: «التحول الأكبر في حياة شاكر بدأ يظهر في عام 2010، حين أعلن في برنامج (تاراتاتا) أنه سيعتزل الفن عندما ينتهي تعاقده مع شركة (روتانا)». ولا يخفي الأسعد انزعاجه وتأثره من هذا التحول في حياة صديقه وكذلك اعتزاله، وهو ما سبق له أن عبر له عنه مرارا خلال اللقاءات التي كانت تجمعهما، لافتا إلى أنه بقي على تواصل دائم مع شاكر، وكان آخر اتصال بينهما قبل ثلاثة أيام من أحداث صيدا، لكن شاكر كان يبدو مقتنعا وواثقا بما يقوم به رافضا كل ما هو عكس ذلك.
ويعزو سبب التطرف الذي وصل إليه شاكر في الفترة الأخيرة، إلى تأثير وضغوط نفسية ومعنوية ومذهبية تعرض لها من الذين حوله. وبتأثر وحزن يعبر الأسعد عن صدمته من رؤية صديقه في مشاهد لا تعكس حقيقة هذا الإنسان، وفق تعبيره، لا سيما تلك التي ظهر فيها حاملا السلاح، واصفا الفيديو الذي ظهر فيه يعلن عن مقتل اثنين من حزب الله، بـ«الخطأ الكبير».
بلال الزين، الموزع الموسيقي الذي تعاون مع شاكر في أعمال كثيرة حققت نجاحات مميزة، يقول: «ما وصل إليه شاكر هو نتيجة لما يحصل في لبنان، ومن الظلم تصويره مجرما بهذه الطريقة. لا يمكن الحكم على ما حصل انطلاقا من وجهة نظر شخصية، بل الأمر يتطلب تحقيقا شفافا لإظهار الحقيقة». واستنكر الزين الأصوات التي علت متهمة شاكر بـ«المجرم»، كما أبدى استغرابه من الصورة التي ظهر فيها شاكر وكأنه يفاخر بقتل شخصين، واصفا إياه بـ«الحساس والهادئ، وهو ليس عنيفا، ولا يمكن أن يكون كذلك». ويعرب عن اعتقاده أن «أمورا كثيرة أدت إلى استفزاز شاكر وإلى هذا التحول في تفكيره وحياته، لكن ما يمكنني قوله هو أن شهرته وامتلاكه المال انعكس عليه سلبا، ووقع في حفرة حفرت له».
وعلى الرغم من أن شاكر لم يكن عضوا في نقابة الموسيقيين أو الفنانين، فإن نقيبة الفنانين المحترفين في لبنان سميرة بارودي رأت أن «الفنان كأي شخص آخر حر في تصرفاته وخياراته السياسية والدينية. كما تعتزل بعض الفنانات وترتدي الحجاب، قرر شاكر الاعتزال، لكن ما نرفضه هو حمل السلاح»، مضيفة: «بصفتنا مواطنين لبنانيين نحن ضد أي شخص يحمل السلاح في لبنان، وهذا الأمر لا يمكن تبريره. فحماية الناس هي مسؤولية الدولة والجيش، وعلينا تركهما يقومان بمهمتهما كما يجب».
ويبدو واضحا أن نشأة شاكر (45 عاما) وتربيته في مخيم عين الحلوة في صيدا ساهمت إلى حد كبير في هذا التبدل، فهو الذي ولد من أم فلسطينية وترعرع بين أحياء المخيم مغنيا على أسطح مبانيه وفي أعراسه الشعبية، عاد وبعدما اعتلى أهم المسارح العربية والعالمية إلى بيئته الأولى، متخليا عن نجوميته وممتلكاته، وأهمها مطعم «ألحان» الذي كان يملكه في صيدا، ومنزله الفخم، ليسكن في إحدى الشقق فيما عرف بـ«المربع الأمني» التابع للأسير. وقبل «اختفائه» بفترة قصيرة، كان قد بدأ بحملة لمساعدة المدمنين على المخدرات في منطقته وتقديم الدعم المادي لهم ومعالجتهم في مراكز متخصصة.
حتى زواجه لم يكن عاديا، فهو الفنان الرومانسي.. اختار أن يطلب يد الفتاة التي كانت حاضرة في إحدى حفلاته بأن تطلب أغنية لجورج وسوف كموافقة منها على الزواج به، وكان له ذلك في عام 1989، وهو في سن العشرين.
حياته وتربيته الفقيرة التي سبق لشاكر أن تكلم عنها، شكلت في ما بعد مادة دسمة لمعارضي مواقفه السياسية، لا سيما المتطرفة منها، مما جعل بعض الأصوات ترتفع لإدانته، بحجة أنه فلسطيني ولا يحق له التدخل في السياسة اللبنانية، وهو ما نفاه مرات عدة، مؤكدا أنه لبناني ولكن له الشرف أن يكون فلسطينيا، وهو الأمر الذي جعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يمنحه جنسية فخرية، لتعود بعدها وتظهر مطالبات بسحبها منه.
ظهور شاكر للمرة الأولى بصورته الجديدة «ملتحيا سلفيا» كانت في شتاء عام 2012، وهو ما فاجأ الجميع، واستدعى ردود فعل متناقضة تبعتها شائعات كثيرة تفيد باعتزال شاكر، ليعود بعدها وينفيها، مؤكدا أن لديه رسالة عليه تأديتها، وبأنه سيغني للحصول على المال ودعم الثورة السورية. ولم يتردد في الدفاع عن السلفيين بالقول: «أؤيد السلفيين وأنا معهم، هم مسلمون ليسوا متشددين، بل تابعون للسلف الصالح وللنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)»، مضيفا: «كنت قد أعلنت أنني سأعتزل الفن لأنه محرم، لكن أؤمن بأنني أحمل رسالة لا بد من إيصالها قبل الاعتزال، وسأدعم الثورة السورية والنازحين السوريين وكل شخص مضطهد».
ومنذ ذلك الحين، توالت إطلالات شاكر، ومنها تلك التي أكد فيها اعتزاله، عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر»، قائلا: «انتصارا لنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، واعتذارا منا لتقصيرنا بحقه، أعلن اعتزالي من دون تردد أو رجوع، وذلك قربةً إلى الله عز وجل».
وفي نهاية يناير (كانون الثاني) 2013 أطل شاكر على قناة «روتانا خليجية»، عبر برنامج «لقاء الجمعة» متحدثا بشكل صريح ومباشر عن اعتزاله الفن، ومواقفه السياسية والدينية، مشيرا إلى أنه سيوظف صوته الجميل في الأناشيد الدينية، وشاركه في الحلقة الشيخ الأسير الذي قال إن فضل كان ولا يزال الداعم الأساسي والمباشر له ولأنصاره.
وفي الإطلالة نفسها لم يسلم الوسط الفني من انتقادات شاكر واصفا إياه بـ«الوسخ» وبأن قلوب الفنانين سوداء وأن الغيرة تسيطر على العلاقات فيما بينهم. وذكر أنه وصل إلى مرحلة صار يعد نفسه فيها شريكا في الدعوة إلى الإثم لإيقاع الناس بالمعصية، كونه كان يدعو في أغانيه إلى الحب والغرام. وأقسم بأن رصيده من أموال الفن بلغ 400 أو 500 ألف دولار، صرفت بشكل كامل، مشيرا إلى أن «أموال الفن تخلو من البركة»، وأكد أنه باع جميع العقارات التي كان يملكها من مدخول الفن باستثناء عقار واحد. وفي إطلالة ثانية على «قناة الرحمة»، في مارس (آذار) 2012، أعلن أن قرار الاعتزال كان نتيجة تردده على مسجد بلال بن رباح، والاستماع الجيد للشيخ الأسير، كاشفا عن تعرضه لعمليات تهديد من قبل النظام السوري ومن الموالين له في لبنان.
علاقة «شاكر - الأسير» تعمقت أكثر فأكثر مع التحركات السياسية و«الترفيهية» التي قام بها الأخير، حاملا لواء «الانفتاح على الآخر» ومواجهة سلاح حزب الله ودعم المعارضة السورية في الوقت عينه، قبل أن تصيبهما سهام الشائعات التي تمحورت حول خلافات مالية و«نسائية»، لافتة إلى خلاف بين الطرفين، وعزز هذه الفرضية مشاركة شاكر في مهرجان نظمته الجماعة الإسلامية في صيدا، الأمر الذي نفاه شاكر لاحقا، وأكده المسؤول السياسي لدى الجماعة الإسلامية في صيدا بسام حمود لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «علاقتنا بشاكر لم تتعد مشاركته في مهرجان صيدا حيث كان أحد المنشدين فيه». وفي حين أكد حمود ألا معلومات لديه عن مصير شاكر والأسير، لفت إلى أنه التقى شاكر مرة واحدة، وكان واضحا من سلوك الأخير أنه لا يملك الثقافة السياسية ويتكلم بعفوية بعيدا عن أي عمق أو خلفية سياسية، مضيفا: «وقدمت حينها نصيحة له بعدم التهور واعتماد أسلوب الإهانات الذي قد يؤدي به إلى الملاحقة القانونية، مهما كان الخلاف السياسي كبيرا مع أي طرف كان، وأبدى حينها تجاوبا، إلى أن فوجئنا بما حصل في عبرا».
وكان شاكر يتباهى بعلاقته مع الأسير من خلال نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، عددا من الصور التي تجمعهما في مناسبات عدة، وهي تعكس مدى العلاقة التي كانت تربط هذا الثنائي. وكما في الاعتصامات واللقاءات السياسية في عدد من المناطق اللبنانية، كانت هذه الصور تظهر الاثنين وهما يلعبان «بينغ بونغ»، كما في رحلة التزلج إلى «فاريا» التي حملت بدورها علامات استفهام وأدت إلى مواجهات بين الأسير وأنصاره من جهة والقوى الأمنية وبعض أهالي المنطقة الذين وصفوا الزيارة بـ«الاستفزازية»، إضافة إلى ذهابهما إلى طرابلس في شمال لبنان، في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2012، لاستقبال جثامين اللبنانيين الذين سقطوا فيما عرف بـ«كمين تلكلخ» في سوريا.
ومن ضمن المواقف المؤيدة للثورة التي وصلت إلى أقصاها خلال الأشهر الأولى من عام 2013، كان مقطع الفيديو الذي ظهر فيه معلنا «عن تشكيل كتائب مقاومة حرة لنصرة أهل سوريا وتجهيز الشباب المسلم الذي يريد الدفاع عن أعراض المسلمات في سوريا»، مطالبا «الراغبين في تقديم الدعم المعنوي والمادي للجهاد في سوريا بالتواصل معه على بريده الإلكتروني».
لكن وفي شهر مايو (أيار) الماضي، خرق مطرب الرومانسية قرار اعتزاله بمشاركته في مهرجان « موازين» المغربي، معتليا المسرح ومغنيا العديد من أغنياته، من دون أن يتخلى عن «قضيته» في دعم المعارضة السورية، فإذا به يطلب فجأة من جمهوره أن يردد بعده «آمين» على بعض الأدعية التي أطلقها ضد بشار الأسد، مكررا مرات عدة «منك لله يا بشار» و«الله يدمر الأسد».
ومما لا شك فيه أنه كان لهذه المواقف الهجومية نتائجها السلبية على شاكر الذي لم يكن يتنقل في الفترة الأخيرة من دون مرافقين، وبدا ذلك واضحا من خلال الاعتداء الذي تعرض له منزله في صيدا، إثر معارك عبرا الأولى التي وقعت في 18 يونيو (حزيران) الماضي، بين حزب الله وأنصار الأسير، واتهم شاكر حزب الله وحركة أمل بتدبير هذا الاعتداء، وتوعد بالانتقام إذا لم يجر رد المقتنيات التي قال إنها تقدر بمليون دولار أميركي.
ورغم أنه كان قد عرض هذه الفيللا للبيع ليدعم بثمنها المعارضة السورية، فإنها لم تصمد طويلا، وأخذت نصيبها من الإحراق يوم اشتباكات عبرا في 23 يونيو الماضي، بعدما كانت قد صدرت بحقه في 8 يونيو الماضي، مذكرة توقيف بتهمة محاولته مع شقيقه قتل رجل الدين السني الموالي لحزب الله ماهر حمود، في مدينة صيدا.
أما ردود فعل جمهور شاكر لبنانيا وعربيا، فكان تناقضها واضحا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. ففي حين لقي دعم جزء منهم، واصفين إياه بـ«البطل»، كان الجزء الأكبر له بالمرصاد، واصفين إياه بـ«الإرهابي»، بينما ردد بعضهم عبارة: «من التأثير إلى الأسير ونهايته الأسر».
لكن، ومهما كانت ردود الفعل حول تحول هذا الفنان الرومانسي إلى مقاتل، فإن مسيرته الفنية و«الاعتزالية» ستبقى، على خلاف غيره، راسخة في أذهان جمهوره؛ كل حسب وجهة نظره. فهو نجح على امتداد نحو 20 عاما، أن يرسم هوية خاصة به لم يستطع أحد منافسته عليها، وعندما قرر أن يتوقف عن الغناء لم يكن أيضا اعتزاله عاديا.. هو القائل: «فني لم يعد يشرفني»، وطالب جمهوره بعدم سماع أغنياته لأنه يشعر أنه يشارك في الإثم، ولا تكاد صورته ممسكا بيد الفنانة يارا في «فيديو كليب» أغنية «خذني معك»، تغيب عن ذاكرة محبي أغنياته الرومانسية وهم يشاهدون مطربهم في صورته الجديدة.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.