لبنان: التحالفات السياسية تترنح على وقع الترشيحات الرئاسية

مراقبون يتحدثون عن «مرحلة انتقالية» تشهد خلطًا غير مسبوق للأوراق

لبنان: التحالفات السياسية تترنح على وقع الترشيحات الرئاسية
TT

لبنان: التحالفات السياسية تترنح على وقع الترشيحات الرئاسية

لبنان: التحالفات السياسية تترنح على وقع الترشيحات الرئاسية

لم تمر التحالفات السياسية القائمة في لبنان منذ عام 2005 في مرحلة اختبار قاسية كالتي تمر بها اليوم على وقع الترشيحات لرئاسة الجمهورية. فإقدام تيار «المستقبل» على تبني ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الحليف والصديق المقرب لحزب الله والنظام السوري، وتهديد حزب «القوات» حليف «المستقبل» بالرد على العملية بتبني ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وهو الآخر أحد أبرز مكونات فريق 8 آذار، كلها تطورات تمهد لمشهد سياسي جديد تتبلور ملامحه النهائية بعد انتخاب رئيس للبلاد، على أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة مفصلاً أساسيًا يحدد التوجهات السياسية الجديدة للأحزاب والتيارات اللبنانية.
تمسك فريقا الصراع اللبناني 8 و14 طوال الفترة الماضية وبالتحديد منذ شغور سدة الرئاسة في مايو (أيار) 2014 بمرشحين رئاسيين من كنفهما ينقلان توجهاتهما السياسية إلى سدة الرئاسة الأولى، من خلال إجماع مختلف مكونات 14 آذار على دعم جعجع، واتفاق معظم مكونات 8 آذار على ترشيح عون، لم يدم طويلاً، نظرًا لاقتناعهما بعدم قدرة أي منهما على تأمين نجاح مرشحه والقفز فوق إرادة الفريق الخصم لافتقادهما الأكثرية التي تخول لهما تأمين النصاب القانوني لأي جلسة نيابية تحدد لانتخاب رئيس.
وقد أدّت محاولة رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري إحداث خرق في جدار المراوحة الرئاسية من خلال تبني ترشيح فرنجية نهاية العام الماضي، إلى زعزعة أساسات الفريقين المتصارعين، بعد احتدام الخلاف بين عون وفرنجية من جهة وبين الحريري وجعجع من جهة أخرى. وعلى الرغم من كل المحاولات المستمرة لاستيعاب هذا الاختلال بالتوازن وبذل حزب الله جهودًا كبيرة لرأب الصدع بين حليفيه المسيحيين (عون وفرنجية)، فإن المعطيات تؤكد أن فريقي 8 و14 يتداعيان لصالح قيام تحالفات جديدة تتضح معالمها في المرحلة المقبلة، وهو ما أشار إليه الوزير السابق كريم بقرادوني معتبرًا أن «حركتي 8 آذار و14 آذار فقدتا مضامينهما». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نمر بمرحلة انتقالية يتم خلالها خلط الأوراق على مشارف الانتخابات الرئاسية، مع التأكيد أن ما قبل هذه الانتخابات لن يشبه ما سيأتي بعدها». ورأى بقرادوني أن الذهاب لمرحلة وتحالفات جديدة «أمر حتمي»، لافتًا إلى أن «ما يجري بين (القوات) و(التيار الوطني) يشبه إلى حد كبير ما جرى بين حركة (أمل) و(حزب الله) قبل 20 عامًا حين كانا في مرحلة من التصادم والاقتتال، ومن ثم تحولا إلى ثنائي شكل القوة الممسكة بالوضع الشيعي». وأضاف: «نحن على مشارف اتفاق ماروني يشكل بالمستقبل قوة التوازن مع الطرفين السني والشيعي، وهو ما سيساعد على حل المشكلات الداخلية بعيدًا عن الحسابات الطائفية والمذهبية، لأنه متى توصلنا لمعادلة لا غالب ولا مغلوب وتمكنا من تحقيق توازن وطني هو أصلا أساس الحكم، عندها نضع حدا لأزماتنا المتفاقمة».
ووقع حزب «القوات» و«التيار الوطني الحر» في يونيو الماضي ورقة تفاهم عُرفت باسم ورقة «إعلان نيات» تضمنت عددًا من البنود حددت نظرة موحدة وعامة للفريقين حول كيفية مقاربة شؤون داخلية وعلاقة لبنان بمحيطه. إلا أن الحوارات ظلت مستمرة بينهما طوال الفترة الماضية وقد وصلت التفاهمات بينهما لحد خروج مقربين من جعجع ليعلنوا قرب الاتفاق على ترشيح عون للرئاسة.
وتشكّل علاقة عون بحزب الله نقطة الخلاف الأبرز مع «القوات» التي ارتأت عدم المشاركة بالحكومة كما بطاولة الحوار الوطني، احتجاجًا وبشكل أساسي على «إعطاء غطاء لمشاركة حزب الله في الحرب السورية». ففيما يعطي عون وفريقه السياسي مبررات لوجود الآلاف من عناصر الحزب في ساحات القتال السورية، يرفض جعجع الموضوع جملة وتفصيلاً كما يُعارض تمسك الحزب بسلاحه حتى ولو انحصر وجوده في الداخل اللبناني.
ويربط حزب «القوات» ترشيحه عون بإمكانية خروج الحريري لإعلان ترشيحه فرنجية وبشكل رسمي، وهو ما أكده الوزير السابق عن «القوات» إبراهيم نجار، لافتًا إلى أنه «ومما لا شك فيه أنه إذا تقدم الحريري بترشيح فرنجية، فسيضطر جعجع لإعلان ترشيح عون». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ذلك سيؤدي تلقائيًا لضعضعة خطيرة في صفوف التحالفات التي يشهدها لبنان منذ عام 2005 ولعملية خلط أوراق غير مسبوقة».
واعتبر نجار أن «إقدام زعيمين من 14 آذار على ترشيح زعيمين من 8 آذار لرئاسة البلاد، مفارقة ما كنا نظن أنّها ستحدث في يوم من الأيام»، مشيرًا إلى أن «تطور الأمور في هذا الاتجاه مرتبط بما إذا كان الحريري جديًا بترشيح فرنجية أو يناور لإقصائه».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.