السلفيون المغاربة يفشلون في تأسيس تنظيم سياسي موحد

الفزازي والشاذلي يقودان مبادرتين منفصلتين

السلفيون المغاربة يفشلون في تأسيس تنظيم سياسي موحد
TT

السلفيون المغاربة يفشلون في تأسيس تنظيم سياسي موحد

السلفيون المغاربة يفشلون في تأسيس تنظيم سياسي موحد

كشف محمد الفزازي، أحد شيوخ السلفية المغاربة المعروفين، عن اعتزامه تأسيس جمعية دعوية سياسية كبرى، تضم عددا من السلفيين الذين سبق أن أدينوا في قضايا الإرهاب وأفرج عنهم بعفو ملكي بعد أن راجعوا أفكارهم وأعلنوا نبذ العنف والتطرف وتكفير المجتمع.
وتأتي هذه المبادرة الجديدة في الوقت الذي كان شيخ سلفي آخر، هو عبد الكريم الشاذلي، قد أعلن عن قرب تأسيس تنظيم أطلق عليه اسم «التيار السلفي للإصلاح السياسي»، إلا أن مبادرته لم تر النور بعد ولم يعلن عنها لحد الآن بشكل رسمي. وكان مقررا أن ينضم إلى التيار الجديد كل من الشيخان حسن الخطاب، وعبد الرزاق سوماح، اللذين أفرج عنهما بعفو ملكي بمناسبة الذكرى الـ40 للمسيرة الخضراء في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
في المقابل، أعلن الفزازي أن الخطاب وسوماح سينضمان إلى جمعيته، وبالتالي يكون السلفيون قد أخفقوا في توحيد صفوفهم، وتأسيس تنظيم موحد خاص بهم، إذ سيعرف المشهد السياسي المغربي ميلاد مبادرتين، الأولى يقودها الشيخ الشاذلي والثانية يقودها الفزازي.
وكان كل من الفزازي والشاذلي قد اعتقلا بعد تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية عام 2003، وحكم عليهما بـ30 سنة سجنا نافذا وأُفرج عنهما بمقتضى ملكي عام 2011، بعد أن قضيا 8 سنوات في السجن. أما الخطاب فهو زعيم سابق لما عرف بخلية «أنصار المهدي» الذي اعتقل أفرادها عام 2006، وأدين بـ30 عاما سجنا، قضى منها 9 سنوات.
وقال الفزازي في تدوينة على حسابه في موقع «فيسبوك»: «أحب أن أبشر المتتبعين الفضلاء الذين يريدون مني أن أنطلق للدعوة في ربوع المملكة في إطار تنظيمي معلوم ومعروف، في عمل حزبي أو جمعوي، (...) بأننا فعلا الآن بصدد تأسيس جمعية دعوية سياسية تربوية فقهية كبرى على مستوى الوطن كله»، وأضاف أن «هناك بعض الإخوة، بالأخص الشيخ حسن الخطاب والشيخ عبد العزيز سوماح وآخرون، الذين يصلون الآن في مختلف جهات المملكة من أجل استمالة النخبة والأعمدة البشرية التي يمكن لها أن ترفع هذا العبء وهذا الحمل وهذه المسؤولية لهذه الجمعية».
وكشف الفزازي أنه سيجري الإعلان بشكل رسمي للصحافة وللرأي العام عن المجلس التأسيسي أو المؤتمر التأسيسي لهذه الجمعية الدعوية السياسية» من دون الإشارة إلى تاريخ محدد.
ولتوضيح الهدف من تأسيس جمعيته، قال الفزازي إن الجمعية «تهدف إلى جمع كلمة الشباب الذي يستمع إلى جهات أخرى في الخارج أو في الداخل.. لكننا نريد بهذا العمل المؤطر الجمعوي المنظم، جمع الشمل حول ثوابت الأمة، ووحدة التراب الوطنية، ومفهوم المواطنة الصحيحة، والتدين المعتدل الوسطي، ومؤسسة إمارة المؤمنين الضامنة لوحدة هذه الأمة ووحدة هذا الشعب».
وتعليقا على هذه المبادرة الجديدة، قال الشيخ حسن الشاذلي لـ«الشرق الأوسط» إن «التيار السلفي للإصلاح السياسي» الذي أعلن عن اعتزامه تأسيسه هو عبارة عن فرع دعوي لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية الذي ينتمي إليه، مشيرا إلى أنه جرى التنسيق مع الخطاب للانضمام إلى التيار ستة أشهر قبل خروجه من السجن، وعندما خرج من السجن طلب الخطاب منه مهلة لإجراء مشاورات مع الفاعلين السياسيين والنقابيين، وقال إنه ما زال ينتظر رده. وكشف الشاذلي أن الخطاب قال له إن «جهات أمنية طلبت تأجيل الإعلان عن التيار السلفي مراعاة لمصلحة البلد». وعلق على ذلك بالقول «نحن لا نبني تيارا بإيحاءات أمنية ونحن حريصون أيضا على مصلحة البلاد».
وردا على سؤال حول ما إذا كان سيمضي في تأسيس التيار السياسي السلفي، قال الشاذلي إن «هناك التحاقات بالجملة بهذا التيار من قبل معتقلين إسلاميين سابقين وآخرين يعتزمون الالتحاق به بعد خروجهم من السجن»، وبالتالي فهو متشبث بتأسيسه.
وتجنب الشاذلي الحديث عن وجود خلاف بين السلفيين وعدم تمكنهم من تأسيس تنظيم موحد، وقال إنه «لا يوجد تعارض أو تضاد بين المبادرتين بل اختلاف في الرؤية»، مشيرا إلى أن المبادرتين قد تشكلان تنوعا في الساحة الدعوية في المغرب.
وجرى الترويج للتيار السلفي الإصلاحي داخل السجون منذ سنوات، واستطاع استقطاب عدد كبير من المعتقلين الإسلاميين الذين عبروا عن رغبتهم في الالتحاق بالتيار الإسلامي الجديد بمجرد الإفراج عنهم. وقدر عددهم بـ400 معتقل، بيد أن هناك من يقلل من أهمية ذلك، ويرى أن إعلان بعض المعتقلين الالتحاق بالتيار لا يعبر سوى عن توقهم لمغادرة السجون والاستفادة من العفو.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.