مضايا الجائعة تربك إعلام حزب الله اللبناني

قناة «المنار» تتهم المعارضة بتجويع المحاصرين.. وتخطئ في أسعار المواد الغذائية

مضايا الجائعة تربك إعلام حزب الله اللبناني
TT

مضايا الجائعة تربك إعلام حزب الله اللبناني

مضايا الجائعة تربك إعلام حزب الله اللبناني

تحت وطأة الحملة الإعلامية والشعبية الواسعة لإنقاذ أهالي مضايا المحاصرين من قبل قوات النظام وميليشيا حزب الله اللبناني، وتسريب عشرات الصور لضحايا التجويع والحصار، اضطر حزب الله وبعد أن خرجت مظاهرات في لبنان تطالبه بفك الحصار عن مضايا، إلى الرد على تلك الحملة بحملة إعلامية مضادة. إلا أن تلك الحجج التي ساقتها الحملة للتبرؤ من التجويع بدت مرتبكة.
عمد تلفزيون «المنار» بداية إلى نفي صحة صور ضحايا نقص الغذاء وقال إنها صور لأشخاص ماتوا في أماكن أخرى. وواكبت هذه التقارير حملة من مناصري الحزب على وسائل التواصل الاجتماعي سعت لتعويم الصور بإغراق المواقع بصور من مناطق وأحداث أخرى من العالم، حولت كارثة مضايا الإنسانية إلى مادة للسخرية والاستهزاء. وتعمد عدد من الشباب اللبنانيين المناصرين لحزب الله نشر صور للموائد عامرة بمختلف أنواع المأكولات والمشروبات ضمن هاشتاغ «متضامن مع مضايا»، كما نشرت صورا لهياكل عظمية بوضعية ضاحكة قالوا إنها لأشخاص من مضايا، منها صورة لهيكل عظمي وراء نافذة علقت عليها فتاة لبنانية، أن الصورة لصبية من مضايا تنتظر حبيبها.
ومثلت تلك الصور انتهاكًا غير مسبوق للمشاعر الإنسانية، مما زاد من تأجيج غضب الشارعين السوري واللبناني ضد حزب الله، وارتفعت الأصوات المستنكرة لهذه الحملة التي انطلقت من زعم أن حملة إنقاذ مضايا هي «حملة لتشويه وجه المقاومة». واضطر تلفزيون «المنار» إلى إعداد تقارير قال إنه تم تصويرها على مشارف مضايا تتضمن شهادات لأهلها، تؤكد أن لا جوع في مضايا، وأن من يتحكم بقوت الناس هناك ويمنع وصول المواد الغذائية هم المسلحون المعارضون للنظام وليس حزب الله. وبثت قناة «المنار» تقريرا أمس (الاثنين)، أجراه أحمد فرحات وعلي بدوي، قالا إنه «تضمن شهادات لأبناء مضايا عبر قناة (المنار) تفند التزوير والتضليل الذي يبثه الإعلام الداعم للجماعات الإرهابية».
وبدأ التقرير بصور لعدد من الأطفال مع أمهاتهم، وقال إن «براءة وجوه أطفال مضايا فيها التعطش والجوع للحرية التي يأسرها مسلحون يتاجرون بالإنسانية»، ثم نقل شهادات من عدد من النساء تحدثن فيها عن المساعدات، ورجل مسن قال إن عمره 89 عاما، اتهم المسلحين المعارضين بالمتاجرة بالمساعدات، فيما اتهم معد التقرير بشكل مباشر ونقلا عن مصادر خاصة بـ«المنار» رئيس المجلس العسكري في مضايا والزبداني وأعضاء المجلس هناك، بالمتاجرة بالمواد الغذائية التي تم إدخالها قبل نحو شهر. إلا أن المطبات التي وقع فيها معدا التقرير نسفت مصداقيته، منها ظهور علم قوات النظام في الخلفية، مما يشير إلى أن المنطقة التي جرت فيها اللقاءات خاضعة لسيطرة النظام، والمطب الثاني الذي أثار عاصفة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي ما جاء في الشهادات بأن سعر كيلو الأرز - حسب ما حدده تجار المعارضة - تراوح بين سبعين وتسعين ليرة، وكيلو البرغل مائة ليرة. وقالوا إنه ثمن باهظ جدا، ولا قدرة للناس على شرائه، علما بأن هذا السعر يعد بخسا جدا قياسا بالأسعار في العاصمة دمشق وسائر المدن السورية شبه الآمنة، حيث يبلغ سعر الأرز نحو 300 ليرة وسعر كيلو البرغل 200 ليرة. أما الأسعار في المناطق المحاصرة لا سيما مضايا فقد وصل سعر كيلو الأرز فيها إلى تسعين ألف ليرة، أي أكثر من مائتي دولار.
وكتبت ناشطة سورية مشاركة في حملة «إنقاذ مضايا»: «تقرير قناة (المنار) دعوة لمن بقي من سكان سوريا للنزوح إلى مضايا، نظرا لتدني الأسعار»، بينما علقت إعلامية سورية على التقرير بأنها لو كانت في إدارة قناة (المنار) لأنزلت القصاص فورا بمعدي التقرير لما فيه من جهل وغباء. وواكبت حملة حزب الله الإعلامية المضادة انطلاق وصول قافلة المساعدات الإنسانية. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن ذلك تم بإشراف «الهلال الأحمر العربي السوري»، و«الصليب الأحمر الدولي»، والأمم المتحدة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.