بول ستاركي يفوز بجائزة سيف غباش بانيبال للترجمة الأدبية

تمنح سنويا على ترجمة عمل أدبي عربي إلى الإنجليزية

المترجم بول ستاركي  -  غلاف الرواية الفائزة
المترجم بول ستاركي - غلاف الرواية الفائزة
TT

بول ستاركي يفوز بجائزة سيف غباش بانيبال للترجمة الأدبية

المترجم بول ستاركي  -  غلاف الرواية الفائزة
المترجم بول ستاركي - غلاف الرواية الفائزة

حصل المترجم البريطاني بول ستاركي على جائزة سيف غباش بانيبال للترجمة الأدبية من العربية إلى الإنجليزية لعام 2015، عن ترجمته لرواية الكاتب المصري يوسف رخا «كتاب الطغرى: غرائب التاريخ في مدينة المريخ» الصادرة بالإنجليزية عن منشورات «إنترلنك» في الولايات المتحدة الأميركية، والطبعة العربية صادرة عن دار «الشروق» في القاهرة عام 2013.
وأشادت لجنة التحكيم بالمترجم جوناثان رايت على ترجمته لرواية «حيث لا تسقط الأمطار» للكاتب الأردني أمجد ناصر الصادرة بالإنجليزية عن منشورات مؤسسة «بلومزبري - قطر»، وبالعربية عن دار «الآداب» البيروتية.
تشكلت لجنة التحكيم من رئيس المحكمين روبن أوسل، الباحث الفخري في كلية سانت جون، أوكسفورد؛ سميرة قعوار، مترجمة أدبية؛ ألسيتر نيفِن، كاتب ومحاضر؛ وسوزان طربوش، مدوِّنة وصحافية ثقافية. وقد توصلت اللجنة إلى قرارها خلال اجتماع عقدته بتاريخ السابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) 2015 تحت إشراف باولا جونسون سكرتيرة جوائز الترجمة في جمعية المؤلفين البريطانيين.
وجاء في حيثيات القرار:
«هذه الرواية التي نشرت في ذروة الثورة المصرية عام 2011 واحدة من أكثر الروايات العربية التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة جرأة وتجديدًا علاوة على امتياز ترجمتها الإنجليزية بالبراعة والمهارة. هذا الكتاب سبرٌ رائع واستثنائي لأغوار التشظيات والتناقضات التي تهيمن على شخصية بطلها مصطفى الشوربجي وما يوازيها على مستوى المدينة والمجتمع اللذين يعيش فيهما. يصارع البطل، من خلال سلسلة من الرحلات الغريبة (والجنسية في بعض الأحيان) عبر مدينته القاهرة الحديثة الغابرة معا، معضلاتِ الهوية التي تؤرق هذا الصحافي والمثقف والفنان الطامح. أما الحلول التي يلمّح إليها فتميل إلى أن تكمن في شمولية الثقافة العربية وتنوعها الثري لا في آيديولوجيات أخرى.
هذا النص يجابه المترجم بتحديات غير عادية، إنه يعكس بجلاء ذلك الشد أو التوتر الجوهري المبثوث خلال صفحات الكتاب ما بين التراث والحداثة من خلال الإحالة الدائمة على الموروث الثقافي الكلاسيكي. لقد اختار المؤلف في سرده المتشعب الشكلَ القديمَ المتمثل بأدب (الرسائل)، أضف لهذا أن لغة النص تأرجحت ما بين الكلاسيكية الشديدة والفصاحة والعامية الأكثر معاصرة، مع ازدواج لافت لمستويات لغوية متعددة. ولقد نجح بول ستاركي في التعامل مع هذه المشكلات بمهارة فائقة فقدم لنا ترجمة إنجليزية احترافية بارعة لهذه الحكاية المتشابكة المشاغبة (والكوميدية في أحيان كثيرة) التي تحرك المشاعر العميقة».
وأشادت لجنة التحكيم بترجمة جوناثان رايت لرواية أمجد ناصر «حيث لا تسقط الأمطار»، التي، كما جاء في بيان لجنة التحكيم، تمثل تناولا ملهَما وملهِما لموضوعة متواترة في الأدب العربي الحديث ألا وهي تجربة المنفى والعودة. إنها حكاية عودة البطل بعد عشرين عامًا من المنفى إلى بلدٍ عربي متخيل تسيطر فيه ديكتاتورية عسكرية بشكل كامل على مقاليد النظام السياسي في إصرار عنيد على ديمومة حكمها القمعي. يواجه القارئ، عبر لغة بارعة شديدة الإيجاز والإحكام، بسلسلة متعاقبة من الثيمات مثل حفريات الذاكرة، الذات المنشطرة للسارد، والطريقة التي يواجه فيها الأفراد السلطة التي تهدد حياتهم في جو من الخطر المحدق الدائم. إن الميزة البارزة لهذا الكتاب هي النثر ذو الشحنة الشعرية العالية التي نجح جوناثان رايت في نقلها إلى الإنجليزية بلمسة أسلوبية واثقة لا تقل عن الأصل العربي.
من جانبه، علق الناشر الأميركي للرواية الفائزة ميشال موشاباك، مدير منشورات «إنترلنك» الأميركية، قائلا: «لقد تأثرت كثيرًا بسماعي نبأ فوز ترجمة بول ستاركي لرائعة يوسف رخا (كتاب الطغرى) بجائزة سيف غباش بانيبال لعام 2015، لقد التزمت منشورات إنترلنك خلال السنوات الثلاثين المنصرمة دون تردد بنشر ترجمات لخيرة نتاجات الأدب العربي. وإنه لامتياز مشرف لأي مترجم أن يحظى بتقدير هذه الجائزة ولا سيما أنها المرة الثانية التي تفوز فيها إحدى عناوين إنترلنك بهذه الجائزة المرموقة. لقد أبديت ثنائي على باكورة روايات يوسف رخا منذ اللحظة التي أنهيت فيها قراءة هذا العمل الذي تدور أحداثه في مصر المعاصرة. رواية تفرض نفسها بعذوبتها وجدّتها، كتبها رخا بطريقة لم أعهدها عند غيره من الروائيين. ولقد شعرت بسعادة فائقة عندما وافق بول ستاركي - هو في رأيي واحد من أفضل المترجمين الناشطين في الترجمة من العربية في يومنا هذا - على التصدي للتحدي الذي تشكله ترجمة (كتاب الطغرى) إلى الإنجليزية. وأنا سعيد بأن ترجمة بول ستاركي الرائعة قد نالت ما تستحقه من تقدير، وآمُل أن تجذب هذه الجائزة انتباه أعداد متزايدة من الجمهور الغربي لهذه التحفة الفنية ليوسف رخا».
وتمنح جائزة سيف غباش بانيبال السنوية البالغة قيمتها ثلاثة آلاف جنيه إسترليني إلى المترجم الذي يقوم بترجمة عمل أدبي عربي إبداعي كامل إلى اللغة الإنجليزية يتمتع بأهمية أدبية. ويقوم السيد عمر سيف غباش برعاية الجائزة ودعمها إحياء لذكرى والده الراحل سيف غباش من خلال إطلاق اسمه على الجائزة. وكان الراحل سيف غباش، من الشخصيات الدبلوماسية والفكرية الهامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن عشاق الأدب العربي والآداب العالمية.
وتشرف جمعية المؤلفين في المملكة المتحدة على إدارة جائزة سيف غباش - بانيبال، مع عدد من الجوائز المعروفة في المملكة المتحدة للترجمات الأدبية، مثل «جائزة سكوت مونكريف» من الفرنسية: «جائزة شيغيل - تيك» من الألمانية: «جائزة بريميو فاله اينثيلان» من الإسبانية، و«جائزة برنارد شو» من السويدية. وجائزة فوندل من الهولندية. جميع هذه الجوائز ستمنح للفائزين يوم 17 (فبراير (شباط) المقبل في حفل كبير في «مقر المفوضية الأوروبية» في لندن، برعاية جمعية المؤلفين البريطانيين وملحق «التايمز» الأدبي الشهير.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.