«المستقبل» و«حزب الله» يحيدان التباينات السياسية ويشاركان في جلسة حوار اليوم

السنيورة: نريد ألا تتحول هذه الاختلافات إلى خلافات تجنبًا للوصول إلى عنف نرفضه

«المستقبل» و«حزب الله» يحيدان التباينات السياسية ويشاركان في جلسة حوار اليوم
TT

«المستقبل» و«حزب الله» يحيدان التباينات السياسية ويشاركان في جلسة حوار اليوم

«المستقبل» و«حزب الله» يحيدان التباينات السياسية ويشاركان في جلسة حوار اليوم

حيّد «تيار المستقبل» في لبنان، و«حزب الله»، التباينات الناتجة عن أزمة مضايا وأزمات أخرى في المنطقة، عن الحوار بينهما، رغم التصريحات النارية والتصعيد الذي اتسمت فيه خطاباتهما الأسبوع الماضي، إذ أعلن رئيس كتلة المستقبل النيابية ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أن تيار المستقبل «سيعاود الحوار مع حزب الله في جلسة» اليوم الاثنين.
وقال السنيورة أمس، وعلى هامش لقاءاته في مكتبه في صيدا: «لطالما أوضحنا وجهة نظر تيار المستقبل في موضوع الحوار، بأننا دائما كنا دعاة حوار وسنظل، ونحن مستمرون في كوننا دعاة حوار، وهذا الحوار هو بين أشقاء في الوطن، وشركاؤنا في الوطن هم جزء من هذا الوطن وليس هناك من بديل آخر سوى الانفتاح بعضنا على بعض». واستطرد: «لكن هذا مع إقرارنا دائما أن هناك اختلافات أساسية في ما بيننا نريد ألا تتحول هذه الاختلافات إلى خلافات، وأن لا يكون نتيجة ذلك أيضًا مزيدا من الشقاق ومزيدا مما يسمى الابتعاد بعضنا عن بعض، بما يوصل إلى استعمال لغة غير مقبولة قد تصل إلى العنف، وهذا أمر مرفوض منا كليا ولا نقبل به». وأكد أن «هناك حاجة مستمرة للانفتاح بعضنا على بعض، وهذا ما دفعنا إلى أن نلجأ إلى هذا الأسلوب من التواصل الذي نستطيع به أن نبحث في ما بيننا المسائل التي نحن مختلفون عليها».
ورغم إقراره «بأننا دخلنا الحوار وفعليا لم يحقق الحوار هدفه»، قال السنيورة: «مع ذلك نقول إن هذا الحوار ضروري من أجل إبقاء هذا التواصل في ما بيننا، ولنؤكد دوما أن هذه المسائل التي نختلف فيها هي موجودة على الطاولة عندما يجتمع ممثلو حزب الله وممثلو تيار المستقبل»، مشيرًا إلى أن المستقبل يذكر «بأن هذه المسائل يجب أن نجد لها حلا، لكن هذا لا يعني أن يبتعد بعضنا عن بعض، وأن نصل إلى حدود المجابهة بين بعضنا وبعض، وهذا أمر غير مقبول». وقال: «إن الأمور التي سمعناها أخيرًا وسبّبت تشنجًا وتوترًا ستكون مادة للبحث»، لافتًا إلى أنه لا مصلحة لأحد في أن ترتفع نبرة الخطاب السياسي والتنكر لصيغة لبنان ولاتفاق الطائف».
وكان وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، وهو ممثل حزب الله في الحكومة، قال إن «الحوار في بلد كلبنان يتمتع بالحرية والتنوع هو الإمكانية الوحيدة لتنظيم الخلافات، فإذا شاء البعض أن يستمر به فأهلا وسهلا، وإذا لم يشاءوا فهذا يعني أنهم هم من الذين يتراجعون ويصدرون المواقف ضد الحوار».
ويختلف «المستقبل» مع «حزب الله» حول قضايا كثيرة، أبرزها قضايا تتعلق بسلطة الدولة وبمواضيع التدخل في الحرب الدائرة في سوريا لصالح النظام، إضافة إلى قضية سلاح الحزب وعدم التوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية وموضوع سرايا المقاومة، والمحكمة الدولية، وأضيفت إليها أخيرًا قضية الانقسام حول الموقف من مضايا السورية.
وقال السنيورة أمس: «ما جرى لا يمكن السكوت عليه»، معتبرًا أن الجريمة «ارتكبت بحق هذا الشعب السوري الذي جرى تجويعه»، مؤكدًا أن «كل من يشارك في هذا العمل هو متهم بارتكاب هذه الجريمة، وليس هناك لا مبرر سياسي ولا عسكري وإعلامي يؤدي إلى أن الواحد ينكر هذه الجريمة».
وأضاف: «لا يستطيع أحد أن يغطي على الجريمة لا من قريب ولا من بعيد، لا حزب الله ولا غيره». وكرر السنيورة قوله: «أخشى ما أخشاه أن يكون حزب الله مشاركا في هذه الجريمة، وأتمنى وأدعو الله ألا يكون هذا الكلام صحيحا، ولكن على حزب الله أن يبين ويبرهن للناس أنه لا يشارك في هذه الجريمة».
لكن حزب الله يمضي في التشكيك في أزمة مضايا، إذ أعلن رئيس المجلس السياسي في الحزب هاشم صفي الدين أن «موضوع مضايا يدل على كذب ولا يعقل أن تصيب المجاعة 20 شخصًا في المنطقة دون الباقين»، بينما اتهمت قناة «المنار» التابعة للحزب المسلحين المعارضين بأنهم «يسيطرون على المواد الغذائية وعلى المعونات التي تدخل إلى البلدة». ونقلت عن بعض السكان هناك إلى أن مسلحي المعارضة «قاموا بتوزيع نصف كمية المعونات التي دخلت، ويبيعون النصف الآخر بأسعار خيالية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.