سحر الميزاري: السياسة تصنع قرارات الحياة.. والانضباط من الصفات اللازمة للمذيعة

مذيعة الأخبار في تلفزيون دبي أكدت أن تغطية الأحداث على الهواء هي اهتمامها الأكبر

سحر الميزاري
سحر الميزاري
TT

سحر الميزاري: السياسة تصنع قرارات الحياة.. والانضباط من الصفات اللازمة للمذيعة

سحر الميزاري
سحر الميزاري

تعتقد سحر الميزاري مذيعة الأخبار في تلفزيون دبي أن السياسة هي التي تصنع الحياة والظروف وكل شيء محيط بالإنسان، وهو ما جعلها تدخل هذا المجال العميق بحسب وصفها، وذلك من بوابة الإعلام، وبالتحديد من خلال الشاشة، مؤكدة أن الانضباط والاطلاع الدائم من صفات المذيع الناجح أو المذيعة الناجحة.
وتشير الميزاري في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى أن تغطية الأحداث السياسية على الهواء كمذيعة هي اهتمامها الأكبر في الوقت الحالي، موضحة أن أمامها قبل الظهور على الشاشة مهمتين، للخروج بالشكل والمحتوى الذي تتطلع له، مؤكدة في الوقت نفسه أن التحديات لا تنتهي، وهي تحديات تفرضها الظروف إما المهنية وإما الشخصية، كما كشفت الكثير من المواضيع التي تخصها كمذيعة من خلال الحوار التالي:
* ما هي الأسباب التي دفعتك للدخول إلى عالم الإعلام؟
- منذ أكثر من عشر سنوات مضت قراري للدخول إلى المجال الإعلامي كان بسبب هذا الوهج وهذا الألق الذي يهيمن على مخيلتنا عن الإعلام عندما نكون من خارج الوسط الإعلامي، أما الآن فقراري الاستمرار بالمجال الإخباري بالتحديد هو إيماني بأن المواطن العربي أصبح منهكا فاقدا للأمل، وغير مكترث، بالذات بين فئة الشباب، لذلك نحن بحاجة لتسليط الضوء على همومه واحتياجاته وحقوقه التي غفل عنها الكثيرون، وقد يبدو هذا الكلام «كليشي» إلا أن الحقيقة أن واقعنا العربي أصبح مأساويا في كثير من البلدان فاعتاد المشاهد العربي على سماع أعداد القتلى هنا وهناك بالعشرات والمئات، واعتاد على أن يرى الطفولة تنتهك واعتاد على أخبار الحروب واللاجئين وغيرها الكثير، وهنا تكمن الخطورة.
* ما هي محطاتك العملية؟
- أعتبر دائما أن كل موقف وكل كلمة وكل خطأ هو محطة أتعلم منها أحيانا أو أتيقن أنني على حق أحيانا أخرى، إلا أنني أعتبر أن المحطة الأهم في مسيرتي في الأخبار وفي مسيرة كل مذيع أخبار مدرك أهمية هذه المهنة، وما تتطلب من شفافية وحياد هي ما يجري حاليا في الوطن العربي من تقلبات وحروب واضطرابات، تختلف تسمية ما تمر به المنطقة من شخص لآخر، ومن حزب سياسي لآخر، البعض يسميها ثورات، البعض الآخر انقلابات، ويؤمن آخرون بأنها نتيجة مؤامرة كونية ما، إنما يبقى الشيء المشترك هو عبورنا جميعا على اختلاف مشاربنا ومعا في خندق واحد في هذه الفترة الحرجة التي ستؤرخ كمحطة فاصلة في الشرق الأوسط والعالم.
* لماذا اخترتِ قطاع السياسة والأخبار.. ما الشيء الذي جذبك له؟
- لأني أؤمن بالعلاقة الوثيقة بين السياسة وكل ما يجري حولنا، وعلى كل الأصعدة حتى لو تخيل لنا بأنه لا يوجد رباط ملموس بين السياسة ومناحي الحياة المختلفة، فالفن مثلا يعكس من خلال أعماله حقبا زمنية مختلفة، وإذا بحثت عن الاختلاف تجده دائما هو نظام الحكم أيا كان وفي أي رقعة وما يفرضه من قوانين تغير مسار الحياة كاملة، ليس الفن فقط وإنما الثقافة والتاريخ والاقتصاد والتعليم بمناهجه المختلفة كل شيء يتغير ويتأثر بما يجري في أروقة الحكام في أي زمان ومكان، لذلك يجب أن نحاول أن نفهم ما يجري في ردهات السياسة حتى نستطيع أن نتكيف مع المتغيرات من حولنا.
* ما هي الصفات التي تحتاجها المذيعة الناجحة؟
- الانضباط والاطلاع الدائم والمواكبة وأن تعطي كل تفصيل يتعلق بهذه المهنة حقه إن كان على صعيد المضمون أو على صعيد الشكل الخارجي.
* ما أبرز التحديات التي واجهتك في مسيرتك الإعلامية؟
- التحديات لا تنتهي، تحديات تفرضها عليك الظروف إما المهنية وإما الشخصية، وتحديات أخرى يفرضها عليك بعض الأشخاص، المهم برأيي أنه لا نسمح لهذه الصعوبات أن تجعلنا نتقاعس عن أهدفنا.
* كيف تستغرقين يومك العملي، ما هي الإجراءات التي تقومين بها قبل الخروج على الشاشة؟
- قبل الظهور على الشاشة، أمامي مهمتان، الأولى تتعلق بالمحتوى الإخباري فيبدأ يومي في العمل دائما بحضوري لاجتماع التحرير الذي يتقرر على إثره المواضيع والملفات الساخنة الأساسية، التي سيتم بحثها في نشرتي الإخبارية، لأبدأ بعدها بالبحث والقراءة بعمق ومتابعة التحليلات السياسية. المهمة الثانية هي التوجه لغرفة الماكياج وتصفيف الشعر، وهي مهمة أحرص أن تنتهي في كل مرة بظهوري على الهواء بمظهر بسيط وأنيق.
* هل غير العمل في تغطية السياسة من اهتماماتك الشخصية؟
- حاليا لا، فعملي في تغطية الأحداث السياسية على الهواء كمذيعة هو اهتمامي الأكبر، فهو عمل مثير للاهتمام بالذات في هذه الفترة التي كما ذكرت سابقا هي مرحلة مفصلية، بالإضافة إلى أن العمل التلفزيوني ككل هو عمل متجدد ومتنوع وهذا يستهويني.
* من الذين تتابعينهم من المذيعين أو المذيعات؟
- أتابع بشكل مستمر القنوات الإخبارية العربية والأجنبية إلا أنه يستهويني أكثر طريقة أداء المذيعين في قناة «سي إن إن» مثلا لما يتمتع به هذا الأداء من عفوية وبساطة أعتقد أننا ما زلنا بعيدين عنها في إعلامنا العربي.
* كيف تقيمين حضورك في وسائل التواصل الاجتماعي، وهل له تأثير كبير على الإعلام بشكل عام والمشاهدة التلفزيونية بشكل خاص؟
- في منتدى الإعلام العربي الأخير الذي تنظمه وتستضيفه إمارة دبي كل عام كان لي جلسة تحت عنوان «فوضى الأخلاقيات» ناقشنا خلال الجلسة مع ضيوفي دور وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يسمى بالإعلام الجديد وهل يتوازى مع الإعلام الكلاسيكي أم يتقاطع وكانت النتيجة أن وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا يبدو أنها سحبت البساط ولو جزئيا من تحت أقدام الإعلام الكلاسيكي وبطبيعة الحال المشاهدة التلفزيونية، أما عن حضوري على وسائل التواصل الاجتماعي فأعتبره متواضعا نسبيا إلا أنني راضية عن طريقة تواصلي مع المتابعين ولكن أعترف بأنني يجب أن أعطي الإعلام الجديد مساحة أكبر في حياتي.
* ما هو طموحك المقبل؟
- أعمل حاليا على دراسة بعض الخطط والأفكار لتنفيذها على الهواء وخلف الكواليس، بشكل معمق حتى يتسنى تقديمها للمتلقي بالشكل الذي يليق بي، وسيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».