2015: عام أزمة الصحافة الورقية في الأردن وانهيار بعضها

أسباب اقتصادية أدت إلى تراجع الإعلان في الصحف اليومية

2015: عام أزمة الصحافة الورقية في الأردن وانهيار بعضها
TT

2015: عام أزمة الصحافة الورقية في الأردن وانهيار بعضها

2015: عام أزمة الصحافة الورقية في الأردن وانهيار بعضها

لم يكن عام 2015 عاما اعتياديا على الصحافة اليومية في الأردن، بل كان عاما صعبا على الصحافة الورقية لدرجة أن هناك من وصفه بأنه عام أزمة الصحافة الورقية وانهيارها بسبب الخسائر المالية التي تعرضت لها الصحف.
الأزمات التي تعرضت لها الصحف اليومية الكبرى في الأردن ليست لأسباب سياسية، وإنما لأسباب اقتصادية أدت إلى تراجع الإعلان في الصحف اليومية، الأمر الذي أدى إلى خسائر بالملايين الدولارات لتلك الصحف. وشهدت الصحف الأردنية جميع الصحف الأردنية الورقية أزمات مالية في العام المنصرم، بسبب تراجع حجم الإعلان التجاري فيها، نتج عنها إغلاق صحيفة «العرب اليوم»، وتعثر صحيفة «الدستور» أقدم صحيفة يومية في الأردن.
ففي 30 يوليو (تموز) من عام 2015 أعلنت إدارة صحيفة «العرب اليوم» المستقلة عن إغلاق الصحيفة اليومية مؤقتا، بسبب خسائر مالية تعرضت لها الصحيفة، التي كانت واحدة من الصحف الأربع الرئيسية في الأردن، ولكن الصحيفة لغاية اليوم لم تعاود الصدور كما أن جميع العاملين فيها تم تسريحهم.
وشكل إغلاق صحيفة «العرب اليومية» المستقلة ضربة موجعة للصحافة الورقية في الأردن، كما يقول رئيس تحريرها أسامة الرنتيسي.
وكانت صحيفة «العرب اليوم» تأسست عام 1997، كصحيفة مستقلة يملكها مساهمون. وساهمت في رفع مستوى الحريات الصحافية في الأردن، الذي اقتصرت الصحف اليومية فيه قبل «العرب اليوم» على صحيفتي يوميتين. هما «الرأي» و«الدستور».
ويؤكد الرنتيسي أن إغلاق «العرب اليوم» كان نتيجة للأوضاع المالية للصحيفة وصعوبة تأمين الرواتب للعاملين في الصحيفة بسبب ضيق مساحة الإعلان في الصحيفة. كما تواجه صحيفة «الدستور» اليومية، وهي أقدم صحيفة أردنية، خسائر مالية كبيرة تهدد استمرار صدورها، إذ إن العاملين في هذه الصحيفة لم يتسلموا رواتبهم منذ ثمانية أشهر، ويؤكد العاملون في صحيفة «الدستور» أن الصحيفة أصبحت «متعثرة» بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها الصحيفة خلال عام 2015. كما أقدمت إدارة الصحيفة على بيع ممتلكات الصحيفة من عقار ومبنى الصحيفة الرئيسي إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي بمبلغ 7 ملايين دولار أميركي من أجل سداد ديون متراكمة على الصحيفة للبنوك وتأمين مستلزمات للطباعة ورواتب عاملين إلا أن المبلغ لم ينقذ الصحيفة من الأزمات بسبب حجم الدين الكبير، كما أقدمت مؤسسة الضمان الاجتماعي الذي يمتلك 30 بالمائة من أسهم صحيفة «الدستور» على منح الصحيفة مبلغا إضافيا قدره مليون دينار أردني، لكي لا تغلق الصحيفة، إلا أن المبلغ أيضا لم يشكل حلا لأزمة الصحيفة التي أصبحت مهددة بالإغلاق في أي وقت.
يقول نقيب الصحافيين الأردنيين طارق المومني لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسرنا إحدى الصحف اليومية الكبرى بسبب الأزمات الاقتصادية كما أن صحفا أخرى تعاني من أزمات مالية، وهذا مصدر قلق لنا في نقابة الصحافيين؟».
ويضيف: «لقد تأثرت الصحف الورقية بالأزمات الاقتصادية التي مر بها العالم، والأردن ليس استثناء، كما أن الصحافة الورقية تأثرت بشكل كبير ببروز ظاهرة الإعلام الإلكتروني، الذي نافس الصحف على الإعلان الذي تراجع أيضا».
ويشير المومني إلى غياب الدعم الحكومي للصحافة الورقية التي تؤدي رسالة إعلامية. ويطالب المومني الحكومة بإعفاء الصحافة الورقية من الضرائب والرسوم التي تستوفى على مستلزمات الإنتاج من ورق وأحبار وأجهزة للصحافة. ويتابع: «نحن كنقابة صحافيين تابعنا موضوع أزمات الصحافة الورقية، ونبذل جهدا مع كافة الأطراف وحققنا بعض الإنجازات ولكنه غير كاف».
ويطالب المومني من الصحف اليومية أن تنوع استثماراتها من خلال الاستثمار في الصحافة الإلكترونية والإذاعات والارتقاء بمستوى المهنة من أجل تجاوز الأزمات المالية.
ويشار إلى أنه يوجد في الأردن الآن ثلاث صحف يومية كبرى من حيث التوزيع والانتشار، وهي «الرأي»، و«الغد»، و«الدستور».
كما تصدر أيضا صحف يومية أخرى، وهي «السبيل»، وهي جريدة إسلامية تملكها الحركة الإسلامية، كما تصدر صحيفتان يوميتان هما «الأنباط» و«الديار».



فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.