«السيدة الثانية» فيلم ضحك وتسلية يسايران مزاج الجمهور

تجاوز مشاهدوه 60 ألف متفرج ومستمر في الصالات

من فيلم السيدة الثانية
من فيلم السيدة الثانية
TT

«السيدة الثانية» فيلم ضحك وتسلية يسايران مزاج الجمهور

من فيلم السيدة الثانية
من فيلم السيدة الثانية

للأسبوع الثالث على التوالي، يستمر عرض الفيلم اللبناني «السيدة الثانية» في الصالات، ويتواصل تدفق المشاهدين الذي تجاوز الـ60 ألف متفرج، وهو رقم كبير بالنسبة لبلد صغير مثل لبنان. جماهيرية الفيلم، لا تعني بالضرورة، رفعة مستواه الفني، بقدر ما تدلل على أن المواضيع التي يعالجها بقالب فكاهي، يحتاجه المواطن العادي، تجد صدى طيبًا في نفوس الناس.
جمهور عائلي يأتي ليضحك قليلاً ويتسلى ما استطاع، في زمن أخباره لا تأتي إلا بالكرب. فيلم «السيدة الثانية» لا يلزم نفسه، بأكثر من هذه المهمة. أن تطلق عليه صفة «تجاري» من بعض النقاد، لا يفترض أن يكون بالأمر الجارح لصنّاعه، على الأرجح. بعض الأعمال الفنية، لا تبغي أكثر من جذب عدد من المتفرجين الذين يودون الخروج من منازلهم، لتزجية الوقت، وهي مكتفية بهذه المهمة. فيلم «السيدة الثانية» الذي يغضب النقاد ويسعد الجمهور، يمكن وضعه في هذه الخانة. ثمة أفلام لبنانية كثيرة، باتت تنضم إلى هذه الفئة، وهو ما قد يحرر السينما في بلاد الأرز، من فكرة النخبوية والتجريبية، التي رافقتها طوال سنوات الحرب الأهلية، ولأعوام طويلة بعدها، وجعلت إخراج فيلم مهمة شاقة وطويلة. وبقي الفيلم المحلي بسبب جديته، قليل الشعبية، يحذر من التعامل معه أصحاب الصالات، خشية الخسارة.
الفورة السينمائية في السنوات الخمس الأخيرة، حملت أنماطا مختلفة من الأفلام تراوحت بين التسلوي الذي يشبه المسلسلات التلفزيونية وتلك التي طمحت لأن تجد لها مكانة أوسع من محيطها الضيق، وحصدت جوائز في المهرجانات العالمية، ولكل منها جمهوره. فيلم «غنوجة بيا» الذي عرض عام 2007 ليكمل مسلسلاً حمل الاسم نفسه، كان خفيفًا مسليًا، ليس أكثر، ولقي إقبالاً مذهلاً يومها، وربما كان فاتحة لسيل من الأفلام، تحمل الملامح ذاتها، فبعده بسنة فقط كان فيلم «ليلة عيد» في الصالات لمرح وفرح المحتفلين بإجازات نهاية العام. وبمقدورنا الحديث في السنوات الأخيرة عن عناوين كثيرة، من بينها فيلم «بي بي» لبطلة السيدة الثانية «ماغي لوغصن.
«السيدة الثانية»، يحاول أن يجسد الفقر والعوز اللبنانيين، في حي واحد، تتوزع فيه المآسي، على أنواعها بدءًا من الزوجين المسنين اللذين سيخرجان من منزلهما إلى المأوى، بسبب ضيق ذات اليد، والعانس التي لا تنفك ترخي بثقل ظلها على بائع الخضار، والأم الشابة التي أنجبت صغيرة تختبئ بها من المجتمع في هذا الحي بينما تحل مشكلتها، وكذلك التوأمان، «ذهب» الفتاة الطيبة (ماغي بو غصن) وأختها «ألماظة» التي سلكت طريق الليل والرقص والتكسب.
ومن خلال قصة تخلط الفانتازيا بالواقع، تتمكن ذهب (ماغي بو غصن) وحبيبها رضا (باسم مغنية) من العثور على وظيفة عمل في القصر الجمهوري، بعد طول بحث. وإن كانت سلوكيات الرئيس وزوجته هنا، لا تشبه كثيرًا ما يعيشه الرؤساء في لبنان، فإن هذا يضفي جوًا تخييليًا على الفيلم. وتتمكن ذهب وصديقها من إيصال رسالة أهل الحي للرئيس الذي يقرر مساعدتهم، لكن تدخل ألماظة الشبيهة التوأم لماغي بو غصن التي تلعب الدورين، وهي تحاول تقمص شخصيتها، واختطاف ابن الرئيس ومن ثم انكشاف أمرها، يعيد الفقراء جميعًا إلى نقطة الصفر.
الفيلم الكوميدي الهزلي الدرامي، في وقت واحد، يحاول أن يقدم صورة لفقراء لبنان الذين ما أن يشعرون بأن مشكلاتهم قد تفرج، حتى تدخل يد الشر لتبعد عنهم شعلة الأمل. وهكذا تنتهي ولاية الرئيس ويطوي ملف كل المشكلات التي اعتزم حلها، بحسن نية وطيب خاطر، ويعود الجميع إلى المربع الأول.
كلوديا مارشليان التي أصبحت محترفة، غزيرة الإنتاج إلى حد مذهل في كتابة المسلسلات والسيناريوهات، لم تفلح في الخروج من الخطاب المباشر الفج في بعض الأحيان. والمخرج فيليب الأسمر، الذي يقدم فيلمه الأول بعد تجارب تلفزيونية كثيرة، يبدو مرتبكًا جدًا في بداية الفيلم، وتشبه اللقطات الأولى، قطع الغزل التي لم تركب جيدًا، ويحتاج المتفرج شيئًا من التركيز والصبر، كي تبدأ المشاهد بالتخلص من توترها الأول.
«السيدة الثانية» ليس فيلمًا للتفكر والتأمل، وليس من تلك الأعمال التي يذهب المتفرج ليتمتع بفنيتها الخلابة. وإنما هو قصة تشبه غيرها من الحكايات اللبنانية، التي تضع المواطن أمام شكواه وتردد وجعه، بشيء من السخرية والقفشات المضحكة، وهذا على الأرجح ما صنع شعبيته، وليس في الأمر عيب.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».