النباتيون يلحقون ضررًا أكبر بالبيئة من آكلي اللحوم

دراسات أميركية تتهمهم وأخرى ألمانية تنفي

النباتيون يلحقون ضررًا أكبر بالبيئة من آكلي اللحوم
TT

النباتيون يلحقون ضررًا أكبر بالبيئة من آكلي اللحوم

النباتيون يلحقون ضررًا أكبر بالبيئة من آكلي اللحوم

لا يختلف العلماء في العالم حول منافع التغذية النباتية، لكن الخلافات تتفجر بينهم عند مناقشة ضرر التغذية النباتية المفرطة على الأطفال، وحول علاقتها بطول العمر، وحول منافعها وأضرارها على البيئة.
وفي حين يقول دعاة التغذية (النباتية) إن النباتيين يعيشون أطول من آكلي اللحوم، ويقولون إنها أرحم بالحيوانات، وإنها تطلق غاز ثاني أكسيد كربون أقل، يتحدث دعاة التغذية اللحمية عن 14 مرضًا مزمنًا يصيب النباتيين أكثر من آكلي اللحوم، وإن فرط زراعة المحاصيل الزراعية يضر بالتربة، وإن عملية حصاد المزروعات بالمكائن الضخمة تقتل آلاف الحيوانات اللبونة وتطلق غاز ثاني أكسيد كربون أكثر.
وأثارت دراسة أميركية جديدة تقول إن التغذية النباتية أكثر ضررًا على البيئة من التغذية الاعتيادية الكثير من الجدل في ألمانيا، خصوصًا في الصحافة البيئية المكتوبة والمقروءة. واشتد الجدل بعد دراسة ألمانية موازية توصلت إلى نتائج معاكسة تقول إن إنتاج المحاصيل يطلق غاز ثاني أكسيد أقل.
انصب اهتمام الباحثين الأميركان من جامعة بنسلفانيا على معرفة مدى تأثر البيئة في الولايات المتحدة لو أن مواطنيها كافة تحولوا إلى نمط التغذية النباتية (الفيجيتاريان) أو نمط التغذية النباتية المفرط (الفيجان) الذي يتخلى فيه الإنسان حتى عن منتجات الحليب والبيض أيضًا. وتوصل الباحثون إلى أن انبعاث ثاني أكسيد الكربون سينخفض في هذه الحالة، إلا أن استهلاك الطاقة والماء سيتضاعف. وكانت كميات الغاز المنبعثة عند زراعة المحاصيل للاستهلاك البشري أكبر بشكل واضح من كميات الغاز المنطلقة عن إعلاف حيوانات الذبح. وإذا ما تحول كل الناس إلى نباتيين فإن الزراعة ستلتهم ضعف المساحات الزراعية، كما ستتأثر نوعية التربة وتتقحل.
ثم سيستهلك الأميركيون الكثير من الطاقة والماء بغية تحضير وجبات الطعام النباتية البحتة (الفيجانية) من المحاصيل، وتتفاقم الحالة عند اعتماد التغذية الفيجيتارية عند السكان، لأن أفراد هذه الفئة يستهلكون البيض ومنتجات الحليب أيضًا، ويستهلكون بالتالي طاقة وماء أكثر. وحسب العلماء أن تحضير 4 علب (ربع كيلوغرام للعلبة) من الزبدة يطلق 22 كغم من غاز ثاني أكسيد الكربون مقارنة بـ13 كيلوغراما من الغاز تنبعث عند تحضير كيلوغرام واحد من لحم البقر. وتبدو الحالة أفضل، والفرق لصالح التغذية اللحمية أكبر، عند تناول اللحوم البيضاء، لأن تحضير الكيلوغرام الواحد منها يطلق 3.5 كيلوغرام من غاز ثاني أكسيد الكربون.
على الصعيد نفسه، توصل فريق عمل من جامعة ماينتز الألمانية إلى نتائج معاكسة للنتائج التي توصل إليها الفريق الأميركي من بنسلفانيا. وتعتقد الدراسة أن النباتيين أرحم بالبيئة، حيوانات ونباتات وجو، من آكلي اللحوم.
وتقول الدراسة الألمانية الجديدة إن التوصل إلى وحدة محاصيل ناضجة (لنقل تفاحة واحدة) يطلق 153 غرامًا من غاز ثاني أكسيد الكربون، وهذا يقل 80 مرة عن الغاز المنبعث عند تحضير قطعة ستيك، ويقل 22 مرة عن تحضير لحم الدواجن. ويضيف الباحثون أن غاز ثاني أكسيد الكربون في الحالة النباتية ينبعث بسبب النقل أساسًا، وليس بسبب الإنتاج. ويكون انبعاث الغاز أقل عند استخدام المحاصيل الزراعية المنتجة محليًا، لا عند استخدام المحاصيل المستوردة، لأن طرق النقل أقصر. وهذا ينطبق على اللحم العضوي الذي ينتج محليًا بأعلاف محلية، لأنه يطلق في هذه الحالة غاز ثاني أكسيد كربون أقل مما ينبعث عند تحضير علبة زبدة أو حليب الصويا.
مع ذلك تبقى المواد النباتية أرحم بالبيئة من المنتجات الحيوانية، لأن إنتاج كيلوغرام واحد من لحم البقر، أي ما يصلنا منه على مائدة الطعام كـ«ستيك»، يلحق ضررًا بالبيئة يعادل ضرر سيارة تسير مسافة 1600 كيلوغرام. وعندما وضع الباحثون مادة «توفو» النباتية الصينية في ميزانهم البيئي، توصلوا إلى أن إنتاج كيلوغرام واحد من التوفو لا يطلق غاز الميثان، لكنه يطلق 3.8 كيلوغرام من غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو يعادل ما يقطعه الإنسان بسيارة متوسطة الحجم مسافة 19 كيلومترا. وهنا حسب العلماء أيضا كميات الأسمدة المستخدمة، وعمليات الحصاد والنقل ومن ثم الإنتاج.
مشاركة منه في الجدل حول الدراستين، انتقد البروفسور أوفه كنوب، عالم التغذية من جامعة غراس النمساوية، ما أطلق عليه «اللوبي النباتي» الذي يتعامل مع الدراسات حول فوائد التغذية النباتية كحقائق ثابتة. وقال إن الدراسات أثبتت تفوق النباتيين الصحي على أكلة اللحم «إحصائيًا»، لكنها لم تثبت ذلك علميًا. وكتب كنوب في مجلة «بلوس وان» أن ذلك يشمل أيضًا نتائج دراسة جديدة أجراها فريق علمي بقيادته وتوصل إلى أن 14 مرضًا مزمنًا خطيرًا تنتشر بين النباتيين أكثر من انتشارها بين «آكلي اللحوم».
كانت نسبة أمراض الحساسية بين النباتيين تبلغ ضعفها بين أكلة اللحم وبالضبط 30.6 مقابل 16.7 في المائة. وكانت الأمراض السرطانية بين النباتيين 4.8 في المائة مقابل 1.8 في المائة بين أكلة اللحوم. ثم أتت نسبة جلطات القلب بين النباتيين أكثر منها بين الاعتياديين وبلغت 1.5 في المائة مقابل 0.6 في المائة. ويبدو أن النباتيين أكثر عرضة للأمراض النفسية، خصوصًا الاكتئاب، لأن نسبة هذه الأمراض بينهم ترتفع إلى 9.4 في المائة مقابل 4.5 في المائة. شملت هذه الدراسة 1320 موطنًا، إضافة إلى نتائج الحملة النمساوية للمقابلات الصحية التي شملت 450 ألفًا. وكان العلماء من جامعة هلدسهايم الألمانية توصلوا إلى تفش أكبر للأمراض النفسية بين النباتيين. وذكرت الباحثة ناتاليا بوركرت، من جامعة هلدسهايم، أنها اعتمدت نتائج الحملة الألمانية للمقابلات الصحية في دراستها، وتوصلت إلى أن النباتيين أكثر عرضة للأمراض النفسية والأمراض النفسية - الجسدية من غيرهم. وانطبقت هذه النتائج على العلاقة بين التغذية النباتية والإصابة بداء الشقيقة (الصداع النصفي) والاكتئاب والاضطرابات الذهنية.
وتوصلت الدراسة الألمانية أيضًا إلى النباتيين يزورون العيادات الطبية أكثر من غيرهم (خصوصًا عيادات أطباء الأمراض النفسية)، كما يتعاطون أدوية وعقاقير أكثر من الناس الاعتياديين سواء كانت هذه الأدوية كيمياوية مصنعة أو أدوية طبيعية.
جدير بالذكر أن الجدل حول تقرير فيلكس أولشيفسكي، الباحث في شؤون التغذية الألماني، لم ينته حتى الآن منذ أن نشره على صفحته على الشبكة العنكبوتية قبل أشهر. وكتب الباحث، على موقعه «التغذية والصحة المستديمة»، أن النباتيين يقتلون حيوانات تزيد 25 مرة عما يلتهمه «آكلي اللحوم» من حيوانات. وأضاف أولشيفسكي «أن على من لا يأكل اللحم، بسبب حبه للحيوانات، أن يعرف أن زراعة المحاصيل الزراعية، ومن ثم حصادها، يؤدي إلى قتل عدد كبير من الحيوانات البرية، ومعظمها من اللبائن».
استشهد الكاتب بتقرير جمعية الرفق بالحيوان الألمانية الذي ثبت أن 500 ألف حيوان ينفق سنويًا خلال عمليات الحصاد بالماكينات الضخمة. بينها 90 ألف غزال صغير، وأعداد أكبر من القوارض واللبائن الصغيرة. مع ملاحظة أن الحشرات والحيوانات الأخرى (التي لا تحس) لم تدرج في هذه الإحصائية. وقال بعدم توفر أرقام مضبوطة عن الضحايا الحيوانية لعملية زراعة النباتات، ومكافحة الآفات الزراعية والقوارض، وإلا لتضاعف هذا الرقم كثيرًا.
وبعد الحملة التي تعرض لها أولشيفسكي من أنصار التغذية النباتية، ومن جمعيات الرفق بالحيوان، قال إنه لم يقل إن التغذية على اللحم أفضل من التغذية على النباتات، ولكنه قال إن علينا أن نقبل حقيقة أننا نؤذي الحيوانات وإن أكلنا النباتات فقط. حتى المتغذين على الفواكه فقط يضرون بالبيئة، بهذا الشكل أو ذاك، لأن بذور هذه النباتات تستقر في غالب الأحيان في المزابل كي يجري لاحقًا حرقها، أو تذهب إلى المجاري.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».