منظمات دولية تتهم دمشق باستخدام الجوع كـ«سلاح حرب»

الائتلاف يؤكد حالات اختناق من غازات سامة بجوبر.. ومقتل رابع قيادي في «داعش» خلال يومين

سوريون يحاولون عبور حاجز ترابي للوصول إلى الحدود التركية - السورية أمس (أ.ف.ب)
سوريون يحاولون عبور حاجز ترابي للوصول إلى الحدود التركية - السورية أمس (أ.ف.ب)
TT

منظمات دولية تتهم دمشق باستخدام الجوع كـ«سلاح حرب»

سوريون يحاولون عبور حاجز ترابي للوصول إلى الحدود التركية - السورية أمس (أ.ف.ب)
سوريون يحاولون عبور حاجز ترابي للوصول إلى الحدود التركية - السورية أمس (أ.ف.ب)

اتهمت منظمات دولية، أمس، النظام السوري بارتكاب «جرائم حرب» في ظل حصارها لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، وانهيار نظام الرعاية الصحية، ما تسبب بموت أطفال حديثي الولادة، بينما سجل تقدم ميداني للقوات السورية في حماه ودرعا، تمثل باستعادة السيطرة على منطقتين، في ظل القصف الجوي الذي تتعرض له مناطق متفرقة في حلب وريف دمشق. وفي غضون ذلك، نعى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) مقتل أحد قيادييه في مدينة الرقة، ليكون هذا القيادي الرابع في التنظيم الذي يلقى حتفه خلال أقل من يومين.
وبرز تطور لافت في ريف دمشق أمس بإعلان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إصابة خمسة مدنيين أول من أمس بحالات اختناق «نتيجة استهداف قوات النظام لحي جوبر، شرق العاصمة دمشق، بغازات سامة». ونقل الائتلاف، في بيان نشر على موقعه الإلكتروني، عن أحد الأطباء الموجودين في النقطة الطبية، أن المصابين «فور وصولهم كانت تظهر عليهم أعراض تعرق وتضيق في حدقة العين وضيق في التنفس».
وطالب الائتلاف «الأمم المتحدة بالقيام بواجباتها في حماية المدنيين السوريين، والتدخل الفوري والعاجل لحماية السلم والأمن الدوليين وفقا لميثاق الأمم المتحدة»، داعيا «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بالتحقيق في الحادثة واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال جرى التأكد من نقض النظام وانتهاكه للاتفاق المتعلق بتسليم أسلحته الكيماوية».
واتهمت منظمة العفو الدولية، أمس، القوات النظامية باستخدام الجوع كـ«سلاح حرب»، بحصارها حي اليرموك الذي تسبب بمقتل نحو 200 شخص، معظمهم ماتوا من الجوع. وقالت منظمة العفو إن «مئات الآلاف من السكان المدنيين في اليرموك قتلوا أو أصيبوا أو هلكوا نتيجة للتجويع المتعمد وتدمير وسائل دعمهم أو نتيجة الهجمات المباشرة على المدنيين والهجمات العشوائية». وقال كريس جونيس، المتحدث باسم الأونروا، إن الاشتباكات والقصف استمرا في اليرموك خلال مطلع الأسبوع وإن الوكالة لم تتمكن من إيصال المساعدات الإنسانية طوال الأيام التسعة الماضية.
ووصف المدير الإقليمي لمنظمة العفو فيليب لوثر حصار اليرموك بأنه «يصل إلى حد العقاب الجماعي للسكان المدنيين»، داعيا الحكومة السورية لأن تنهي حصارها «فورا وأن تسمح لوكالات المساعدات الإنسانية بالدخول دون أي قيود لمساعدة المدنيين المعذبين».
ولم يبقَ في اليرموك سوى 20 ألفا يعيشون تحت حصار بدأ أواخر عام 2012، قبل أن يتضاعف في يوليو (تموز) الماضي حين اشتبك مقاتلون من جبهة «النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) مع القوات النظامية. وأحصت منظمة العفو مقتل 194 مدنيا في اليرموك منذ ذلك الحين، مشيرة إلى أن ثلثي هذا العدد مات من الجوع.
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) وزعت الطعام على من بقوا من سكان اليرموك بموجب اتفاق أبرم في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي برعاية فلسطينية. ويعاني الآن 60 في المائة من المدنيين المحاصرين في مخيم اليرموك من سوء تغذية، في حين لم تدخل إلى المخيم من أشهر عدة الفواكه أو الخضار.
وذكرت منظمة العفو، في تقريرها، أن «حصار اليرموك ليس إلا الأكثر فتكا في سلسلة عمليات حصار مسلحة تفرضها القوات المسلحة السورية أو مجموعات مسلحة تابعة للمعارضة» على مناطق آهلة بالمدنيين في أنحاء مختلفة من سوريا، مشيرا إلى أن عدد هؤلاء المحاصرين في سائر أنحاء البلاد «يبلغ 250 ألف شخص». ورغم الظروف الإنسانية البالغة الصعوبة، تواصلت أمس العمليات العسكرية في مختلف أنحاء البلاد. وقال ناشطون إن القصف على منطقة مخيم خان الشيخ في ريف دمشق «تضاعف خلال الأسبوع الأخير قبل أن تحاول القوات النظامية التدخل لاقتحام الحي». وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة في محاولة من القوات النظامية اقتحام المدينة من الجهة الشرقية.
وشهدت جبهة القلمون هدوءا نسبيا، بحسب ما أفاد به ناشطون، قالوا إن المنطقة «خيم عليها هدوء حذر اخترقته اشتباكات متقطعة في جبهة ريما مع بعض القصف المتقطع على جبهة ريما ومداخل يبرود، غداة قصف عنيف تعرضت له أحياء في يبرود رنكوس وجيرود وبخعة ومضايا».
بموازاة ذلك، أفاد ناشطون بتقدم القوات النظامية من أطراف مدينة كرناز في ريف حماه الشمالي بعد مقتل أكثر من 20 عنصرا من الكتائب خلال اشتباكات عنيفة وقعت مساء السبت واستمرت حتى صباح أمس. كما تقدمت القوات النظامية في منطقة السوق في درعا، بعد اشتباكات اندلعت قبل شهر، شهدت عمليات كر وفر، أسفرت عن سيطرتها على سوق درعا، المتمثلة بشارعي هنانو والقوتلي وساحة بصرى. من جهة أخرى، أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) مقتل أحد قيادييه في مدينة الرقة، ليكون هذا القيادي الرابع في التنظيم الذي يلقى حتفه خلال أقل من يومين.
ونعت «مؤسسة الفرقان» التابعة لـ«داعش» القيادي «أبو صهيب الليبي» في الرقة، دون تفاصيل حول ظروف ومكان وفاته، بينما أفاد ناشطون بـ«وقوع انفجار في الرقة استهدف فندق (أوديسا) الذي تتخذه (داعش) مقرا لها، ما تسبب بمقتل عدد من مقاتليها».
وجاء ذلك غداة إعلان «داعش» مقتل ثلاثة من قيادييها وهم أبو عوف الليبي الملقب بـ«الأسد الهمام»، وأميره العسكري أبو مكرمة الأنصاري، إضافة إلى من وصفته بـ«المساعد الأول للقائد أبو وهيب».
وكانت «داعش» أعلنت أيضا مقتل «أبو بكر الحلبي»، مسؤولها المالي العام، وأحد أهم مؤسسي «الإدارة الإسلامية للخدمات في مدينة الرقة شمال وسط سوريا على يد النصيرية»، في إشارة إلى قوات النظام.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.