شيوخ عشائر عراقيون يدينون الاعتداء على سفارة السعودية في إيران

أيدوا جهود الرياض في مكافحة الإرهاب الإيراني

شيوخ عشائر عراقيون يدينون الاعتداء على سفارة السعودية في إيران
TT

شيوخ عشائر عراقيون يدينون الاعتداء على سفارة السعودية في إيران

شيوخ عشائر عراقيون يدينون الاعتداء على سفارة السعودية في إيران

أدان عدد من القادة والشيوخ العرب السنة في العراق أمس التدخلات الإيرانية في المنطقة والاعتداء على سفارة الرياض في طهران وقنصليتها في مشهد، والدور الإيراني الهادف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، مطالبين المجتمع الدولي بالتصدي للممارسات الإرهابية لإيران ومعاقبتها سياسيا واقتصاديا، معربين عن دعمهم «خطوات السعودية في التصدي للإرهاب الإيراني».
وقال ناجح الميزان، القيادي في «المشروع العربي»، لـ«الشرق الأوسط»: «التدخل في الشؤون الداخلية للسعودية مرفوض من قبل (المشروع العربي)، لأن التدخل في الشؤون الداخلية من قبل إيران بداية من العراق وحتى سوريا وغيرها. النفوذ الإيراني هو الذي يتحكم بالسلطة في سوريا ولبنان واليمن. هذا المشروع الإيراني مصدر لإحداث المشكلات والفوضى بين الأمة العربية كل. يعني بالتالي هو خلق صراعات بين الشيعة العرب والسنة العرب، والتدخل والقضاء على الأنظمة العربية كدول، لكي تعم الفوضى وتحل الميليشيات المرتبطة بها لحكم هذه المناطق. وقد حاولوا حماية نمر النمر، الذي هو أولا وأخيرا مواطن سعودي، والقضاء السعودي حكم عليه بالإعدام، وهذا القضاء يحكم به يوميا على الإرهابيين، لكن القضية اليوم هي أن إيران تدافع على الإرهاب وتتبنى جميع أشكاله سنيا وشيعيا. لكن نحن (المشروع العربي) من أول المتصدين للمشروع الإيراني، و(المشروع العربي) مقابل المشروع الإيراني. نحن مع الدول العربية في توجهاتها، ونحاول قدر استطاعتنا عدم السماح بالتدخل الإيراني، ونعمل على إزالة النفوذ الإيراني من العراق وباقي المناطق. ومن الخطط التي وضعناها في هذا السياق، إنشاء الفيدراليات في المناطق السنية لكي نقطع الطريق على التدخل الإيراني».
وأشاد الميزان بالتحالف الإسلامي العسكري الذي أعلنت السعودية تأسيسه قائلاً: «هناك تحالف إسلامي عسكري يجمع 34 دولة، بالإضافة إلى الدول العربية، فالمجتمع الدولي اليوم بين أن يقف مع الأغلبية أي 34 دولة التي هي أعضاء في مجلس الأمن والأمم المتحدة ودول تحترم القوانين الدولية والقضائية والسياسية، أو أن يقف مع دولة شاذة لا تحترم الاتفاقات الدولية، خصوصا حرب السفارات، فإيران معتادة منذ عهد الخميني وحتى الآن على أخذ الرهائن من السفارات ورعاياها في إيران، إضافة إلى تدخلاتها والحروب التي خاضتها ودعمها للإرهاب في ليبيا والعراق.. وغيرها، فينبغي أن توضع إيران وحكومتها ضمن قائمة الإرهاب، وعلى المجتمع الدولي أن يفرض ضدها العقوبات والحصار في كل المجالات».
من جهته، بين الشيخ عبد الرزاق الشمري، الأمين العام لتجمع القوى العراقية الرافضة للمشروع الإيراني التوسعي، لـ«الشرق الأوسط» أن «الإدانات العربية الواسعة لاعتداء إيران على سفارة السعودية جاءت لأن العرب اعتبروا العدوان على الرياض عدوانا عليهم جميعا»، وأضاف: «الكل يعلم أنه عندما اعتدي على سفارة السعودية في طهران، انتفضت جميع الشعوب العربية ضد هذا الاعتداء، لأنه لا يعتبر اعتداء على السعودية فقط، وإنما يُعتبر اعتداء على الأمتين العربية والإسلامية لما تحظى به السعودية من قدسية ورمزية لدى هاتين الأمتين. بالنسبة لنا كعشائر عربية سنية في العراق، قبل نحو يومين أصدرنا بيانا أعلنا فيه دعمنا المطلق للسعودية في جميع خطواتها لمواجهة الاعتداء الإيراني، واستنكرنا فيه الاعتداءات الإيرانية على العراق وسوريا ولبنان واليمن وتدخلاتها الصارخة في شؤون هذه الدول».
وتابع الشمري: «نحن لدينا رسالتان: الأولى إلى الدول العربية والإسلامية نطالبها فيها بأن تخطو الخطوات نفسها التي خطتها السعودية والبحرين وقطر وجميع دول الخليج والسودان أيضا. أما رسالتنا إلى المجتمع الدولي فهي المطالبة بفرض عقوبات سياسية واقتصادية على إيران».
بدوره، شدد الشيخ أحمد الحسان، أحد شيوخ الشمر في العراق، بالقول إن الرد يجب أن يكون صارما من كل الدول العربية لوقف اعتداءات إيران، ويضيف: «إيران تمادت كثيرا بقتل الشعب العراقي والسوري والسعودي، فالتفجيرات التي وقعت في السعودية نُفذت بدوافع إيرانية، وكذلك الانفجارات التي تحدث في العراق، وما يجري في سوريا، لذا على جامعة الدول العربية أن تنهض من سباتها وتقطع علاقاتها مع إيران التي لسنا مستفيدين منها سوى الشر والعدوان. فالشعب العربي اليوم يؤيد الخطوات التي قامت بها السعودية بإعدام الإرهابي النمر، كما أن السعودية لم تعدم شخصا واحدا، بل أعدمت غيره أيضا، ومن ضمنهم عرب سعوديون سنة، وليس شيعة فقط. فالنمر إرهابي مثل البقية من المجموعة الذين كانوا سنة، وهو لا يختلف عنهم في قتل الشعوب، ونحن ندعم كل خطوات السعودية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.