أمين حزب «الكوملة» الكردستاني الإيراني: الشرق الأوسط لن يشهد استقرارًا ما دام النظام الحالي يحكم إيران

عبد الله مهتدي لـ {الشرق الأوسط}: طهران لها تاريخ طويل في الاعتداء على السفارات وخرق المواثيق

عبد الله مهتدي أمين عام حزب «الكوملة» الكردستاني أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط»
عبد الله مهتدي أمين عام حزب «الكوملة» الكردستاني أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط»
TT

أمين حزب «الكوملة» الكردستاني الإيراني: الشرق الأوسط لن يشهد استقرارًا ما دام النظام الحالي يحكم إيران

عبد الله مهتدي أمين عام حزب «الكوملة» الكردستاني أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط»
عبد الله مهتدي أمين عام حزب «الكوملة» الكردستاني أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط»

قال عبد الله مهتدي، أمين عام حزب «الكوملة» الكردستاني الإيراني، إن الشرق الأوسط والعالم لا يمكن أن يشهدا استقرارا ما دام نظام الملالي يحكم إيران، وأكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن طهران لها تاريخ طويل في الاعتداء على البعثات الدبلوماسية وخرق الأعراف الدولية، وأن «ما حدث من اعتداء على سفارة السعودية في طهران الأسبوع الماضي ليس سلوكا جديدا».
وأكد أن «الأكراد كانوا ولا يزالون جبهة مقاومة في وجه نظام طهران المتسلط، وسيواصلون النضال من أجل المطالبة بالقومية المشروعة».
وعن جرائم إيران في المنطقة ومشاريعها في الدول العربية يقول: «إيران تحاول من خلال تدخلاتها وخطواتها التوسعية في المنطقة وبالاعتماد على إمكاناتها الكثيرة، أن تضرب الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة، ومثال على ذلك المحاولة الإرهابية الإيرانية لتفجير مقراتنا في إقليم كردستان في أغسطس (آب) الماضي، فلولا اكتشافنا الأمر قبل وقوعه لحلت كارثة كبيرة بنا جراء تلك المحاولة، فإيران تستخدم الإرهاب والتدخلات في ضرب معارضيها. وفي المقابل، نحن نواصل نشاطاتنا العسكرية ضد هذا النظام، ونظمنا كثيرا من الفعاليات السياسية المناهضة لطهران مثل المظاهرات داخل المدن في كردستان إيران، لكن معركتنا مع إيران غير متكافئة، فنحن نواجه هذا النظام لوحدنا، وفي الوقت ذاته يواصل النظام عسكرة مدن كردستان ويقمع المواطنين الكرد ويطلق النار عليهم، ويعدم شبابنا ويزج بهم في سجونه. وهنا أُشدد على أن تغيير إيران لن يتم إلا من الداخل، لذا يجب مساعدة شعوب إيران من الكرد والمعارضة الآخرين، لأنه باستطاعتهم إحداث التغيير في النظام السياسي الإيراني، والوقت حان لذلك».
ويرى مهتدي أن الاتفاق النووي بين القوى الغربية وإيران «فتح المجال أمام شهية طهران التوسعية لمواصلة التخريب والتدخلات المباشرة، وجعل الإيرانيين يثقون بأنفسهم وأنهم قادرون على التدخل دون ردع»، ويضيف: «للاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست العظمى تأثيران: الأول تسبب في إطلاق يد إيران إقليميا لتتدخل بقوة أكبر وجعل طهران تثق بنفسها بشكل أكبر وتتوسع بشكل كبير عن طريق اعتداءاتها الكثيرة، فها هي تكشف الستار عن تدخلاتها في سوريا، في حين أنها كانت تخفيها من قبل، وفي العراق أنشأت (الحشد الشعبي) لتقوي موقعها، وقد فعلت هذا في كل المناطق التي امتد إليها نفوذها. أما التأثير الثاني لهذه الاتفاقية، فهو التأثير الداخلي؛ فمن ناحية السياسة الداخلية جعلت هذه الاتفاقية الوضع السياسي الداخلي لنظام إيران أكثر تعقيدا، وجعلت نضال الشعوب الإيرانية ضده أكثر سهولة». ويضيف: «النظام الإيراني وبعد عام 2009 وحتى الآن وبفعل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه وانخفاض أسعار النفط، يعيش أضعف حالاته، لذا لن يقاوم كثيرا إذا بدأت الفعاليات الاجتماعية والنضال العلني لمواجهته ومناهضته من داخل إيران. نحن لنا خططنا الخاصة في هذا المجال، لكن تنفيذ هذه الخطط وإدارتها مرتبط بالتأييد والدعم العالمي»، مستدركا: «نريد أن نتأكد من استعداد العالم سياسيا ومعنويا وماديا لتلك التغييرات».
مهتدي تحدث عن معلومات لديه بأن الأوضاع الاقتصادية في إيران متهرئة وخطرة، ويقول: «الاقتصاد الإيراني منهار، ونسبة الفقر ازدادت خلال السنوات الماضية ستة أضعاف ما كانت عليه من قبل، وتوقف الإنتاج في كل المجالات إلى حد ما. 80 في المائة من المصانع الإيرانية لا تتمكن من شراء المواد الخام لإنتاج البضائع، فيما ترتفع نسبة البطالة في إيران إلى مستويات مخيفة».
وعن الاعتداء الإيراني على سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد الإيرانية، قال مهتدي: «يحاول نظام طهران أن يظهر للعالم أن الاعتداءات التي شُنت على سفارة السعودية وبعثتها الدبلوماسية في إيران كانت رد فعل طبيعيا من قبل المواطنين، لكن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة، فهذه ليست المرة الأولى التي يعتدي فيها النظام على سفارات الدول في طهران، ففي عام 1979 عندما اعتدى النظام عن طريق مجموعة من الشباب التابعين له على سفارة الولايات المتحدة الأميركية، واحتجزوا الدبلوماسيين الأميركيين رهائن لمدة 444 يوما، مدح الخميني تلك الفعلة في حينها، وقال: (الهجوم على السفارة الأميركية ثاني ثورة في إيران وأهم من الثورة الإسلامية)، وأعادوا هذه الاعتداءات على سفارة الدنمارك، وسفارة باكستان، وسفارة بريطانية، وها هم يعيدون الاعتداءات نفسها على سفارة السعودية، فالذين ينفذون هذه الاعتداءات في إيران هم من عناصر الحرس الثوري ويشرف عليهم مكتب علي خامنئي بشكل مباشر، ولا يستطيع أحد في إيران الحديث عنهم أو مساءلتهم.. لذا لن يشهد العالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط خاصة، الأمن والاستقرار ما دام النظام السياسي في إيران موجودا في الحكم».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.