بوادر تقارب بين دمشق والدوحة بعد إطلاق راهبات معلولا

رئيسة الدير أشادت بالاتصالات القطرية ـ السورية .. وخبراء تحدثوا عن مساعٍ للانفتاح

راهبات معلولا لدى وصولهن الى معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان فجر أمس (أ.ب)
راهبات معلولا لدى وصولهن الى معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان فجر أمس (أ.ب)
TT

بوادر تقارب بين دمشق والدوحة بعد إطلاق راهبات معلولا

راهبات معلولا لدى وصولهن الى معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان فجر أمس (أ.ب)
راهبات معلولا لدى وصولهن الى معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان فجر أمس (أ.ب)

حدد تصريح رئيسة دير مار تقلا في بلدة معلولا الأم بيلاجيا سياف، بعد لحظات على وصولها وراهبات الدير إلى معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان، ملامح الدور الذي لعبته دولة قطر في إتمام صفقة إطلاق سراح الراهبات السوريات واللبنانيات مقابل خروج 152 معتقلة من سجون النظام السوري. إذ أن سياف، لم تتردد فجر أول من أمس، في توجيه الشكر إلى من ساهم بإطلاق سراحهن، لا سيما «السيد الرئيس بشار الأسد وتواصله مع أمير قطر (الشيخ تميم بن حمد آل ثاني) ومساعدتهما لنا». وقالت: «نشكرهما فوق الحدود».
وكان وصول رئيس الاستخبارات القطرية غانم الكبيسي إلى بيروت بشكل مفاجئ، صباح أول من أمس، وتوجه مسؤولين أمنيين قطريين برفقة موكب اللواء عباس إبراهيم، المدير العام للأمن العام اللبناني، إلى جرود بلدة عرسال الحدودية لتسلم الراهبات من منطقة يبرود المجاورة، والإشراف على عملية التبادل، أثار تساؤلات كبيرة حول مصلحة قطر من تقديم نفسها كوسيط في ملف إنساني، في ظل عزلتها الخليجية الأخيرة بعد سحب المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة، علما بأنه سبق أن بذلت السلطات القطرية جهودا مماثلة أثمرت عن إطلاق سراح 48 إيرانيا مقابل أربعة طيارين أتراك وأكثر من ألفي معتقل سوري يناير في (كانون الثاني) 2013، إضافة إلى إطلاق سراح اللبنانيين التسعة من أعزاز في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ورغم نفي اللواء إبراهيم الذي قاد المفاوضات مع مدير المخابرات القطرية غانم الكبيسي ووصفته رئيسة دير معلولا بـ«الوسيط الكبير»، أن تكون أي مبالغ مالية دفعت لإتمام صفقة التبادل، لكن تقارير إعلامية عدة أكدت دفع قطر مبلغا ماليا كبيرا للجهة الخاطفة التي تولت التنسيق معها، وتراوحت التقديرات بشأنه بين أربعة إلى 16 مليون دولار أميركي، علما بأن الراهبات كن محتجزات لدى مجموعة من جبهة النصرة يقودها شخص معروف باسم «أبو مالك الكويتي».
وأفرج عن 13 راهبة وثلاث مساعدات لهن من دير مار تقلا في معلولا السورية، بعد احتجازهن لأشهر. وبث ناشطون معارضون شريطا مصورا يظهر نقل راهبات دير مار تقلا، وهن لبنانيات وسوريات، من مكان احتجازهن إلى جرود بلدة عرسال الحدودية في شرق لبنان، حيث تسلمهن الأمن العام اللبناني، وسلم المقاتلين في المقابل سيدة وثلاثة أطفال كانوا محتجزين في سوريا. ووصلت الراهبات فجر أمس إلى معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان حيث أقيم لهن حفل استقبال قصير في صالون الشرف، وبدا عليهن الإرهاق. ودخلت الراهبات وسط جمع من الصحافيين والرسميين واللواء إبراهيم، وصافحت الراهبات مستقبلينهن، وبدت الابتسامة على وجوههن، وارتدين اللباس الديني القاتم اللون، وعلقن صلبانا حول أعناقهن. وأكدت رئيسة الدير أن أيا من المفرج عنهن لم تتعرض لسوء خلال فترة احتجازهن منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقالت: «جميعنا، الأشخاص الـ16 الذين كنا هناك، لم نتعرض لأي مساس بنا أو سوء».
أضافت: «المعاملة كانت جيدة، حسنة، حتى أن شخصا يدعى جورج حسواني (أحد وجهاء يبرود) وضع في تصرفنا كل البناية» التي احتجزن فيها في يبرود، أبرز معاقل المعارضة في القلمون قرب الحدود اللبنانية.
وقالت سياف بأن «الجبهة (النصرة) كانت معاملتها جيدة معنا.. كانت توفر لنا كل طلباتنا». وأضافت ردا على سؤال عن سبب عدم وضعهن الصلبان أثناء الاحتجاز، أن الخاطفين لم يطلبوا ذلك، بل إن الراهبات فضلن عدم وضعه لأنهن رأين أن وضعه لم يكن مناسبا نظرا لظروف الاحتجاز.
وكانت عملية الإفراج تأخرت ساعات طويلة، وقال اللواء إبراهيم إن «الخاطفين حاولوا في اللحظة الأخيرة التغيير وتحقيق مكتسبات أكبر، لكننا قلنا لهم بأننا ننفذ ما اتفقنا عليه، وإلا نوقف العملية».
وشكر الرئيس اللبناني ميشال سليمان في اتصال هاتفي أمس «أمير قطر والدولتين السورية والقطرية والأطراف المعنية بهذا الملف للمساعي التي ساهمت في إطلاق الراهبات».
ويوضح الخبير الاستراتيجي العميد اللبناني المتقاعد أمين حطيط، لـ«الشرق الأوسط» أن عملية إطلاق الراهبات جاءت نتاج ثلاثة عوامل، أولها «الضغط العسكري الميداني الذي مارسه الجيش السوري وحلفاؤه في يبرود، ما جعل إمكانية استمرار تحكم الجهة الخاطفة بمصير الراهبات غير مضمون، ودفعها إلى الموافقة على المضي بالصفقة».
ويتمثل العامل الثاني، وفق حطيط، بـ«المصلحة المشتركة بين الجهة الخاطفة، أي جبهة النصرة، وقطر، التي تمولها وتشكل مرجعيتها السياسية»، لافتا إلى أن «مصلحة النصرة هي في التخلص من العبء ومصلحة قطر في أن تنقذ جبهة النصرة من تداعيات هذا العبء». وفي إطار شرحه للعامل الثالث، يرى حطيط أن «من مصلحة قطر أن تظهر نفسها فاعلة في عملية إنسانية، بما يخرجها من المسؤولية المباشرة عن الجهة الخاطفة إلى موقع الوسيط مع هذه الجهة»، عادا أنها تسعى من وراء ذلك إلى «كسر عزلة فرضتها عليها قرارات السعودية والإمارات والبحرين وإلى منافسة السعودية على محاربة الإرهاب، بمعنى أنها تقدم نفسها وكأنها تضغط لتخفف مفاعيل الأعمال الإرهابية».
ويشير حطيط في الوقت ذاته، إلى أنه «لم يكن ممكنا لقطر القيام بدور الوساطة لولا إيجاد الطرف المفاوض وتمثل بلبنان من خلال اللواء عباس إبراهيم، الذي أنجح العملية بموازاة الدور السوري العسكري».
في موازاة ذلك، يشرح الباحث اللبناني أستاذ العلاقات الدولية سامي نادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، القرارات المتخذة في عدد من الدول العربية التي تكرس سقوط الرهان على «الإخوان المسلمين» أو «الإسلام السياسي»، انطلاقا من تجربة مصر مرورا بالمشهد السياسي القائم حاليا في تونس ولبنان والعراق وصولا إلى قرارات دول في مجلس التعاون الخليجي وحظر السعودية للمجموعات الإرهابية. ويقول نادر «هناك خيار مشترك سقط في هذه الدول مقابل طغيان الخيار البديل»، ليستنتج أن «هدف قطر من خلال مساعيها مع الخاطفين التأكيد على أنها لا تزال تتمتع بنفوذ»، وإن كان يعتقد أن ما قامت به «لا يتخطى مجرد تلميع لصورتها إزاء تراجع نفوذ الإسلام السياسي».
ويعرب نادر عن اعتقاده بأن السؤال الأساس يبقى «هل تسعى قطر إلى النفوذ بأي ثمن؟ وهل يتطلب منها هذا النفوذ السير على حافة الهاوية أم الانتقال إلى الضفة الأخرى؟». ويضيف: «أين يبدأ دور الوسيط وما هي حدوده؟ وهل يمكن أن يصل إلى حد التضحية بالاستقرار والمصالح العربية».
وفي موازاة إشارة نادر إلى أن «قطر أمام خيارين: إما أن تلعب دور الوسيط وبناء الجسور أو أن تلعب النفوذ بأي ثمن وإن كان على حساب الحقوق العربية»، يعرب حطيط، الخبير الاستراتيجي المقرب من حزب الله، عن اعتقاده بأنه لا يزال من المبكر توقع نتائج الجهود القطرية وتداعياتها على علاقتها بالنظام السوري.
ويقول حطيط في هذا السياق: «من السابق لأوانه أن تنتقل قطر إلى الخانة الإيجابية مباشرة لكنها بالتأكيد تسعى للانفتاح على دمشق، وإذا التزمت بالشروط السورية لفتح الباب ستسرع الأمور بطبيعة الحال». ويحصر هذه الشروط بثلاثة: «تغيير أداء مؤسساتها الإعلامية والانتقال إلى الموقع المحايد على الأقل؛ وقف عمليات الجهات الإرهابية التي تمولها وتحديدا (داعش) و(النصرة)، إضافة إلى وقف العدائية في الجامعة العربية، علما بأن قطر لم تكن رأس حربة ضد سوريا». ويرى أن «اختبار الانفتاح على سوريا يلزمه فترة تجريبية تتراوح بين أسبوعين وشهر»، متوقعا أن «تقدم قطر تنازلات عدة خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن صراعها مع بعض الدول العربية بات متقدما ودخل إلى منطقة اللاعودة».
وفي غضون ذلك، عد مدير عام الأمن العام السابق في لبنان جميل السيد، في بيان، أمس، أن «القيادتين السورية والقطرية بذلتا الكثير من الجهود والتضحيات متجاوزتين الخلافات والاعتبارات السياسية في سبيل تحقيق هذا الهدف الإنساني النبيل (الإفراج عن الراهبات)»، آملا «أن يكون هذا التعاون فاتحة خير لعودة التواصل الأخوي بين الدول العربية، ما يؤدي إلى وقف الحرب المجنونة والعبثية على سوريا التي باتت تطال بأخطارها المنطقة العربية بأسرها من دون استثناء».



«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
TT

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاعين التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

وفي المجال التعليمي، وقع «مركز الملك سلمان»، أمس (الثلاثاء)، اتفاقية تعاون مشترك مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني؛ لتنفيذ المرحلة الثالثة من «مشروع العودة إلى المدارس» في مديرية المخا بمحافظة تعز ومنطقة ثمود بمحافظة حضرموت، وفي محافظات شبوة وأبين ولحج، التي يستفيد منها 6 آلاف فرد.

وجرى توقيع الاتفاق على هامش «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة» في مدينة الرياض، حيث وقع الاتفاقية مساعد المشرف العام على مركز العمليات والبرامج، المهندس أحمد بن علي البيز.

وسيجري بموجب الاتفاقية توفير 60 فصلاً من الفصول البديلة المجهزة بالكامل، وتجهيز وتأثيث 10 مدارس؛ لتوفير بيئة تعليمية ملائمة للطلاب والطالبات، بالإضافة إلى توفير 6 آلاف زي مدرسي وحقيبة تحتوي على المستلزمات المدرسية، فضلاً عن إيجاد فرص عمل للأسر من ذوي الدخل المحدود (المستفيدة من مشاريع التدريب والتمكين السابقة) من خلال تجهيز الحقائب والزي المدرسي المحلي الصنع.

ويأتي ذلك في إطار الجهود الإغاثية والإنسانية التي تقدمها المملكة عبر ذراعها الإنسانية مركز الملك سلمان للإغاثة؛ بهدف تعزيز العملية التعليمية الآمنة وانتظامها، ومواجهة تسرب الطلاب من المدارس بالمناطق المستهدفة.

وفي القطاع الصحي، السياق وقع «مركز الملك سلمان» اتفاقية مع الجمعية الدولية لرعايا ضحايا الحروب والكوارث، لتشغيل مركز الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل في محافظة مأرب.

وسيجري بموجب الاتفاقية تقديم خدمات التأهيل الجسدي لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى متابعتهم والاستفادة منهم في خدمة المجتمع، والتشخيص وتحديد الخطة العلاجية لكل مريض على حدة، وتركيب الأطراف الصناعية بأنواعها.

ومن شأن الاتفاقية أن توفر خدمة إعادة التأهيل الوظيفي للأطراف الصناعية ومتابعتهم المستمرة، فضلاً عن رفع قدرات الكادر الطبي والفني مهنياً وعلمياً وتهيئته للتعامل مع الحالات النوعية، إضافة إلى الحد من هجرة الكوادر الطبية والفنية المتخصصة، ومن المقرر أن يستفيد منها 7174 فردًا.

من جهة أخرى، وقعت «منظمة الصحة العالمية» اتفاقية بقيمة 3.4 مليون يورو مع الحكومة الألمانية للحفاظ على خدمات الصحة والتغذية المنقذة للحياة في اليمن.

وقالت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، الأربعاء، إن «هذه المبادرة تأتي في وقت يواجه اليمن فيه حالة طوارئ ممتدة من الدرجة الثالثة، وهي أعلى مستوى للطوارئ الصحية للمنظمة».

وأضافت أن «اليمن يواجه تفشي للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات بما في ذلك فيروس شلل الأطفال، والإسهال المائي الحاد، والكوليرا، والحصبة، والدفتيريا، والملاريا، وحمى الضنك».

وأشارت إلى أنه تم الإبلاغ عن 33 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالحصبة منذ بداية العام الحالي، مع 280 حالة وفاة بسبب هذا المرض، فيما تم الإبلاغ عن 204 الآف حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا و 710 حالات وفاة، في الفترة التي بدأ فيها تفشي المرض في مارس (آذار) وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضيين.

وذكرت المنظمة أنه بحلول نهاية العام الحالي، من المتوقع أن تعاني أكثر من 223 ألف امرأة حامل ومرضع وأكثر من 600 ألف طفل من سوء التغذية.

وقالت: «من بين هؤلاء الأطفال، من المتوقع أن يعاني ما يقرب من 120 ألف طفل من سوء التغذية الحاد الوخيم، بزيادة قدرها 34 في المائة على العام السابق».