وكيل الأزهر: السعودية تواجه إرهابًا يحاول النيل من الأمة.. والتحالف الإسلامي «مصد المؤامرات»

د. عباس شومان وصف الاعتداء على سفارة الرياض في طهران بـ«الفظ»

الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)
الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)
TT

وكيل الأزهر: السعودية تواجه إرهابًا يحاول النيل من الأمة.. والتحالف الإسلامي «مصد المؤامرات»

الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)
الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر («الشرق الأوسط»)

رفض الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، محاولات بعض الدول للتدخل في شؤون السعودية الداخلية، وقال إن «السعودية لها الحق في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على أمنها»، وذلك في تعقيبه على حكمها الأخير بتنفيذ الإعدام بحق 47 إرهابيا. ووصف، في حوار مع «الشرق الأوسط» بمكتبه بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة، مشهد حرق السفارة السعودية في طهران بـ«الفظ»، مضيفا أن «الأمة الإسلامية الآن في حاجة ماسة للتحالف الإسلامي العسكري.. وهو خطوة لتحقيق وحدتها وتضامنها، وللتصدي لكل المؤامرات التي تحاك ليل نهار ضد الأمة الإسلامية».
وقال الدكتور شومان، وهو الأمين العام لهيئة كبار العلماء بمصر، إن «السعودية تقوم بمجهودات كبيرة، أراها واجبة على كل الدول الإسلامية، لمواجهة الجماعات المتطرفة وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي»، مؤكدا أن «الأزهر لا يستطيع تكفير (داعش)، لأن الحكم بالتكفير إنما هو اختصاص القضاء».
ووجه الدكتور شومان، الذي يعد الرجل الثاني في مشيخة الأزهر، رسالة لقيادات جماعة الإخوان الهاربين خارج مصر، قائلا: «عودوا لرشدكم بدلا من دعواتكم الكثيرة للتخريب»، مؤكدا أن دعواتهم للتظاهر في الذكرى الخامسة لـ«ثورة 25 يناير» خيانة. وفي ما يلي أهم ما جاء في الحوار:
> دعا الأزهر وهيئة كبار العلماء لعدم التدخل في شؤون السعودية عقب اقتحام متشددين إيرانيين مقر سفارتها وقنصليتها في طهران.. كيف ترى التعدي السافر والتدخل في شؤون السعودية من جانب إيران.. وما تعقيبكم على حكم السعودية بإعدام 47 إرهابيا؟
- الأزهر ضد التدخل في الشؤون الداخلية للدول خاصة السعودية، أما المشهد «الفظ» الذي أحاط بحادث السفارة السعودية في طهران فلن يؤدي إلى حل المشكلات العالقة.. أما أحكام الإعدام التي أصدرتها السعودية في حق 47 شخصا، من بينهم «شيعي»، فأقول: كل دولة لها الحق في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على أمنها.
> أطلقت السعودية التحالف الإسلامي للتصدي لأفكار الجماعات المتطرفة وفي مقدمتها «داعش».. كيف ترون تكوين هذا التحالف الآن؟
- الأمة الإسلامية اليوم في حاجة ماسة إلى ما يحقق لها وحدتها وتضامنها، ولا شك أن إطلاق السعودية للتحالف الإسلامي يعد خطوة مهمة تأخرت كثيرا، فالتكامل العسكري بين الدول الإسلامية أمر في غاية الأهمية، وليس بالضرورة أن يكون للمسلمين جيش واحد وقيادة واحدة؛ لكن تكفي الخطوة الأولى بتوقيع اتفاقات بين الدول الإسلامية للدفاع المشترك ضد أي اعتداء يقع على أي دولة إسلامية، ولا مانع من تكوين تحالف على غرار «حلف الناتو» مثلا تشارك فيه جميع الدول الإسلامية، وتحدد اتفاقياته كيفية تعامله وتدخله عند حدوث الأزمات دون تعقيدات ومفاوضات قد لا يحتملها الوقت.. فما يمر به العالم من أحداث مؤسفة أصابت كثيرا من البشر في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ومن كوارث متلاحقة، لم يكن عالمنا الإسلامي بمعزل عنه؛ بل نال أمتنا الإسلامية منه ما لم ينل غيرها من الأمم، ونجح أعداء أمتنا في النيل من العديد من دولنا الإسلامية بأساليب متعددة، منها بث الفتن التي أشعلت حروبا عسكرية بين دول إسلامية كما حدث بين العراق وإيران، وربما بين دول تنتمي إلى الهوية ذاتها كما حدث بين العراق والكويت، ومنها الاستهداف الاقتصادي، واستخدام ذرائع وأكاذيب كادعاء دعم بعض الدول الإسلامية للإرهاب، وهو ما ترتب عليه تدمير أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن بأيديهم (أعداء الأمة) وأيدي بعض أبناء هذه الدول للأسف الشديد.. وكذلك غض الطرف عن الفظائع التي تُرتكب من دول وجماعات عنصرية كإسرائيل التي تُنكل بأصحاب الأرض المغتصبة وتقتل الأطفال والشيوخ والنساء من الفلسطينيين على مرأى ومسمع من العالم أجمع، وسكوت العالم على الجرائم التي ارتكبت في البوسنة والهرسك وفي الشيشان وغيرهما من بلاد المسلمين، فضلا عن الصمم والعمى الذي أصاب العالم عن الفظائع التي كادت تُجهز على وجود أي أثر للمسلمين كما يحدث في بورما حتى وقتنا هذا.
> وماذا عن الجماعات الإرهابية؟
- كان من آخر مصائب عالمنا الإسلامي تلك الجماعات الإرهابية التي زُرعت بيننا برعاية ودعم كبير من أعداء الأمة التاريخيين، واتخذت من خلافات محلية وقودا لتنفيذ مخططات تستهدف الإسلام والمسلمين.. والأدهى والأمرّ أنها تتستر بالدين وتتسمى باسمه، وديننا من هذه الفظائع التي ترتكب في حق جميع البشر براء «براءة الذئب من دم ابن يعقوب».. لذلك نأمل أن يكون للتحالف الإسلامي دور مهم في الوقوف والتصدي لكل المؤامرات التي تحاك «ليل نهار» ضد الأمة الإسلامية.
> في رأيك.. كيف تتحقق وحدة المسلمين؟
- حتى تتحقق هذه الوحدة يلزمنا القيام ببعض الأمور، منها القناعة بأن هذه الوحدة هي سبيلنا الأوحد وخيارنا الاستراتيجي الذي لا بديل عنه، والإيمان بالتعددية المذهبية والفقهية، وعدم سعي فريق للاستحواذ على فريق آخر أو النيل من معتقداته، والسعي الحثيث لإحداث تقارب بين السنة والشيعة، ونبذ صور التعصب المقيت الذي يباعد بين الطرفين ويضع العراقيل التي لا يمكن معها تحقيق أي وحدة بين المسلمين، واحترام أنظمة الحكم وقوانين كل دولة من دول المسلمين وعدم التدخل في شأنها الداخلي.
> وما رأيكم في ما تقوم به السعودية بشأن التصدي للجماعات المتطرفة وفي مقدمتها «داعش»؟
- السعودية تقوم بجهود كبيرة أراها واجبة على كل الدول الإسلامية لمواجهة الأفكار والسموم التي تحاول النيل من الأمة وشبابها، فوجود مثل تلك الجماعات المتطرفة خاصة «داعش» هدفه الأساسي تدمير الأمة بتدمير عقيدتها، وما نسمعه يوميا من فتاوى داعشية ما هو إلا خطة محكمة تهدف لتدمير وتشويه التراث الإسلامي.. ومن هنا يجب على جميع الدول الإسلامية التصدي لهذه السموم الفكرية.
> المواجهة الفكرية أحد أركان التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب.. ما هي رؤيتكم في التصدي للتطرف فكريا؟
- حتى يتم التصدي لهذا الفكر الإرهابي المتشدد الذي يحاول تدمير العقيدة وهدم الدين، يجب الاتفاق على معايير ومنطلقات محددة تضبط حركة الفكر الإسلامي لنبني خطابا غير متنافر ولا متضارب ينطلق من ثوابت الدين، مستفيدا من تراثنا ومناسبا لزماننا، وهذا يقتضي تبني مناهج تعليمية متوازنة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتراعي التفاوت الثقافي بين الدول والشعوب، مع تبادل الخبرات بين المؤسسات التعليمية والدعوية والثقافية في الدول الإسلامية.
> يتردد من وقت لآخر انضمام أجانب لـ«داعش»، والكثيرون في الغرب طالبوا الأزهر أكثر من مرة بإصدار فتوى لتكفير «داعش».. هل يحتاج العالم لمثل هذه الفتوى؟
- إن الحديث عن خطورة الفكر التكفيري يدعونا إلى الاستفادة مما قدمه العلماء الثقات من أنحاء المعمورة، الذين أجمعوا على خطورة الفكر التكفيري، وبينوا للناس أن ديننا دين السماحة يأبى تكفير الناس إلا بيقين، وأنه لا مجال لتكفير من نطق بالشهادتين؛ إلا بجحدهما جملة أو إحداهما، أو أنكر ما عُلم من ديننا بالضرورة، كما بينوا أن الحكم بالتكفير إنما هو من اختصاص القضاء.. أما العلماء فمجال حديثهم في التكفير يقتصر على التحذير منه، وبيان خطورته، وتوضيح الأمور المكفرة دون إسقاط أحكام الكفر على الناس كما يحلو لكثير من مدعي العلم في زماننا.
> وما رأيكم في تكفير «داعش» للمجتمعات وكل من يخالفه؟
- أمر هؤلاء يثير الشفقة عليهم في نفوس العلماء العارفين بخطورة التكفير، ويكفي لبيان غفلة هؤلاء المكفرين قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رُدت إليه»، ولعلهم سمعوا يوما قول رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا أسامة بن زيد (رضي الله عنه) منكرا قتله لرجل قال «لا إله إلا الله» حين أدرك أنه مقتول: «فهلا شققت عن قلبه؟»، وإنكاره كذلك (صلى الله عليه وسلم) على سيف الله المسلول خالد بن الوليد (رضي الله عنه) قتله جماعة في معركة بعد أن قالوا «صبأنا»، وهي مجرد كلمة لا تعني أكثر من الخروج من دين إلى دين آخر، ولذا تصدق على من خرج من الإسلام إلى الكفر، وعلى من خرج من اليهودية إلى النصرانية، ولا تختص بالدخول في الإسلام أو الخروج منه، ومع ذلك رآها رسولنا (صلى الله عليه وسلم) كافية وموجبة للتوقف عن قتالهم حتى يعلم حقيقة أمرهم، لاحتمال دخولهم في الإسلام؛ حيث كانوا يقاتلون عليه، ولذا أنكر رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) على سيدنا خالد (رضي الله عنه)، وتبرأ من فعله، فقال: «اللهم إني لم آمر، ولم أشهد، ولم أرض إذ بلغني.. اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد». فإذا كان مجرد الشبهة كافيا لعصمة النفس، وإن احتمل وجود الكفر فيها، فما بالنا بأناس يكفرون قوما يصلون ويصومون ويزكون ويحجون لمجرد اختلافهم معهم في أمر من أمور الدنيا، قد يكون اعتناق نهج سياسي لا يرضي حملة صكوك التكفير والإيمان ممن ابتلينا بهم ممن يحسبهم الناس من علماء الزمان وليسوا كذلك؛ بل إن العالم الحقيقي لا يحكم بكفر شخص احتمل الكفر من ألف وجه واحتمل الإيمان من وجه واحد، حذرا من أن يكفر مؤمنا فيكفر؟
> يحاول بعض عناصر جماعة الإخوان من وقت لآخر تكدير العلاقة بين مصر والسعودية.. كيف ترون هذه العلاقة الآن، وما تقييمكم لدور علماء السعودية في لم الشمل العربي؟
- العلاقة بين الرياض والقاهرة لا يمكن لأي فصيل كان أن يعكرها لأسباب كثيرة منها، أن مصر والسعودية تقفان على ثغر مهم، وهو ثغر حماية الأمة فكريا وعقديا، وما يبذله علماء الأزهر بمصر والسعودية مهم وحيوي لمواجهة أي فكر يحاول النيل من العلاقة، وأعتبر تلك المحاولات (أي محاولات «الإخوان» للوقيعة بين البلدين) بمثابة الحرث في الماء، ويكفي أن القيادة السياسية في البلدين تعي جيدا تلك المؤامرات ولا تأبه لها.
> هناك من يحاول تأجيج الخلاف السني - الشيعي في المنطقة.. ما تعليقكم؟
- من أهم وسائل إيقاع الشقاق بين المسلمين تقسيمهم إلى مذاهب عقدية، أي تقسيمهم إلى سنة وشيعة، وإذكاء روح الخلاف بينهم ليصل إلى اتهام بعضهم للبعض الآخر بالبعد عن الإسلام. ولقد وقع هذا الاختلاف العقدي في فجر الإسلام قبل انتهاء زمن الخلافة الراشدة، وانقسم الناس إلى سنة وشيعة وخوارج في زمن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، فلم يكفر أحدا منهم؛ بل رفض تكفيرهم، قائلا «إخواننا بغوا علينا»، وكان يقول للخارجين عليه: «لكم علينا ألا نمنعكم مساجد الله ولا نبدؤكم بقتال».. ولذا فإن هذا التباعد بين المسلمين السنة والشيعة يمكن تضييق فجوته بالاتفاق على الثوابت التي تحترم الآخر وما يعتقده، واحترام آل بيت النبوة وصحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، بحيث يبقى الإسلام هو الشجرة التي يستظل الجميع بظلها الوفير، ومن ثم لا تكون هناك حاجة لأن يسعى السنة إلى جلب الشيعة إلى مذهبهم، ولا لأن يلجأ الشيعة إلى تشييع السنة. وأسوق لك مثالا بمكتبة الأزهر العامرة بكتب المذهب الشيعي التي يمكن رجوع الطلاب المتخصصين في المذاهب إليها وقتما شاءوا، وهذا أمر لا غبار عليه من الناحية الأكاديمية والبحثية، فضلا عن أن الأزهر يدرس مذهبين من مذاهب الشيعة ضمن المذاهب الفقهية المعترف بها «الإمامية والزيدية»، ويتم الاستدلال منهما في الرسائل العلمية الفقهية، وكتابات علماء الأزهر وفي مقدمتهم شيخ الأزهر تستشهد بعبارات من كتب المراجع الشيعية المعتدلة.
> كيف تردون على الهجوم الإعلامي على الأزهر عقب تنظيمه مسابقة عن «فكر الشيعة» للطلاب الوافدين؟
- الأزهر عبر تاريخه مركز لوحدة المسلمين، فهو الذي ابتكر «التقريب» بين السنة والشيعة أيام كان التشيع مذهبا.. وأقول لمن يتهمونه «الأزهر ليس خادما للسياسات والتوسعات وإثارة القلاقل والفتن»، خاصة أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب طالما دعا - ويدعو- لاجتماع سني شيعي بالأزهر لإصدار فتاوى من المراجع الشيعية ومن أهل السنة، تُحرم قتل الشيعي للسني وقتل السني للشيعي؛ لإنقاذ الأمة مما نصبه لها المتآمرون والمخططون.. لكن السؤال: لماذا يصرون دائما على نشر التشيع؟ فالأمة اليوم لا تحتاج من السني أن يتشيع ولا من الشيعي أن يكون سنيا، والأزهر من واجبه تحصين عقائد أهل السنة والحفاظ على وحدة واستقرار بلدانهم.
> ما رأيكم في دعوات التخريب التي تهدد بها جماعة الإخوان خلال الذكرى الخامسة لـ«ثورة 25 يناير»؟
- الشعب المصري أصبح أكثر وعيا وإدراكا من ذي قبل، ولا يمكن أن تحركه دعوة آتية من هنا أو هناك، فهو لا يتحرك إلا لمصلحة الوطن ولا يستجيب لدعوات تخريبية لا أراها إلا خيانة للدين والأوطان، ولن يكتب التاريخ لها أي نجاح.
> ما تعليقكم على فتاوى قيادات «الإخوان» الهاربين لضباط الجيش والجنود بترك عملهم والتمرد لتهديد النسيج المجتمعي بمصر؟
- دعهم يطلقوا الفتاوى والدعوات، فجيش مصر وطني لا يمكن أن يستجيب إلا لنداء الشعب فقط، وهو ما حدث عبر التاريخ.. وأعتبر ذلك منهم ضعفا وانهزامية، فيجب عليهم أن يعودوا لرشدهم، وبدلا من الدعوة لتخريب وطنهم الذي باعوه بهروبهم للخارج، عليهم أن يعيشوا في البلاد التي اختاروها خارج مصر «بلا صخب»، ويشاهدوا فقط كيف تتقدم وتزدهر مصر من دونهم بإذن الله.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.