بعد توقيفها عن العمل.. كلية أميركية تدرس إقالة أستاذة لتضامنها مع المسلمين

قالت إن المسلمين والمسيحيين أهل كتاب

بعد توقيفها عن العمل.. كلية أميركية تدرس إقالة أستاذة لتضامنها مع المسلمين
TT

بعد توقيفها عن العمل.. كلية أميركية تدرس إقالة أستاذة لتضامنها مع المسلمين

بعد توقيفها عن العمل.. كلية أميركية تدرس إقالة أستاذة لتضامنها مع المسلمين

أعلن مجلس أمناء كلية «ويتون» المسيحية، في ولاية إلينوي بالقرب من شيكاغو، أمس، أنه سيعقد اجتماعًا لمناقشة طرد أستاذة قالت إن المسلمين والمسيحيين يعبدون إلهًا واحدًا، الأسبوع المقبل.
في الوقت ذاته، قال متحدث باسم حملة دونالد ترامب الانتخابية، ردًا على أسئلة صحافيين، إن المرشح الجمهوري المحتمل للسباق الرئاسي ربما سيتحدث عن الموضوع عندما يلقي خطابه الانتخابي الأسبوع المقبل في جامعة ليبرتي المسيحية بولاية فرجينيا. وكانت كلية ويتون٬ وهي إحدى الكليات الإنجيلية البارزة، قد أحالت لاريشيا هوكينز إلى «إجازة إدارية»، منتصف الشهر الماضي٬ عقب نشرها على صفحتها في «فيسبوك» أن المسلمين والمسيحيين أهل كتاب. وأفاد البيان الرسمي الصادر عن الكلية بشأن تعليق عمل لاريشيا هوكينز٬ أستاذة العلوم السياسية المساعدة بالكلية٬ بأنه «ينبغي على أساتذة كلية ويتون المشاركة في الحديث عن القضايا العامة بطرق تعبر وبأمانة عن معتقدات وإيمان الكلية الإنجيلية».
وظل رئيس الكلية٬ فيليب رايكن٬ ورئيس المجلس٬ ستانتون جونز٬ على موقفهما، وأكدا أنهما لن يرفعا قرار الإيقاف، رغم احتجاج الطلبة. ولم يوّضحا مدة إيقاف هوكينز عن العمل٬ ولكن بعض قادة الطلاب الذين شاركوا في المحادثات مع الإدارة أكدوا أن القرار كان نافذًا منذ مدة. ولقد امتنع مكتب الاتصال في الكلية عن التعليق على الأمر. وردد المحتجون الشهر الماضي هتافات تقول: «أعيدوا الدكتورة هوكينز للعمل»٬ و«نحن نحب ويتون!»٬ كما ارتدت بعض من النساء الإنجيليات الحجاب تعبيرًا عن التضامن.
وكانت الدكتورة هوكينز ترتدي الحجاب أيضًا في صورة نشرتها على «فيسبوك» بتاريخ 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي٬ مصحوبة بتعليق يفيد بأنها تعتزم مواصلة ارتدائه خلال الموسم المسيحي لمجيء المسيح٬ تعبيرًا عن تضامنها الإنساني مع المسلمين.
وأعادت الأستاذة هوكينز التشديد على موقفها، أمس، وكتبت على مواقع التواصل الاجتماعي: «أقف في تضامن ديني مع المسلمين لأنهم، مثلي أنا المسيحية، من أهل الكتاب»، في حين كتبت سابقًا: «حتى البابا فرانسيس قال إننا (المسيحيين والمسلمين) نعبد إلهًا واحدًا»، مشددة: «علَّمتنا الكنيسة الكاثوليكية، منذ المجمع الفاتيكاني الثاني، أن المسلمين والمسيحيين يعبدون إلها واحدا، رغم أنهم لا يتفقون على دور المسيح».
من جانبها، أصدرت الكلية بيانًا أول من أمس يفيد بأن «الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات ستبدأ، وذلك لأننا وصلنا إلى طريق مسدود»، وأضافت الكلية في تصريحات أخرى: «نرى أن كلا من الإسلام والمسيحية أديان توحيدية. لكن، نؤمن بأن هناك اختلافات جوهرية بين الدينين. وذلك بسبب ما يدرس المسلمون من مواضيع مثل: وحي الله للبشرية، والطريق إلى الخلاص، ودور الصلاة».
أما صحيفة «شيكاغو تربيون»، فرأت أن المعركة التي تقودها هوكينز، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة منذ عقد من الزمن، ليست دينية فقط، بل عنصرية كذلك، وذلك لأنها سوداء في كلية أغلبيتها من البيض. كما تسبب نشاطاتها السياسية الكثير من الجدل، وذلك لأنها تعمل في مجال الدفاع عن المثليين جنسيًا.
خلال السنوات الأخيرة، تعرضت هوكينز لإجراءات عقابية من الكلية. تارة، لأنها كتبت تقريرًا أكاديميًا عن الحركة التحررية المسيحية وسط الأميركيين السود، وقالت الكلية إن التقرير يحمل «ميولاً شيوعية»، وتارة، لأنها نشرت على صفحتها في «فيسبوك» صورتها في حفل لصالح المثليين جنسيًا. ومرة أخيرة، لأنها ذهبت للصلاة في كنيسة وهي ترتدي حجابًا، وقالت إنها فعلت ذلك «تضامنًا مع المسلمين الذين يتعرضون لحملة غير عادلة». وأثارت هوكينز نقاشًا وسط أكاديميين ورجال دين كذلك، حيث كتب تيموثي جورج، عميد كلية اللاهوت في جامعة سامفورد (ولاية ألاباما) في صفحته في «فيسبوك»: «يوجد خطأ لاهوتي (ديني) في رأي هوكينز»، فيما كان قد كتب، في عام 2002، في مجلة «كريستيانتي توداي» (المسيحية اليوم)، أن «عقيدة التثليث المسيحية (الله هو الآب والابن والروح القدس) عقيدة مهمشة، وذلك بسبب صعوبة تفسيرها».
من جهتها، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» رأي روي أوكسنفاد، أستاذ البرنامج الإسلامي في كلية ويتون نفسها، الذي اعتبر أمس أن «الاختلاف بين الدينين واضح.. وأن القول إن المسلمين والمسيحيين يعبدون إلهًا واحدًا هو قول عام جدًا». وأضاف: «يوجد فرق كبير. يقول المسيحيون إن الله جزء من ثالوث. ويقول المسلمون إن الله ليس شخصًا».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.