تباين مواقف السياسيين من مضمون المراجعة الدستورية في الجزائر

البعض اعتبره تكريسًا للديمقراطية.. وآخرون رأوا فيه هيمنة متزايدة للرئيس على السلطات

تباين مواقف السياسيين من مضمون المراجعة الدستورية في الجزائر
TT

تباين مواقف السياسيين من مضمون المراجعة الدستورية في الجزائر

تباين مواقف السياسيين من مضمون المراجعة الدستورية في الجزائر

تباينت ردود أفعال الطبقة السياسية ووسائل الإعلام والناشطين في الجزائر حيال مضمون التعديل الدستوري، الذي كشفت عنه رئاسة الجمهورية أول من أمس، إذ رأى البعض أنه «يعزز هيمنة الرئيس على المؤسسات والحياة العامة»، بينما رأى البعض الآخر أنه «يفتح عهدا جديدا لفائدة الحريات وتكريس الديمقراطية».
وكتبت صحيفة «صوت الأحرار»، لسان حال «جبهة التحرير الوطني»، وهي حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أن الدستور المرتقب «يعزز الحريات ويفسح المجال لتداول حقيقي على السلطة»، في إشارة إلى ما تضمنه التعديل بخصوص منح المعارضة في البرلمان حق إخطار «المجلس الدستوري» لأخذ مشورته في مدى مطابقة القوانين المصادق عليها برلمانيا مع الدستور، وإلى تقييد الترشح للرئاسة بفترتين على الأكثر.
من جهتها، أبدت الصحف الفرنكفونية، مثل «الوطن» و«ليبترتيه» و«ليكسبريسيون»، ارتياحا لترقية الأمازيغية إلى لغة رسمية، وعدت ذلك «تتويجا لنضال أجيال من المطالبين بالاعتراف بأهم مكونات الهوية الجزائرية». بينما كتبت «الوطن»، المعروفة بحدتها ضد السلطات حول التعديل الدستوري بأنه «كوميديا جديدة تلعبها السلطة الجزائرية»، بحجة أن المسعى لا يحقق أي شيء على صعيد الحريات، وأوضحت بالتحديد أن «تكريس الحريات جارٍ الحديث عنه في كل الدساتير منذ استقلال البلاد عام 1962، ولكن ذلك لم يمنع المسؤولين المتعاقبين من خرقها». وفي نظر الصحيفة فإن «البرلمان غير الشرعي، بحكم أنه وليد نسبة مشاركة ضعيفة في الانتخابات التشريعية، سيصوت لا محالة لصالح هذه التعديلات».
من جانبها، أفادت صحيفة «الخبر»، المحسوبة على المعارضة، أن «الرئيس المقبل لن يمكنه المساس بالمادة التي تقيد الولايات الرئاسية بفترتين فقط، ولن يمكنه تعديلها بعدما أدرجت بوصفها ثابتا من الثوابت السبعة التي نص عليها دستور الرئيس السابق اليامين زروال، وهي الطابع الجمهوري للدولة، والنظام الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية، والإسلام باعتباره دين الدولة، والعربية باعتبارها اللغة الوطنية والرسمية، والحريات الأساسية، وحقوق الإنسان والمواطن وسلامة التراب الوطني ووحدته، والعلم الوطني والنشيد الوطني باعتبارهما من رموز الثورة والجمهورية».
من جهته، يرى المحلل السياسي رشيد قريم أن بوتفليقة «وفّى بكامل وعوده في هذا التعديل»، ولاحظ أن المسعى «يضع الجزائر في منطق الديمقراطية الهادئة». وأكد قريم أن المراجعة الدستورية «تأتي لتكمل مسعى الرئيس بوتفليقة لاستعادة كامل سلطاته، بعدما أزاح من طريقه كل خصومه السياسيين، وكان آخرهم مدير المخابرات الجنرال توفيق».



إخضاع منتسبي الكشّافة في مدارس صنعاء للتعبئة العسكرية

فرق الكشافة في صنعاء ترفع شعارات تمجد زعيم الجماعة الحوثية (إكس)
فرق الكشافة في صنعاء ترفع شعارات تمجد زعيم الجماعة الحوثية (إكس)
TT

إخضاع منتسبي الكشّافة في مدارس صنعاء للتعبئة العسكرية

فرق الكشافة في صنعاء ترفع شعارات تمجد زعيم الجماعة الحوثية (إكس)
فرق الكشافة في صنعاء ترفع شعارات تمجد زعيم الجماعة الحوثية (إكس)

​بدأت الجماعة الحوثية في صنعاء، منذ نحو أسبوع، إخضاع منتسبي الكشّافة المدرسية للتعبئة الفكرية والعسكرية، وذلك ضمن حملة استقطاب وتجنيد جديدة تستهدف المراهقين في المدارس، تحت لافتة إقامة ما تسميه الجماعة بـ«ورش تأهيلية».

ووفق مصادر تربوية في صنعاء، أجبرت الجماعة، عبر ما تُسمى مكاتب التعليم والشباب والرياضة، أزيد من 250 عنصراً من الكشافة من طُلاب مدارس حكومية بمديريتي معين وبني الحارث بالعاصمة المختطفة صنعاء، ومدارس في مديريتي بني حشيش وبني مطر بريف العاصمة، على تلقي التعبئة وتدريبات عسكرية مفتوحة، تحت مسمى «طوفان الأقصى».

الحوثيون يخضعون أشبال الكشافة في ضواحي صنعاء للتعبئة (إعلام حوثي)

ويتزامن هذا الاستهداف مع ما تواجهه الكشافة اليمنية، خصوصاً بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية، من مشاكل وتحديات كبيرة، يرافقها إهمال متعمد أدى إلى تراجع العمل الكشفي عن أداء مهامه وأنشطته في خدمة المجتمع.

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن عبد المحسن الشريف، المُعين مديراً لمكتب الشباب والرياضة في صنعاء، قوله: «إن البرنامج الاستهدافي لقادة وأشبال الكشافة يأتي ضمن ما سمّاها المرحلة الأولى من إعادة (تشكيل وتأهيل) الفرق الكشفية».

وفي حين تستهدف المرحلة الثانية أكثر من ألف طالب كشفي في عدد من المدارس، أوضح القيادي الحوثي أن ذلك يأتي تنفيذاً لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، تحضّ على إطلاق دورات تعبئة لقادة وأشبال الكشافة المدرسية.

تدمير منظم

تحدث مصدر مسؤول في جمعية الكشافة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»، عن جملة من التحديات والصعوبات والعراقيل، تواجه العمل الكشفي ناتجة عن الانقلاب والحرب المستمرة، وما أعقب ذلك من أعمال فساد وتدمير حوثي منظم ضد القطاع الكشفي ومنتسبيه.

وحمّل المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، الجماعة الانقلابية مسؤولية العبث والتدمير ضد الكشافة، من خلال مصادرة الموازنة التشغيلية التي كانت معتمدة بعهد حكومات سابقة للحركة الكشفية، متهماً الجماعة بالسعي إلى تحويل ذلك القطاع الشبابي المهم إلى ملكية خاصة تخدم مشروعاتها التدميرية.

واشتكى طلاب في مجموعات كشفية بصنعاء، شاركوا ببرامج تعبئة حوثية، لـ«الشرق الأوسط»، من إلزام الحوثيين لهم بالمشاركة في دورات عسكرية مفتوحة، وتلقي دروس مكثفة تروّج للأفكار «الخمينية»، وتمجد زعيم الجماعة، وتؤكد أحقيته في حكم اليمنيين.

جانب من محاضرة تعبوية يلقيها قيادي حوثي على منتسبي الكشافة في صنعاء (إكس)

ويؤكد «لؤي» وهو قائد فرقة كشفية لـ«الشرق الأوسط»، إرغامه وعدد من زملائه قبل نحو أسبوع على الحضور إلى بدروم تحت الأرض في ضواحي صنعاء، وهو مكان خصصته الجماعة للاستماع إلى محاضرات يُلقيها عليهم معممون حوثيون.

وركّزت الجماعة في برامجها على الجانب الطائفي دون غيره من الجوانب الأخرى المتعلقة بالتحديات التي تواجه العمل الكشفي.

وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة الحوثية فِرق الكشافة بالتلقين، فقد سبق أن أخضعت قبل أشهر ما يزيد على 80 طالباً كشفياً في صنعاء لدورات قتالية، بزعم إكسابهم ما تسميه الجماعة «مهارات جهادية».

ولا يقتصر الأمر على الإخضاع للتطييف فحسب، بل تُجبِر الجماعة منتسبي الكشافة في عدد من المدارس الحكومية على تنفيذ زيارات جماعية إلى مقابر قتلاها، وتنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات تجوب الشوارع، وتهتف بشعاراتها ذات البُعدين الطائفي والسياسي.

وكانت مفوضية الكشافة اليمنية قد أدانت سابقاً قيام الجماعة الحوثية بتجنيد الأطفال بمناطق سيطرتها تحت مسمى «الكشافة المدرسية».

ودعا مفوض عام الكشافة، مشعل الداعري، الكشافة العالمية والمنظمة الكشفية العربية إلى إدانة الممارسات الحوثية، والضغط على الجماعة لوقف تجنيد الطلاب والأطفال الذين يجري استقطابهم للتجنيد والتدريب من المدارس.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلزم قادة وأشبال الكشافة في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها على إلصاق شعار «الصرخة الخمينية» في زيهم الكشفي.