بدء الجولة الرابعة من محادثات التجارة الأميركية ـ الأوروبية

رهان المستثمرين العالميين على التعافي الأوروبي يتسارع

بدء الجولة الرابعة من محادثات التجارة الأميركية ـ الأوروبية
TT

بدء الجولة الرابعة من محادثات التجارة الأميركية ـ الأوروبية

بدء الجولة الرابعة من محادثات التجارة الأميركية ـ الأوروبية

بدأت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمس الجولة الرابعة من محادثات تهدف إلى التوصل إلى أكبر اتفاق للتجارة الحرة في العالم.
وفي حين تحاول منطقة اليورو الخروج من حالة كساد استمرت عامين ترى حكومات الاتحاد الأوروبي أن إبرام اتفاق للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة هو أفضل سبيل لتوفير فرص عمل جديدة.
وتقول الحكومات بأن إبرام اتفاق يضم نحو نصف الاقتصاد العالمي يمكنه تحقيق ناتج اقتصادي إضافي يُعادل مائة مليار دولار سنويا على كل من جانبي المحيط الأطلسي.
ويتبادل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالفعل ما قيمته نحو ثلاثة مليارات دولار من السلع والخدمات يوميا. وبتعميق الروابط الاقتصادية يمكن أن يوجد الاتفاق سوقا لنحو 800 مليون شخص في مجال الأعمال.
وبحسب رويترز قال كارل دي جوشت مسؤول التجارة بالاتحاد الأوروبي في وقت سابق بأنه ليس هناك وعي يذكر خارج دوائر الأعمال بالشراكة المقترحة عبر الأطلسي في التجارة والاستثمار.
وتأييد الرأي العام أمر حاسم لأن البرلمان الأوروبي والكونغرس الأميركي يجب أن يصدقا على الاتفاق بعد إبرامه.
لكن المستهلكين الأوروبيين والجماعات المدافعة عن البيئة تقول: إن التوصل إلى اتفاق يتيح للشركات العمل بحرية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد يدفع هذه الشركات إلى تجاوز معايير السلامة وحماية البيئة الأوروبية.
من جهة أخرى وبعد أن أدار المستثمرون ظهورهم لمنطقة اليورو لسنوات تجذب المنطقة حاليا تدفقات نقدية عالمية بأسرع وتيرة على الإطلاق بفضل تعاف اقتصادي يستقطب أولئك النازحين عن الأسواق الناشئة.
وكان مستثمرون كثيرون - من صناديق الثروة السيادية بالشرق الأوسط إلى صناديق التقاعد بأميركا الجنوبية - قد هجروا منطقة العملة الموحدة في خضم أزمة ديونها السيادية.
لكن مع نزوح الأموال عن بلدان مثل تركيا وإندونيسيا هذا العام جذبت الأسهم الأوروبية بحسب إي بي إف آر غلوبال مستوى قياسيا بلغ 36 مليار دولار منذ بداية 2014 وذلك بقيادة المستثمرين الأميركيين.
وقال جوزيف أوجورليان الرئيس التنفيذي لصندوق التحوط أمبر كابيتال في لندن «أوروبا متأخرة بنحو ثلاث سنوات عن الولايات المتحدة. التعافي متأخر في الاقتصاد الكلي وفي أسعار الأسهم على حد سواء لذا يدخل المستثمرون الأميركيون الآن».
ومنذ وقت ليس ببعيد كانت صناديق التحوط الأميركية والبريطانية تراهن على أفول نجم منطقة العملة الموحدة.
لكن في ديسمبر (كانون الأول) أطلقت أمبر كابيتال صندوقا للمراكز الدائنة مخصصا لجنوب أوروبا ليتجاوز الاكتتاب فيه الحجم المطلوب سريعا ويغلق باستثمار قدره 300 مليون يورو (414 مليون دولار).
ويجعل تحسن الاقتصادات أعباء الديون لدول مثل إيطاليا وإسبانيا تبدو تحت السيطرة فقد تراجعت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى مستويات 2005 الأسبوع الماضي.
وفي مؤشر على أن إسبانيا بصدد اجتياز أزمتها العقارية القائمة منذ 2008 قدمت شركات الاستثمار المباشر الأميركية لون ستار وبلاكستون وأبولو غلوبال مانجمنت عروضا لشراء محفظة قروض عقارية إسبانية بمليارات اليوروات في حين يسعى مديرا الصناديق الأميركيان جورج سوروس وجون بولسون لشراء حصص في شركة استثمار عقاري من المقرر إدراجها في بورصة مدريد.
وبحسب إي بي إف آر شهدت الأسهم الأوروبية تخارجا صافيا بلغ 166 مليار دولار بين 2007 و2012. وفي حين جذبت أسهم المنطقة تدفقات منذ أوائل 2013 قال الآن بوكوبزا مدير فريق الاستراتيجية لمخصصات الأصول العالمية في سوستيه جنرال بأن «الصناديق الأوروبية لم تسترد سوى نصف إجمالي ما نزح عنها منذ 2007. من الواضح أن الأموال المتدفقة على أوروبا مصدرها ما يخرج من الأسواق الناشئة حاليا وهذا الاتجاه يتزايد. الصناديق الأوروبية تستفيد من الأزمات المتعددة في بلدان الأسواق الناشئة».
ويبدي المستثمرون الأميركيون إقبالا واضحا ويضخون الأموال في أسهم المنطقة منذ 36 أسبوعا حسبما تفيد تومسون رويترز ليبر وهي أطول موجة تدفقات أسبوعية متواصلة منذ بدأت ليبر رصدها في 1992.
وحتى في فترة الأيام السبعة حتى الخامس من مارس (آذار) عندما نالت الأزمة في أوكرانيا من الأسهم الأوروبية جذبت الصناديق الأميركية المستثمرة في الأسهم الأوروبية تدفقات صافية بلغت 468 مليون دولار في مقابل مزيد من النزوح الكبير عن الأسواق الناشئة.
وقال جيل جويبو مدير الصندوق لدى أكسا لإدارة الاستثمار التي لديها 547 مليار يورو (752 مليار دولار) تحت إدارتها «معظم التدفقات حتى الآن مصدرها مستثمرون أميركيون في حين أن مديري الصناديق في الشرق الأوسط وآسيا وصناديق التقاعد في أميركا اللاتينية بدأوا يتحركون للتو لذا هناك مجال لمزيد من التدفقات».
وقد ارتفعت الثقة بمنطقة اليورو في مارس إلى أعلى مستوياتها منذ أبريل (نيسان) 2011 بفعل النظرة الإيجابية للمستثمرين إزاء الأوضاع الحالية لكن تراجعا طفيفا في المؤشر الفرعي للتوقعات ينبئ بأن زخم النمو قد يبلغ مداه قريبا.
وقالت مجموعة سنتيكس للأبحاث بأن مؤشرها للثقة في منطقة اليورو ارتفع إلى 9.‏13 نقطة في مارس من 3.‏13 في فبراير (شباط). وكان متوسط توقعات 13 اقتصاديا استطلعت رويترز آراءهم أن يزيد إلى 14 نقطة.
وارتفع المؤشر الفرعي للأوضاع الراهنة في مارس إلى 8.‏4 من 8.‏1 ليسجل أعلى مستوى منذ يوليو (تموز) 2011 في حين انخفض مؤشر التوقعات قليلا إلى 5.‏23 من 5.‏25.
وبحسب رويترز قال سبستيان وانكي كبير المحللين في سنتيكس «من الجدير بالملاحظة أن تقييم الأوضاع الحالية قد واصل الارتفاع... في العام الماضي كان هناك الكثير من الحديث عن فقاعة توقعات. يبدو أن هذا لم يحدث. بل يبدو أن الفجوة بين التوقعات والواقع تضيق. لكن توقعات المستثمرين تراجعت من جديد تراجعا طفيفا هذا الشهر. قد تكون انتكاسة وجيزة لكن قد تكون مؤشرا على أن زخم النمو في منطقة اليورو سيستقر قليلا».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.