الأمم المتحدة تؤكد استخدام «السارين» في سوريا.. والمعارضة تتهمها بعدم تحديد المسؤول

مصدر في «الحر» قال إن التسليم تمّ وفق قوائم النظام لا قوائم لجان التفتيش

رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وإلي يساره وزير دفاعه عصمت يلماز، التقيا أمس بوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان (يمين الطاولة) الذي زار أنقره للتباحث في الملف السوري (رويترز)
رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وإلي يساره وزير دفاعه عصمت يلماز، التقيا أمس بوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان (يمين الطاولة) الذي زار أنقره للتباحث في الملف السوري (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تؤكد استخدام «السارين» في سوريا.. والمعارضة تتهمها بعدم تحديد المسؤول

رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وإلي يساره وزير دفاعه عصمت يلماز، التقيا أمس بوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان (يمين الطاولة) الذي زار أنقره للتباحث في الملف السوري (رويترز)
رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وإلي يساره وزير دفاعه عصمت يلماز، التقيا أمس بوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان (يمين الطاولة) الذي زار أنقره للتباحث في الملف السوري (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة أنها عثرت على أدلة تؤكد استخدام أسلحة كيماوية في سوريا، بما فيها غاز السارين، من دون أن تحدد الجهة التي استخدمت هذه الأسلحة ومكان استخدامها. وسارع الجيش السوري الحرّ إلى اتهام المنظمة الدولية بـ«التهرب من مسؤولياتها، عندما تتحدث عن جريمة ولا تحدد هوية المجرم، وهي تعرف أن الأسلحة الكيماوية موجودة لدى النظام، وهو من استخدمها في الغوطة الشرقية وفي شمال البلاد».
بينما سارعت موسكو إلى محاولة إبعاد الشبهة عن النظام، وتحدثت عن رصدها «وقائع تدعم فرضية استخدام أسلحة كيماوية من قبل تنظيم داعش وغيره من المجموعات المتشددة في سوريا».
وأفاد تقرير نشرته الأمم المتحدة أول من أمس، الاثنين، بأن «بعثة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية وجدت دلائل على تعرض بعض الأشخاص في سوريا لغاز السارين الفتاك أو مركب شبيه له».
ووردت هذه النتائج عن رئيس المنظمة أحمد أوزومجو ضمن أحدث تقرير شهري بشأن سوريا. وأرفق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التقرير في رسالة بعث بها إلى مجلس الأمن الدولي في 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال التقرير: «إن بعثة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة التي يرأسها في سوريا أوزومجو كانت تتحرى عن اتهامات ساقتها الحكومة السورية عن استخدام الأسلحة الكيماوية في 11 حالة». لكن التقرير لم يحدد متى وقعت تلك الهجمات.
وأعلن أوزومجو، في تصريح له، أنه «في إحدى الحالات تشير تحاليل بعض عينات الدم إلى تعرض أفراد في وقت ما لغاز السارين أو لمادة مماثلة، وسيكون من الضروري إجراء المزيد من التحقيقات لتحديد متى أو تحت أي ظروف حدث ذلك»، مضيفا أن «مصدر السارين أو المركب المشابه له ليس واضحا، وأن بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لم تعثر على أدلة تلقي المزيد من الضوء على طبيعة ذلك المصدر أو تحديده».
من جهتها، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التابعة للأمم المتحدة أن «ترسانة الأسلحة الكيماوية التي أعلنتها سوريا في عام 2013 تم تدميرها بالكامل، وذلك بعد عامين من أول عملية نقل لهذه الأسلحة خارج هذا البلد». وقال المتحدث باسم المنظمة المكلفة بالإشراف على هذه العملية مالك الهي، لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس: «إن الترسانة دمرت بنسبة مائة في المائة»، موضحا أن «آخر جزء من الترسانة تم تدميره في ولاية تكساس الأميركية».
وانتقدت المعارضة السورية المسلّحة تقرير الأمم المتحدة الذي يتحدث عن جريمة من دون أن يشير إلى مرتكبها. وعبّر العميد أحمد رحال، القيادي في الجيش السوري الحر، عن أسفه لأن «الأمم المتحدة ومنذ أن بدأ النظام في استخدام الكيماوي في سوريا ترفض مجرّد الإشارة إلى هذه الجرائم». واتهم رحال، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، الأمم المتحدة بـ«التهرب من مسؤولياتها، وهي تعرف أن الأسلحة الكيماوية موجودة لدى النظام». وقال: «المنظمة الدولية تسلّمت جزءا من الأسلحة الكيماوية من النظام السوري الذي لا يزال يحتفظ بالجزء الأكبر، لأن التسليم حصل وفق قوائم النظام وليس وفق قوائم لجان التفتيش، بدليل أن النظام يحاول أن يهرب جزءا من المخزون الكيماوي إلى حزب الله».
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الروسية، أمس الثلاثاء، إن موسكو «رصدت مرارا وقائع تدعم فرضية استخدام أسلحة كيماوية من قبل (داعش) وغيره من التنظيمات المتشددة في سوريا».
وفي تعليق على تصريحات أوزومجو، تحدث ميخائيل أوليانوف، مدير دائرة شؤون الرقابة وحظر انتشار الأسلحة في وزارة الخارجية الروسية، عن عدد من الوقائع التي استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية، بدءا من هجوم خان العسل في ريف حلب (مارس/ آذار، 2013) وحادثة الغوطة الشرقية في أغسطس (آب) من العام نفسه. وأعلن أنه «بعد هاتين الحادثتين وردت معلومات عديدة تشير إلى حيازة المسلحين المتطرفين أسلحة كيماوية».
وردّ العميد في الجيش الحرّ أحمد رحال على المزاعم الروسية، فأشار إلى أن «الردّ الروسي ليس إلا تبريرا للنظام السوري»، مذكرا أوليانوف بأن «غاز السارين استخدم الأسبوع الماضي في مدينة المعضمية، والجميع يعرف أن المعضمية محاصرة من قبل النظام منذ ثلاث سنوات»، لافتا إلى أن «(داعش) غير موجود في المعضمية، في حين أن المدينة قصفت بالغازات السامة بواسطة الحوامات (الطائرات المروحية) التابعة للنظام». وقال «إن كبرى الجرائم ارتكبها النظام في الغوطة الشرقية في أغسطس 2013، ثم استخدم النظام هذه الأسلحة في الساحل السوري وريف حماه وريف حلب وفي جسر الشغور».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.