عريقات: إسرائيل تريد إبقاء فلسطين خارج الخريطة الجغرافية لمائة عام مقبلة

التقى العربي في القاهرة وطالب بدعم لإعادة القضية إلى طريق الحسم

عريقات: إسرائيل تريد إبقاء فلسطين خارج الخريطة الجغرافية لمائة عام مقبلة
TT

عريقات: إسرائيل تريد إبقاء فلسطين خارج الخريطة الجغرافية لمائة عام مقبلة

عريقات: إسرائيل تريد إبقاء فلسطين خارج الخريطة الجغرافية لمائة عام مقبلة

قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أمس، إن الحكومة الإسرائيلية تهدف إلى إبقاء فلسطين خارج إطار خريطة الجغرافيا لمائة عام مقبلة، مشيرًا في مؤتمر صحافي أعقب لقاءه الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، في القاهرة، إلى أن المطلوب مشروع عربي يضمن أن تكون فلسطين ضمن خريطة التشكيل الجديد، لأن الأمر في غاية الخطورة.
وأضاف، أن «وجود مصر في مجلس الأمن هو بمثابة العمود الفقري للقضية الفلسطينية، ومصر تبذل كل الجهد لضمان أن تكون فلسطين بعاصمتها الشرقية على الخريطة»، منوها بأن وجوده في مصر، جاء بدعوة من وزير الخارجية المصري، سامح شكري، للتنسيق والمشاورات. وأكد عريقات، أن الأمين العام للجامعة سيتوجه إلى الولايات المتحدة، وهو يحمل «رسالة فلسطين»، وأن الذين يبحثون عن الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، لا أمل في تحقيق ذلك إلا بإعادة فلسطين إلى الخريطة.
وذكّر عريقات بأن الشعب الفلسطيني أكثر من اكتوى من الإرهاب الإسرائيلي المنظم. وقال: «نحن نحارب الإرهاب وضد الإرهاب، لكن الأفكار الشريرة لا تقتل بالرصاص ولا بالطائرات. والمطلوب هو تجفيف مستنقع الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين، وهذا هو الأساس لهزيمة الإرهاب». وأضاف عريقات: «نحن نعيش في منطقة الشرق الأوسط وهي في طور تشكيل جديد لحدودها، وهدف الحكومة الإسرائيلية هو إبقاء فلسطين خارج إطار خريطة الجغرافيا المقبلة لمائة عام، وهدفنا كعرب وكفلسطينيين، أن تكون فلسطين بعاصمتها الشرقية على خريطة المنطقة الجديدة. وفي ضوء ذلك، هناك لجنة عربية مشكلة برئاسة مصر وعضوية الأردن، والمغرب، وفلسطين، بالإضافة إلى الأمين العام، هدفها التنسيق والمشاورات، والذهاب إلى مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، ونأمل من تلك اللجنة أن تحقق الأهداف».
ونفى أمين سر اللجنة التنفيذية وجود أي مفاوضات سرية مع الجانب الإسرائيلي. وقال إن من أوقف المفاوضات هو الجانب الإسرائيلي، من خلال رفضه حل الدولتين، ورفضه وقف الاستيطان، وترفض (إسرائيل) الإفراج عن الأسرى (..) وترتكب يوميًا جرائم حرب.
وفيما يخص الساحة الداخلية، أوضح عريقات، أن القيادة الفلسطينية، تبذل جهودًا كبيرة لإزالة آثار الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، مؤكدًا أنه معروض على حركة حماس، الانضمام، فورًا، إلى حكومة وحدة وطنية ببرنامج منظمة التحرير، والمشاركة في اجتماعات المجلس الوطني، لكي تكون لدينا شراكة سياسية كاملة، بالإضافة إلى الاتفاق للعودة إلى صناديق الاقتراع، متمنيًا أن تستجيب حركة حماس للمعروض عليها، لكي ننجح من عودة فلسطين وعاصمتها القدس إلى خريطة المنطقة.
وكان وزير الخارجية المصري التقى عريقات أمس، واستمع إلى شرح مفصل حول الأوضاع في الأراضي المحتلة، وما تمر به القضية الفلسطينية، حاليًا، من جمود، واتخاذ إجراءات جادة على الأرض، لتعزيز بناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وفي مقدمتها وقف الاستيطان.
وأوضح المتحدث الرسمي للخارجية، المستشار أحمد أبو زيد، أن المحادثات تناولت، أيضًا، الخطوات المقترح اتخاذها خلال الفترة المقبلة على المستوى العربي وفي إطار الأمم المتحدة. وجرى الاتفاق على أهمية التنسيق والتشاور بين أعضاء لجنة جامعة الدول العربية المصغرة، المعنية بإنهاء الاحتلال خلال الفترة المقبلة، للتوصل إلى موقف عربي موحد، يعكس رؤية الجانب العربي لكيفية توفير الدعم المطلوب للقضية الفلسطينية على كل المستويات.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.