تحولات دبلوماسية وعسكرية في إقليم كردستان.. واستمرار الأزمة مع بغداد

استقبال خادم الحرمين الشريفين لبارزاني كان من أبرز تطورات العام

الحديقة الرئيسية وسط أربيل كما تبدو من قلعتها ({الشرق الأوسط})
الحديقة الرئيسية وسط أربيل كما تبدو من قلعتها ({الشرق الأوسط})
TT

تحولات دبلوماسية وعسكرية في إقليم كردستان.. واستمرار الأزمة مع بغداد

الحديقة الرئيسية وسط أربيل كما تبدو من قلعتها ({الشرق الأوسط})
الحديقة الرئيسية وسط أربيل كما تبدو من قلعتها ({الشرق الأوسط})

كان عام 2015 بالنسبة إلى إقليم كردستان حافلا بكثير من الأحداث السياسية والعسكرية، وشهد الإقليم خلاله عدة تطورات على كل المحافل، أبرزها الانتصارات التي أحرزتها قوات البيشمركة على مسلحي تنظيم داعش على كل جبهات القتال التي يصل طولها إلى أكثر من ألف ومائة كيلومتر، بينما احتل الجانب السياسي والدبلوماسي جزءا كبيرا من هذه التطورات.
سياسيا ودبلوماسيا، دخلت العلاقات السعودية - الكردية مرحلة جديدة في بداية العام بعد قرار الرياض فتح قنصلية عامة في أربيل. واستقبل رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وفدا من وزارة الخارجية السعودية برئاسة السفير عبد الرحمن الشهري، الذي وصل إلى الإقليم للتحضير لفتح القنصلية في عاصمة إقليم كردستان. وفي إطار الزيارة التقى الوفد رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني وتم بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين أربيل والرياض.
وشهد أواخر العام تطورا بالغ الأهمية على صعيد العلاقات بين السعودية وإقليم كردستان، فقد استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في الرياض، مسعود بارزاني رئيس الإقليم، وبحث الجانبان خلال اللقاء آفاق التعاون الثنائي بين السعودية وإقليم كردستان، والمواضيع ذات الاهتمام المشترك، والحرب ضد الإرهاب.
وفي سياق العلاقات الدبلوماسية بين الإقليم ودول العالم، بدأ رئيس الإقليم في 5 مايو (أيار) زيارة رسمية إلى واشنطن استهلها بلقاء مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية باراك أوباما، وبحث الجانبان عددا من القضايا المهمة المتعلقة بإقليم كردستان والعراق والمنطقة.
واحتضنت مدينة السليمانية خلال 2015 عددا كبيرا من سياسيي الخط الأول في العراق والإقليم إلى جانب عدد كبير من الخبراء والسفراء الأجانب في العراق، الذين اجتمعوا في ملتقى السليمانية السنوي الثالث الذي تنظمه الجامعة الأميركية في المدينة، وبحث الملتقى عددا من القضايا الاستراتيجية المهمة، كالعلاقات بين أربيل وبغداد، والخلاف النفطي بينهما، والحرب ضد تنظيم داعش، إلى جانب عملية السلام بين الأكراد والحكومة التركية.
وفي إطار الأحداث السياسية في الإقليم، زار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مدينة أربيل والتقى بارزاني، وبحث الجانبان آخر المستجدات السياسية والأمنية في العراق والمنطقة، وناقشا عددا من الملفات المهمة وعلى رأسها عملية تحرير الموصل من تنظيم داعش.
عسكريا، تمكنت قوات البيشمركة في بداية العام، وبعد معارك ضارية، من السيطرة على مستشفى سنجار العام الذي يقع غرب المدينة، وكان يتحصن فيه عشرات المسلحين. وكان التنظيم قد أفرغ المستشفى من جرحاه وحوّله إلى موقع عسكري كان يهاجم منه البيشمركة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة. وقُتل خلال عملية السيطرة عليه العشرات من المسلحين الذين كان غالبيتهم من المسلحين الأجانب.
ولأول مرة في منتصف مارس (آذار) لجأ «داعش» إلى استخدام السلاح الكيماوي ضد البيشمركة. وأكد بيان لمجلس أمن الإقليم أن قوات البيشمركة جمعت عينات من التربة والملابس بعد هجوم بسيارة مفخخة نفذه التنظيم على مواقعها في تقاطع الموصل – سوريا – الكسك، وتم تحليلها في مختبر معتمد من قبل إحدى دول التحالف، واتضح أن العينات تحتوي على مادة الكلور التي استخدمها التنظيم في صناعة أسلحته.
وشهدت مدينة أربيل في 18 أبريل (نيسان) انفجار سيارة مفخخة قرب مقر القنصلية الأميركية في بلدة عينكاوا في إقليم كردستان، وذكر مسؤولون أكراد أن الانفجار أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة خمسة آخرين.
من جانبها واصلت قوات البيشمركة تحرير المناطق الكردستانية من «داعش»، وأعلنت في 9 يونيو (حزيران) تحرير 95 في المائة من الأراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش بعد احتلاله لمدينة الموصل في يونيو 2014.
وفي السياق العسكري أصدر رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني قرارا ينص على تشكيل فرقة عسكرية من المتطوعين الإيزيديين في سنجار تابعة لوزارة البيشمركة، وذكر قائد الفرقة، قاسم ششو، أن الفرقة تتكون من 5000 آلاف متطوع سيبدأون بعد إنهائهم التدريبات العسكرية بحماية مناطقهم من «داعش» والمشاركة في العماليات العسكرية مع قوات البيشمركة.
ومن أبرز النجاحات التي حققتها قوات الأمن الكردية كانت العملية الخاصة التي نفذتها قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس أمن الإقليم بالتعاون مع قوة من التحالف الدولي في 23 أكتوبر (تشرين الأول)، وتمكنت خلال العملية من تحرير 69 رهينة من سجن لتنظيم داعش في قضاء الحويجة جنوب غربي كركوك.
أما تحرير مدينة سنجار بشكل كامل من «داعش» فكان هو الآخر من أبرز الأحداث العسكرية في 2015، فقد أعلن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) عن تحرير مدينة سنجار بالكامل من تنظيم داعش، واعتبر أن لهذا النصر أهمية كبيرة، وسيؤثر إلى حد بعيد في عملية تحرير الموصل لاحقا، كما سيؤثر على المعارك في المناطق الأخرى. وشاركت في عملية تحرير سنجار التي نفذت خلال 24 ساعة 7500 مقاتل من قوات البيشمركة بإسناد جوي من طيران التحالف الدولي.
مدينة حلبجة التي تعرضت في ثمانينات القرن الماضي لهجوم كيماوي من قبل الحكومة العراقية، سجلت هذه المدينة خلال 2015 اسمها فعليا كرابع محافظة في إقليم كردستان، وتم في مراسم رسمية افتتاح مبنى المحافظة، لتبدأ بذلك عملها بشكل رسمي بعد تعيين محافظ لها في الأول من نفس الشهر.
وخلال العام استعرت معركة رئاسة الإقليم، ودعا بارزاني في أغسطس (آب)، مع انتهاء ولايته، إلى انتخابات مبكرة في غياب توافق حول رئاسة الإقليم كردستان، واقترح أن يحسم الشعب هذا الموضوع وأن يستفتى شعب كردستان على آلية انتخاب الرئيس، وطالب الأطراف السياسية بالعمل وبسرعة من أجل التوصل إلى اتفاق على أساس مبدأ التوافق والتوصل إلى نتيجة تهم المصلحة العامة. وفي السياق ذاته قرر مجلس الشورى في إقليم كردستان استمرار بارزاني في أداء مهامه رئيسا للإقليم لعامين آخرين، أي حتى نهاية الدورة البرلمانية الحالية في عام 2017، وهو ما أغضب منافسي حزبه «الديمقراطي الكردستاني».
ومن أبرز الأحداث الأخرى التي شهدتها الساحة في إقليم كردستان كانت عودة كنيسة المشرق الآشورية إلى أربيل بعد 82 عاما من انتقالها إلى مدينة شيكاغو الأميركية، ونظمت مراسم رسمية بهذا الخصوص في بلدة عينكاوة ذات الغالبية المسيحية التابعة لمدينة أربيل حضرها رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني.
وكان شهر أكتوبر ساخنا بالنسبة إلى الإقليم، إذ اندلعت مظاهرات واسعة في عدد من مدنه احتجاجا على قطع الحكومة العراقية لرواتب موظفي الإقليم، لكن المظاهرات أخذت منحى عنيفا وتحولت إلى أعمال شغب، بعد أن هاجم عدد من الفتيان مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني في مدن السليمانية وقلعة دزة وكلار وحلبجة وأشعلوا فيها النيران، بينما كشف مسؤولون أكراد أن إيران تقف وراء تأجيج الشارع الكردي وإثارة أعمال الشغب لتخريب الإقليم.
اقتصاديا، ومع بداية 2015، بدأت أربيل وبغداد بالعمل بالاتفاقية النفطية المبرمة بينهما، التي تقضي تصدير الإقليم 250 ألف برميل من نفطه عبر ميناء جيهان، بالإضافة إلى 300 ألف برميل من النفط من آبار كركوك، مقابل التزام الحكومة العراقية بإرسال حصة الإقليم من الميزانية الاتحادية، إلا أن الاتفاقية لم تستمر طويلا لأن بغداد واصلت فرض الحصار الاقتصادي على الإقليم ومنعته من حصته من الميزانية الاتحادية، مما تسبب في تدهور العلاقات بين الجانبين، واستمرار الأزمة الاقتصادية في الإقليم التي أثرت على كل مفاصل الحياة. وفي أعقاب ذلك بدأت حكومة إقليم كردستان بتصدير النفط بشكل مستقل خلال الصيف الماضي من أجل توفير رواتب موظفيه والخروج من الأزمة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.