خوجة لـ {الشرق الأوسط}: لست متفائلاً باجتماع المعارضة مع دي ميستورا في الرياض

روسيا تسعى لتصفية قادة المعارضة ولن تساعد على بناء الثقة المفقودة حاليًا

د. خالد خوجة
د. خالد خوجة
TT

خوجة لـ {الشرق الأوسط}: لست متفائلاً باجتماع المعارضة مع دي ميستورا في الرياض

د. خالد خوجة
د. خالد خوجة

قال الدكتور خالد خوجة رئيس الائتلاف السوري لـ«الشرق الأوسط»، إنه غير متفائل باجتماع الهيئة العليا للمعارضة التفاوضية بـ«دي مستورا» مع تأكيده على أهمية الاجتماع الذي التأم أمس بالرياض، لاعتقاده أن روسيا لن تساعد على بناء الثقة المفقودة حاليا، في ظل انتهكها للقرار 2254، مشيرا إلى أن «مؤتمر الرياض» كشف اللعبة الروسية على حقيقتها.
ويعتقد خوجة، أن روسيا تسعى لتصفية قادة المعارضة، قبل بدء العمل السياسي، مبينا أنها تصبّ جهودها الآن في إدخال شخصيات معارضة ضمن وفد المفاوضين أقرب ما تكون إلى النظام منها إلى المعارضة. وأكد خوجة، أن العمل السياسي والعسكري سيستمر، مبينا أن قوات التحالف الغربي لن تهزم هي الأخرى «داعش»، لاستعانتها بحزب العمال الكردستاني، مشيرا إلى أن خلافا دبّ بين الروس والإيرانيين بسبب غياب استراتيجية التنسيق السياسي والعسكري، الذي تسبب في إصابة بعضهم البعض بنيران صديقة.
* ما مخرجات اجتماع الرياض الذي سبق اجتماعكم مع دي ميستورا؟
- اجتماعنا في الرياض الذي سيستمر على مدى ثلاثة أيام، يهدف في المقام الأول لبلورة موقف موحد للهيئة العليا التفاوضية، إذ إن هناك إجماعا تاما بضرورة تحقيق خطوات فعلية لبناء الثقة والتي بالضرورة لا بد من توفرها قبل اتخاذ أي خطوات لاحقة، وقد ذكر تفاصيلها قرار مجلس الأمن 2254، وأولها وقف القصف وفك الحصار وإطلاق سراح المساجين وإدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة وهي الوظيفة المناطة بالأمم المتحدة، إذ إننا نرى بضرورة الالتزام بتطبيقها، قبل بدء أي عملية تفاوضية.
وعلى كل حال فإن مخرجات هذه الاجتماعات تهدف لبلورة الموقف الموحد الذي سيقدم للمبعوث الأممي دي ميستورا، ومن ناحية ثانية في ما يتعلق بالحل السياسي للأزمة السورية، وكذلك العملية التفاوضية فإن جاهزية المعارضة، دائما موجودة، إذا كان هناك بالفعل، طرف حقيقي، يريد أن ينخرط في الحل السياسي، إذ إننا في اجتماعاتنا السابقة اقترحنا مرشحين لقيادة المفاوضات. أما عن تشكيل الوفد المفاوض، وبدء المفاوضات وتاريخها، فبالضرورة ستحددها مخرجات العملية التي تسبق المفاوضات، والمرشحون من جميع مكونات الأطراف المعارضة، وسيتم لاحقا اختيار الوفد الذي سيفاوض بالفعل من بينهم.
* هل ستكون هناك مدة محددة لتحقيق بناء الثقة أم أن المدة مفتوحة؟
- خطوات بناء الثقة المطلوب تنفيذها، تعتمد في الأساس على الأمم المتحدة، لأنها هي الجهة المناط بها تنفيذ ذلك من خلال تطبيق القرار 2245، الصادر من مجلس الأمن والذي يستوجب تنفيذه فورا، ابتداء من وقف إطلاق النار والقصف وفك الحصار وإدخال المساعدات، وللأسف لم يتحقق أي من هذه، وبدلا من أن تكون هناك حسن نية من الطرف المقابل، فإن كل ما أقدم عليه الروس من خطوات عدوانية تدلّ على سوء نية، وما أدلّ على ذلك أكثر من مقتل قائد فصيل مهم جدا من الفصائل المشاركة بقوة في المعارضة السورية والتي وقعت على «بيان الرياض»، وأعني زهران علوش قائد جيش الإسلام، والذي مثّل حضورا كبيرا وفاعلا في «مؤتمر الرياض» وفي الهيئة العليا للمفاوضات، وبالتالي فإن مقتله بالصواريخ الروسية كان بمثابة عدوان وطعن المعارضة من الخلف، واستهداف مفضوح لمخرجات «مؤتمر الرياض»، ولا يزال القصف مستمرا سواء في الجنوب أو الشمال، واستهداف الغوطة وشيخ مسكين. ولا تزال الغارات الروسية تستهدف جنوب حلب وكلها مناطق خالية من جماعات «داعش» وكلها مأهولة بفصائل المعارضة المعتدلة والجيش الحرّ، مما يؤكد بأن الطرف الروسي هو الطرف الذي يمتلك زمام الأمور بيده، فهو الذي يقتل المعارضة ويحرك الأحداث في أروقة الأمم المتحدة ويديرها بما يتوافق ورؤيته وأهدافه، حماية للنظام. روسيا تعيد صياغة قرار مجلس الأمن وتعطله في الوقت نفسه، وهذا ما يفسر عدم جديتها في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
* هل أنكم غير متفائلين بقرار مجلس الأمن 2254 ومخرجات اجتماع المعارضة مع دي ميستورا؟
- كيف يكون هناك تفاؤل، وما زال الاعتقال التعسفي مستمرا والذي طال حتى أعضاء الهيئة العليا للتفاوض الذين يسكنون في دمشق، أمثال منير عطار وأحمد عفاوي وغيرهما، الذين اعتقلوا قبل أيام بسبب مشاركتهم في «مؤتمر الرياض»؟ كيف يكون هناك تفاؤل، وما زال القصف بالصواريخ على أشده، والحصار يحكم قبضته، وما زال المساعدات الإنسانية محكوما عليها بعدم التحرك أو الدخول للمناطق المتأثرة بالحرب؟ ففي هذه الظروف لم يترك لنا ما يجعلنا متفائلين. لا يمكن أن تذهب القوى الثورية، إلى طاولة المفاوضات لا بجناحها السياسي ولا بجناحها العسكري، تحت القذف وتحت شروط يمليها الروس.
* هل لديكم ما تقومون به خارج إطار المفاوضات حاليا؟
- بالتأكيد، لدينا عمل خارج إطار المفاوضات، وهو عمل يتعلق باللجان وتشكيل الوفود لتوضيح موقف الهيئة العليا للمفاوضات في الدول المعنية. كذلك هناك تأطير جدول أعمال الهيئة العليا للتفاوض، فاللجان الفرعية تشتمل على اللجان الإعلامية واللجان القضائية والاجتماعية والسياسية والعسكرية واللجان العسكرية وغيرها، وجميعها تحتاج لعد اجتماعات للتوافق حول الرؤية المشتركة بينها ومن ثم وضع أطر مناسبة للتحرك نحو المفاوضات. وعموما لدينا التزامات أخرى، ولكن الاجتماع اليوم تكمن أهميته في وضع الإطار العام، وصياغة الموقف الموحد للهيئة العليا للمفاوضات، وذلك لوضع قرار الأمم المتحدة أمام مسؤولياته التاريخية.
* هل هناك مشاورات أخرى جانبية أو مبادرات من بعض الجهات تنتظرونها بشكل مواز لـ«مؤتمر الرياض»؟
- بطبيعة الحل قبل أن نكون هيئة عليا للمفاوضات فنحن جسم سياسي، يمثل حالة عسكرية وحالة ثورة على الأرض لا يمكن أن تُنسى أبدا، إذ إن وظيفتنا توفير الغطاء السياسي للفصائل العسكرية، وإيصال رسالة الثورة إلى المجتمع الدولي، وهذا كله عمل مستمر ولن ينقطع أبدا.
* الروس يتحدثون عن أن صواريخهم تستهدف «داعش»، وأنتم تقولون تستهدف المعارضة بدليل أنها قتلت «علّوش».. هل لديكم ضمانة ألا تنحرف الضربات الفرنسية التي تستهدف «داعش» عن مسارها في سوريا؟
- فرنسا أعلنت أنها انخرطت في التحالف الغربي، قبل شهرين تقريبا، خاصة بعد العملية الإرهابية الأخيرة في باريس، ولذلك التحرك الفرنسي هو ضمن تحرك التحالف الغربي الذي يركز على تجمعات «داعش» في الشمال السوري. ولكن مع ذلك فإن انحسار «داعش»، لم يتجاوز حتى الآن نسبة الـ14 في المائة في الشمال، ولذلك لا يمكن أن تكون هناك هزيمة لـ«داعش»، ما لم يكن هناك تنسيق مع قوى الجيش الحرّ على الأرض، وللأسف الشديد فإن قوى التحالف الغربي، تنسق مع قوى إرهابية أخرى، وهي حزب العمال الكردستاني الذي صدر بحقها عدة قرارات سواء من مجلس الأمن الدولي، أو منظمات أخرى، بأنها تستخدم للأسف الأساليب الإرهابية للتهجير القسري، بجانب الحصار والقتل والتجنيد الإجباري، فالتحالف يستعين بها بحجة مقاتلة «داعش»، مع أنه ليس من المعقول بأن تحارب الإرهاب بدعم أدوات الإرهاب، ولن تنجح أي مساع من دون التنسيق بين قوى التحالف وبين الجيش الحرّ على أرض الواقع، وهو الذي يعمل ضمن الأركان والفصائل التي تعمل معه في الغرف العسكرية المختلفة المعروفة في الجنوب أو الشمال، ولذلك أخلص إلى أن الحديث عن هزيمة داعش، من دون التنسيق مع هذه المكونات، لن يحسم المعركة ضد «داعش»، والذي يعمل بالتنسيق مع النظام السوري والإيراني كركائز أساسية له.
> ما حقيقة الأزمة الخفية بين الروس والإيرانيين على خلفية اصطياد الصواريخ الروسية بعض أفراد الحرس الثوري الإيراني المرابطين في المواقع الحيوية في سوريا؟ وإلى أي مدى انعكست المشكلة التركية الروسية سلبا على الحل السياسي للازمة السورية؟
- نحن نعتبر التدخل الروسي والإيراني سواء سياسيا أو عسكريا، وتسلم زمام المبادرة، احتلالا مفضوحا لسوريا، عموما فإن التدخل الروسي مضى عليه أربعة شهور، من خلال عمليات عسكرية على الأرض والضربات الجوية، ولم يستطع تحقيق تقدم ملموس، وهذا يدل على أن حتى الروس الموجودين في سوريا ليس لديهم أي استراتيجية واضحة لحماية النظام. ويبدو أن تخبطهم هو الذي جعلهم يستهدفون مواقع النظام ومواقع حلفائهم الإيرانيين في سوريا، في وقت سمموا فيها أجواء دول كانت حليفة لهم تقف إلى جانبهم، مثل تركيا.
* هل هناك خلاف بين روسيا وإيران؟
هناك بالفعل احتكاك بين الحليفين، ولكن من الواضح أن روسيا بدخولها العشوائي في سوريا أيضا استهدفت حلفاءها، وفي الوقت نفسه فإن الإيرانيين عندما دخلوا سوريا بقوات برية، تحت مسمى: ميليشيات أيضا لم ينجحوا في مساندة النظام، وبات واضحا أن النظام السوري وإيران وروسيا، لم ينجحوا في التنسيق بينهم لتغيير المعادلة في سوريا. وحتى الآن ولأكثر من ثلاثة شهور فالروس والإيرانيون والنظام يقصفون بنيران صديقة فيما بينهم. الإيرانيون لا يستطيعون الحفاظ أو البقاء في مواقع يحتلونها من المعارضة، وكذلك النظام، روسيا وإيران جسم غريب على سوريا، ولن يبقى محتلا في بلد غريب، كما أنه لا يمكن أيضا لنظام يقتل شعبه أن يبقى طويلا. يمكن لهم أن يريقوا مزيدا من الدماء غير أن المعركة ستحسم لصالح الشعب وثواره.
* كيف قرأتم مقتل «سمير قنطار» بالنظر إلى مقتل «زهران علوش»، وما تداعيات ذلك على القضية السورية؟
- من الواضح أن مقتل حليف من حلفاء النظام، سواء أكان بغارة إسرائيلية أو باستهداف على الأرض، فإن النظام لم يعد يملك أي قرار أو حتى خيار في التعاطي مع الأحداث، لا لحماية أهدافه من إسرائيل ولا حمايتها من المعارضة. لقد باتت الأجواء السورية منتهكة، حتى من أقرب حلفائها، أما في ما يتعلق بمقتل «علوش»، فإن روسيا كما فعلت في الشيشان، تريد أن تصفّي قادة المعارضة، قبل انطلاق المفاوضات، وتستبدل المعارضة الحقيقية بمعارضة مزيفة، إذ إنها تصبّ جهودها الآن على إدخال شخصيات معارض ضمن وفد المفاوضين وهي أقرب ما تكون إلى النظام منها إلى المعارضة، سواء أكانت عسكرية أو سياسية، ولكن هذه اللعبة أصبحت مكشوفة، ذلك أن مقررات «مؤتمر الرياض»، حددت ما هي المعارضة الحقيقية؟ وما هي المعارضة المزيفة؟. فمن أتى إلى الرياض ووقع على مخرجات المؤتمر، جاء فعلا لتحقيق أهداف الشعب السوري. وأما من عارض «مؤتمر الرياض» وذهب إلى مؤتمرات أخرى، واستدعى الروس ليدعمونه للانخراط في عملية على أساس «معارضة موازية»، فهؤلاء يمكن أن يجلسوا في الطرف المقابل بجانب النظام في المفاوضات مع المعارضة الحقيقية. الروس يريدون أن يفرضوا علينا بأن يكون هؤلاء جزءا أصيلا في المعارضة وهذا ما لا نسمح به البتة.
* برأيك لماذا لا تهتم روسيا بمخرجات الرياض؟
- روسيا غير مهتمة وليست ممتنة بمخرجات «مؤتمر الرياض»، ولكن لا يهمنا ردة الفعلة الروسية لأنها أصبحت دولة محتلة وتلعب لصالح النظام، وما يهمنا بالفعل أن يكون هناك دعم للقوى الثورية على الأرض سياسيا وعسكريا وأن يكون هناك تنسيق بيننا وبين القوى الأخرى وهذا ما حدث في «مؤتمر الرياض»، إذ لأول مرة تجتمع القوى العسكرية وتتخذ موقفا موحدا، وهذا في حد ذاته إنجاز يحسب لـ«مؤتمر الرياض»، ولن يكون بعد هذا المؤتمر أي مؤتمر آخر للمعارضة.



مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)
جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)
TT

مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)
جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)

وصلت سلسلة إجراءات اتخذتها مقديشو تجاه رفض أي تدخُّل بشأن سيادتها على إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، إلى محطة استدعاء السفير الدنماركي ستين أندرسن، عقب مشاركته في متابعة انتخابات الإقليم الرئاسية، والتي أُجريت قبل أيام، وسط ترقب إثيوبي تداعيات الاقتراع، خصوصاً مع نتائج أولية تشير إلى فوز مرشح المعارضة عبد الرحمن عبد الله.

الاستدعاء الدبلوماسي الصومالي، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يُعد امتداداً لسلسلة إجراءات تبنّتها مقديشو، منذ بداية العام، عقب رفضها توقيع إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»؛ بهدف «تأكيد سيادتها وتضييق الخناق دولياً عليه»، مع توقعات بإمكانية استئناف المفاوضات للذهاب إلى حلول قد تكون سبباً في سحب البساط من تحت أقدام أديس أبابا، وخفض التصعيد بمنطقة القرن الأفريقي.

واستدعت وزارة الخارجية الصومالية السفير الدنماركي ستين أندرسن؛ على خلفية «انتهاكه سيادة وحدة البلاد»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية بالبلاد، الأحد، عن وزير الخارجية أحمد معلم فقي، عقب «توجّهه ضمن بعض السفراء لدى البلاد إلى مدينة هرجيسا للمشاركة في الانتخابات التي جرت مؤخراً دون أن يعلنوا، في خطابهم، عن الدولة التي جرى تعيينهم سفراء لها، واخترقوا البروتوكول الدبلوماسي»، مؤكداً أن «موقف الحكومة واضح تجاه الانتخابات في أرض الصومال، التي تعد جزءاً لا يتجزأ من البلاد».

وحذّر وزير الخارجية الصومالي «بعض السفراء لدى البلاد بكتابة مقال يتعارض مع وحدة وسيادة البلاد عند الإعلان عن نتائج الانتخابات في أرض الصومال، والتي تعد شأناً داخلياً».

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (رويترز)

خطوط حمراء

ولم تكن تلك الخطوة الأولى ضمن الخطوط الحمراء التي رسمتها مقديشو في رفضها المساس بسيادتها، حيث وقَّع الرئيس حسن شيخ محمود قانوناً يُلغي اتفاقاً مبدئياً وقّعته إثيوبيا، في يناير (كانون الثاني) 2024، مع إقليم «أرض الصومال»، والذي تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة.

وتوجهت مقديشو إلى الجامعة العربية، وحصلت على دعم إضافي باجتماع طارئ ذهب، في يناير (كانون الثاني) 2024، إلى أن المذكرة باطلة. وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة المتوترة علاقاتها مع أديس أبابا، ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وسط قلق إثيوبي، ومدّ مصر الصومال بأسلحة ومُعدات لمواجهة «الشباب» الإرهابية، وصولاً إلى إعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، رسمياً، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029. وأرجع ذلك إلى «انتهاكها الصارخ سيادة واستقلال الصومال».

وباعتقاد المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، فإن «قرار استدعاء السفير قد يُفهم بأنه تحرك دبلوماسي، في جزء من استراتيجية الصومال لتضييق الخناق على أرض الصومال، قبل العودة إلى أي مفاوضات مرتقبة، إذ تسعى الحكومة إلى تعزيز موقفها في مواجهة أي محاولات لانفصال أو استقلال أرض الصومال، مما قد يؤثر على استقرار المنطقة».

ويَعد المحلل الصومالي «قرار استدعاء سفير الدنمارك أيضاً خطوة تُظهر رغبة الحكومة في الحفاظ على سيادتها، ورفض أي تدخلات خارجية»، لافتاً إلى أن «تحرك بعض السفراء قد يُفسَّر بأنه في إطار ضغوط على الحكومة الصومالية لإحداث تغييرات معينة، أو قد يكون مجرد مراقبة روتينية للانتخابات والأوضاع السياسية، أو محاولة لتوسيع النفوذ الخارجي في منطقة تُعد ذات أهمية استراتيجية».

في المقابل، يرى الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد المنعم أبو إدريس، أن «تحركات السفراء الغربيين، احتفاء بالممارسة الديمقراطية التي تجري هناك لعدة دورات، وليست للتأثير على مقديشو»، موضحة أن «الدولة الغربية التي لديها تأثير كبير هي الولايات المتحدة، من خلال حلفها التاريخي مع إثيوبيا وتعاونهما في مكافحة الإرهاب».

أمل في استئناف المفاوضات

ورغم تلك الإجراءات فإن الصومال لم تقطع شعرة معاوية في التوصل لحلول. وأعرب وزير الخارجية أحمد معلم فقي، في كلمته، عن «أمله في استئناف المفاوضات مع إدارة أرض الصومال»، مؤكداً أن «الحكومة عازمة على إيجاد الحلول للشؤون الداخلية»، دون توضيح ماهية تلك الحلول.

وجاءت تلك الآمال الصومالية الرسمية، قبل أيام من إعلان نتائج الانتخابات في أرض الصومال المقررة في 21 نوفمبر الحالي، والتي تنافس فيها 3 مرشحين؛ بينهم الرئيس الحالي للإقليم موسى بيحي عبدي، والمعارض عبد الرحمن عبد الله، ومرشح حزب «العدالة والتنمية» فيصل ورابي، وجميعهم داعمون لمذكرة التفاهم، وتختلف رؤيتهم حول كيفية إدارة الأزمة مع الصومال. وتشير نتائج أولية إلى «تقدم كبير» للمعارض عبد الرحمن عبد الله، وفق وسائل إعلام صومالية.

وفي المقابل، استمرت إثيوبيا على موقفها الداعم لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وهنأته وزارة الخارجية الإثيوبية، الجمعة، على «النجاح في إجراء انتخابات سلمية وديمقراطية تعكس نضج الحكم». وسبقها، الخميس، تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية نبيات غيتاتشو أن «أديس أبابا ستواصل عملياتها الحاسمة لإضعاف حركة (الشباب الإرهابية)؛ بهدف ضمان عدم تشكيلها تهديداً للأمن القومي الإثيوبي»؛ في إشارة لعدم الخروج من مقديشو.

ولا يعتقد الخبير في الشؤون الأفريقية عبد المنعم أبو إدريس أن «يكون لنتيجة الانتخابات في أرض الصومال تأثير على علاقة مقديشو مع الإقليم، خاصة أن المرشح عبد الرحمن عبد الله لم يُظهر معارضة لمذكرة التفاهم مع إثيوبيا». ويستدرك: «لكن يمكن أن تعود المفاوضات بين مقديشو وأرض الصومال في حال كان هناك طرح لشكل فيدرالي يعطي الأقاليم المختلفة في الصومال الكبير قدراً من الاستقلالية».

ويعتقد المحلل السياسي الصومالي عبد الولي جامع بري أن «تقارب مقديشو مع أرض الصومال قد يثير قلق أديس أبابا، وإذا كانت هناك رغبة في تعزيز العلاقات بين مقديشو وأرض الصومال، فقد تسعى إثيوبيا إلى عرقلة هذا المسار، ومن المحتمل أن تتدخل لإعادة تأكيد نفوذها في المنطقة، خاصةً في إطار مذكرة التفاهم القائمة».

ويؤكد أن «أي حل محتمل في هذه الأزمة سيكون له تأثير كبير على الأوضاع في القرن الأفريقي، واستقرار مقديشو وأرض الصومال، ويمكن أن يُفضي إلى تعزيز التعاون الإقليمي، بينما أي تصعيد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والسياسية في المنطقة».