قتلى وجرحى في اشتباكات جديدة.. واستمرار حملة عالمية لإدانة ممارسات الميليشيات

منظمات حقوقية: الوضع الإنساني في تعز يرقى إلى جرائم الحرب

قتلى وجرحى في اشتباكات جديدة.. واستمرار حملة عالمية لإدانة ممارسات الميليشيات
TT

قتلى وجرحى في اشتباكات جديدة.. واستمرار حملة عالمية لإدانة ممارسات الميليشيات

قتلى وجرحى في اشتباكات جديدة.. واستمرار حملة عالمية لإدانة ممارسات الميليشيات

بلغ الوضع الإنساني في مدينة تعز، كبرى المدن اليمنية من حيث عدد السكان، وضعًا مأساويًا وكارثيًا، وفقًا لمنظمات إنسانية، وذلك بسبب الحصار المطبق والمحكم الذي تفرضه ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح على المدينة، من خلال استمرار منعها دخول المواد الغذائية والطبية وكل مستلزمات العيش، حيث وصل الحصار إلى منع دخول مياه الشرب وأنابيب الأكسجين للمستشفيات.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تتواصل فيه حملة إلكترونية عالمية أطلقها ناشطون وحقوقيون وإعلاميون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، بأهم اللغات العالمية، تطالب بسرعة رفع الحصار عن مدينة تعز في ظل استمرار الظروف الصعبة التي يعيشونها أهالي المدينة منذ نحو تسعة أشهر من قبل ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح.
وبعد أقل من 24 ساعة على إطلاق الحملة المتواصلة، بدأت ميليشيات الحوثيين والمخلوع صالح في السماح بإدخال كميات محدودة من السلال الغذائية إلى المناطق المحاصرة والمتضررة داخل مدينة تعز، وقد اعتبر نشطاء حقوقيون هذه الخطوة بأنها تأتي للتشويش على حقيقة الحصار المطبق على الأهالي والحملة، وبهدف تغطية سرقاتهم للمواد الإغاثية التي تصلهم إلى المنافذ ويمنعون دخولها، ويقومون بتوزيع بعضها على المناطق التي تقع تحت سيطرتهم.
وقال الناشط الحقوقي مختار القدسي لـ«الشرق الأوسط» إنه «وعلى الرغم من الحصار الخانق المفروض على سكان مدينة تعز ومنع الميليشيات الانقلابية دخول المواد الغذائية والدوائية وكل المستلزمات وحتى المساعدات الإغاثية، إلا أن أبناء تعز لا يزالون صامدين وينتظرون الفرج القريب والسريع على يد قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بمساندة دول التحالف التي ستساعد على سرعة فك الحصار وإنقاذ الأهالي من الموت المحقق، إما برصاص ميليشيات الحوثي وصالح وإما بسبب الجوع أو نقص المواد الطبية وانعدام مادة الأكسجين، وقد مات الكثير بسبب هذه الأمور».
وأضاف القدسي أن الناشطين وكل المهتمين بما تعانيه مدينة تعز «نجحوا في حملتهم الإلكترونية التي تطالب بسرعة فك الحصار عن المدينة، حيث تصدرت وسوم الحملة التي كانت بعدة لغات ومنها الفرنسية والإنجليزية والألمانية والصينية والروسية وحتى الإيرانية، قائمة (الترند) العالمية على موقع «تويتر»، مما يشير فعلا إلى أن الحملة أبرزت بشكل كبير مدى الكارثة التي تعانيها مدينة تعز والتي قد تصل إلى المجاعة بسبب ما تعانيه من أوضاع إنسانية مأساوية وحصار خانق من جميع المنافذ».
وطالب الناشط القدسي «الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته والمجتمع الدولي وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، وقوات التحالف التي تقودها السعودية، بسرعة الاستجابة لنداءات الاستغاثة التي يطلقها أهالي مدينة تعز وسرعة فك الحصار عنهم وإنقاذهم من الموت الذي يطالهم كل يوم بسبب ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، والذين حتى أصبحوا عاجزين عن إنقاذ من يستطيعون من الموت المحقق».
في السياق ذاته، كشف تقرير أصدره التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، انتهاكات ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في مدينة تعز، حيث بلغ عدد القتلى 1277 شخصًا، بينهم 133 طفلاً و65 امرأة، 1079 رجلا وإصابة 7626 شخصًا، بينهم 686 طفلاً، 231 امرأة و6709 رجلاً.
وبحسب التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فقد وصل عدد المعتقلين لدى ميليشيات الحوثي وصالح 214 شخصًا، بينهم 4 إعلاميين و93 ناشطًا و45 سياسيًا و72 آخرون، بالإضافة إلى أنه تم الاعتداء على 172 من الممتلكات العامة: 55 تعليمية و21 صحية 96 ممتلكات أخرى، والاعتداء على 1778 من الممتلكات الخاصة: 1561 منزلاً، 25 مبنى و192 أخرى، إضافة إلى عدد النازحين من مدينة تعز خلال فترة الحرب ما يقارب العشرة آلاف أسرة.
إلى ذلك، قال المركز القانوني اليمني في تعز، إنه «يعرب عن قلقة البالغ إزاء الوضع الإنساني المأساوي الذي يعيشه سكان محافظة تعز، وخصوصًا ما يقرب من 350 ألف نسمة يقطنون المدينة بسبب الحصار المفروض والقصف المستمر من قبل على المدينة، والذي بلغ ذروته في الأسابيع القليلة الماضية، بقيام مسلحي الحوثي وصالح بمنع دخول المواد الغذائية الأساسية والأدوية والمياه الصالحة للشرب، وتقييد حركة التنقل لمواطنين من خلا وضع حواجز ترابية ونقاط تفتيش في مداخل المدينة الشرقي جولة القصر والغربي في الدحي».
وأضاف المركز أن «استمرار الحصار وعدم السماح بوصول المعونات الإغاثية الطبية والغذائية والمياه، في ظل استمرار استهداف الأحياء المدنية والمنشآت الطبية بالقصف الممنهج والمتعمد، يعد جريمة إبادة وجرائم حرب ترتكبها جماعة الحوثي وقوات صالح بحق المدنين في تعز»، واستغرب المركز صمت المجتمع الدول تجاه جرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها الحوثيون وصالح بحق المدنيين بتعز، وطالب مجلس الأمن بالتحرك العاجل لحماية المدنين وإيقاف هذه الانتهاكات وإحالة مرتكبيها والمسؤولين عنها إلى محكمة الجنائيات الدولية.
وفي التطورات الميدانية، تجددت الاشتباكات العنيفة في جبهات القتال الشرقية والغربية بمحافظة تعز، واشتدت المواجهات في جبهة الوازعية، بوابة لحج الجنوبية، غرب تعز، وفي جبل الريامي والخرص وظبي في مديرية حيفان، جنوب تعز، وكذلك في مديرية المسراخ والشقب ومنطقة الأقروض، الذي رافقها القصف العشوائي وبشكل هستيري على الأحياء السكنية من قبل الميليشيات الانقلابية على المناطق السكنية، مخلفين وراءهم قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
وقال مصدر في المقاومة الشعبية في محافظة تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تمكنوا من تطهير نقيل حدة بمديرية المسراخ، في حين شهدت جبهة ثعبات، شرق مدينة تعز، ومديرية حيفان، جنوب المدينة، وجبهة المسراخ والكمب، مواجهات عنيفة في محاولة من الميليشيات الانقلابية الهجوم على مواقع المقاومة والجيش واستعادة مواقع تخضع لسيطرة المقاومة والجيش الوطني، غير أن الأبطال تمكنوا من التصدي لهم وتكبيدهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد».
وأضاف المصدر أن قتلى وجرحى سقطوا في صفوف قوات الجيش الوطني والمقاومة والمدنيين في الاشتباكات وفي قصف الميليشيات على المناطق الآهلة بالسكان، إضافة تأكيد المصدر مقتل ما لا يقل عن 20 مسلحًا حوثيًا وجرح العشرات في تلك الاشتباكات وفي غارات لطائرات التحالف.
وأكد المصدر ذاته أن «استمرار قصف ميليشيات الحوثي وصالح بالأسلحة الثقيلة على الأحياء والمناطق السكنية بشكل همجي وبشع وغير أخلاقي، يزيد من سقوط الضحايا من المدنين يوميًا، وأغلبهم من الأطفال والنساء، وكل ذلك في محاولاته الهجومية المستميتة مواقع المقاومة الشعبية بهدف التقدم والسيطرة على عدد من المواقع المهمة بما فيها جبهة القصر وحي الدعوه وجبهة الشقب وحزه وجبهة القبيطة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».