تحريض رسمي وراء الهجوم على سفارة السعودية في طهران وقنصليتها بمشهد

روحاني يأمر بملاحقة المتورطين.. ومهاجم: الشرطة تلقت أوامر بعدم التعرض لنا

الدخان يتصاعد من مبنى السفارة السعودية في طهران بعد اقتحامها مساء أول من أمس (أ.ب)
الدخان يتصاعد من مبنى السفارة السعودية في طهران بعد اقتحامها مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

تحريض رسمي وراء الهجوم على سفارة السعودية في طهران وقنصليتها بمشهد

الدخان يتصاعد من مبنى السفارة السعودية في طهران بعد اقتحامها مساء أول من أمس (أ.ب)
الدخان يتصاعد من مبنى السفارة السعودية في طهران بعد اقتحامها مساء أول من أمس (أ.ب)

تكرر سيناريو الهجوم على السفارات الأجنبية في العاصمة الإيرانية، خلافًا للأعراف الدبلوماسية، بعدما اقتحمت جماعات متطرفة من أنصار المرشد الأعلى علي خامنئي وجماعات الباسيج المتشددة، مساء أول من أمس مبنى السفارة السعودية في طهران وقنصلية السعودية في مشهد وأضرمت النار فيهما بعد ساعات من تصريحات عدوانية أطلقها المسؤولون الإيرانيون.
وفي تناقض واضح، سرعان ما وجدت طهران نفسها أمس مضطرة على التراجع عن المواقف التي أدت إلى حشد المهاجمين على السفارة، محذرة من تبعات التصرف غير المسؤول في مهاجمة السفارات على صورة النظام الإيراني في المجتمع الدولي.
وفي هذا السياق، انتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني الهجوم وإلحاق الضرر بالسفارة والقنصلية السعوديتين وشدد على أنهما «يجب أن تكونا شرعا وقانونا تحت حماية إيران»، واعتبر الهجوم غير قابل للتبرير و«مسيئا ومضرا» بسمعة النظام الإيراني، مطالبا مسؤولي بلاده بالحزم القاطع في التعاطي مع هذه الأعمال الإجرامية والمتهورة.
وأمر روحاني وزارة المخابرات بملاحقة من يقفون وراء الهجوم «بصرامة كاملة وتقديمهم إلى السلطات القضائية لتنفيذ العدالة لوضع حد نهائي لمثل هذه الأعمال وضمان أمن المراكز الدبلوماسية للدول الأخرى في إيران»، حسب الموقع الإعلامي للرئاسة الإيرانية.
بدوره، استنكر رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، تصرفات المتطرفين وشجب «العنف والتخريب» في الأماكن الدبلوماسية، مضيفا أن ذلك «يصعب الحلول ويعمق الأزمات في المنطقة».
من جانبه، أعلن مدعي عام طهران، عباس جعفري دولت آبادي، أن الأمن الإيراني اعتقل 50 شخصا دخلوا مبنى السفارة السعودية كما فتح تحقيقا لمعرفة من يقفون وراء الهجوم، فيما وصف رئيس شرطة طهران، حسن ساجدي نيا، المهاجمين على السفارة «بقلة متهورة»، مؤكدا قيامهم برمي الحجارة وقذائف حارقة (مولوتوف) على مبنى السفارة. وأضاف أن قواته اعتقلت «فئة قليلة» اقتحمت مبنى السفارة. لكن حسب وكالات أنباء إيرانية فإن مساعد رئيس الشرطة وعددا من المسؤولين الأمنيين كانوا من بين الحاضرين أمام السفارة لحظة الهجوم.
من جانبها، طالبت وزارة الخارجية الإيرانية بعدم التجمع أمام السفارة والقنصلية السعودية ودعا المتحدث باسم الخارجية الإيراني جابر حسين أنصاري القوات الأمنية إلى منع التجمع والتظاهر أمام المراكز الدبلوماسية، مشددا على ضرورة ضمان أمن السفارة السعودية في طهران والقنصلية مشهد، موضحا أن الشرطة الدبلوماسية هي المسؤولة عن التصدي لأي تعرض إلى الأماكن الدبلوماسية التابعة للسعودية وشدد على ضرورة القيام بمهام بسط الأمن في محيط المراكز الدبلوماسية.
وجاء الهجوم بعد ساعات من نشر مواقع تابعة للحرس الثوري عنوان السفارة السعودية ودعوة الحوزات العلمية وقوات الباسيج إلى التظاهر أمامها. وكان موقع «ضباط الحرب الناعمة» التابع لقوات الباسيج أول موقع دعا للتجمع أمام المراكز الدبلوماسية السعودية ويعتبر الموقع من المنابر التي تنشر أخبار تجمعات قوى حزب الله في طهران. وعند نشر وكالات الأنباء والمواقع الإيرانية أخبار الهجوم على القنصلية بدأ الموقع بنشر عنوان سفارة السعودية عبر حساباته في شبكات التواصل الاجتماعي بحسب موقع «إيران فاير».
وكان رئيس لجنة الأمن القومي والعلاقات الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي قد دعا وزارة الخارجية إلى تقليص عدد الدبلوماسيين السعوديين إلى أقل مستوى.
يشار إلى أن السفارة البريطانية في طهران تعرضت إلى هجوم مشابه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 بعدما اقتحمتها مجموعة من عناصر الباسيج التابع للحرس الثوري ورشقوها بالحجارة قبل أن يشعلوا النار في مبنى السفارة، بعد ساعات من موافقة البرلمان على خفض العلاقات مع بريطانيا بسبب فرض العقوبات الدولية على طهران. كما اقتحمت مجموعة أخرى مبنى تابعا للسفارة البريطانية في شمال طهران واحتجزوا ست رهائن من عمال السفارة، تم تحريرهم لاحقا بعد تدخل الشرطة الدبلوماسية وفي أعقاب ذلك طردت بريطانيا الطاقم الدبلوماسي الإيراني من لندن وقامت كل من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وهولندا بسحب سفرائها من طهران تضامنا مع بريطانيا. وأدان آنذاك مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والرئيس الأميركي والصين وعدد كبير من الدول الغربية هجوم الجماعات المتطرفة على المراكز الدبلوماسية البريطانية.
في هذه الأثناء، نسب مساعد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، حسين سبحاني في تصريح لوكالة إيسنا، الهجوم على القنصلية إلى طلاب أجانب يقيمون في مشهد، مضيفا أن طلابا في طهران يقفون وراء الهجوم على السفارة في العاصمة.
بدوره، اعتبر المتحدث باسم السلطة القضائية، غلام حسين محسني أجئي، الهجوم على المراكز الدبلوماسية السعودية من قبل عناصر الباسيج والمتطرفين «خلافا للدستور الإيراني»، وأكد اعتقال 38 شخصا من المهاجمين على السفارة بتهمة خرق القوانين، داعيا وزارة الداخلية والشرطة إلى اتخاذ بالإجراءات الوقائية في هذا الخصوص.
إلى ذلك، أعلن مساعد وزير الداخلية، حسين علي أميري، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية (إيرنا) أن وزير الداخلية ومساعده الأمني كانا قد أصدرا تحذيرات للقوات الأمنية من الهجوم على المراكز الدبلوماسية السعودية، معربا عن أسفه لقيام البعض بأعمال تنهك القانون مما أدى إلى إلحاق الضرر بالسفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد. وشدد على أن المساعد الأمني لوزير الداخلية ومحافظ طهران مكلفان تنفيذ أوامر وزير الداخلية في التعاطي مع المهاجمين على السفارة والقنصلية السعوديتين. وأكد أن المراكز الدبلوماسية والسياسية التابعة للدول الأخرى «تحظى بالأمان ولا داعي للقلق بهذا الشأن».
وقالت وكالة «ميزان» الإيرانية نقلا عن مصدر مطلع، إن مسؤول الباسيج في بلدية طهران محسن بير هادي أصدر أوامر بتغيير اسم شارع السفارة السعودية من «بوستان» إلى «نمر النمر» وأوضحت الوكالة أن القرار يأتي بعد قرار مجلس بلدية طهران. وفي هذا السياق، أعلن مجلس بلدية مشهد تغيير اسم شارع القنصلية من «مولوي» إلى «نمر النمر» وفقا لوكالة «تسنيم». يذكر أن تسمية شارع في طهران باسم خالد الإسلامبولي بأوامر مباشرة من الخميني في 1979 أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والقاهرة ولم تفلح محاولات الرئيسين السابقين محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد في السنوات السابقة لتغيير اسم الشارع.
ومنذ مساء السبت تتناقل وكالات الأنباء الإيرانية صور اقتحام السفارة والقنصلية السعودية في مشهد وطهران وأظهرت الصور نهب الممتلكات والوثائق الإدارية وأجهزة كومبيوتر وأجهزة هاتف ورمي قذائف حارقة على مبنى السفارة، كما نشرت صباح أمس صورا تظهر آثار الحريق في مبنى السفارة.
وكانت وكالة أنباء تسنيم التابعة لمخابرات الحرس الثوري أول وسيلة إعلامية ذكرت بدء التجمع في منتصف النهار أمام السفارة في طهران، لكن بعد توافد عشرات من الشرطة الدبلوماسية المسؤولة عن أمن السفارات انتهى التجمع في الساعة الخامسة وعملت الشرطة على محو الشعارات من مبنى السفارة وأظهرت صور تناقلتها المواقع الإيرانية تعزيزات الشرطة أمام مبنى السفارة، لكن المعادلة انقلبت بعد خمس ساعات عندما قل وجود الشرطة في محيط السفارة.
ولمح موقع «إيران فاير» إلى أن انسحاب الشرطة يظهر أن الهجوم على السفارة كان عملا مدبرا عندما بدأت حسابات«تيليغرام» بتعميم دعوة التجمهر أمام السفارة بعد الساعة التاسعة، وبذلك بدأ الملثمون الهجوم بالحجارة والنيران على مبنى السفارة قبل أن يتطور الوضع بظهور القذائف الحارقة «موتولوف» وكسر أبواب السفارة ويرمى المهاجمون الذين يرددون شعارات طائفية، ونهب وثائق وممتلكات السفارة إلى خارج المبنى. ونقل الموقع عن أحد المهاجمين أن «شرطة حماية السفارة تلقت أوامر بعدم التعرض للمتظاهرين». ونشر موقع «ضباط الحرب الناعمة» صباح أمس صور الصعود فوق حائط السفارة الأميركية في نوفمبر 1979 جنبا إلى جنب صعود عناصر الباسيج فوق حائط السفارة السعودية في طهران.
في المقابل، نفى بيان صادر من «الباسيج الطلابي»، أحد اللجان الطلابية التابعة للحرس الثوري في الجامعات الإيرانية الذي دعا إلى التظاهر أمام المراكز الدبلوماسية السعودية الأحد، أي علاقة له بالهجوم على السفارة. وشكك البيان بما وقع مساء السبت في السفارة والقنصلية متهما قوات الأمن والوزارة الداخلية بالتقصير في حفظ أمن السفارات والمراكز الدبلوماسية.
يشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة انقطعت بعدما اقتحم مجموعة من الطلاب المتشددين مبنى السفارة الأميركية واحتجزوا 52 مواطنا أميركيا لفترة امتدت 444 يومًا بين 4 نوفمبر 1979 و20 يناير (كانون الثاني) 1981 وتقيم حتى الآن قوات الباسيج وقوات من الحرس الثوري في مبنى السفارة وترفض مغادرة المكان.
واشتكى موقع «عصر إيران» الموقع المقرب من الحكومة الإيرانية من تبعات الهجوم على السفارة السعودية في طهران، موضحا أن خبر الهجوم على السفارة أثار اهتمام وكالات الأنباء والصحف العالمية.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)