أوباما يواجه ضغوطًا قوية بعد تنفيذ قانون يسمح بحمل البالغين للسلاح

لوبي الأسلحة يعلن تحديه للرئيس.. وينوي مقاضاته بحجة استغلال السلطة

أميركي يتأمل معروضات البنادق داخل متجر لبيع الأسلحة في كولورادو التي شهدت مؤخرا عدة جرائم قتل بالأسلحة (إ.ب.أ)
أميركي يتأمل معروضات البنادق داخل متجر لبيع الأسلحة في كولورادو التي شهدت مؤخرا عدة جرائم قتل بالأسلحة (إ.ب.أ)
TT

أوباما يواجه ضغوطًا قوية بعد تنفيذ قانون يسمح بحمل البالغين للسلاح

أميركي يتأمل معروضات البنادق داخل متجر لبيع الأسلحة في كولورادو التي شهدت مؤخرا عدة جرائم قتل بالأسلحة (إ.ب.أ)
أميركي يتأمل معروضات البنادق داخل متجر لبيع الأسلحة في كولورادو التي شهدت مؤخرا عدة جرائم قتل بالأسلحة (إ.ب.أ)

بعد يوم واحد من بداية تنفيذ قانون في ولاية تكساس الأميركية، خلال أول يوم من العام الجديد، يسمح لأي شخص بالغ بحمل السلاح علنا، انتقد الرئيس باراك أوباما القانون، وقال إنه عندما يعود إلى واشنطن من إجازة رأس السنة التي يقضيها في مسقط رأسه بهاواي فإنه سيصدر أمرا فيدراليا تنفيذيا للحد من انتشار الأسلحة في البلاد.
لكن تصريحات أوباما لم تمر دون أن تخلف وراءها صيحات استهجان من طرف المعارضين لمنع السلاح، إذ لم تمض سوى ساعات قليلة على إعلان أوباما حتى قال غريغ أبوت، حاكم ولاية تكساس الجمهوري، في صفحته على «تويتر»: «لقد قال أوباما إنه سيفرض مزيدا من قوانين منع حمل السلاح، وأنا أقول له: أتحداك.. تعال وخذ سلاحي».
وردا على ذلك، قال في اليوم نفسه إريك شولتز، المتحدث باسم البيت الأبيض، والذي يرافق أوباما في رحلته بهاواي، إن أوباما يعرف أن الكونغرس لن يؤيد وضع شروط متشددة لشراء وحمل الأسلحة، ولهذا فإنه سيصدر أمرا تنفيذيا.
وفي أول رد فعل للمواطنين، عرف أول يوم من بداية تنفيذ القانون الجديد في ولاية تكساس خروج مؤيديه في هيوستن، وأوستن، وفي مدن أخرى في الولاية، في مظاهرات ابتهاج بحمل أسلحة مرخصة لها علنا إلى الشوارع والأماكن العامة، وذلك لأول مرة منذ عام 1871. لكن عددا كبيرا من السياسيين والأكاديميين وخبراء الأسلحة والجريمة انتقدوا القانون، وقالوا إن انتشار الأسلحة «الدفاعية» سيتسبب في انتشار القتل، عمدا أو غير عمد.
وفي خطابه الأسبوعي أمس، حذر أوباما من تبعات هذا القرار، مشيرا إلى انتشار الجرائم الجماعية لأن «البنادق تقتل الناس»، وتوقف عند حادثة مقتل 24 طفلا في مدرسة للتعليم الأولي في نيوتاون (ولاية كونيتيكت) قبل ثلاثة أعوام، وقال بهذا الخصوص: «حلت الشهر الماضي الذكرى الثالثة لمجزرة نيوتاون. وفي هذا الشهر ستمر ذكرى خمسة أعوام على مأساة صديقتي غابي غيفوردز، النائبة في الكونغرس، التي وقعت ضحية إطلاق نار في تكسون بولاية أريزونا، أدى إلى إصابتها بإعاقة دائمة، وإلى سقوط ستة قتلى».
وأضاف الرئيس أوباما متأسفا: «لكن رغم ذلك لم يفعل الكونغرس شيئا»، مشيرا في هذا السياق إلى مشروع قانون قدمه خلال العام الماضي أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري للتأكد من السوابق العدلية والجنائية كل شخص يريد شراء سلاح. وقال أوباما بهذا الشأن: «تذكروا أن 90 في المائة من الأميركيين يؤيدون هذا الاقتراح. لكن حشد لوبي الأسلحة وقف ضده، فاضطر الكونغرس إلى أن يجمده».
وأمس، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية تصريحا لمسؤول في الرابطة الوطنية للأسلحة، وهي كبرى منظمات لوبي الأسلحة في الولايات المتحدة، قال فيه إن الرابطة «ستحارب بقوة محاولة أوباما لاختصار الطريق التقليدي لسن القوانين»، موضحا أن الأمر التنفيذي الذي قال أوباما إنه سيصدره يوم غد الاثنين «سيواجه طعونا قضائية كثيرة، وأيضا اتهامات باستغلال السلطة».
ويثير قانون ولاية تكساس نقاشا كبيرا بسبب زيادة حوادث القتل في الولاية حتى قبل بداية تنفيذ القانون. ففي بداية الصيف الماضي تناقلت الصحف والتلفزيونات ومواقع التواصل الاجتماعي فيديو حول عصابتين كانتا تتقاتلان في منتصف النهار أمام مطعم في مدينة واكو، وراح ضحية القتال تسعة أشخاص. وبعد معركة دموية تمكنت الشرطة من تفريق المقاتلين، واعتقلت أكثر من 200 شخص من المتورطين في الحادث. وفي ذلك الوقت، قالت أخبار إن أربعة من الضحايا قتلوا برصاص أسلحة من نفس نوع الأسلحة التي استخدمتها الشرطة في فض القتال، مما يوضح أن بعض رجال العصابة استخدموا الأسلحة نفسها التي استخدمتها الشرطة.
والشهر الماضي، أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) تقريرا عن الجرائم الجماعية في الولايات المتحدة، قال فيه إن العام الماضي وحده شهد 40 جريمة جماعية، منها قتل الزوجين سيد فاروق وتشفين مالك لأربعة عشرة شخصا في ولاية كاليفورنيا. كما قتل مسلح سبعة أشخاص قبل أن يقتل نفسه في ولاية ميسوري. وفي كنيسة للسود في ولاية ساوث كارولينا، قتل أبيض 8 أشخاص أثناء أدائهم الصلاة. كما قتل رجل مسلح في ولاية تكساس صديقته وزوجها و6 أطفال، لأنها رفضت أن تتزوجه، وقَتل رجل مسلح في معهد في ولاية أوريغون أستاذا مساعدا و8 طلاب، قبل أن يقتل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.