أكراد سوريا يجمعون التناقضات الدولية لتمكين مشروع فيدرالي «لا انفصالي»

عروض روسية «سخية».. وخبير: القبول بها مراهنة خاطئة تستدرج ردًا تركيًا

نساء سريانيات يشاركن في تدريب عسكري في مدينة القحطانية بالقرب من الحدود السورية - التركية في ديسمبر 2015 (أ.ف.ب)
نساء سريانيات يشاركن في تدريب عسكري في مدينة القحطانية بالقرب من الحدود السورية - التركية في ديسمبر 2015 (أ.ف.ب)
TT

أكراد سوريا يجمعون التناقضات الدولية لتمكين مشروع فيدرالي «لا انفصالي»

نساء سريانيات يشاركن في تدريب عسكري في مدينة القحطانية بالقرب من الحدود السورية - التركية في ديسمبر 2015 (أ.ف.ب)
نساء سريانيات يشاركن في تدريب عسكري في مدينة القحطانية بالقرب من الحدود السورية - التركية في ديسمبر 2015 (أ.ف.ب)

وسّع التدخل الروسي في الحرب السورية، خريطة التحالفات الدولية أمام أكراد سوريا الذين تلقوا دعمًا طوال العامين الماضيين من الولايات المتحدة الأميركية وحكومات أوروبية أبرزها فرنسا، خلال حربهم على تنظيم داعش، وسط عروض يصفها معنيون بأنها «سخيّة» قدمتها لهم موسكو، العازمة على تضييق الخناق على المعارضة السورية المقربة من تركيا، عبر تفعيل دور الأكراد في المناطق الحدودية.
ويستفيد أكراد سوريا الذين نجحوا في معارك كثيرة ضد تنظيم داعش في شمال شرق وشمال البلاد من التناقضات الدولية، بوجهيها الأميركي والروسي في حربهم على التنظيم، عبر دعم يقدمه المحوران الدوليان المتنافسان لهم، بهدف التغلب على «الإرهاب» الذي يمثله تنظيم داعش، رغم أن العروض الروسية، حتى الآن، «لم تدخل حيّز التنفيذ»، بينما تزداد العلاقة المتواصلة مع الولايات المتحدة الأميركية والتحالف الدولي الذي تقوده لمحاربة الإرهاب في سوريا والعراق، تعقيدًا.
ويقول مصدر كردي بارز لـ«الشرق الأوسط»، إن العلاقة مع المحورين «تشوبها تعقيدات»، موضحًا أن التعقيدات في العلاقة مع واشنطن «تأتي على خلفية ضغوط تركية على واشنطن لعدم تقديم الدعم الكامل للأكراد»، في حين «تحول علاقة روسيا مع نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد الذي لا يكف عن محاربة الأكراد، دون الذهاب إلى الخيار الروسي». ويؤكد المصدر نفسه أن «هناك عروضًا سخية من الروس للجانب الكردي، لكن لم يؤخذ قرارًا بقبولها بعد، وليس الأكراد في عجلة لاتخاذ القرار حتى الآن».
ويعد أكراد سوريا، المقربون من «حزب العمال الكردستاني»، من أبرز المناوئين لتركيا التي تعتبرهم «إرهابيين». ورغم ذلك، قدم التحالف الذي تقوده واشنطن خدمات جليلة للأكراد في عام 2015، أسهمت في سيطرتهم على مناطق حدودية شاسعة في ريفي حلب والرقة (شمال البلاد) بينها كوباني، فضلاً عن تقدمهم في محافظة الحسكة، حيث باتوا على مسافة تبعد 25 كيلومترًا عن معقل «داعش» في الشدادي جنوب المحافظة. وبعد التدخل الروسي، مهّدت موسكو للأكراد طريق التقدم باتجاه أعزاز بريف حلب انطلاقًا من عفرين، رغم أن ضربات مشابهة من شأنها أن تستهدف مقاتلين معتدلين وآخرين تابعين لـ«جبهة النصرة» على الحدود التركية، قبل الوصول إلى مراكز نفوذ «داعش» في مارع القريبة من أعزاز وريف حلب الشرقي، ويقضي فعليًا على طموحات تركيا بإقامة منطقة سوريا عازلة على حدودها.
ولا ينفي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور سامي نادر أن هناك إغراءات من قبل الروس للأكراد، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع موسكو «بات واضحًا ويتمثل في تسليح الأكراد ودفعهم باتجاه عفرين بهدف الإطباق على حلب، بعد فشل القوات النظامية والإيرانية بتحقيق الأهداف الروسية في الشمال». ويرى أن انضمام الأكراد إلى المحور الروسي «يعزز حضورهم على طاولة المفاوضات، كما أنه يحقق الأهداف الروسية بتقليص الدور التركي في الأزمة السورية».
لكن هذا الخيار، يعده نادر، وهو خبير وباحث استراتيجي، «مراهنة خاطئة وخطيرة على الأكراد أنفسهم ولعب بالنار»، موضحًا أن «سقوط هذا الخيار يضع الأكراد في مواجهة مع السنّة العرب من فصائل المعارضة السورية، كما يجعلهم عرضة للانتقام من قبل قوى الثورة السورية»، متوقفًا في الوقت نفسه عند «صمت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه هذه القضية». ويضيف: «مشروع إنشاء دولة كردستان في سوريا يهدد الأمن التركي، وهو ما قد يدفع تركيا إلى التدخل العسكري المباشر في سوريا»، مشيرًا إلى أن أنقرة «لا تعترضها مشكلات لوجيستية للتدخل في المعركة، مثل روسيا، وذلك يحكم وجودها على مساحة حدودية تقارب الـ800 كيلومتر، وهو ما يدفع إردوغان للحديث بنبرة عالية، مستندًا في تحديه إلى مجموعة عوامل مستجدة بينهم ورقة وجود الأتراك في العراق الآن، والدخول في حلف استراتيجي مع إسرائيل، وبحكم حلفه مع حلف شمال الأطلسي».
وإذ يشير نادر إلى «سباق بين القوى لملء مكان داعش الذي بدأ ينهار ي أكثر من موقع»، يرى أن الخيار الأمثل بالنسبة لأكراد سوريا الآن، هو اتخاذ خيار أكراد العراق العاقل والاستراتيجي بالبقاء على مسافة واحدة من صراع المحاور.
غير أن الأكراد لم يحسموا أمرهم بعد بالانضمام إلى أي محور، فهم يستفيدون من القطبين الدوليين في سوريا، أي روسيا وأميركا، عطفًا على قرارهم الاستراتيجي الذي يتمثل في «دحر (داعش) لأنه لا يمكن التعايش مع الإرهاب و(داعش)»، واتخذ القرار بشكل مشترك بين الأكراد وحلفائهم العرب والسريان إثر تشكيل «قوات سوريا الديمقراطية»، وقد ساعدتها طائرات التحالف الدولي الأسبوع الماضي بتنفيذ ضربات تمهّد للعبور إلى معقل داعش في الرقة.
ويقول رئيس «المركز الكردي للدراسات» نواف خليل لـ«الشرق الأوسط»: «بحسب متابعتي، لن يضع الأكراد بضاعتهم في سلة واحدة مع روسيا أو أميركا»، معربًا عن اعتقاده أن خيار الأكراد القبول بالعروض الروسية «رهن موقف أميركا وعدم استجابتها للضغوط التركية». ويوضح: «ليس هناك خيار أبيض أو أسود. إذا قالت روسيا إنها ستوجه ضربات في مارع وأعزاز وجرابلس، فإن الأكراد لا يمانعون، لكن ما أعلمه أن الجانب الروسي لم يقدم أي شيء يذكر حتى الآن»، لافتًا إلى أن الأكراد «يتفقون مع الجانب الأميركي بالنقطة الاستراتيجية، ويستطيعون أن يتفقوا مع الروس حول النقطة نفسها، رغم الاختلاف معهم حول نقاط أخرى». ويشير إلى أن الأكراد «مستعدون للتوافق مع أي جهة حول نقاط ستصب في النهاية لصالح نظام فيدرالي يطالبون به».
وتتعرض علاقة الأكراد مع أميركا لاهتزازات على ضوء ما يقولون إنها تعود إلى استجابة واشنطن للضغوط التركية. يقول خليل: «يبدو أن الأميركيين يخضعون أحيانًا لضغوط من الجانب التركي تقف ضد دعم الأكراد، علمًا بأن الأكراد بالتعاون مع السريان والعرب السوريين اتخذوا قرارًا بالتشارك في محاربة (داعش) ويتوجب على العالم احترام هذا الخيار». وإذ يؤكد أن «الكرد لن يضحوا بهذا التحالف مع أميركا التي ساعدتهم في كوباني إضافة إلى فرنسا وغيرها من الدول»، يطالب واشنطن بـ«موقف أكثر وضوحًا تجاه العلاقة مع الأكراد منعزل عن الموقف التركي منهم».
وفي الوقت نفسه، تتعرض علاقتهم بالروس لانتكاسات على ضوء علاقة الروس بالنظام. ويسأل: «كيف أثق ككردي بالجانب الروسي الذي يرتبط بعلاقة مع النظام، في وقت يمنع النظام التدريس اللغة الكردية واقفل المدارس؟»، ويقول: «من لن يعترف بالحقوق الكردية، لا يمكن أن يكون متسامحا. الاعتراف بالكرد هي مسألة اختبار نيات للكل، علمًا أن الاعتراف بهم يكون كقوة سياسية وعسكرية غير انفصالية»، مشددًا على أن الأكراد «يطرحون شعار الفيدرالية، لكنهم يرفضون الانفصال». ويؤكد أن «الكردي لا يقبل أن يقرر عنه أحد، وهناك تحالف واضح ومعلن مع أميركا والدول الأوروبية خصوصًا فرنسا وننتظر تحرير جرابلس وأعزاز، وسيكون الهدف الاستراتيجي دحر (داعش)».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.