الرئيس السوداني يجدد وقف إطلاق النار مع المتمردين شهرًا إضافيًا

تعهد بالالتزام بنتائج الحوار الوطني

عمر البشير
عمر البشير
TT

الرئيس السوداني يجدد وقف إطلاق النار مع المتمردين شهرًا إضافيًا

عمر البشير
عمر البشير

أصدر الرئيس السوداني قرارًا بتمديد وقف إطلاق النار مع حملة السلاح الذين يحاربون حكومته في غرب وجنوب البلاد لشهر إضافي، ودعاهم إلى الاستماع لما سماه «صوت العقل»، واللحاق بـ«ركب السلام» والحوار الوطني، وبإرادة سودانية خالصة تحت سقف الوطن، ورقابة الشعب، وضمان الضمير الوطني.
وقال الرئيس عمر البشير في خطابه أمس بمناسبة احتفالات البلاد بالذكرى الـ60 للاستقلال إن مخرجات الحوار الوطني «ستكون عهدًا نوثقه مع الله ووعدًا نقطعه للشعب»، موضحا أنه مدد الحوار الجاري في السودان لشهر إضافي، بعد أن كان مقررًا ختامه في العاشر من يناير (كانون الثاني) الحالي، ومثله مدد وقف إطلاق النار مع الحركات المسلحة لشهر إضافي بعد أن كان قد أعلن وقف نار سابق لمدة شهرين، وقال في هذا الصدد: «أعلن عن قرارنا تمديد الفترة لمؤتمر الحوار الوطني لشهر آخر على الأقل.. وقد واجه السودان من التحديات ما أكسبه خبرة واسعة خلال مسيرته المليئة بالصعوبات، إلا أنه استطاع رغم ذلك أن يحقق نجاحات وطفرات باهرة، وصار قادرا بها على تحقيق غايات المرحلة القادمة، بإقرار السلام، وإرساء قيم جديدة لإدارة الخلاف السياسي، والمشاركة الواسعة في بناء الوطن».
وأضاف البشير أنه أطلق الحوار الوطني والمجتمعي دون استثناء لأحد، ولا حجر على رأي ولا انتقاء لقضية، وأنه ألزم نفسه وحكومته بتهيئة المناخ، ودعا الجميع للمشاركة. كما قطع البشير بأنه قدم الضمانات كافة لإنجاح الحوار، وقال في هذا الشأن: «لقد قدمنا الضمانات وأوقفنا إطلاق النار وقفا شاملا لشهرين متتاليين، إبداء لحسن النيات ولتشجيع حملة السلاح للجنوح للسلم، واعتماد الحوار سبيلا أوحدا لتحقيق المطالب ورد المظالم وإزالة المرارات».
وفي ذات السياق أوضح البشير أنه أطلق سراح المعتقلين، ورحب بممارسة الأحزاب لنشاطها السياسي وندواتها العامة، دون أن يردعها رادع إلاّ القانون والصالح العام.
ويجري في الخرطوم منذ العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حوار بين قوى سياسية، أبرزها حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي، والحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة محمد عثمان الميرغني، وحزب المؤتمر الوطني الحاكم وقوى مشاركة في الحكم وحليفة له. بيد أن قوى المعارضة الرئيسية والحركات المسلحة تعتبره حوارًا داخليًا بين أطراف الحكومة والإسلاميين، وتشترط للحاق به عقد مؤتمر تحضيري خارج البلاد، يتم التوافق خلاله على ما تسميه إجراءات بناء الثقة، وهو ما ترفضه حكومة الرئيس البشير.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.