قائد الجيش الوطني لـ {الشرق الأوسط}: الحوثيون يتكبدون خسائر فادحة.. والجامعيون يقاتلون في صفوفنا

الميليشيات تقصف تعز بعنف.. والمستشفيات تواصل إغلاق أبوابها

قائد الجيش الوطني لـ {الشرق الأوسط}: الحوثيون يتكبدون خسائر فادحة.. والجامعيون يقاتلون في صفوفنا
TT

قائد الجيش الوطني لـ {الشرق الأوسط}: الحوثيون يتكبدون خسائر فادحة.. والجامعيون يقاتلون في صفوفنا

قائد الجيش الوطني لـ {الشرق الأوسط}: الحوثيون يتكبدون خسائر فادحة.. والجامعيون يقاتلون في صفوفنا

شهدت محافظة تعز، كبرى المدن اليمنية من حيث عدد السكان، أمس، قصفًا وُصف بالأعنف من نوعه من قبل ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، من أماكن تمركزها على الأحياء السكنية خاصة التي تخضع لسيطرة المقاومة الشعبية، مخلفة وراءها عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
وتركز قصف الميليشيات من أماكن تمركزها في الحرير والقصر والدفاع الجوي وتبة السلال والمطار القديم والكدرة والحرير، على قرى مديرية صبر ومشرعة وحدنان وأحياء ثعبات والروضة والدمغة وصينة والتحرير الأسفل والمدينة القديمة، ومناطق مديرية المسراخ والضباب، حيث شهدت تصاعدت الأدخنة والأضواء في شرق مدينة تعز من شدة الانفجارات ونيران الاشتباكات العنيفة التي جرت بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، من جهة أخرى.
وقال الناطق الرسمي للمجلس العسكري، العقيد منصور الحساني، لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم الخسائر الفادحة التي منيت بها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، فإنها مستمرة في حشد تعزيزاتها العسكرية ومحاولاتها الهجوم على مواقع المقاومة والجيش في شرق مديرية صبر خاص على جبهة الحدة والحزم والشقب».
وأضاف أنه «بفضل من الله وتوفيقه تمكن أبطال الجيش والمقاومة في جبهة صبر منطقة الشقب والحدة والحزة من تحقيق نصر عظيم ودحر للعدو الغاشم الذي حشد إمكانيات كبيره للمرة الثانية، وحاول التقدم في اتجاه العروس، والموقع العسكري الاستراتيجي المطل علي مدينة تعز بالكامل في قمة جبل صبر الخاضع لسيطرة المقاومة الشعبية، إلا أن أبطالنا الشجعان صدوا هجومه ودحروه، واستعادوا المواقع التي كان قد سيطر عليها الميليشيات وكبدوهم خسائر كبيرة وسقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم، بالإضافة إلى تمكن رجال الجيش والمقاومة من قنص أربعه عناصر من عناصر الميليشيات في جبهة المحور الغربية من تبة الاريال، في حين لا تزال جبهة الوازعية في مناطق الاتياس وحنة مستمرة».
وأكد العقيد الركن الحساني أن «هناك خططًا عسكرية قد تم وضعها ستكون كفيلة بطرد ميليشيات الحوثي وصالح من المحافظة في القريب العاجل، وقد بدأ ذلك من خلال إعداد لواء عسكري من أبناء تعز الحاملين للشهادات الجامعية الذين التحقوا بصفوف المقاومة الشعبية، وهم الآن في فترة تدريب وتأهيل في دورة كاملة في قاعدة العند، مما جعل الميليشيات الانقلابية تستمر بالدفع بتعزيزاتها العسكرية الكبيرة إلى تعز بشكل يومي وتعتبر معركة تعز معركة رئيسية لديها، كما أنها تدفع بقوات وعتاد بشكل متواصل حتى الآن إلى تعز بينما الجيش الوطني قد وصل إلى أبواب العاصمة صنعاء، لكن مع هذا تدفع بتعزيزاتها العسكرية إلى تعز»، مشيرا إلى أن «الميليشيات الانقلابية لا تزال تتلقى ضربات وهزائم في كل جبهات القتال ويعيشون المراحل الأخيرة للنهاية».
في ذلك، فشلت الميليشيات الانقلابية من تنفيذ عملياتها الهجومية في جبهات القتال الشرقية والغربية خاصة في مديرية المسراخ ووادي عيسى في الدحي، غرب مدينة تعز، وعمليات هجومية أخرى في شرق مديرية صبر في منطقة الشقب، ومديرية الوازعية، بوابة لحج الجنوبية، ومن إحراز أي تقدم لها أو السيطرة على مواقع خاضعة لسيطرة المقاومة الشعبية والجيش الوطني، في الوقت الذي تواصل دفعها، تعويضًا عن خسائرها، بتعزيزات عسكرية ضخمة من العاصمة صنعاء إلى محافظة تعز.
وفي جبهة القبيطة، شهدت المنطقة اشتباكات متقطعة في محاولة من الميليشيات الانقلابية السيطرة على جبل القشع المطل الخاضع لسيطرة المقاومة الشعبية، مما جعل الميليشيات تطلق قذائف الهاون والمدفعية على مناطق متفرقة من منطقة القبيطة من أماكن تمركزها في منطقة الحيدية وحميش وجبل اصرف في الهجر.
وعلى الصعيد الإنساني، تواصل ميليشيات الحوثي وصالح حصارها المطبق على أهالي مدينة تعز من خلال إغلاق جميع مداخل المدينة ومنع دخول المواد الغذائية والطبية والخضراوات وكل المستلزمات الأساسية، وحتى أسطوانات الأكسجين للمستشفيات، مما تسبب في تدهور الوضع الصحي ومقتل عدد من المرضى بشكل يومي بسبب انعدام أسطوانات الأكسجين.
وقصفت الميليشيات الانقلابية مستشفى الثورة بأربع قذائف من منطقة الحرير في منطقة الحوبان، مما أدى إلى تدمير المختبر المركزي بالمستشفى بالكامل وقسم العمليات وقسم الأطفال وشبكة الكهرباء الخاصة بالمستشفى.
وقال الناشط السياسي توفيق السامعي لـ«الشرق الأوسط» إن «تعز تعيش كابوس الحصار والقصف والدمار، وقامت الليلة بقصف مكثف على مدينة تعز وجبهة المسراخ في صبر، بالإضافة إلى ارتكابها المزيد من المجازر وقصفها مستشفى الثورة لتزيد جرائمها بحق المواطنين والمرضى بعدما أغلقت كل المستشفيات بسبب منع الميليشيات دخول المواد الطبية للمستشفات وحتى أسطوانات الأكسجين، مما جعل مدينة تعز تمر بأصعب يوم في هذه الحرب».
ومن جهته، قال مصدر طبي في محافظة تعز لـ«الشرق الأوسط» إنه «توفي، أول من أمس، 5 أشخاص، منهم رضيع لم يمضِ من عمره سوى بضع ساعات، و5 أشخاص من عناصر المقاومة الشعبية في محافظة تعز، بسبب انعدام الأكسجين في المستشفيات، كون حالتهم كانت حرجة ويحتاجون إلى عمليات جراحية، لكن وبسبب حصار الميليشيات الانقلابية فهو يسطر جرائمه ضد الإنسانية ويسجل في كل منزل معاناة إنسانية».
وأضاف المصدر: «لقد أصبح أهالي الأطفال والنساء الذين يرقدون في مستشفيات تعز التي لا تزال تعمل رغم الحصار ومنع وصول المواد الطبية إليها بما فيها أسطوانات الأكسجين يبحثون عن أنابيب الأكسجين في كل مكان داخل المدينة لإنقاذ أهاليهم، ولكي يتمكنوا أيضًا من إنقاذ من يستطيعون إنقاذه وإخراج الرصاصات من أجسادهم، لكنهم لم يجدوا، والنتيجة أنه عند وصولهم للمستشفى يجدون أهاليهم وقد توفوا».
وبدورهم، ندد أطباء هيئة مستشفى الثورة العام بمدينة تعز وناشطون حقوقيون، خلال وقفة احتجاجية لهم، بالحصار المفروض من قبل الميليشيات الانقلابية على مداخل المدينة ومنع دخول الإمدادات الطبية.
ورفع الأطباء المحتجون خلال وقفتهم لافتات منددة بالحصار للأدوية ومادة الأكسجين التي تسبب بإعلان المستشفى الأكبر في تعز، مستشفى الثورة، إغلاق أبوابه أمام مئات الحالات الإنسانية في ظل خذلان من قبل المنظمات الدولية والعالم أجمع، داعين فيها إلى سرعة إنقاذ تعز برشفة أكسجين بعد توقف أقسام العناية المركزة في المستشفى والعمليات الجراحية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.