موجة جديدة من الإضرابات تواجه حكومة محلب.. والمطالب تتركز على زيادة الأجور

مسؤول بوزارة الصحة: نتفاوض مع الأطباء حتى لا يتأثر المرضى

موجة جديدة من الإضرابات تواجه حكومة محلب.. والمطالب تتركز على زيادة الأجور
TT

موجة جديدة من الإضرابات تواجه حكومة محلب.. والمطالب تتركز على زيادة الأجور

موجة جديدة من الإضرابات تواجه حكومة محلب.. والمطالب تتركز على زيادة الأجور

ضربت مصر، أمس، موجة جديدة من الإضرابات العمالية المطالبة بزيادة الأجور. وبينما واصل القطاع الصحي إضرابه عن العمل لليوم الثاني، أعلن مئات العمال إضرابات أخرى في عدة قطاعات، مما يضع عبئا جديدا على حكومة المهندس إبراهيم محلب الجديدة، التي تواجه صعوبات اقتصادية وأمنية. وبدا أن أكثر الإضرابات إثارة للقلق تلك التي يشهدها قطاع الصحة في البلاد، وقال المسؤول بوزارة الصحة الدكتور هشام عطا، لـ«الشرق الأوسط»: «نتفاوض مع الأطباء حتى لا يتأثر المرضى».
وبينما تتهم قيادات صحية وطبية الحكومة ممثلة في وزارتي الصحة والمالية بالمسؤولية عن تفاقم أزمة إضراب الأطباء والصيادلة، بإصرارها على إقرار مشروع قانون تنظيم المهن الطبية، والمعروف إعلاميا بقانون «الحوافز» البديل عن الكادر الأصلي، قال الدكتور عطا، الذي يرأس قطاع الطب العلاجي ويشغل عضوية لجنة الأزمات بوزارة الصحة لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزير الصحة الدكتور عادل العدوي أصدر قرارا أمس بتشكيل لجنة تفاوض مع الأطباء»، لافتا إلى أن «هذه اللجنة تشمل النقابات و(ممثلين من) الوزارة لمعرفة المشكلات لرفعها لجهات أعلى من أجل حلها»، موضحا أن اللجنة متوقع بدء عملها اليوم (الاثنين)، مبديا تفاؤله بشأن الجلوس للتفاوض مع الأطباء.
وتأتي إضرابات أمس عقب إطلاق اتحاد عمال مصر مبادرة لوقف الإضرابات العمالية والفئوية لمدة عام. لكن عمال شركة النيل للنقل البري بمدينتي المحلة وكفر الزيات بالغربية بدأوا، أمس، إضرابا عن العمل، بينما واصل القطاع الطبي والصحي إضرابه الجزئي عن العمل لليوم الثاني، ولا يزال موظفو هيئة البريد يواصلون إضرابهم في عدد من محافظات مصر.
وتعكس تصريحات رئيس الوزراء للمصريين بالصبر على حكومته وأنه «لا يوجد مسؤول يمتلك عصا سحرية لحل المشكلات» مدى قلقه من الإضرابات الفئوية، التي كانت سببا في إقالة حكومة سلفه الدكتور حازم الببلاوي.
ولليوم الثاني على التوالي، واصل الصيادلة والأطباء البشريون وأطباء الأسنان، إضرابهم الجزئي المفتوح عن العمل، أمس، بالمستشفيات والهيئات التابعة لوزارة الصحة. وقالت نرمين، وهي ممرضة بمستشفى المنيرة (جنوب القاهرة): «نعاني من تدني الأجور والوضع المعيشي السيئ».
من جانبه، قال الدكتور هشام عطا رئيس قطاع الطب العلاجي، عضو لجنة الأزمات المشرفة على إدارة إضراب الأطباء بوزارة الصحة، إننا «مهتمون كلجنة أزمات باحتواء أي مشكلات تنجم عن الإضراب»، لافتا إلى أن «هذه مهمتنا ومهمة نقابة الأطباء بأن لا يُضار مريض، بدليل أن طوارئ المستشفيات والاستقبال تعمل بانتظام ولم تتأثر بالإضراب، بالإضافة إلى أن 80 في المائة من الخدمات تؤدى كاملة في المستشفيات».
لكنه في الوقت نفسه اعترف بأن العيادات الخارجية (التي تتولى الكشف على المرضى بأجر رمزي) تأثرت من الإضراب، بقوله: «لا بد أن نقر بأن هناك إضرابا فعلا في العيادات الخارجية.. وأن هناك نسبة من الأطباء تزيد أو تقل متضررة من شيء ما أو من مواضيع، منها موضوع الكادر، لكن هذه النسبة آخر شيء نتحدث عنه، حتى لا تكون مبارزة مع النقابة، لأننا جهة واحدة»، لافتا إلى أن نسبة الإضراب في يومه الثاني، أمس، أقل عن أول من أمس.
وحول ما إذا كانت مطالب الأطباء مشروعة، قال الدكتور هشام عطا لـ«الشرق الأوسط»، إن «المطالب مشروعة، حتى وإن لم يكن وقتها؛ فهي مشروعة، قد يكون تنفيذها الآن صعبا، لكن على الأقل قد يكون هناك مراحل للتنفيذ، وهو ما سوف تسفر عنه اجتماعات اللجنة التي شكلها الوزير»، لافتا إلى أن تنفيذ مطالب الأطباء ليس بيد الوزارة أو النقابة، قائلا: «هذه ظروف بلد.. وهناك معايير كثيرة لا بد أن يتم وضعها للتنفيذ».
وتابع الدكتور عطا بقوله: «إننا نريد أن نصل إلى حلول من خلال الحوار والجلوس مع الأطباء»، مشيرا إلى أن ما قامت به وزارة الصحة، أمس، هو إطفاء الحرائق التي اندلعت في بعض المستشفيات نتيجة مرضى غاضبين.. ومهمتنا أن لا يضار مريض وسط هذه الأحداث».
وتشكو قطاعات واسعة من المصريين من ارتفاع الأسعار وتدني الأجور. وقالت الحكومة إنها ستعتمد زيادة في الأجر (الحد الأدنى) بداية من العام الحالي.
وواصل عمال هيئة البريد إضرابهم عن العمل. ويُقدر عدد العاملين في الهيئة بنحو 52 ألف عامل على مستوى مصر، وقال شهود عيان إن «عددا من مكاتب البريد في المحافظات أغلقت أبوابها بالفعل». وقال أحد عمال الهيئة إن المطالب تتلخص في تعديل هيكل المرتبات لتقليل الفوارق بين عمال الهيئة تحقيقا لمبدأ العدالة الاجتماعية. كما بدأ عمال شركة «النيل للنقل البري» إضرابا عن العمل، أمس، للمطالبة بزيادة الأجور.
في السياق نفسه، أطلق اتحاد عمال مصر مبادرة لوقف الإضرابات لمنح الحكومة فرصة للعمل. وقال مصدر مسؤول باتحاد عمال مصر لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة مهمة في الوقت الحالي، وهناك كثير من المبادرات من قبل المنظمات النقابية والمجتمعية، نعمل عليها بشكل جاد لإنهاء الاحتجاجات الفئوية، لكنها تتطلب مزيدا من الوقت».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.