المغرب يعتزم تشديد الإجراءات الأمنية في الملاعب للحد من العنف

أحكام بالسجن ضد الموقوفين عقب ديربي الدار البيضاء

المغرب يعتزم تشديد الإجراءات الأمنية في الملاعب للحد من العنف
TT

المغرب يعتزم تشديد الإجراءات الأمنية في الملاعب للحد من العنف

المغرب يعتزم تشديد الإجراءات الأمنية في الملاعب للحد من العنف

يعتزم المغرب تشديد الإجراءات الأمنية للحد من شغب الملاعب، وذلك على خلفية أحداث العنف التي أعقبت مباراة الديربي التي جمعت الأسبوع الماضي بين فريقي الوداد والرجاء البيضاويين لكرة القدم. وأقر وزير الشباب والرياضة مساء أول من أمس أمام البرلمان بأن الإجراءات الأمنية والعقوبات التي يتخذها الاتحاد المحلي لكرة القدم، والتي تشمل التوقيف والتأديب في حق الأندية، بالإضافة إلى متابعة المشاغبين أمام المحاكم، تبقى غير كافية.
في غضون ذلك، أصدرت المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، مساء أول من أمس، أحكاما تراوحت بين شهرين حبسا مع إيقاف التنفيذ وسنة واحدة حبسا نافذا في حق عدد من الموقوفين، على خلفية أعمال الشغب التي عرفتها مباراة الديربي بين الوداد والرجاء البيضاويين في 20 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بينما جرى تأجيل النظر في باقي ملفات الموقوفين.
وحكم على أحد البالغين، من بين 13 متابعا (منهم اثنان في حالة إفراج)، بشهرين حبسا مع إيقاف التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 500 درهم. كما أصدرت المحكمة أحكاما بحق اثنين من هؤلاء بخمسة أشهر حبسا نافذا في حق كل واحد منهما وغرامة مالية 500 درهم. وحكمت على أحد المتابعين بسنة واحدة حبسا نافذا، وغرامة مالية تبلغ ألف درهم، مع منعه من دخول ملعب مركب محمد الخامس بالدار البيضاء لمدة سنة. فيما قررت المحكمة تأجيل النظر في ملف 9 متابعين، ثلاثة منهم في حالة إفراج، إلى اليوم (الخميس) وباقي المتهمين إلى الخميس المقبل، وذلك من أجل تمكين هيئة الدفاع من إعداد دفوعاتها.
ويتابع هؤلاء من أجل أفعال إجرامية مختلفة، منها السرقة والمشاركة، والسكر العلني، وحيازة السلاح الأبيض، والمضاربة في ثمن التذاكر، وحيازة المخدرات الصلبة، وإلحاق خسائر مادية بالممتلكات ذات المنفعة العامة، والضرب والجرح في حق موظفي الشرطة.
وكانت أعمال شغب قد اندلعت بين مشجعي الفريقين ورجال الشرطة عقب نهاية المباراة. وأسفرت هذه المواجهات، حسبما أفادت ولاية أمن مدينة الدار البيضاء، عن إلحاق خسائر مادية بالممتلكات العامة والخاصة، إضافة إلى إصابة 25 شرطيا بجروح وإصابات متفاوتة الخطورة، زيادة على توقيف 59 من المشجعين.
وكشف لحسن السكوري، وزير الشباب والرياضة، أن مجمع محمد الخامس بالدار البيضاء سيعرف عملية إصلاح وتجديد ستسهم في ضمان تنظيم وتأمين جيد للمباريات داخل الملعب، مشيرا إلى أن هذه العملية ستشمل بناء مدرجات جديدة، وتجهيز الملعب وملحقاته بمرافق جديدة، وتزويده ببوابات إلكترونية لضبط استعمال تذاكر الدخول، وترقيم الأبواب والكراسي لتسهيل انسيابية الدخول والخروج من الملعب، بالإضافة إلى اقتناء أجهزة إلكترونية لمراقبة واحتواء أي انفلات قد يؤدي لأعمال الشغب مثل كاميرات المراقبة وأجهزة الاتصال الفوري.
وأشار السكوري، الذي كان يتحدث في الجلسة العامة بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، ردا على سؤال حول ظاهرة الشغب في الملاعب المغربية، إلى أن حالة العنف والشغب التي أصبح يعاني منها المغرب عقب عدد من مباريات البطولة المحلية لكرة القدم، وغيرها من الرياضات الأخرى، تمتد غالبا إلى خارج الملاعب متسببة في تخريب الممتلكات الخاصة والعامة، وتهديد سلامة المواطنين، وعرقلة كل الجهود المبذولة للارتقاء بالرياضة المغربية. وأوضح السكوري أن التصدي لظاهرة الشغب بالملاعب الرياضية يتطلب اعتماد حلول شمولية تنخرط فيها وزارة الشباب والرياضة والاتحادات الرياضية، والأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني والمدرسة، مشيرا إلى أنه إضافة إلى الجانب الأمني والعقابي، يتعين الاهتمام بإصلاح نظام التكوين وتأهيل أساتذة التربية البدنية والرياضة والمدربين والحكام «لجعلهم يأخذون الجانب التوعوي للمواطنة والقيم الرياضية بعين الاعتبار، ولا يقتصرون على النتائج والأداء التقني».
ومن الحلول المقترحة من قبل الوزير إدراج تعليم القيم الرياضية وقواعد المواطنة على مستوى الاتحادات الكروية والعصب والفرق ومراكز التكوين والمؤسسات التعليمية العامة والخاصة، بالإضافة إلى التفكير في الإطار المناسب لجمعيات المشجعين، بهدف ضمان تتبع ومعرفة الأشخاص المنتسبين إليها والأنشطة التي تقوم بها.
وكان الديربي، الذي يصنّف من بين أحسن عشرة ديربيات في العالم، حضره أزيد من 71 ألف متفرج، وجرى نشر 3135 موظفا ينتمون لمختلف التشكيلات الأمنية، ومن مختلف الرتب، وعهد إليهم بتأمين مدرجات الملعب والطرق والمسالك المؤدية إليه، والأماكن المفتوحة المحيطة به. إلا أن كل ذلك لم يمنع من حدوث أعمال العنف، التي أدت أيضا إلى إصدار عقوبات من الاتحاد المحلي ضد الفريقين ومشجعيهما.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.