راهبات معلولا إلى الحرية بعد ثلاثة أشهر من الاختطاف.. وأنباء عن وساطة

نقلن من يبرود إلى بلدة عرسال اللبنانية ثم إلى سوريا ثانية

صورة أرشيفية لراهبات معلولا
صورة أرشيفية لراهبات معلولا
TT

راهبات معلولا إلى الحرية بعد ثلاثة أشهر من الاختطاف.. وأنباء عن وساطة

صورة أرشيفية لراهبات معلولا
صورة أرشيفية لراهبات معلولا

أثمرت وساطة لبنانية - قطرية، بالتنسيق مع الجانبين التركي والسوري، تولاها عن الجانب اللبناني المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في إطلاق سراح 13 راهبة لبنانية وسورية اختطفن قبل ثلاثة أشهر من ديرهن في بلدة معلولا بريف دمشق، مقابل إطلاق النظام السوري 152 معتقلا من سجونه، بناء على مطالب الخاطفين.
وذكرت تقارير إعلامية في بيروت أن الصفقة تخللها دفع مبلغ مالي كبير، تجاوز أربعة ملايين دولار أميركي وفق ما ذكرته أمس «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، واحدة من أبرز القنوات التلفزيونية الخاصة في لبنان.
وجاء إطلاق سراح الراهبات الأرثوذكسيات، بعد اختطافهن، مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من دير القديسة تقلا في الجزء القديم من بلدة معلولا التاريخية، تزامنا مع دخول مقاتلي المعارضة إليها، ونقلهن إلى مدينة يبرود. وتوجهت أصابع الاتهام إلى مقاتلي جبهة النصرة، الذين سيطروا على البلدة حيث يقع الدير. وظهرت الراهبات في السابع من ديسمبر الماضي، في شريط فيديو بزيهن الأسود الطويل يجلسن على أرائك في غرفة، وصرحن بأنهن على ما يرام، ونفين أنباء تفيد بخطفهن، من غير أن يتضح توقيت أو مكان تصوير اللقطات. ونفت الراهبات أن يكنّ تعرضن للاختطاف، ردا على سؤال رجل من خلف الكاميرا، مؤكدات أنهن غادرن الدير هربا من القصف، وأنهن سيخرجن بعد يومين.
واستبق تنفيذ صفقة الإفراج عن الراهبات، أمس، إعلان مصدر مطلع على المفاوضات الجارية، منتصف الأسبوع الماضي، لوكالة الصحافة الفرنسية، فقدان الاتصال بهن بعد نقلهن من مكان احتجازهن في مدينة يبرود السورية، تزامنا مع اشتداد حدة المواجهات على تخومها بين القوات النظامية وقوات المعارضة السورية.
وأبلغت مصادر في المعارضة «الشرق الأوسط» حينها أن الراهبات نُقلن من مركز احتجازهن في يبرود إلى «منطقة أكثر أمانا» في القلمون، بسبب القصف الذي تتعرض له المدينة، مؤكدة أنهن بخير، وفي مكان قريب من الحدود اللبنانية - السورية.
وبدأ النهار الماراثوني، أمس، مع طلب السلطات السورية الرسمية من الإعلاميين السوريين التوجه صباحا إلى نقطة جديدة يابوس السورية، على الحدود اللبنانية، في وقت نقلت فيه وسائل إعلام لبنانية أنباء عن إمكانية الإفراج عن راهبات معلولا تزامنا مع وصول رئيس الاستخبارات القطرية سعادة الكبيسي إلى بيروت آتيا من إسطنبول.
وأكد المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم خبر إطلاق سراح راهبات معلولا، وقال ظهر أمس أن «قرار الإفراج عنهن اتُّخذ، والأمر يستغرق بعض الوقت بسبب عوائق لوجيستية»، موضحا أنه «ليس هناك من عرقلة، ولكن ننتظر تحديد طريق نقل الراهبات».
وكان ضابط في الأمن العام اللبناني ومسؤول أمني قطري توجها إلى بلدة عرسال اللبنانية الحدودية لتسلم الراهبات اللواتي انتقلن بعد السادسة من مساء أمس بمعية المسؤولين الأمنيين من عرسال، شرق لبنان، في موكب ضم، وفق الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، نحو 30 سيارة وعبر بعد السادسة من مساء أمس حاجز الجيش اللبناني عند مدخل عرسال، في طريقه إلى نقطة جديدة، يابوس السورية، المقابلة لنقطة المصنع اللبنانية الحدودية، في البقاع. وكان كل من اللواء عباس إبراهيم ومدير الاستخبارات القطرية عبرا بعد ظهر أمس المصنع باتجاه دمشق تمهيدا لتسلم السلطات السورية الكنسية والرسمية الراهبات.
وتابع الرئيس اللبناني ميشال سليمان تفاصيل الإفراج عن الراهبات، وتأمين سلامة وصولهن إلى لبنان، مع اللواء عباس إبراهيم الذي تولى المفاوضات خلال الأشهر الماضية، وانتقل مرارا إلى تركيا وقطر من أجل متابعة مساعي الإفراج عن راهبات معلولا، وعن المطرانين يوحنا إبراهيم (سريان) وبولس يازجي (أرثوذكس) المخطوفين منذ أبريل (نيسان) الماضي بريف حلب، وذلك بعد نجاح المفاوضات التي قادها على خطى تركيا وقطر، الصيف الماضي، وأدت إلى إطلاق سراح تسعة لبنانيين خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد خطفهم في مدينة أعزاز السورية منذ مايو (أيار) 2012.
وعزا المعاون البطريركي الأرثوذكسي في دمشق المطران لوقا الخوري، في تصريحات صحافية، الإفراج عن الراهبات إلى «الجهود التي بذلها الجيش العربي السوري، وإحكامه حصاره على يبرود»، نافيا وجود أي صفقة.
وقال إن عملية الإفراج ستشمل 13 راهبة إضافة إلى ثلاثة مساعدين، وذلك خلال انتظاره ووفد سوري كبير وصول الراهبات إلى الحدود السورية اللبنانية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.