تفاقم ظاهرة الخطف مقابل فدية في لبنان.. ومعالجتها رهن برفع الغطاء السياسي

مقربون من مختطف لـ «الشرق الأوسط»: اختفى في زحلة ليجد نفسه بالضاحية

ميشال الصقر
ميشال الصقر
TT

تفاقم ظاهرة الخطف مقابل فدية في لبنان.. ومعالجتها رهن برفع الغطاء السياسي

ميشال الصقر
ميشال الصقر

بات المواطن اللبناني في الأشهر الأخيرة يعيش حالة هلع من وقوعه فريسة إحدى مافيات الخطف والنشل المنتشرة بكثافة في الشوارع والمناطق كافة، مع تكرار حوادث الخطف مقابل فدية، والسرقة. وليست مبالغة تأكيد كثيرين أنهم باتوا يتخذون أقصى درجات الحيطة والحذر لدى عودتهم إلى منازلهم في أوقات متأخرة أو حتى خلال تنقلهم في سياراتهم أو سيرا على الأقدام؛ إذ إن إمكانية اعتراضهم من قبل عصابة أو شلة ما تسلبهم سياراتهم أو محفظتهم الشخصية مع ما قد تحتويه من مستندات وأوراق ثبوتية، لم تعد مجرد فرضية أو احتمال.
قبل ثلاثة أيام، انشغل الرأي العام اللبناني بقضية خطف الطفل ميشال الصقر، وهو ابن رجل الأعمال اللبناني إبراهيم الصقر، المنحدر من مدينة زحلة، في منطقة البقاع اللبنانية. خلال أقل من 24 ساعة، عاد ابن السنوات التسع إلى حضن عائلته، بعد توتر وقطع طرق في زحلة واتصالات سياسية على أعلى المستويات، فرضها نفوذ والده وتأييده لحزب القوات اللبنانية الذي يرأسه سمير جعجع.
أثارت حادثة خطف الطفل غضب أهالي زحلة وجوارها، حيث تؤكد مصادر محلية، أن المنطقة تعرضت في الآونة الأخيرة لعدد كبير من عمليات خطف ونهب في وضح النهار، بلا رقيب أو حسيب. وعلى الرغم من أن الحادثة ليست الأولى من نوعها، فإن الحزم السياسي في معالجتها وسرعة عمليات الدهم في بلدة بريتال القريبة التي تؤوي عددا من المطلوبين للعدالة والمطلوبين بجرائم خطف وسرقة كثيرة، إضافة إلى تسمية الخاطف ماهر طليس بالاسم، سلط الضوء على أن إمكانية تحرك الدولة بأجهزتها المعنية سريعا لتحرير المخطوفين قائمة متى توفرت إرادة حقيقية بذلك، ورفعت قوى سياسية الغطاء عن المتهمين.
ليست هذه المرة الأولى التي توجه فيها أصابع الاتهام إلى المدعو طليس، المطلوب للعدالة والمسطرة بحقه عشرات مذكرات التوقيف. والمفارقة أن القوى الأمنية داهمت منزله في بريتال بمنطقة بعلبك من دون العثور عليه، قبل إطلاق سراح الطفل المخطوف، ليطل أول من أمس عبر شاشة تلفزيون محلية نافيا تورطه بعملية الخطف.
وتصف مصادر محلية، في منطقة بعلبك، لـ«الشرق الأوسط»، رافضة الكشف عن هويتها، طليس بـ«المجرم الذكي»، وتقول: «منذ سنوات وهو فار من العدالة ولم يستطع أحد الإمساك به على الرغم من تورطه في جرائم سرقة وخطف لا تعد ولا تحصى، من دون رقيب أو رادع». ولا تستبعد المصادر ذاتها «استمرار عمليات الخطف ما دام هذا المطلوب للقضاء اللبناني خارج القضبان»، مرددة بسخرية المثل الشعبي القائل: «يا فرعون مين فرعنك؟»، في إشارة إلى غطاء سياسي يحول دون توقيفه.
وكان وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، وفي تصريح له قبل يومين، شدد على «ضرورة مكافحة مربع الموت المتخصص في الخطف والقتل والتزوير والسرقة والمخدرات»، مطالبا «القوى السياسية بحسم هذا الأمر، وإلا ستعود الأمور إلى نقطة الصفر سياسيا وأمنيا».
بعد عودة الطفل ميشال الصقر إلى والديه، أكد أمام وسائل الإعلام اللبنانية أنه لم ير وجه خاطفيه ولم يتعرف على هوية أحد منهم، وهو ما يردده كل المخطوفين بعد الإفراج عنهم. وغالبا ما يتعرض المخطوفون للتهديد، بعد إطلاق سراحهم، من قبل خاطفيهم في حال كشفوا معلومات أو تحدثوا للإعلام عن تفاصيل خطفهم أو هوية الخاطفين في حال عرفوها.
قبل يوم من اختطاف ميشال، تعرض أنطوان ضاهر الكعدي للخطف من قبل مسلحين مجهولين، على طريق بلدة أبلح القريبة من مدينة زحلة، حيث أنزلوه بالقوة من سيارته وفروا به إلى جهة مجهولة. وفي اليوم التالي، أطلق سراح الكعدي فجرا وتسلمه ذووه من دون الإدلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام خوفا على سلامة ابنهم.
وفي منطقة البقاع أيضا، عاشت عائلة المر يوما عصيبا في 13 فبراير (شباط) الماضي، عندما تلقت اتصالا هاتفيا من مجهولين قالوا إنهم يحتجزون ابنها أديب (مواليد 1987). وسرعان ما تأكدت العائلة من صحة الخبر بعد أن أبلغهم أحد العاملين في مصنع يمتلكونه أنه تلقى اتصالا من أديب أبلغه بملاحقته على طريق سهل الفرزل (قضاء زحلة)، قبل أن يقفل الخط بقوله: «إنني أختطف». وتقول مصادر قريبة من عائلة أديب لـ«الشرق الأوسط» إنه «اختطف من منطقة زحلة ليستيقظ بعد ساعات ويجد نفسه في منطقة الضاحية الجنوبية»، من دون أن «يتمكن من معرفة هوية خاطفيه». وتشير المصادر ذاتها إلى أن أديب «لم يتعرض لأي أذى جسديا، لكن حالته النفسية متعبة وكان يعاني من جروح طفيفة في القدمين بسبب سيره حافيا على الطريق بعد الإفراج عنه فجر اليوم الثاني في منطقة (غاليري سمعان)، على تخوم الضاحية الجنوبية في بيروت، حيث تسلمته القوى الأمنية وأخذت أقواله قبل تسليمه لعائلته».
وفي موازاة عشرات حوادث الخطف الأخيرة، لا يزال اللبنانيون ينتظرون أن تصل إلى خواتيمها قضية المهندس اللبناني جوزف صادر، الذي اختطف قبل سبع سنوات على طريق المطار في الضاحية الجنوبية لبيروت، أثناء توجهه صباحا إلى عمله في مطار بيروت الدولي. ولا تزال قضية خطفه قيد التحقيق والبحث عنه. وكان وزير العدل اللبناني أشرف ريفي، أثناء توليه منصب مدير عام قوى الأمن الداخلي، أبلغ لجنة حقوق الإنسان النيابية خلال تخصيصها إحدى جلساتها لبحث قضية خطف صادر، بمعلومات عن اقتياد الأخير إلى عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، واختفائه هناك منذ ذلك الحين.
على صعيد حوادث النشل والسرقة، تشير إحصاءات قوى الأمن الداخلي إلى ارتفاع معدل عمليات سلب الأشخاص من 98 عملية شهريا عام 2012، إلى 143 سنة 2013. كما ارتفع معدل عمليات سرقات المنازل من 210 عمليات شهريا إلى 222 في فبراير (شباط) 2013. أما معدل سرقات السيارات فقد ارتفع من 98 سيارة شهريا العام الماضي، إلى 149. في المقابل، سجلت عمليات النشل هذا العام انخفاضا في معدلها مقارنة مع العام الماضي الذي سجل وقوع نحو 94 عملية شهريا، بينما بلغ المعدل خلال أشهر العام الحالي 75 عملية.
وتتوقع مصادر أمنية ارتفاع حوادث النشل والسرقة، نتيجة حجم النزوح السوري إلى لبنان وتدهور الوضع الاجتماعي والأمني، إضافة إلى العوامل الاقتصادية المساهمة في انتشار وتوسع ظاهرة الخطف والنشل أخيرا في لبنان.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.