عشرات القتلى اليمنيين في مواجهات قبلية والداخلية تسعى لإطلاق استراتيجية أمنية

بنعمر يلتقي الرئيس هادي ويبحث دعم التسوية السياسية.. ويشرح أبعاد القرار الأممي

وزير الداخلية اليمني الجديد عبده حسين الترب خلال مؤتمر صحافي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
وزير الداخلية اليمني الجديد عبده حسين الترب خلال مؤتمر صحافي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى اليمنيين في مواجهات قبلية والداخلية تسعى لإطلاق استراتيجية أمنية

وزير الداخلية اليمني الجديد عبده حسين الترب خلال مؤتمر صحافي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
وزير الداخلية اليمني الجديد عبده حسين الترب خلال مؤتمر صحافي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

لقي عشرات المسلحين مصرعهم في مواجهات عسكرية حامية في محافظة الجوف بشرق اليمن بين جماعة الحوثي ومسلحين قبليين، في الوقت الذي تجري مشاورات حول استمرار التسوية السياسية في اليمن.
وأكد اللواء عبده حسين الترب وزير الداخلية اليمني الجديد في مؤتمر صحافي عقده في صنعاء أمس على أهمية تفعيل أداء الأجهزة الأمنية في الفترة المقبلة من خلال تبني خطة استراتيجية تتمثل في تعيين الكفاءات في المناصب القيادية المناسبة، التي ستسهم بدورها في عملية إعادة الأمن والاستقرار في البلاد. وأشار الوزير إلى ضرورة التعاون بين وزارته ووسائل الإعلام المختلفة لتقديم المعلومات الصحيحة عن الأنشطة الأمنية والأحداث التي تشهدها الساحة اليمنية بكل شفافية ووضوح ومصداقية. كما تطرق الوزير إلى اعتزام قيادة الوزارة لوضع حد للقتال القبلي على مستوى محافظات البلاد، داعيا «الأعيان والوجهاء والمواطنين الشرفاء» للتعاون مع الأجهزة الأمنية للقيام بدورها.
وقالت مصادر محلية في الجوف لـ«الشرق الأوسط» إن نحو 30 شخصا من مسلحي الحوثيين ورجال القبائل قتلوا في مواجهات عنيفة في شرق البلاد على خلفية مذهبية وطائفية. وتشير المعلومات إلى تجدد القتال بين الحوثيين وقبائل محافظة الجوف، بعد فترة هدوء نسبية مرت بها المحافظة المحادة للمملكة العربية السعودية. وقال الشيخ خالد محمد هضبان، أحد شيوخ القبائل الذين قاموا بدور الوساطة بين الحوثيين والقبائل، لـ«الشرق الأوسط» إن المواجهات كانت عنيفة واندلعت عقب محاولة الحوثيين تجاوز نقطة أمنية قرب مركز المحافظة. وأكد أن الأوضاع عادت إلى طبيعتها في المحافظة بعد الجهود التي قامت بها اللجنة الرئاسية برئاسة اللواء عوض بن فريد ولجنة الوساطة القبلية.
وقال هضبان إن الاشتباكات جرت بين «الحوثيين وقبائل بني نوف في الجوف» حيث اندلعت حرب بين الطرفين وتدخلنا كوساطة وحلت القضية، حيث عاد الحوثيون إلى مواقعهم». وأكد هضبان مقتل عدد كبير من المسلحين الحوثيين وفي صفوف قبائل همدان»، مشيرا إلى تكتم الحوثيين على عدد قتلاهم وجرحاهم خلال هذه المواجهات العنيفة التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية. وأضاف: «اندلع القتال عقب قيام الحوثيين بمظاهرة السبت في مدينة حزم الجوف، عاصمة المحافظة، وأثناء عودتهم مروا على نقطة أمنية تابعة لمركز المحافظة وبدأوا في الاحتكاك مع رجال الأمن والجيش أمام بوابة المحافظة، حيث قتل جنديان وجرح أربعة آخرون، وقتل من الحوثيين 13 شخصا مسلحا».
على صعيد متصل، قالت مصادر محلية في محافظة عمران لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين يتبعون جماعة الحوثي هاجموا منطقة «ثلا» وقاموا بتفجير مدرسة ودار قرآن كريم، إضافة إلى قيامهم باختطاف العشرات من السكان المحليين، حيث إن مصير أكثر من 15 مواطنا ما زال مجهولا حتى اللحظة، حيث يحاول الحوثيون بالقوة العسكرية اجتياح محافظة عمران المتاخمة للعاصمة صنعاء منذ عدة أشهر، في وقت يثير هذا الأمر قلقا في الشارع اليمني من استخدام الحوثيين للقوة في المعادلة السياسية الجارية في البلاد. وتعد عمران المعقل الرئيس لأسرة آل الأحمر التي يتزعمها الشيخ صادق بن عبد الله بن حسين الأحمر، وأشقائه الكثر وبينهم رجل المال والسياسة الشيخ حميد الأحمر. وتشير المعلومات إلى فشل محاولات اللجنة الرئاسية في تنفيذ هدنة جرى التوصل إليها الشهر الماضي بين الطرفين، حيث يتهم كل طرف الآخر في خرق الهدنة، خصوصا أن قبيلة حاشد الكبيرة في اليمن والتي يتزعمها آل الأحمر، يوالون جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
في موضوع آخر، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر مباحثات مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بعد أقل من 24 ساعة على عودة المبعوث الأممي إلى اليمن. وقالت مصادر رسمية يمنية إن هادي أكد لبنعمر أن القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن والذي شكلت بموجبه لجنة لتحديد الأشخاص والجهات التي تعرقل التسوية السياسية في اليمن من أجل فرض عقوبات بحقها في ضوء القرار الذي حمل رقم 2140، هو قرار «ضد معرقلي التسوية السياسية والانتقال السلمي ويخدم اليمن في مساره صوب المستقبل المنشود ووفقا لمخرجات الحوار الوطني الشامل، والقرار يدعم تماما وبقوة الجهود الوطنية لإخراج اليمن إلى بر الأمان وطي صفحة الماضي والعبور إلى المستقبل الجديد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.