العبادي ينجو من قصف صاروخي وسط الرمادي.. والأهالي يبلغون عن عناصر «داعش»

اعتقال المسؤول المالي للتنظيم المتطرف.. وتحرير مئات النساء والأطفال من قبضة المسلحين

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته إلى الرمادي أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته إلى الرمادي أمس (أ.ب)
TT

العبادي ينجو من قصف صاروخي وسط الرمادي.. والأهالي يبلغون عن عناصر «داعش»

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته إلى الرمادي أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته إلى الرمادي أمس (أ.ب)

في الوقت الذي أعلنت فيه القيادة العامة للقوات المشتركة العراقية إنها رفعت العلم العراقي فوق المجمع الحكومي داخل مركز مدينة الرمادي بوصفه إيذانا رسميا بتحريرها من تنظيم داعش بعد أكثر من سبعة شهور على احتلالها وما يقرب من سنتين على احتلال محافظة الأنبار المترامية الأطراف رسم وزير الدفاع خالد العبيدي صورة قاتمة للمدينة المدمرة بقوله: «لم نجد بناية مرتفعة نرفع عليها العلم العراقي عند تحريرها»، مضيفا أن «الرمادي تبدو مدينة أشباح بسبب الدمار والخراب وعمليات التلغيم من عصابات (داعش) الإرهابية».
كان هذا هو المشهد الذي رآه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عند وصوله إلى مدينة الرمادي أمس، غداة إعلان قيادة العمليات المشتركة تحريرها. وكشف مصدر أمني في محافظة الأنبار لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الوزراء أثناء تفقده القطعات العسكرية في مدينة الرمادي تعرض لدى وجوده في منطقة جسر القاسم وسط المدينة إلى قصف صاروخي، فانسحب من المنطقة على الفور. وأضاف أن العبادي وصل على متن طائرة هليكوبتر بصحبة عدد من المسؤولين والقادة العسكريين الكبار بينهم قائد القوات البرية الفريق رياض جلال توفيق، ورئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت وقائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي وقائد شرطة الأنبار اللواء هادي رزيج وعدد من الضباط الكبار في وزارة الدفاع وعدد من المسؤولين المحليين، إلى مبنى جامعة الأنبار قرب حي التأميم عند المشارف الجنوبية لمدينة الرمادي والتقى قادة الجيش وقوات مكافحة الإرهاب وبقية القوات الأمنية التي شاركت في تحرير المدينة.
وبينما لا تزال هناك بعض الجيوب لعناصر تنظيم داعش في أنحاء متفرقة من المدينة، لأن قادة القوات الأمنية العراقية المحررة يؤكدون أنهم أصبحوا لا يواجهون أي مقاومة منذ فرار المسلحين من المجمع الحكومي الواقع في وسط المدينة والذي كان يمثل آخر معاقلهم.
وقال رئيس اللجنة الأمنية لمجلس قضاء الخالدية إبراهيم الفهداوي إن المواطنين من سكان مدينة الرمادي الذين كانوا يحتجزهم قسرًا تنظيم داعش الإرهابي وسط المدينة بغية استخدامهم دروعًا بشرية، ونفذ في بعضهم أبشع الجرائم الإنسانية، وجدوا اليوم الذي يقتصون به من «داعش» ومجرميه، حيث قام الأهالي بإبلاغ القوات الأمنية عن وجود ما يسمى (وزير مالية داعش)، وأن المطلوب اعتقل وهو متخفٍ بين المواطنين ويحاول الهروب بعد انكسار التنظيم الإرهابي، على يد القوات البطلة.
وأضاف الفهداوي أن القوات الأمنية تسيطر الآن على جميع شوارع المدينة، ولا توجد أي مقاومة لتنظيم داعش داخلها بعد هروب عناصر التنظيم منه، مشيرا إلى أن بعض الجيوب التي تتم معالجتها من جانب القوات الأمنية.
وأشار الفهداوي إلى أن أمام الفرق الهندسية مهمة شاقة تتمثل في معالجة وتفكيك المتفجرات لتنظيف المدينة المزروعة، بشكل مخيف، بآلاف العبوات في شوارعها وأزقتها وبيوتها، حيث زرع التنظيم الإرهابي في المجمع الحكومي لوحده، أكثر من 300 عبوة ناسفة وهي عبارة عن عبوات أكسجين وحاويات بلاستيكية تحتوي على مواد «سي4» ومادة الكلور.
من جانبه، قال قائد العمليات الخاصة لجهاز مكافحة الإرهاب اللواء الركن سامي كاظم العارضي إن القوات العراقية تمكنت من إنقاذ أكثر من 350 مدنيًا من أهالي مدينة الرمادي معظمهم من الأطفال والنساء كان يحاصرهم مسلحو تنظيم داعش في مناطق الثيلة والبوعلوان والجمعية ومستشفى الرمادي ويمنع مغادرتهم. وأضاف العارضي لقد تم إجلاء جميع المدنيين من تلك المناطق وتقديم المساعدات الطبية والعلاجية لهم على الفور كما تم نقلهم إلى مناطق آمنة. وقال قائد العمليات الخاصة الثالثة في جهاز مكافحة الإرهاب اللواء الركن سامي كاظم العارضي «بدأنا اليوم بإجلاء 350 مدنيا على الأقل كان يحاصرهم (داعش) وسط الرمادي». وأضاف «نحن الآن نتعامل أمنيا ثم سنقوم بنقلهم إلى المناطق الخلفية البعيدة عن مسرح العمليات وتم توفير مخيم لهم في منطقة الحبانية السياحية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».