تصاميم مبتكرة لإضفاء طابع إنساني على التكنولوجيا

التفاعل البشري الكومبيوتري يشمل مختلف مناحي المعرفة

تصاميم مبتكرة لإضفاء طابع إنساني على التكنولوجيا
TT

تصاميم مبتكرة لإضفاء طابع إنساني على التكنولوجيا

تصاميم مبتكرة لإضفاء طابع إنساني على التكنولوجيا

تعد مسيرة التقدم في مجال الحوسبة بمثابة رحلة صعود تمثل كل خطوة فيها للأمام خطوة للأعلى أيضًا، ولذلك تزداد الاتصالات بعدًا عن الآلة، وقربًا من البشر.
وفي كل مرة تتقدم هذه المسيرة خطوة يسجل عدد البشر القادرين على استخدام الحوسبة ارتفاعًا هائلاً. وفي البداية، كانت لغات البرمجة هي وسيلة الاتصال بين الإنسان والآلة، إذ صممت لغة فورتران الكومبيوترية لتشبه معادلات الجبر المألوفة للعلماء والمهندسين - فيما كان أمرًا منطقيًا آنذاك - لأنهم الفئة الوحيدة المتخيل أن يستخدموا العدد القليل نسبيًا من الآلات الحاسبة العملاقة المتوفرة في تلك الحقبة.
وفي وقتنا الحاضر، يتصفح مليارات البشر الإنترنت من هواتف كومبيوترية يحملونها بين أياديهم. وبالطبع تسهم التطورات الكبرى التي تحققت في مجال صناعة المعدات والأجهزة في تفسير هذه الطفرة الهائلة، لا سيما تسارع الدينامية التقنية المعروفة باسم «قانون مور»، والتي تحتفي بقدرة صناعة الرقائق الإلكترونية على مضاعفة القوة الكومبيوترية كل بضع سنوات (هناك جدل دائر حول ما إذا كانت هذه الوتيرة تتباطأ، لكن لذلك قصة أخرى).
* تفاعل الكومبيوتر والإنسان
بيد أنه هناك قوة أخرى، خفية لكن حاسمة، تكمن وراء الانتشار الهائل للحوسبة بخلاف تطور الرقائق، وهي هذا الفيض المنتظم من التحسينات التي تطرأ على تصميم المنتجات الكومبيوترية، وبالأساس البرمجيات، والتي فتحت الباب أمام مستخدمين جدد عبر تيسير التعامل مع الكومبيوترات.
المصطلح الأكثر انتشارًا في هذا الإطار هو «تصميم واجهة المستخدم»، لكن هذا المصطلح يعبر عن منظور يركز على المنتج بالأساس، وهو أضيق من المجال الذي يعود تاريخه إلى عدة عقود مضت، والذي يسمى التفاعل البشري الكومبيوتري human - computer interaction، ويشمل علم النفس وعلم الإنسان، إلى جانب معارف أخرى متعددة. ويقول بن شنايدرمان، البروفسور في جامعة ميريلاند: «أعتقد أن تصاميم التفاعل البشري الكومبيوتري كان لها تأثير لا يقل أهمية عن قانون مور في منح العالم، الويب والأجهزة المحمولة».
وفي محاولة منه لزيادة الوعي بالشخصيات البارزة في هذا المجال، نشر شنايدرمان موقعًا على الإنترنت لما سماه «مشروع رواد التفاعل البشري الكومبيوتري». ويتبنى شنايدر، الذي أسس مختبر ماريلاند للتفاعل الإنساني الكومبيوتري عام 1983، هذا المشروع بصفة شخصية. وتشمل صفحة الإنترنت لكل واحد من رواده وصفًا مقتضبًا للشخص وصورًا كثيرة التقطها له شنايدرمان، وهو مصور نهم بطبيعته، في مؤتمرات مهنية وأماكن أخرى على مدار السنين.
بدأ شنايدرمان مشروعه بـ45 شخصية، ويعتزم إضافة المزيد منها. وتعد بعض الشخصيات المدرجة في المشروع من الأسماء المألوفة في تاريخ الحاسب الآلي مثل دوغلاس إنغلبارت (مصمم الفأرة)، وآلان كاي (اللابتوب)، وتيد نيلسون (النص التشعبي hypertext). لكن كثيرين آخرين من هؤلاء الرواد غير معروفين للجمهور. وبتصفح القائمة والحديث مع شنايدرمان، يتضح مدى تطور هذا المجال عبر السنين وتأثيره الواسع في القطاع هذه الأيام.
وتضم قائمته علماء من أمثال سارة بلاي التي خرجت مبكرًا من المختبرات المغلقة لتدرس كيف يستخدم الناس المنتجات التقنية في مقار أعمالهم ومنازلهم، وجنيفر بريس، التي أجرت أبحاثًا عن التجمعات على الإنترنت وتأثير اختيارات التصاميم على السلوك الاجتماعي.
* نخبة كومبيوترية
ويقول شنايدرمان، إن النخبة في هذا المجال تملك «معرفة عميقة بالتقنية وإحساسًا حقيقيًا بالاحتياجات البشرية».
لقد أصبح الخروج إلى الميدان للوقوف على استخدام الناس الفعلي للمنتجات، والسعي للتعاطف مع المستهلكين وتفهمهم، عوضًا عن استغلالهم فحسب، من الأولويات في قطاع التقنية وغيره من المجالات. كما أنها تمثل مكونات رئيسية في اثنين من أشهر الاتجاهات في الإدارة في الوقت الراهن، وهما: أساليب الشركة الناشئة المرنة والتفكير التصميمي. ويتبنى الاتجاه الأخير تشارلز فيليبس في «إنفور»، وهي شركة كبيرة في مجال برمجيات الأعمال، وفرجينيا م. روميتي في «آي بي إم».
يذكر أن التفكير التصميمي كان الموضوع الرئيسي في عدد سبتمبر (أيلول) من مجلة «هارفارد بيزنيس ريفيو»، والتي نشرت مجموعة من المقالات حول الموضوع. ويعتبر دونالد نورمان، أحد رواد التفاعل البشري الكومبيوتري، حسب شنايدرمان، أيضًا مستشارًا بارزًا في مجال التفكير التصميمي.
وتعتبر اختبارات «إيه بي» A / B testing، إجراءً شائعًا في شركات الإنترنت الكبرى مثل «فيسبوك» و«أمازون» و«غوغل»، أحد أشكال البحث في التفاعل البشري الكومبيوتري. وفي هذه الاختبارات، تعرض ميزات أو تصاميم مختلفة لصفحات الإنترنت على مجموعات مختلفة من المستخدمين - في عينات تصل في الأحيان إلى ملايين الأشخاص - حيث يجري رصد ردة أفعالهم إزاءها.
لكن تظل البرمجة أمرًا محوريًا في حرفة التفاعل البشري الكومبيوتري. وحصل شنايدرمان على جائزة إنجاز العمر من رابطة الحوسبة الآلية، أكبر جمعية احترافية للحوسبة، عن عمله على برنامج «المعالجة المباشرة» الذي ساعد في تفعيل الروابط التشعبية (hyperlinks) وألواح المفاتيح على الشاشات التي تعمل باللمس.
ويقول شنايدرمان، إن هذا المجال يسير بدوره في طريق صاعد بعيدًا عن الآلة. ويشير إلى أن تركيز البرمجيات في المستقبل لن ينصب تمامًا على إنتاج الميزات على مواقع الإنترنت والهواتف الذكية، بل بالأحرى على التصاميم التي تشجع على تحقيق عوائد أفضل للأفراد والمجتمع، في مجالي التعليم والرعاية الصحية، على سبيل المثال. ويضيف: «المستقبل يكمن في هذه التصاميم الاجتماعية. التصميم من أجل تشجيع الثقة والتعاطف والمسؤولية، مع حماية الخصوصية. هذا هو الإنجاز الكبير القادم».



25 % من شبكات الـ«واي فاي» المجانية في أولمبياد باريس غير آمنة

من السهل على مجرمي الإنترنت اعتراض أو فك تشفير أو اختراق البيانات التي يتم نقلها عبر شبكات الـ«واي فاي» المجانية (شاترستوك)
من السهل على مجرمي الإنترنت اعتراض أو فك تشفير أو اختراق البيانات التي يتم نقلها عبر شبكات الـ«واي فاي» المجانية (شاترستوك)
TT

25 % من شبكات الـ«واي فاي» المجانية في أولمبياد باريس غير آمنة

من السهل على مجرمي الإنترنت اعتراض أو فك تشفير أو اختراق البيانات التي يتم نقلها عبر شبكات الـ«واي فاي» المجانية (شاترستوك)
من السهل على مجرمي الإنترنت اعتراض أو فك تشفير أو اختراق البيانات التي يتم نقلها عبر شبكات الـ«واي فاي» المجانية (شاترستوك)

يلعب توافر نقاط الـ«واي فاي» المجانية دوراً مهماً، وخاصة أثناء الأحداث العامة الكبيرة. وستجذب الألعاب الأولمبية في باريس آلاف الزوار من جميع أنحاء العالم، وسيعتمد كثيرون منهم على شبكة الـ«واي فاي» العامة للتنقل والتواصل ومشاركة تجاربهم. لكن تلك الشبكة المجانية تطرح مخاطر التهديدات الإلكترونية، كما كشف تحليل «كاسبرسكي» الأخير لشبكات الـ«واي فاي» في باريس.

تحليل «كاسبرسكي»

أجرى فريق البحث والتحليل العالمي (GReAT) التابع لـ«كاسبرسكي» دراسة موسعة لما يقرب من 25000 نقطة «Wi-Fi» مجانية في باريس. وكان الهدف من هذا التحليل تقييم أمان هذه الشبكات لفهم المخاطر المحتملة التي يواجهها الزوار أثناء الأحداث.

جمع الباحثون بيانات من 47891 سجل إشارة عبر مواقع شهيرة وأماكن الألعاب الأولمبية، وحددوا 24766 نقطة وصول فريدة لشبكة «Wi-Fi».

تعدّ الألعاب الأولمبية من الأمثلة الرئيسية للأحداث حيث تكون شبكة «Wi-Fi» الموثوقة والآمنة ضرورية (رويترز)

ضعف التشفير والافتقار إلى الأمان

كانت إحدى النتائج الأكثر إثارة للقلق من دراسة «كاسبرسكي» أن ما يقرب من 25 في المائة من شبكات «Wi-Fi» التي تم تحليلها كانت ضعيفة التشفير أو معدومة التشفير. وهذا يجعل من السهل على مجرمي الإنترنت اعتراض أو فك تشفير أو اختراق البيانات التي يتم نقلها عبر هذه الشبكات. المستخدمون المتصلون بهذه الشبكات غير الآمنة معرّضون بشدة لسرقة البيانات الشخصية والمصرفية.

وجدت الدراسة أيضاً أن ما يقرب من واحدة من كل خمس (أي 20 في المائة) من شبكات «Wi-Fi» تم تكوينها باستخدام «WPS» (إعداد Wi-Fi المحمي)، وهو بروتوكول أمان قديم وسهل الاختراق. الشبكات التي تستخدم «WPS» معرّضة بشدة للهجمات التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان كبير للبيانات. في المقابل، استخدمت 6 في المائة فقط من الشبكات التي تم تحليلها أحدث بروتوكول أمان «WPA3» الذي يوفر ميزات أمان محسّنة ويعدّ أكثر أماناً.

التهديدات السيبرانية في الأحداث الكبرى

نظراً لأن أولمبياد باريس هي أول ألعاب صيفية شخصية منذ رفع القيود المفروضة بسبب وباء كورونا؛ فمن المتوقع أن تجتذب عدداً كبيراً من السياح. يرى مجرمو الإنترنت مثل هذه الأحداث فرصاً رئيسية لاستغلال الشبكات الضعيفة وسرقة المعلومات الحساسة. وقال أمين حاسبيني، مدير فريق البحث والتحليل العالمي في «كاسبرسكي»، إن مجرمي الإنترنت يستعدون لاستغلال تدفق الزوار من خلال إنشاء نقاط وصول وهمية أو اختراق الشبكات الشرعية.

من المقرر أن يشاهد حفل افتتاح الأولمبياد ما يصل إلى 500 ألف شخص من منصات بُنيت خصيصاً لذلك (رويترز)

كيف تحمي نفسك؟

لتخفيف المخاطر المرتبطة باستخدام شبكات الـ«واي فاي»العامة، يوصي خبراء «كاسبرسكي» بممارسات عدة:

  • استخدام الـ«VPN»:

يوفر استخدام شبكة خاصة افتراضية (VPN) مثل «Kaspersky VPN Secure Connection» طبقة إضافية من الأمان من خلال تشفير اتصال الإنترنت الخاص بك. ينشئ هذا التشفير نفقاً آمناً بين جهازك والإنترنت؛ مما يمنع مجرمي الإنترنت من اعتراض بياناتك.

  • تجنب المعاملات الحساسة:

امتنع عن الوصول إلى الحسابات المصرفية أو الحسابات الحساسة الأخرى أثناء الاتصال بشبكات «Wi-Fi» العامة.

  • التحقق من الشبكة:

تأكد من أن شبكة «Wi-Fi» التي تتصل بها شرعية من خلال التأكد من المؤسسة التي تقدمها.

  • تمكين جدار الحماية:

قم بتنشيط جدار الحماية بجهازك لمنع الوصول غير المصرح به.

  • استخدام كلمات مرور قوية:

استخدم دائماً كلمات مرور قوية وفريدة وقم بتمكين المصادقة الثنائية لمزيد من الأمان.

  • تحديث البرامج باستمرار:

قم بتحديث نظام التشغيل والتطبيقات وبرامج مكافحة الفيروسات بانتظام للحماية من أحدث التهديدات.

  • تعطيل مشاركة الملفات:

قم بإيقاف تشغيل مشاركة الملفات و«AirDrop» على جهازك لمنع الوصول غير المصرح به.

الأماكن الباريسية التي تم تحليلها

تضمن تحليل «كاسبرسكي» الكثير من المواقع الشهيرة في باريس، والتي من المتوقع أن تكون نقاط اتصال ساخنة خلال الألعاب الأولمبية. تشمل هذه المواقع قوس النصر، وشارع الشانزليزيه، ومتحف اللوفر، وبرج إيفل، وكاتدرائية نوتردام، ونهر السين، وتروكاديرو، واستاد فرنسا. من خلال اتباع ممارسات الأمان الموصى بها واستخدام أدوات مثل شبكات «VPN» يمكن لزوار الأولمبياد حماية معلوماتهم الشخصية والمالية من مجرمي الإنترنت.