أدخل الانقلابُ الحوثي على السلطة الشرعية اليمنَ في نفق من الفوضى والاحتراب الأهلي بين مكوناته، التي رفضت التمرد ووقفت دون تحقيق طموحاته المفاجئة باحتلال البلاد، ومضيّه قدما نحو زعزعة أمن الإقليم وتهديد استقراره، استجابة للسياسة الإيرانية، التي لا تفوت فرصة للتدخل في شؤون الدول الأخرى، ومدّ القوى الانقلابية بأدوات التخريب، وبث القلاقل.
وأمام تلك التطورات، اتخذت السعودية في الـ26 من مارس (آذار) من عام 2015 خطوة تاريخية ليست مسبوقة، بتدشين عملية «عاصفة الحزم»، في إطار تحالف خليجي عربي، شاركت فيه 10 دول، وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أن تلك العملية جاءت في سياق حرص السعودية على أداء واجباتها تجاه الدول ونصرتها، بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية، وبطلب من الحكومة الشرعية في اليمن، لإنقاذه من فئة انقلبت على شرعيته وعبثت بأمنه واستقراره، وسعت إلى الهيمنة وزرع الفتن في المنطقة، ملوحة بتهديد أمن دول الجوار، وفي مقدمتها السعودية، ومنفذة لتوجهات إقليمية تسعى إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، من خلال تحويل اليمن إلى بؤرة للصراع المذهبي والطائفي، الأمر الذي أملى على دول التحالف التعامل مع هذا الخطر المحدق بأمن اليمن وشعبه، وأمن المنطقة العربية، بما يعيد الشرعية والاستقرار إلى اليمن، ويمنع التهديدات التي تمثلها هذه الفئة ومن يدعمها إقليميًا، ويؤمن للمنطقة استقرارها وسلامة أراضيها. وأعقب ذلك عملية «إعادة الأمل»، وبرامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية للشعب اليمني، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وذلك ليتجاوز ظروفه وأوضاعه وليستعيد دوره الطبيعي إقليميًا ودوليًا، وينهض بوطنه في أجواء من الأمن والاستقرار.
وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أن العملية العسكرية، التي أطلقها لحماية أمن بلاده وحدودها ومقدراتها، وإعادة الشرعية إلى اليمن وشعبه، ستستمر حتى تتحقق أهدافها، لينعم الشعب اليمني بالأمن والاستقرار. وشدد الملك سلمان على أن التدخل الخارجي في شؤون اليمن أدى إلى «تمكين الميليشيات الحوثية من الانقلاب على السلطة الشرعية، واحتلال العاصمة صنعاء، وتعطيل استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية التي تهدف إلى الحفاظ على أمن اليمن ووحدته واستقراره». وهيأت السعودية للمكونات اليمنية عقد مؤتمر إنقاذ اليمن، الذي جرى في الـ17 من مايو (أيار) الماضي، تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، بحضور أكثر من 400 شخصية من القوى السياسية اليمنية، وأكدت اللجنة التنفيذية في مؤتمر الرياض أن استعادة الدولة أمر لا بد منه، وأن «الحوار سيكون فاتحة جديدة لبناء الدولة اليمنية الحديثة الاتحادية الذي ننشدها جميعا». وتدعو السعودية منذ بداية الأزمة اليمنية إلى حل سياسي وفقًا للمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216. وتجلى الموقف الخليجي القوي والموحد، بوضوح وصلابة، خلال اجتماعات مكثفة من قبل قادة دول مجلس التعاون، لتدارس الموقف الأمني والاستراتيجي على جميع الأصعدة قبل شن «عاصفة الحزم» لردع المتمردين الحوثيين وتمكين الدولة الشرعية من ممارسة مهامها في فرض الأمن، وإدارة المؤسسات، وقرروا بدء العملية العسكرية على الرغم من خطورة الموقف والتجاذبات التي تهدد أمن المنطقة، سواء من التنظيمات الإرهابية أو الأطماع الخارجية الأخرى. وشكّل اجتماع العوجا في قصر الدرعية بالعاصمة السعودية الرياض منعطفا هاما في حسم الموقف، حينما دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قادة دول الخليج للتباحث في أمر اليمن، والوقوف إلى جانب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وتكوين تحالف خليجي لمواجهة الانقلابيين الذين تمردوا على الشرعية اليمنية.
وأبدى قادة دول الخليج قلقهم من تطورات الأحداث، وخطورة تداعياتها، وحذروا من انزلاق اليمن في نفق مظلم سيترتب عليه عواقب وخيمة، ليس على اليمن فحسب، بل على الأمن والاستقرار في المنطقة والسلم والأمن الدوليين. وقدموا كل التسهيلات التي تكفل المشاركة الفاعلة في العمليات الجوية والبرية، انطلاقا من مبدأ يشير إلى أن أمن دول مجلس التعاون وأمن اليمن كلّ لا يتجزأ.
وحققت العمليات العسكرية الصارمة للتحالف العسكري نتائج عسكرية باهرة على الأرض، واستطاعت شل حركة المتمردين، وقطع إمدادات السلاح والنفط التي ترد إليهم من إيران، خصوصا بعد استيلائهم على القواعد العسكرية والطائرات الحربية والصواريخ. واستطاعت تلك العمليات فرض حظر جوي على كامل المناطق اليمنية، وأخمدت الدفاعات الحوثية خلال 15 دقيقة، وحظيت العاصفة بتأييد مجلس الأمن الدولي، الذي منحها الشرعية من خلال إصدار قرار دولي تحت الفصل السابع يطالب الحوثيين بإعادة الشرعية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. وقطع التحالف أيضا الدعم الإيراني الذي كان يصل إلى الانقلابيين عبر الموانئ البحرية، والرحلات الجوية التي بلغت قبل «عاصفة الحزم» 14 رحلة يومية من طهران إلى مطاري صنعاء وصعدة.
وبلغ عدد مقاتلات التحالف، التي شاركت في عمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» في اليمن، أكثر من 170 مقاتلة، بينها 100 مقاتلة سعودية، و30 مقاتلة من الإمارات، و15 طائرة كويتية، و15 طائرة بحرينية، و10 طائرات قطرية، وأسهمت تلك المقاتلات في تدمير عدد من المعسكرات الحوثية، ومنصات الصواريخ، التي استولت عليها الميليشيات من مؤسسات الدولة.
وأسهمت النجاحات المتلاحقة للتحالف العسكري في تحرير مساحة واسعة من الأراضي اليمنية، بدءا من عدن التي استعادت الأمن ويجري فيها إعادة تأهيل مؤسسات الدولة، ويقيم فيها حاليا الرئيس اليمني، وأكدت الحكومة اليمنية أن «السعودية قامت بجهد غير مسبوق للحفاظ على اليمن وإنهاء الأزمة، بينما حاول الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الاستنزاف وإطالة الأزمات لسنوات كثيرة». وأفادت بأن «ميليشيات الحوثي وصالح لا تعترف إلا بوجودها كدولة داخل الدولة ولا تعترف بقرارات مجلس الأمن، وإنما بقوة السلاح»، واعتبرت أن «الدعم الإيراني هو وسيلة التمويل الوحيدة للانقلاب»، وأشارت إلى أن «كل دول العالم باتت تعرف الصورة بشكل واضح، رغم تسويق علي صالح للأمر على أنه معركة ضد اليمن».
الأمل في عيون أهل اليمن
الأمل في عيون أهل اليمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة