«أهم الأخبار الخاطئة في الصحافة الأميركية» في كتاب

بمناسبة خبر «51 مليار دولار تكلفة أولمبياد سوتشي»

«أهم الأخبار الخاطئة في الصحافة الأميركية» في كتاب
TT

«أهم الأخبار الخاطئة في الصحافة الأميركية» في كتاب

«أهم الأخبار الخاطئة في الصحافة الأميركية» في كتاب

أثار هذا الكتاب الاهتمام بمناسبة أخبار انتشرت حول العالم، ووزعت أغلبيتها وكالات الأخبار والصحف والتلفزيونات الأميركية والأوروبية، بأن دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، التي انتهت قبل أسبوعين في سوتشي، في روسيا، كلفت 51 مليار دولار، لا أكثر، ولا أقل، 51 مليار دولار. هذا هو كتاب «غيتنتغ آت رونغ» (فهمها خطأ: عشرة من أهم الأخبار غير الصحيحة في الصحافة الأميركية).
إنصافا للصحافيين الأميركيين، شكك بعضهم (لكنهم قلة قليلة) في الرقم 51 مليار دولار. منهم بول فارهي، في صحيفة «واشنطن بوست». مع نهاية الألعاب، كتب «إذا صدقنا هذا الرقم، يكون الروس أنفقوا على الألعاب الأولمبية أكثر مما أنفقت أي دولة في تاريخ الألعاب. أكثر من الأربعين مليار دولار التي صرفها الصينيون في منافسات بكين عام 2008».
وحسب مركز «نيكسس» لإحصاء كل ما ينشر تقريبا، ظهر الرقم 51 مليار دولار في أكثر من ألفي خبر رئيس وزع حول العالم. وربما كان الذنب ذنب الروس، لأن ديمتري كوزاك، نائب رئيس الوزراء، والمشرف على تحضيرات الألعاب الأولمبية، قال في مؤتمر صحافي قبل سنة كاملة من بداية الألعاب إن الروس مستعدون لصرف تريليون ونصف تريليون روبل (50 مليار دولار تقريبا) عليها.
لكن، وهذا توضيح لهذا الخطأ الصحافي العالمي الكبير، وليس عذرا:
أولا: قال نائب رئيس وزراء روسيا هذا قبل سنة كاملة من بداية الألعاب.
ثانيا: خلال هذه السنة، انخفضت قيمة الروبل الروسي، وبالتالي انخفض المبلغ من 50 إلى 43 مليار دولار.
ثالثا: منذ عام 2007، عندما فازت روسيا بتنظيم الألعاب، ظل الروبل الروسي ينخفض. لهذا، منذ البداية، لم تكن سهلة معرفة التكاليف الحقيقية.
لكن، ليست هذه أول مرة يخطئ فيها الصحافيون الغربيون، خاصة الأميركيين. وهذا الكتاب يقدم أهم عشرة أخبار أخطأ فيها الصحافيون الأميركيون:
أولا: أشعل ويليام هيرست، إمبراطور الصحافة الأميركية في القرن التاسع عشر، الحرب بين أميركا وإسبانيا، خاصة حول من يسيطر على كوبا.
ثانيا: صدق الأميركيون مسلسلا إذاعيا في النصف الأول من القرن العشرين، هو «حرب العوالم»، وذعروا واعتقدوا أن غزوا حقيقيا شن على الولايات المتحدة.
ثالثا: في خمسينات القرن العشرين، خلال حملة في الكونغرس ضد الشيوعيين الأميركيين، تعارك قائد الحملة السيناتور جوزيف مكارثي مع إدوارد مارو، صحافي مشهور. وكانت تلك نهاية مكارثي.
رابعا: في عهد الرئيس جون كنيدي، غزا مهاجرون من كوبا إلى أميركا وطنهم الأول، بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه)، وكادوا يسقطون حكومة كاسترو.
خامسا: نقل وولتر كرونكايت، مراسل تلفزيون «سي بي إس» الذي كان يغطي التدخل العسكري الأميركي في فيتنام في ستينات القرن العشرين، خبرا مشفرا («لن ننتصر»)، كان سبب هزيمة القوات الأميركية هناك، وانسحابها.
سادسا: خلال ستينات القرن العشرين، تظاهر آلاف النساء أمام ملهى في أتلانتك سيتي (ولاية نيوجيرسي) ضد سيطرة الرجال على النساء، وخلعن كلهن حمالات صدورهن، وكومنها، وأحرقنها.
سابعا: في سبعينات القرن العشرين، تعاون بوب وودورد، وكارل بيرنستين، صحافيا صحيفة «واشنطن بوست»، وأسقطا الرئيس ريتشارد نيكسون.
ثامنا: في تسعينات القرن العشرين، تآمرت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) مع إدارة الهجرة الأميركية لتوزيع مخدرات من المكسيك في الأحياء الفقيرة التي يسكنها الزنوج واللاتينيون في ولاية كاليفورنيا.
تاسعا: خلال التدخل العسكري الأميركي في العراق، قدمت جيسيكا لينش، جندية أميركية، مثالا رائعا في الشجاعة عندما أنقذت زملاءها من نيران المقاتلين العراقيين.
عاشرا: عام 2005، عندما هبت العاصفة العملاقة «كاترينا» على مدينة نيو أورليانز (ولاية لويزيانا)، وأغرقتها، كان بعض سكانها حذروا المسؤولين بأن السدود لن تقدر على مواجهة عاصفة عملاقة. في الكتاب، يشرح المؤلف جوزيف كامبل هذه الأخبار، ويقول إن كل خبر فيها إما خطأ أو مبالغ فيه (لهذا، ليس صحيحا). ويقول، أيضا، إن أجزاء في بعض هذه الأخبار كانت صحيحة (لكن، وجود جزء خطأ في الخبر يجعله خطأ).
ويدقق المؤلف في بداية الخطأ في كل خبر، وكيف انتشر، ولماذا لم يصوب. وبرهن المؤلف على قدرته على ذلك، خاصة بسبب مؤهلاته: «عمل صحافيا لعشرين سنة. وهو الآن أستاذ الصحافة في الجامعة الأميركية في واشنطن العاصمة. وينشر صفحة في الإنترنت عنوانها: ميديا ميث إليرتز» (تحذيرات أخطاء إعلامية).»
لكن حسبما كتب كامبل فإن الصحافيين الأميركيين تحضروا كثيرا عما كانوا عليه في القرن التاسع عشر بسبب كليات الصحافة في كثير من الجامعات الأميركية، وبسبب موجة الليبرالية خلال ستينات وتسعينات القرن العشرين. ثم، أخيرا، بسبب الإنترنت، والصحافة الاجتماعية، وكشفهما كثيرا من الأخطاء (أخطاء سياسيين وصحافيين ورجال أعمال ومشاهير).
وأشار إلى الخطأ الأول في قائمة الأخطاء العشرة: دور هيرست، إمبراطور الصحافة الأميركية مع نهاية القرن التاسع عشر، في الحرب بين أميركا وإسبانيا (خاصة حول من يسيطر على كوبا). وقال إن ذلك كان وقتها «يلو جورناليزم» (صحافة صفراء)، مثل صحيفة «صن» (الشمس) المثيرة التي كان يصدرها هيرست، التي حثت المواطنين الأميركيين للتطوع لمواجهة «غزو» إسبانيا للولايات المتحدة بسبب النزاع حول كوبا.
وجاء في الكتاب «ليست أخطاء الصحافيين عابرة أو يمكن أن تصوب. بل تقدر على تشويه سمعة الصحافة والصحافيين، وعلى تضخيم دورهم في المجتمع. وعلى اتخاذ الحكومات سياسات خاطئة اعتمادا على الأخبار الخاطئة».



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».