قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتل فلسطينيين وتسلّم 7 جثامين

نتنياهو يتهم السلطة الفلسطينية بـ«مدح الإرهاب».. ويرفض مساواة الإرهاب اليهودي به

عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب حاجز حوارة القريب من نابلس حيث جرت عملية طعن أمس (أ.ف.ب)
عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب حاجز حوارة القريب من نابلس حيث جرت عملية طعن أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتل فلسطينيين وتسلّم 7 جثامين

عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب حاجز حوارة القريب من نابلس حيث جرت عملية طعن أمس (أ.ف.ب)
عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب حاجز حوارة القريب من نابلس حيث جرت عملية طعن أمس (أ.ف.ب)

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس، فلسطينيين في بلدة حوارة جنوب نابلس، بعد تنفيذهما عملية طعن مزدوجة ضد جنود وإصابتهم بجروح، ليرتفع عدد الفلسطينيين الذين قضوا خلال 3 أشهر في «انتفاضة المدى» إلى 141.
وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن «نور الدين محمد سباعنة (23 عاما)، ومحمد رفيق حسين سباعنة (17عاما)، استشهدا عقب إطلاق النار عليهما، وكلاهما من بلدة قباطية جنوب جنين».
وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي إطلاق النار على الشابين. وذكرت مصادره أن اثنين من جنوده أصيبا بطعنات، وجاء في بيان أصدره: «ردت القوات في المكان على الخطر الوشيك، وأطلقت النار على المهاجمين، مما أدى إلى مقتلهما. ويشير تحقيق أولي إلى أن جنديا آخر أصيب نتيجة لإطلاق النار على المهاجمين».
وجاء الهجوم في حوارة، بعد هجوم آخر بالسكاكين في القدس، أدى إلى إصابة جندي إسرائيلي، فيما تم اعتقال المنفذ. وقال ناطق عسكري إن فلسطينيا قام بطعن جندي إسرائيلي بالقرب من المحطة المركزية للحافلات، قبل أن يطلق جنود النار على المهاجم ويعتقلوه.
وادعى الجنود الإسرائيليون أنهم أحبطوا، أمس، هجومين آخرين بالسكاكين، أحدهما في القدس والثاني في الخليل. ونفذت العمليات على الرغم من حملات الاعتقال الإسرائيلية الواسعة في الضفة، التي استهدفت كبح جماح هذه الهجمات. وقد اعتقلت إسرائيل فجر أمس 14 فلسطينيا، بينهم فتاتان من مناطق مختلفة في الضفة.
من جهة ثانية، سلمت إسرائيل أمس جثامين 7 من منفذي العمليات كانت تحتجزهم لفترات متفاوتة.
وأعلنت وزارة الشؤون المدنية أنها تسلمت جثامين 7 شهداء، كانت محتجزة لدى الاحتلال منذ أكثر من شهر، وهي: محمد زهران من كفر الديك، نابلس، ومأمون الخطيب من بيت لحم، وعصام ثوابتة من بيت فجار، وسامر السريسي من جنين، ومحمد الشوبكي من الخليل، وعيسى الحروب من الخليل، وشادي مطرية من البيرة.
وهب آلاف الفلسطينيين لتسلم الجثامين على معابر ترقوميا، وبيتونيا، وسالم، وبيتار، وكفر قاسم. وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى، حسين الشيخ، إن الجهود ستتواصل حتى تسلم كل الجثامين المحتجزة لدى سلطات الاحتلال، وإن هناك اتصالات مع الجانب الإسرائيلي بهذا الخصوص.
وما زالت إسرائيل تحتجز أكثر من 40 جثمانا، بعد أن سلمت دفعات منها في الأسابيع القليلة الماضية، وأمس. وشيع فلسطينيون بعض الجثامين، وفضل آخرون الانتظار حتى اليوم.
من جهته، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ما وصفه بالإرهاب الفلسطيني ودعم السلطة له، رافضا مساواته مع الإرهاب الإسرائيلي. وقال نتنياهو في مستهل جلسة حكومته أمس: «لا يمكن المساواة بين الإرهاب اليهودي والعربي، والمجموعة التي ظهرت في فيلم عرس الكراهية مجموعة هامشية متطرفة، وبكل تأكيد لا تمثل الصهيونية المتدينة». وأضاف نتنياهو: «خلافا للإرهاب اليهودي الذي يجري على نطاق ضيق، فإن الإرهاب العربي يهاجمنا باستمرار وعلى نطاق أوسع.. لا يمكن المساواة لأنه فيما يشجب جميع الزعماء والهيئات في الدولة حكومة وجمهورا مظاهر الإرهاب اليهودي ويعملون ضده، فإن السلطة الفلسطينية تمتدح مرتكبي الاعتداءات الإرهابية، وتقوم بتكريمهم من خلال تسمية ميادين وشوارع بأسمائهم، وبصرف رواتب لهم. لذلك هناك فرق هائل بين التعامل الصحي للمجتمع الإسرائيلي، الذي يرفض الإرهاب ويستنكره، ويعمل ضد الإرهاب، وبين السلطة الفلسطينية التي للأسف تشجع الإرهاب وتحرض عليه».
إلى ذلك، هدد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أمس، بأن تدفع إسرائيل ثمنا أكبر مما دفعته في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، إذا ما فكرت في مهاجمة القطاع مجددا. وقال هنية إن المقاومة هي أقوى مما كانت عليه في الحرب الأخيرة. وأضاف خلال حفل لتكريم عائلات ضحايا الحروب: «نقول للمسؤول العسكري الإسرائيلي الذي سيأخذ قرار شن حرب على غزة، إنه سوف يدفع ثمنه مستقبله السياسي ومستقبل حزبه كذلك». وتابع أن «إسرائيل في حروبها الثلاث ضد قطاع غزة، فشلت في إسقاط الحكومة ووقف الصواريخ وإمداد المقاومة».
ودعا هنية إلى تصعيد المقاومة في الضفة الغربية، قائلا إنها في خط تصاعدي، وقد أفشلت كل المخططات لاحتوائها.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.