الهند تزيد الحدود العليا للاستثمار الأجنبي في وسائل الإعلام

154 مليون تلفزيون منزلي.. وإجمالي المشاهدين يصل إلى 675 مليون شخص

عائشة فريدي مذيعة «إن بي سي» الهندية («الشرق الأوسط»)
عائشة فريدي مذيعة «إن بي سي» الهندية («الشرق الأوسط»)
TT

الهند تزيد الحدود العليا للاستثمار الأجنبي في وسائل الإعلام

عائشة فريدي مذيعة «إن بي سي» الهندية («الشرق الأوسط»)
عائشة فريدي مذيعة «إن بي سي» الهندية («الشرق الأوسط»)

بعد أسابيع من لقاء برعاية مؤسسة ستار إنديا المملوكة لروبرت مردوخ، جمع بين رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورؤساء المؤسسات الإعلامية «كومكاست وتايم وارنز»، و«ديسكفري»، و«سون»ي و«إي إس بي إن»، و«نيوز كورب»، و«تونتياس فريست سينشري فوكس»، و«ديزني إندستريز»، ومجموعة «إيه بي سي» التلفزيونية، أعلنت الحكومة الهندية عن زيادة الحدود العليا للاستثمار الأجنبي المباشر في وسائل الإعلام، إلا أنه لم يطرأ أي تغيير على حدود الاستثمار الأجنبي في وسائل الإعلام المطبوعة والتي ما زالت عند 26 في المائة.
أما فيما يتعلق بالتغييرات، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 100 في المائة بات الآن مسموحًا به في كل أشكال التوزيع التلفزيوني تقريبًا (مباشر إلى البيوت، الكوابل، خدمات البث الفضائي المتعدد، المشغلون متعددو الأنظمة) و49 في المائة في القنوات الإخبارية التلفزيونية. حتى الإذاعة نالت جزءًا من الكعكة بزيادة في سقف الاستثمار الأجنبي المباشر.
وتمتلك الهند بالفعل واحدة من أكبر أسواق البث في العالم من حيث نسبة المشاهدة، 154 مليون تلفزيون منزلي، ويصل إجمالي المشاهدين في البلاد إلى 675 مليون شخص، بحسب بيانات مجموعة الأبحاث بارك.
كما تشهد صناعة الإعلام والترفيه في الهند نموًا كبيرًا. ويتوقع أن تنمو إيرادات الإعلانات بواقع 13 في المائة على أن تصل إلى 12.29 مليار دولار في 2019 مقابل 6.24 مليار دولار فقط في 2014. ويتوقع أيضًا أن يظل التلفزيون والإعلام المطبوع أكبر مساهمين في كعكة الإعلانات مع صعود للإعلانات على الإنترنت ليستحوذ على ثالث أكبر شريحة من هذا القطاع.
وتحاول المؤسسات الدولية انتهاز الفرص الواعدة في الهند. لقد اقتنصت الشركات الإعلامية المملوكة للملياردير وقطب الإعلام روبرت مردوخ - نيوز كورب وتونتياس فريست سينشري فوكس - في سي سيركل، وهو موقع إخباري اقتصادي ومشروع معلوماتي، علاوة على مجلة سكرين السينمائية التي يعود تاريخها إلى 64 عامًا والمملوكة لمؤسسة «إنديان إكسبريس»، بهدف تعزيز وجودها الإعلامي في الهند. كما أقدمت شركة «ستار إنديا بي في تي ليمتيد» المملوكة لمردوخ على شراء شبكة «ما» التلفزيونية الناطقة بلغة تيلوغو العامية. وتعتبر الصفقة هي أكبر عملية استحواذ تنفذها ستار في الهند. وتمتلك الشركة الآن قنوات تلفزيونية ناطقة بسبع لغات إقليمية هندية هي - تاميل وتيلوغو وكانادا ومالايالم وهندي وماراثي وبنغالي. كما أنها تمتلك سطوة شبه تامة على سوق بث الأحداث الرياضية في الهند بأربع قنوات رياضية ستاندرد ديفينيشن تبث برامجها تحت علامة ستار سبورتس، وأربع قنوات هاي ديفينيشن في إطار الشبكة. كما أنها تمتلك بالفعل القناة الترفيهية «ستار إنديا».
ومن المرجح أن تجني «ستار إنديا» أرباحا تشغيلية تبلغ مليار دولار بحلول عام 2020، بفضل محتواها الإقليمي والرياضي.
وفي قطاع البث الفضائي، سجلت «ستار إنديا» بالفعل حضورًا قويًا من خلال خدمة «تاتا سكاي» للبث الفضائي المباشر بالاشتراك مع «تاتا إنديا»، ومن المرجح أن تعزز حصتها في المشروع أو تمضي قدما في عملية استحواذ كامل، حسبما تفيد مصادر مقربة من الشركة. في الوقت نفسه، أعلنت «تيرنر إنترناشيونال إنديا» عن توسيع باقتها من القنوات التلفزيونية الموجهة للأطفال بإطلاق قناة «تونامي» المخصصة لبث الرسوم المتحركة. وتعد «تونامي» ثالث قناة أطفال تطلقها الشركة الأميركية في الهند بعد كارتون نيتورك وبوغو.
من ناحية أخرى، استحوذت «فياكوم»، إحدى الشركات الأميركية العالمية الرائدة في مجال الإعلام، على حصة تبلغ 50 في المائة من «بريزم تي في» التي تمتلك وتدير قنوات ترفيهية إقليمية تحت مظلة «كالارز».
من جانبها، عززت «نيتفليكس»، إحدى الشركات العالمية الرائدة في مجال بث المواد الإعلامية حسب الطلب على الإنترنت، من خططها لدخول السوق الهندية بحلول عام 2016.
علاوة على ذلك، منحت الحكومة الهندية الضوء الأخضر لمنح التراخيص لخمس وأربعين قناة إخبارية وترفيهية جديدة في الهند.
وتعتبر الهند واحدة من كبرى الأسواق في العالم وتمتلك محفظة إعلامية إخبارية غير مستغلة، لكنها لم تنتج بعد مؤسسة كبرى على غرار هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أو «الجزيرة» أو «الإيكونوميست» - بحيث تكون بمثابة علامة تجارية تولد محليًا وتنجح في الوصول إلى آفاق العالمية.
ويرحب فيكرام تشاندرا، المدير التنفيذي في قناة «نيودلهي» التلفزيونية بالزيادة في سقف الاستثمار الأجنبي في القنوات الإخبارية.
ويقول تشاندرا يعاني قطاع الأخبار بسبب عدة مشكلات خارجية. هناك مشكلات في التوزيع في ظل غياب المؤشرات على تراجع في رسوم النقل. ورغم التحول إلى الرقمنة، إلا أن إيرادات الاشتراكات لم ترتفع.
من جهة أخرى، يرى باريتوش جوشي، رئيس مجلس إدارة «إنديا تي في» أن أي قطب عملاق من أقطاب الأخبار العالمية سوف يهتم فحسب بالقنوات التي يستطيع المرء أن يتطرق فيها إلى أي قضية. ويضيف «لو لم يتوفر مثل هذا النوع من الحرية التحريرية، فإن اللاعبين الكبار سوف يحجمون عن الاستثمار. إنها قضية سياسية حساسة، ولا تقتصر على الهند وحدها، بل تمتد حتى إلى الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.. على الورق، بالتأكيد تبدو الزيادة من 26 إلى 49 في المائة طيبة للغاية. لكن السؤال هو «هل سيسعد الشريك الأجنبي بحصة 49 في المائة». بالنسبة إلى القنوات الإخبارية في الهند، يمثل الحجم مشكلة كبيرة إذ إن أضخم القنوات الإخبارية ليست بذلك الحجم الضخم.



كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
TT

كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)

قبل 861 عاماً، نهضت كاتدرائية «نوتردام دو باريس» في قلب العاصمة الفرنسية. ومع مرور العقود والعصور تحوّلت إلى رمز لباريس، لا بل لفرنسا. ورغم الثورات والحروب بقيت «نوتردام» صامدة حيث هي، في قلب باريس وحارسة نهر السين الذي يغسل قدميها. إلا أن المأساة حلّت في شهر أبريل (نيسان) من عام 2019، عندما اندلع حريق هائل، التهمت نيرانه أقساماً رئيسة من الكاتدرائية التي انهار سقفها وتهاوى «سهمها»، وكان سقوطه مدوياً.

منظر للنافذة الوردية الجنوبية لكاتدرائية نوتردام دو باريس(رويترز)

حريق «نوتردام» كارثة وطنية

وكارثة «نوتردام» تحوّلت إلى مأساة وطنية، إذ كان يكفي النظر إلى آلاف الباريسيين والفرنسيين والسياح الذين تسمّروا على ضفتي نهر السين ليشهدوا المأساة الجارية أمام عيونهم. لكن اللافت كانت السرعة التي قررت فيها السلطات المدنية والكنسية مباشرة عملية الترميم، وسريعاً جدّاً، أطلقت حملة تبرعات.

وفي كلمة متلفزة له، سعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى شد أزر مواطنيه، مؤكداً أن إعادة بناء الكاتدرائية و«إرجاعها أجمل مما كانت» ستبدأ من غير تأخير. وأعلن تأسيس هيئة تشرف عليها، وأوكل المهمة إلى الجنرال جان لويس جورجولين، رئيس أركان القوات المسلحة السابق. وبدأت التبرعات بالوصول.

وإذا احتاجت الكاتدرائية لقرنين لاكتمال بنائها، فإن ترميمها جرى خلال 5 سنوات، الأمر الذي يعد إنجازاً استثنائياً لأنه تحول إلى قضية وطنية، لا بل عالمية بالنظر للتعبئة الشعبية الفرنسية والتعاطف الدولي، بحيث تحوّلت الكاتدرائية إلى رابطة تجمع الشعوب.

وتبين الأرقام التي نشرت حديثاً أن التبرعات تدفقت من 340 ألف شخص، من 150 دولة، قدّموا 846 مليون يورو، إلا أن القسم الأكبر منها جاء من كبار الممولين والشركات الفرنسية، ومن بينهم من أسهم بـ200 مليون يورو. ومن بين الأجانب المتبرعين، هناك 50 ألف أميركي، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وكان أحد الأسباب التي دفعته للمجيء إلى فرنسا؛ البلد الأول الذي يزوره بعد إعادة انتخابه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

متطوعون يضعون برنامج الحفل على المقاعد قبل الحفل (أ.ف.ب)

منذ ما يزيد على الشهر، تحوّلت الكاتدرائية إلى موضوع إلزامي في كل الوسائل الإعلامية. وخلال الأسبوع الحالي، حفلت الصحف والمجلات وقنوات التلفزة والإذاعات ببرامج خاصة تروي تاريخ الكاتدرائية والأحداث الرئيسة التي عاشتها في تاريخها الطويل.

وللدلالة على الأهمية التي احتلتها في الوعي الفرنسي، فإن رئيس الجمهورية زارها 7 مرات للاطلاع على التقدم الذي حققه المهنيون والحرفيون في إعادة البناء والترميم. وإذا كانت الكاتدرائية تجتذب قبل 2012 ما لا يقل عن 12 مليون زائر كل عام، فإن توقعات المشرفين عليها تشير إلى أن العدد سيصل العام المقبل إلى 15 مليوناً من كل أنحاء العالم.

المواطنون والسياح ينتظرون إفساح المجال للوصول الى ساحة الكاتدرائية (أ.ف.ب)

باريس «عاصمة العالم»

خلال هذين اليومين، تحوّلت باريس إلى «عاصمة العالم»، ليس فقط لأن قصر الإليزيه وجّه دعوات لعشرات من الملوك ورؤساء الدول والحكومات الذين حضر منهم نحو الخمسين، ولكن أيضاً لأن الاحتفالية حظيت بنقل مباشر إلى مئات الملايين عبر العالم.

وقادة الدول الذين قدّموا إلى «عاصمة النور» جاءوا إليها من القارات الخمس. وبسبب هذا الجمع الدولي، فإن شرطة العاصمة ووزارة الداخلية عمدتا إلى تشكيل طوق أمني محكم لتجنب أي إخلال بالأمن، خصوصاً أن سلطاتها دأبت على التحذير من أعمال قد تكون ذات طابع إرهابي. وإذا كان الرئيس الأميركي المنتخب قد حظي بالاهتمام الأكبر، ليس لأنه من المؤمنين المواظبين، بل لأنه يُمثل بلداً له تأثيره على مجريات العالم.

لكن في المقابل، تأسف الفرنسيون لأن البابا فرنسيس اعتذر عن تلبية الدعوة. والمثير للدهشة أنه سيقوم بزيارة جزيرة كورسيكا المتوسطية الواقعة على بُعد رمية حجر من شاطئ مدينة نيس اللازوردية، في 15 الشهر الحالي. والمدهش أيضاً أنه منذ أن أصبح خليفة القديس بطرس في روما، «المدينة الخالدة»، فإنه زار فرنسا مرتين، ثانيها كانت لمدينة مرسيليا الساحلية. بيد أنه لم يأتِ إلى باريس إطلاقاً. ووفق مصادر واسعة الاطلاع، فإن قرار البابا أحدث خيبة على المستويين الديني والرسمي. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى حدث تاريخي رئيس، وهو أن بابا روما بيوس السابع، قدم إلى باريس يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1804، لتتويج نابليون الأول إمبراطوراً.

وتمثل لوحة الرسام الفرنسي الشهير لوي دافيد، التي خلد فيها تتويج بونابرت، ما قام به الأخير الذي لم ينتظر أن يضع البابا التاج على رأسه، بل أخذه بيديه ووضعه بنفسه على رأسه، وكذلك فعل مع الإمبراطورة جوزفين.

احتفالية استثنائية

لم يساعد الطقس مساعدي الاحتفالية الذين خططوا لأن تكون من جزأين: الأول رسمي، ويجري في ساحة الكاتدرائية الأمامية؛ حيث يلقي الرئيس ماكرون خطابه المقدر من 15 دقيقة، وبعدها الانتقال إلى الداخل للجزء الديني. وكان مقدراً للمواطنين الـ40 ألفاً، إضافة إلى 1500 مدعو حظوا بالوجود داخل الكاتدرائية، أن يتابعوا الحدث من المنصات التي نصبت على ضفتي نهر السين، إلا أن الأمطار والعواصف التي ضربت باريس ومنطقتها أطاحت بالبرنامج الرئيس، إذ حصلت كل الاحتفالية بالداخل. بيد أن الأمطار لم تقض على شعور استثنائي بالوحدة والسلام غلب على الحاضرين، وسط عالم ينزف جراء تواصل الحروب، سواء أكان في الشرق الأوسط أم في أوكرانيا أم في مطارح أخرى من العالم المعذب. وجاءت لحظة الولوج إلى الكاتدرائية، بوصفها إحدى المحطات الفارقة، إذ تمت وفق بروتوكول يعود إلى مئات السنين. بدءاً من إعادة فتح أولريش لأبواب «نوتردام» الخشبية الكبيرة بشكل رمزي.

كاتدرائية «نوتردام» السبت وسط حراسة أمنية استعداداً لإعادة افتتاحها (إ.ب.ى)

وسيقوم بالنقر عليها 3 مرات بعصا مصنوعة من الخشب المتفحم الذي جرى إنقاذه من سقف الكاتدرائية الذي دمرته النيران، وسيعلن فتح الكاتدرائية للعبادة مرة أخرى. ونقل عن المسؤول عن الكاتدرائية القس أوليفييه ريبادو دوما أن «نوتردام»، التي هي ملك الدولة الفرنسية، ولكن تديرها الكنيسة الكاثوليكية «أكثر من مجرد نصب تذكاري فرنسي وكنز محبوب من التراث الثقافي العالم، لا بل هي أيضاً علامة على الأمل، لأن ما كان يبدو مستحيلاً أصبح ممكناً»، مضيفاً أنها أيضاً «رمز رائع».

الأرغن الضخم يحتوي على 8 آلاف مزمار تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام (أ.ف.ب)

كذلك، فإن تشغيل الأرغن الضخم الذي تم تنظيفه وتحضيره للمناسبة الاستثنائية، تم كذلك وفق آلية دقيقة. ففي حين ترتفع المزامير والصلوات والترانيم، فإنه جرى إحياء الأرغن المدوي، الذي صمت وتدهورت أوضاعه بسبب الحريق. ويحتوي الأرغن على 8 آلاف مزمار، تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام. وقام 4 من العازفين بتقديم مجموعة من الألحان بعضها جاء مرتجلاً.

إلى جانب الشقين الرسمي والديني، حرص المنظمون على وجود شق يعكس الفرح؛ إذ أدت مجموعة من الفنانين الفرنسيين والأجانب لوحات جميلة جديرة بالمكان الذي برز بحلة جديدة بأحجاره المتأرجحة بين الأبيض والأشقر وزجاجه الملون، وإرثه الذي تم إنقاذه من النيران وأعيد إحياؤه.

وبعد عدة أيام، سيُعاد فتح الكاتدرائية أمام الزوار الذي سيتدفقوة بالآلاف على هذا المعلم الاستثنائي.

حقائق

846 مليون يورو

تدفقت التبرعات من 340 ألف شخص من 150 دولة قدموا 846 مليون يورو لإعادة ترميم نوتردام