«جيش الإسلام» يتجه لإشعال الجبهات مع النظام السوري ردًا على اغتيال قائده

عرقل تنفيذ اتفاق إخراج مقاتلي «داعش» من أحياء العاصمة الجنوبية لدمشق

«جيش الإسلام» يتجه لإشعال الجبهات مع النظام السوري ردًا على اغتيال قائده
TT

«جيش الإسلام» يتجه لإشعال الجبهات مع النظام السوري ردًا على اغتيال قائده

«جيش الإسلام» يتجه لإشعال الجبهات مع النظام السوري ردًا على اغتيال قائده

تفاعلت يوم أمس السبت في سوريا قضية اغتيال قائد «جيش الإسلام» زهران علوش، فكان الردّ الأول للتنظيم المسارعة إلى تدمير محطة الكهرباء الرئيسية في العاصمة السورية دمشق بعدد من الصواريخ وإغراق المدينة في الظلام، بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء الألمانية. كذلك انهارت اتفاقية النظام السوري مع «داعش» الرامية إلى نقل آلاف مسلحي الأخير من ضواحي جنوب دمشق إلى خارجها. ولوّح مقربون من «جيش الإسلام» بردّ موجع على اغتيال علوش في غارة شنها الطيران الروسي على أحد المواقع العسكرية التابعة له في ريف دمشق الشرقي مساء الجمعة، وأكدوا أن هذا الرد سيكون أبعد من إشعال الجبهات وإلغاء الهدن المبرمة مع النظام في الكثير من المناطق.
وكالة الأنباء الألمانية أفادت نقلاً عن مصادر عسكرية سورية موالية ومعارضة بأن «جيش الإسلام» في أول رد فعل له على اغتيال قائده زهران علوش أطلق صواريخ باتجاه محطة الكهرباء الرئيسية بدمشق، مما أدى إلى تدميرها. وتابعت المصادر للوكالة أن الظلام خيم على معظم أرجاء العاصمة السورية دمشق مساء الجمعة.
ومن ناحية أخرى، حاول «جيش الإسلام» استيعاب الصدمة، فبادر إلى نشر فيديو مصور على مواقع التواصل الاجتماعي نعى فيه قائده. وسارع إلى الإعلان عن تعيين عصام بويضاني الملقب بـ«أبو همام»، أحد أبرز قادته العسكريين، قائدًا عامًا له. وبويضاني ابن عائلة دمشقية تتحدر من مدينة دوما في ريف دمشق، وكان أحد مؤسّسي «سرية الإسلام»، وتقلد منصب قائد ألوية ريف دمشق. ثم عين قائدًا لعمليات ريف دمشق، ومن بعدها قائد ألوية «جيش الإسلام» في سوريا، ثم صار رئيسا لهيئات «جيش الإسلام». وهو من مواليد عام 1975، تلقى علوم الشريعة الإسلامية على يد علماء دمشق، وحاز على شهادة في إدارة الأعمال، وسافر إلى عدد من البلاد العربية والأجنبية.
وفي حين لم يتضح بعد شكل الردّ المناسب على الضربة الموجعة التي وجهت إلى «جيش الإسلام»، وبانتظار ما سيقوله قائده الجديد «أبو همام»، أوضح عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط»، أن الردّ لن يكون سريعًا لكنه لن يطول، وسيكون قويًا ويتناسب مع حجم الجريمة التي ارتكبها النظام السوري وحلفاؤه.
وبينما رفض الداراني الغوص في طبيعة الردّ، ذكّر بأن «جيش الإسلام» لديه الكثير من الجبهات مع النظام، في حرستا والمرج والغوطة الشرقية والقلمون الشرقي عدا عن جبهات حلب، كونه أحد مكوّنات «الجبهة الشامية».. وعلى النظام أن ينتظر الرد في أكثر من مكان. ولفت الداراني أيضًا إلى أن الردّ قد يكون أبعد من إشعال هذه الجبهات، وأبعد من إعادة النظر بالهدن المبرمة مع النظام في بعض الجبهات، ويبقى لقادة «جيش الإسلام» أن يحدد خياراته بهذا الشأن، متوقعًا الإعلان قريبًا عن توحيد الكثير من الفصائل المعارضة للعمل تحت قيادة موحّدة تواجه النظام وحلفاءه وجرائمهم في كل محافظة من محافظات سوريا.
وفي التداعيات الأولية لعملية اغتيال علوش، اتهمت قناة «روسيا اليوم» الروسية، تنظيم «جيش الإسلام» أمس بعرقلة عملية إخراج مسلحي «داعش» وعوائلهم من دمشق باتجاه الرقة غداة مقتل قائده زهران علوش. ونقلت القناة الروسية الناطقة بالعربية عن مصدر في لجان المصالحة الشعبية في جنوب دمشق قوله: إن الاتفاق الذي أُنجز لإخراج مقاتلي «داعش» و«جبهة النصرة» من ضواحي القدم والحجر الأسود ومخيم اليرموك لم يلغ أو يُجمد، لكنه تعطل بسبب بعض العوائق اللوجيستية ومنها منع مسلحي «جيش الإسلام» المسيطرين على منطقة بئر قصب من مرور القوافل التي تنقل المسلحين وذلك ردا على مقتل علوش.
ومن جانبها ذكرت وسائل إعلام «حزب الله» اللبناني، أمس أنه تقرر وقف تنفيذ اتفاق برعاية الأمم المتحدة لتوفير ممر آمن لأكثر من ألفي مقاتل من تنظيم داعش وفصائل متشددة أخرى يتحصنون في أحياء تسيطر عليها المعارضة بجنوب دمشق. وأشارت وسائل إعلام الحزب إلى أن الاتفاق انهار بعد مقتل علوش، حيث كان من المقرر أن تمر القافلة التي تقل المقاتلين عبر أراض يسيطر عليها مسلحو «جيش الإسلام» إلى وجهتها الأخيرة في مدينة الرقة معقل «داعش» بشمال سوريا. ولفتت إلى أن العربات التي وصلت يوم الجمعة لنقل المقاتلين وما لا يقل عن 1500 من أفراد أسرهم أعيدت.
وحول الموضوع نفسه، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن تجميد الاتفاق بين النظام السوري وتنظيم داعش وفصائل أخرى والذي يقضي بنقل 3620 شخصًا من ضمنهم 2090 مقاتلاً من «داعش» ومقاتلين تنظيمات أخرى من جنوب العاصمة السورية دمشق إلى خارجها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.