ائتلاف الأغلبية في البرلمان الجديد يعتزم منح الحكومة فرصة لتقييم برنامجها

مسؤول بأكبر أحزابه لـ {الشرق الأوسط} : «دعم مصر» لن يكرر تجربة «حزب مبارك»

ائتلاف الأغلبية في البرلمان الجديد يعتزم منح الحكومة فرصة لتقييم برنامجها
TT

ائتلاف الأغلبية في البرلمان الجديد يعتزم منح الحكومة فرصة لتقييم برنامجها

ائتلاف الأغلبية في البرلمان الجديد يعتزم منح الحكومة فرصة لتقييم برنامجها

يعتزم ائتلاف «دعم مصر»، الذي يمثل الأغلبية بمجلس النواب المصري الجديد منح حكومة شريف إسماعيل فرصة لتقييم برنامجها. وقال أحمد سامي، أمين الإعلام بحزب «مستقبل وطن»، أكبر الأحزاب المشكلة للائتلاف، إنه «لن يسعى لإسقاط الحكومة الحالية قبل تقييم برنامجها».
وأوضح سامي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن عدد المنضمين للائتلاف بلغ حتى الآن 380 عضوا، يشكلون أغلبية المجلس، لافتا إلى أن الائتلاف يسعى لضم عدد آخر من المستقلين. ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب 568 عضوا، بينما ينتظر أن يعين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي 28 عضوا آخرين في غضون الأيام المقبلة. ويتكون الائتلاف الجديد بشكل رئيسي من الأعضاء المستقلين، الذين يمثلون 75 في المائة من عدد أعضاء المجلس، إضافة إلى 5 أحزاب، أكبرها حزب «مستقبل وطن»، الذي تأسس قبل نهاية العام الماضي، ويمتلك 53 مقعدا بالبرلمان.
ونفى سامي أن يكون ائتلاف «دعم مصر» بمثابة حزب «وطني» جديد خلال السنوات المقبلة. حيث هيمن الحزب الوطني الذي كان يرأسه الرئيس الأسبق حسني مبارك على الحياة السياسية طيلة حكم مبارك على مدار 30 عاما، قبل أن تطيح به ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. وأكد القيادي الحزبي أن دخول حزبه الائتلاف، بعدما أعلن انسحابه منه من قبل، جاء «إرضاء للمصلحة العليا لمصر». وقال سامي، وهو عضو الهيئة العليا لـ«مستقبل وطن» إن حزبه كانت لديه ملاحظات على عمل الائتلاف، لذا أعلن عن عدم مشاركته فيه؛ لكن حدث توافق واجتماعات ووافق الائتلاف على مطالب حزبه.
وتابع بقوله: «اتفقنا أن تكون رئاسة ائتلاف دعم مصر لمدة عام واحد فقط بالانتخاب اعتبارا من العام المقبل، وأن يكمل اللواء سامح سيف اليزل رئيس الائتلاف الحالي مدته، فضلا عن التمثيل النسبي لجميع الأحزاب المشاركة في إدارة المكتب السياسي للائتلاف، حيث كان من قبل الأحزاب لا تشارك في إدارة الائتلاف، وكذا الاعتماد على الموارد الذاتية للأعضاء وليس تبرعات رجال الأعمال في الداخل، حتى لا تسيطر رغبات الممولين في قرارات الائتلاف، كما أنه تم الاتفاق على أن يكون لكل حزب هيئته البرلمانية التي يعمل من خلالها احتراما للدستور والقانون».
وكانت لائحة الائتلاف السابقة تشترط إلغاء الصفة الحزبية، وهو ما رفضه حزب «مستقبل وطن»، استنادا إلى آراء خبراء دستوريين الذين أكدوا أن هذا الشرط سوف يقضي على الحياة الحزبية في مصر. وتابع: «أتمنى ألا نزايد على بعضنا البعض، فكلنا ممثلون للدولة ومن يعارض بعض قرارات الدولة لا يعني هذا أنه غير ممثل للشعب؛ لكن هو يحاول أن يحسن من أوضاع الدولة، فكلنا نعبر عن إرادة واحدة هي إرادة ثورتي الشعب في 25 يناير و30 يونيو».
وأكد سامي، وهو عضو المكتب التنفيذي للحزب، إن «دعم مصر» لم يناقش حتى الآن اللجان التي سوف ينافس عليها داخل البرلمان أو منصبي الوكيلين، وأن الائتلاف لم يتحدث من قريب أو بعيد عمن سيكون رئيس البرلمان سواء من المعينين أو المنتخبين.
وقال سامي، لن يسعى الائتلاف لتشكيل حزب وطني جديد، وفكرة العودة لعام 2010 مستحيلة، لأنه لا المصريون ولا السلطة الحالية ولا البرلمان سوف يسمحون بذلك، وكان سبب انسحابنا من الائتلاف من قبل، لأنه كان يريد العودة إلى عام 2010 (قبل عام من الإطاحة بحكم مبارك)، نافيا أن يكون الائتلاف حزب وطني جديد، قائلا: «من يتهمنا بمحاولة العودة لأيام حزب مبارك لا بد أن يعرف أننا صححنا المسار الذي كان ممكنا أن يحدث، والذي كان يسمح بتأسيس كيان حزبي في المستقبل».
وأضاف سامي: «رفضنا أن يكون ائتلاف (دعم مصر) كيانا حزبيا، وتم تعديل بنود الائتلاف ليكون ميثاقا شرفيا أدبيا بين الأحزاب والمستقلين المنضمين للائتلاف، كما رفضنا المواد الخاصة باللائحة التي توحي بتأسيس نظام حزبي للائتلاف (أمانات في المحافظات)، وأصررنا على أن يكون الائتلاف تحالفا تحت قبة البرلمان فقط».
ويرأس «مستقبل وطن» الشاب محمد بدران، رئيس اتحاد طلاب مصر السابق، وأحد المقربين من الرئيس السيسي. وقال سامي، لدى حزبه هدف واضح يتمثل في دعم الحياة الحزبية، فعندما نجح حزبنا في الحصول على عدد من المقاعد بالبرلمان أكد للعالم أنه قادر على النهوض بمستقبل مصر، نافيا وجود أي اتجاه لعودة حزب «الوفد» داخل «دعم مصر»، بقوله: «الوفد يقوم الآن بتشكيل تحالف خاص به.. (ويضم الوفد 33 نائبا في البرلمان)».
وحول ما يردده البعض من أن الائتلاف يسعى لتشكيل الحكومة الجديدة، قال سامي، هذا سوف يرتبط بخطة العمل التي ستقدمها حكومة شريف إسماعيل للبرلمان، ولن يكون هناك صدام مع الحكومة الحالية منذ البداية، لأن فكرة تشكيل حكومة في الوقت الحالي صعب للغالية. وعن أداء الحكومة الذي يصفه البعض بالسيئ، قال سامي، هناك ألف مبرر لأداء الحكومة السيئ، وأمامها فرصة لتقديم خطة عمل وبرنامج يلبي طموحات المصريين، وأنه حال تقديمها لذلك سوف تستمر، أما في حالة عدم الاقتناع بما تقدمه، سيسعى الائتلاف لتشكيل حكومة ائتلافية.
واختتم سامي حديثه قائلا: تم التأكيد على أن «يكون الائتلاف صوتا للمعارضة البناءة في حال وجود ما يعارض مصلحة الدولة والناخب المصري، أو تجاوز الحكومة أو تقاعسها».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.